المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6763 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



معاوية بن ابي سفيان واصحاب رسول الله (ص)  
  
1229   01:25 مساءاً   التاريخ: 16-11-2016
المؤلف : العلامة الشيخ عبد الحسين الأميني
الكتاب أو المصدر : من حياة معاوية بن أبي سفيان
الجزء والصفحة : ص307-316
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / الدولة الاموية / الدولة الاموية في الشام / معاوية بن ابي سفيان /

مالك الأشتر:

من الصلحاء الذين قتلهم معاوية بغير ذنب أتاه مالك بن الحارث الأشتر النخعي لله در مالك وما مالك؟ لو كان من جبل لكان فندا، ولو كان من حجر لكان صلدا، على مثل مالك فليبك البواكي، وهل موجود كمالك؟ أشد عباد الله بأسا، وأكرمهم حسبا، كان أضر على الفجار من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار، حسام صارم، لا نابي الضريبة، ولا كليل الحد، حكيم في السلم، رزين في الحرب ذو رأي أصيل، وصبر جميل.

كان ممن لا يخاف وهنه ولا سقطته، ولا بطؤه عما الاسراع إليه أحزم، ولا إسراعه إلى ما البطء عنه أمثل، كان يجمع بين اللين والعنف، فيسطو في موضع السطوة، ويرفق في موضع الرفق، كان فارسا شديد البأس شجاعا رئيسا حليما جوادا فصيحا شاعرا (1).

كتب علي عليه السلام إلى مالك وهو يومئذ بنصيبين: أما بعد: فإنك ممن استظهرته على إقامة الدين، وأقمع به نخوة الأثيم، وأشد الثغر المخوف، وكنت وليت محمد بن أبي بكر مصر فخرجت عليه بها خوارج وهو غلام حدث ليس بذي تجربة للحرب ولا بمجرب للأشياء، فأقدم علي لننظر في ذلك فيما ينبغي، واستخلف على عملك أهل الثقة والنصيحة من أصحابك. والسلام.

فأقبل مالك إلى علي حتى دخل عليه فحدثه حديث أهل مصر وخبره خبر أهلها وقال: ليس لها غيرك، اخرج رحمك الله، فإني لم أوصك، اكتفيت برأيك، واستعن بالله على ما أهمك، فاخلط الشدة باللين، وارفق ما كان الرفق أبلغ، واعتزم بالشدة حين لا يغني عنك إلا الشدة. فخرج الأشتر من عند علي فأتى رحله فتهيأ للخروج إلى مصر وأتت معاوية عيونه فأخبروه بولاية علي الأشتر، فعظم ذلك عليه وقد كان طمع في مصر فعلم أن الأشتر إن قدمها كان أشد عليه من محمد بن أبي بكر، فبعث معاوية إلى المقدم على أهل الخراج بالقلزم وقال له: إن الأشتر قد ولي مصر فإن كفيتنيه لم آخذ منك خراجا ما بقيت وبقيت فاحتل له بما قدرت عليه. فخرج الرجل حتى أتى القلزم وأقام به، وخرج الأشتر من العراق إلى مصر فلما انتهى إلى القلزم استقبله ذلك الرجل فعرض عليه النزول فقال: هذا منزل وهذا طعام وعلف وأنا رجل من أهل الخراج.

فتزل عنده فأتاه بطعام فلما أكل أتاه بشربة من عسل قد جعل فيها سما فسقاه إياها، فلما شربها مات، وأقبل معاوية يقول لأهل الشام: إن عليا وجه الأشتر إلى مصر فادعوا الله أن يكفيكموه. فكانوا كل يوم يدعون الله على الأشتر، وأقبل الذي سقاه إلى معاوية فأخبره بمهلك الأشتر فقام معاوية خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد: فإنه كانت لعلي يمينان قطعت إحداهما يوم صفين يعني عمار بن ياسر، وقطعت الأخرى اليوم يعني الأشتر (2).

وفي لفظ ابن قتيبة في العيون 1: 201: فقال معاوية لما بلغه الخبر: يا بردها على الكبد! إن لله جنودا منها العسل. وقال علي: لليدين وللفم.

وفي لفظ المسعودي في المروج 2: 39: ولى علي الأشتر مصر وأنفذه إليها في جيش فلما بلغ ذلك معاوية دس إلى دهقان وكان بالعريش (3) فأرغبه وقال: أترك خراجك عشرين سنة فاحتل للأشتر بالسم في طعامه. فلما نزل الأشتر العريش سأل الدهقان:

أي الطعام والشراب أحب إليه؟ قيل: العسل. فأهدى له عسلا وقال: إن من أمره وشأنه كذا وكذا، ووصفه للأشتر وكان الأشتر صائما فتناول منه شربة فما استقرت في جوفه حتى تلف، وأتى من كان معه على الدهقان ومن كان معه. وقيل: كان ذلك بالقلزم والأول أثبت. فبلغ ذلك عليا فقال: لليدين وللفم. وبلغ ذلك معاوية فقال: إن لله جندا من العسل.

قال الأميني: هاهنا تجد معاوية كيف لا يتحوب من ذلك الحوب الكبير قتل العبد الصالح الممدوح بلسان رسول الله وخليفته مولانا أمير المؤمنين عليه السلام (4). وإنه وأهل الشام فرحوا فرحا شديدا، بموت ذلك البطل المجاهد (5) لمحض أنه كان يناصر إمام وقته المنصوص عليه والمجمع على خلافته، ولا غرو فإنه كان يسر ابن هند كل ما ساء ملة الحق وأئمة الهدى وأولياء الصلاح، وما كان يسعه أن يأتي بطامة أكبر من هذه لو لم يكن في الاسلام للنفوس القادسة أي حرمة، وللأئمة عليهم السلام ومناصريهم أي مكانة، حتى لو كان معاوية مستمرا على ما دؤوب عليه إلى أخريات عهد النبوة من الكفر المخزي فلم يحده الفرق من بارقة الاسلام إلى الاستسلام، فما جاء زبانيته الكفرة يومئذ بأفظع من هذه وأمثالها يوم قتلوا خيار أصحاب محمد صلى الله عليه وآله لمناصرتهم إياه، وحبهم ذوي قرباه، ودفاعهم عن ناموس أهل بيته الأكرمين.

محمد بن أبي بكر:

ومن ضحايا ملك معاوية العضوض، وذبائح حكومته الغاشمة، وليد حرم أمن الله، وربيب بيت العصمة والقداسة: محمد بن أبي بكر.

بعث معاوية عمرو بن العاص إلى مصر في ستة آلاف رجل، ومحمد بن أبي بكر عامل أمير المؤمنين عليها، فخرج عمرو وسار حتى نزل أداني أرض مصر فاجتمعت العثمانية إليه فأقام بهم وكتب إلى محمد بن أبي بكر:

أما بعد: فتنح عني بدمك يا ابن أبي بكر فإني لا أحب أن يصيبك مني ظفر إن الناس بهذه البلاد قد اجتمعوا على خلافك ورفض أمرك، وندموا على اتباعك، فهم مسلموك لو قد التقت حلقتا البطان، فاخرج منها فإني لك من الناصحين، والسلام.

وبعث إليه عمرو بكتاب كتبه معاوية إليه أيضا وفيه:

أما بعد: فإن غب البغي والظلم عظيم الوبال، وإن سفك الدم الحرام لا يسلم صاحبه من النقمة في الدنيا ومن التبعة الموبقة في الآخرة، وإنا لا نعلم أحدا كان أعظم على عثمان بغيا، ولا أسوأ له عيبا، ولا أشد عليه خلافا منك، سعيت عليه في الساعين ، وسفكت دمه في السافكين، ثم أنت تظن أني عنك نائم أو ناس لك، حتى تأتي فتأمر على بلاد أنت فيها جاري، وجل أهلها أنصاري، يرون رأيي، ويرقبون قولي، ويستصرخوني عليك، وقد بعثت إليك قوما حناقا عليك تستسقون دمك، ويتقربون إلى الله بجهادك، وقد أعطوا الله عهدا ليمثلن بك، ولو لم يكن منهم إليك ما عدا قتلك ما حذرتك ولا أنذرتك، ولأحببت أن يقتلوك بظلمك وقطيعتك وعدوك على عثمان يوم يطعن بمشاقصك بين خششائه وأوداجه، ولكن أكره أن أمثل بقرشي، ولن يسلمك الله من القصاص أبدا أينما كنت والسلام.

فطوى محمد كتابيهما وبعث بهما إلى علي، وكتب إلى معاوية جواب كتابه:

أما بعد: فقد أتاني كتابك تذكرني من أمر عثمان أمرا لا اعتذر إليك منه، وتأمرني بالتنحي عنك كأنك لي ناصح، وتخوفني المثلة كأنك شفيق، وأنا أرجو أن تكون لي الدائرة عليكم فأجتاحكم في الوقيعة، وإن تؤتوا النصر ويكن لكم الأمر في الدنيا فكم لعمري من ظالم قد نصرتم، ومن مؤمن قد قتلتم ومثلتم به؟ وإلى الله مصيركم ومصيرهم، وإلى الله مرد الأمور وهو أرحم الراحمين، والله المستعان على ما تصفون، والسلام.

وكتب إلى عمرو بن العاص:

أما بعد: فقد فهمت ما ذكرت في كتابك يا ابن العاص! زعمت أنك تكره أن يصيبني منك طفر وأشهد أنك من المبطلين، وتزعم أنك لي نصيح وأقسم أنك عندي ظنين، وتزعم أن أهل البلد قد رفضوا رأيي وأمري وندموا على اتباعي فأولئك لك وللشيطان الرجيم أولياء، فحسبنا الله رب العالمين، وتوكلنا على الله رب العرش العظيم والسلام.

فأقبل عمرو بن العاص حتى قصد مصر فقام محمد بن أبي بكر في الناس فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ثم قال:

أما بعد: معاشر المسلمين والمؤمنين! فإن القوم الذين كانوا ينتهكون الحرمة، وينعشون الضلالة، ويشبون نار الفتنة، ويتسلطون بالجبرية قد نصبوا لكم العداوة وساروا إليكم بالجنود، عباد الله! فمن أراد الجنة والمغفرة فليخرج إلى هؤلاء القوم فليجاهدهم في الله، انتدبوا إلى هؤلاء رحمكم الله مع كنانة بن بشر.

فانتدب مع كنانة نحو من ألفي رجل وخرج محمد في ألفي رجل، واستقبل عمرو ابن العاص كنانة وهو على مقدمة محمد، فأقبل عمرو نحو كنانة، فلما دنا من كنانة شرح الكتائب كتيبة بعد كتيبة، فجعل كنانة لا تأتيه كتيبة من كتائب أهل الشام إلا شد عليها بمن معه فيضربها حتى يقر بها بعمرو بن العاص، ففعل ذلك مرارا فلما رأى ذلك عمرو بعث إلى معاوية بن حديج السكوني فأتاه في مثل الدهم (6) فأحاط بكنانة وأصحابه، واجتمع أهل الشام عليهم من كل جانب، فلما رأى ذلك كنانة بن بشر نزل عن فرسه ونزل أصحابه وكنانة يقول: وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها، ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها، وسنجزي الشاكرين، فضاربهم بسيفه حتى استشهد رحمه الله.

وأقبل عمرو بن العاص نحو محمد بن أبي بكر وقد تفرق عنه أصحابه لما بلغهم قتل كنانة حتى بقي وما معه أحد من أصحابه، فلما رأى ذلك محمد خرج يمشي في الطريق حتى انتهى إلى خربة في ناحية الطريق فأوى إليها، وجاء عمرو بن العاص حتى دخل الفسطاط، وخرج معاوية بن حديج في طلب محمد حتى انتهي إلى علوج في قارعة الطريق فسألهم هل مر بكم أحد تنكرونه؟ فقال أحدهم: لا والله إلا أني دخلت تلك الخربة فإذا أنا برجل فيها جالس. فقال ابن حديج: هو هو ورب الكعبة. فانطلقوا يركضون حتى دخلوا عليه فاستخرجوه وقد كاد يموت عطشا فأقبلوا به نحو فسطاط مصر، ووثب أخوه عبد الرحمن بن أبي بكر إلى عمرو بن العاص وكان في جنده فقال: أتقتل أخي صبرا؟ ابعث إلى معاوية بن حديج فانهه. فبعث إليه عمرو بن العاص يأمره أن يأتيه بمحمد بن أبي بكر، فقال معاوية: أكذاك قتلتم كنانة بن بشر وأخلي أنا عن محمد بن أبي بكر؟ هيهات أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر؟ فقال لهم محمد:

أسقوني من الماء؟ قال له معاوية بن حديج: لا سقاه الله إن سقاك قطرة أبدا، إنكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه صائما محرما فتلقاه الله بالرحيق المختوم، والله لأقتلنك يا ابن أبي بكر فيسقيك الله الحميم والغساق. قال له محمد: يا ابن اليهودية النساجة ليس ذلك إليك وإلى من ذكرت إنما ذلك إلى الله عز وجل يسقي أولياءه ويظمئ أعداءه أنت وضرباؤك ومن تولاه، أما والله لو كان سيفي في يدي ما بلغتم مني هذا، قال له معاوية: أتدري ما أصنع بك؟ أدخلك في جوف حمار ثم أحرقه عليك بالنار. فقال له محمد: إن فعلتم بي ذلك فطال ما فعل ذلك بأولياء الله، وإني لأرجو هذه النار التي تحرقني بها أن يجعلها الله علي بردا وسلاما كما جعلها على خليله إبراهيم، وأن يجعلها عليك وعلى أوليائك كما جعلها على نمرود وأوليائه، إن الله يحرقك ومن ذكرته قبل وإمامك يعني معاوية وهذا - وأشار إلى عمرو بن العاص - بنار تلظى عليكم كلما خبت زادها الله سعيرا.

قال له معاوية: إني إنما أقتلك بعثمان. قال له محمد: وما أنت وعثمان؟ إن عثمان عمل بالجور ونبذ حكم القرآن وقد قال الله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون. فنقمنا ذلك عليه فقتلناه وحسنت أنت له ذلك ونظراؤك، فقد برأنا الله إن شاء الله من ذنبه وأنت شريكه في إثمه وعظم ذنبه وجاعلك على مثاله. قال: فغضب معاوية فقدمه فقتله ثم ألقاه في جيفة حمار ثم أحرقه بالنار. فلما بلغ ذلك عائشة جزعت عليه جزعا شديدا وقنتت عليه في دبر الصلاة تدعو على معاوية وعمرو (7).

وفي النجوم الزاهرة 1: 110: وقيل: إنه قطع رأسه وأرسله إلى معاوية بن أبي سفيان بدمشق وطيف به وهو أول رأس طيف به في الاسلام.

صورة أخرى:

وجه معاوية عمرو بن العاص في سنة ثمان وثلاثين إلى مصر في أربعة آلاف، ومعه معاوية بن حديج، وأبو الأعور السلمي، واستعمل عمرا عليها حياته فالتقوا هم ومحمد بن أبي بكر وكان عامل علي عليها بالموضع المعروف بالمسناة فاقتتلوا حتى قتل كنانة بن بشر، وهرب عند ذلك محمد لإسلام أصحابه إياه وتركهم له، فاختبأ عند رجل يقال له: جبلة بن مسروق، فدل عليه، فجاء معاوية بن حديج وأصحابه فأحاطوا به، فخرج إليهم محمد بن أبي بكر فقاتل حتى قتل، فأخذه معاوية بن حديج وعمرو بن العاص فجعلوه في جلد حمار وأضرموه بالنار، وذلك بموضع في مصر يقال له: كوم شريك.

وقيل: إنه فعل به ذلك وبه شيئ من الحياة، وبلغ معاوية قتل محمد وأصحابه فأظهر الفرح والسرور. وبلغ عليا قتل محمد وسرور معاوية فقال: جزعنا عليه على قدر سرورهم، فما جزعت على هالك منذ دخلت هذه الحرب جزعي عليه، كان لي ربيبا وكنت أعده ولدا، كان بي برا، وكان ابن أخي (8) فعلى مثل هذا نحزن وعند الله نحتسبه (9).

قدم عبد الرحمن الفزاري على علي عليه السلام من الشام وكان عينه بها وحدثه: إنه لم يخرج من الشام حتى قدمت البشراء  من قبل عمرو بن العاص تترى يتبع بعضها بعضا بفتح مصر وقتل محمد وحتى أذن بقتله على المنبر، وقال: يا أمير المؤمنين! قلما رأيت قوما قط أسر، ولا سرورا قط أظهر من سرور رأيته بالشام حين أتاهم هلاك محمد بن أبي بكر فقال علي: أما إن حزننا عليه قدر سرورهم به بل يزيد أضعافا، وحزن علي على محمد بن أبي بكر حتى رؤي ذلك في وجهه وتبين فيه، وقام في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم وقال: ألا إن مصر قد افتتحها الفجرة أولو الجور والظلم الذين صدوا عن سبيل الله وبغوا الاسلام عوجا، ألا وإن محمد بن أبي بكر قد استشهد رحمه الله فعند الله نحتسبه، أما والله إن كان ما علمت لممن ينتظر القضاء، ويعمل للجزاء، ويبغض شكل الفاجر، ويحب هدى المؤمن. الخطبة (10) وقال أبو عمر: يقال: إن محمد بن أبي بكر أتي به عمرو بن العاص فقتله صبرا.

وروى شعبة وابن عيينة عن عمرو بن دينار قال: أتي عمرو بن العاص بمحمد بن أبي بكر أسيرا فقال: هل معك عهد؟! هل معك عقد من أحد؟! قال: لا فأمر به فقتل، وكان علي بن أبي طالب يثني على محمد بن أبي بكر ويفضله لأنه كانت له عبادة واجتهاد (11).

وقال ابن حجر: قيل: إنه اختفى في بيت امرأة من غافق آواه فيه أخوها، وكان الذي يطلبه معاوية بن حديج، فلقيتهم أخت الرجل الذي كان آواه وكانت ناقصة العقل فظنت إنهم يطلبون أخاها فقالت: أدلكم على محمد بن أبي بكر على أن لا تقتلوا أخي؟ قالوا: نعم. فدلتهم عليه، فقال: احفظوني لأبي بكر. فقال معاوية: قتلت ثمانين من قومي في دم عثمان وأتركك وأنت صاحبه؟! تهذيب التهذيب 9: 80.

قال الأميني: إن أمثال هذه الفظائع والفجائع لبمقربة من مغازي ابن العاصي وأذنابه، ومن مرضات ابن آكلة الأكباد الذين لم يبالوا بإراقة الدماء الزاكية منذ بلغوا أشدهم، ولا سيما من لدن مباشرتهم الحرب في صفين إلى أن اصطلوا نار الحطمة فلم يفتأوا والغين في دماء الأخيار الأبرار دون شهواتهم المخزية.

وهب أن محمدا نال من عثمان ما حسبوه، فعجيب أن ينهض بثأره مثل معاوية المتثبط عنه يوم استنهضه عثمان حتى قتل، وعمرو بن العاصي القائل المبتهج بقتله بقوله: أنا أبو عبد الله قتلته وأنا بوادي السباع. وقوله: أنا أبو عبد الله إذا حككت قرحة نكأتها. وقوله: أنا أبو عبد الله قد يضرط العير والمكواة في النار.

وكان يألب عليه حتى الراعي في غنمه في رأس الجبل (12) وهلا ساق معاوية ذلك الحشد اللهام إلى عائشة الرافعة عقيرتها بين جماهير الصحابة: اقتلوا نعثلا قتله الله فقد كفر. وأمثالها من الكلم القارصة (13) وإلى طلحة والزبير وكانا أشد الناس عليه، وطلحة هو الذي منع عنه الماء في حصاره، ومنع الناس عن تجهيزه، ومنعه أن يدفن إلا في حش كوكب جبانة اليهود. إلى فظائع مر تفصيلها في الجزء التاسع 92 - 111، وقال الشهرستاني في الملل والنحل ص 25: كان أمراء جنوده: معاوية عامل الشام، وسعد بن أبي وقاص عامل الكوفة، وبعده الوليد بن عقبة، وعبد الله بن عامر عامل البصرة، وعبد الله بن أبي سرح عامل مصر، وكلهم خذلوه ورفضوه حتى أتى قدره عليه.

نعم: هؤلاء قتلوه لكن معاوية لا يريد المقاصة إلا من أولياء علي عليه السلام فيستأصل شأفتهم تحت كل حجر ومدر، ويستسهل فيهم كل شقوة وقسوة، وليس له مع أضداد علي عليه السلام أي مقصد صحيح، وإلا فأي حرمة لدم أجمعت الصحابة على سفكه؟

واحتجت عليه بآي الذكر الحكيم لو لم يكن اتباع القوم بالصحابة والاحتجاج بما قالوا وعملوا واعتبارهم فيهم العدالة جميعا تسري مع الميول والشهوات، فيحتجون بدعوى إجماعهم على خلافة أبي بكر (ولم يكن هنالك إجماع) ولا يحتجون به في قتل عثمان (وقد ثبت فيه الإجماع).

وهب أن محمد بن أبي بكر هو قاتل عثمان الوحيد من دون أي حجة ولا مبرر له وهو المحكوم عليه بالقصاص، وفي القصاص حياة، فهل جاء في شريعة الاسلام قصاص كهذا بأن يلقى المقتص به في جيفة حمار ثم يحرق بالنار، ويطاف برأسه في البلاد؟ هل هذا دين الله الذي كان يدين به محمد بن أبي بكر؟ أو دين هبل إله معاوية وإله آباءه الشجرة المنعوتة في القرآن؟

____________

(1) راجع في بيان هذه الجمل كلها إلى ما أسلفناه في الجزء التاسع ص 37 - 41 ط 1.

(2) تاريخ الطبري 6: 54، كامل ابن الأثير: 3: 152.

(3) هي مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم.

(4) راجع ما أسلفناه في الجزء التاسع ص 37 - 41.

(5) تاريخ ابن كثير: 7: 312.

(6) الدهم: العدد الكثير. وجيش دهم. أي: كثير.

(7) تاريخ الطبري 6: 58 - 61، الكامل لابن الأثير 3: 154، تاريخ ابن كثير 7: 313، 314، النجوم الزاهرة 1: 110.

(8) كان محمد بن أبي بكر أخا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب لأمه.

(9) مروج الذهب 2: 39، تاريخ ابن كثير 7: 314.

(10) تاريخ الطبري 6: 62، كامل ابن الأثير 3: 155.

(11) الاستيعاب 2: 235، تهذيب التهذيب 9: 81.

(12) راجع ما أسلفناه في الجزء التاسع ص 136 - 140.

(13) راجع ما مر في الجزء التاسع ص 78 - 86.

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).