أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2016
551
التاريخ: 14-11-2016
262
التاريخ: 11-2-2020
512
التاريخ: 15-11-2016
602
|
...شبهتهم على ذلك : انّ العلم نسبة والنسبة لا تكون إلاّ بين شيئين متغايرين هما طرفاها بالضرورة ، ونسبة الشيء الى نفسه محال ـ إذ لا تغاير هناك ـ.
وأجاب عنه بعضهم بمنع كون العلم نسبة محضة ، بل هو صفة حقيقية ذات نسبة الى المعلوم ، ونسبة الصفة إلى الذات ممكنة.
فان قيل : تلك الصفة تقتضي نسبة بين العالم والمعلوم ، فلا يجوز أن يكونا متّحدين ؛
قلنا : هي نسبة تقتضي نسبة بينها وبين المعلوم ونسبة أخرى بينها وبين العالم ، وهما ممكنتان ؛ وأمّا النسبة بين العالم والمعلوم فهي بعينها النسبة بين الصفة وبين المعلوم اعتبرت بالعرض فيما بين العالم والمعلوم.
وفي هذا الجواب نظر ؛
أمّا أوّلا : فلانّه على هذا الجواب تكون صفة العلم زائدة على ذاته ، وهو باطل ؛ فانّ جميع صفاته ـ تعالى ـ عين ذاته ـ سبحانه ـ سيّما في علمه ـ تعالى ـ بذاته ، فانّه عين ذاته بلا ريب من غير امكان المغايرة.
وأمّا ثانيا : فلانّ كون الواجب عالما بذاته حين قيام صفة العلم بذاته ـ تعالى ـ ليس إلاّ باعتبار مجموع الذات والصفة ، لبداهة مدخلية كلّ منهما حينئذ في علم الواجب بنفسه ، فيكون هذا المجموع عالما ومعلوما أيضا ـ لوجوب علم الواجب بذاته ـ وبالصفة القائمة بذاته فيجب المغايرة بين العالم والمعلوم مع انّهما متحدان بالذات ، وهو المجموع.
وأمّا ثالثا : فلأن ما ذكر من اقتضاء الصفة الشيئين إن كان المراد انّه متحقّق في صورة اتحاد العالم والمعلوم وانّ النسبتين ممكنتان في هذه الصورة فهو باطل قطعا ، لانّ أحد الطرفين في النسبتين المذكورتين هي صفة العلم ـ على تقدير تحقّق النسبتين ـ والطرف الآخر في أوّلهما المعلوم وفي أخراهما العالم ، وإذا اتّحدا ـ أي : العالم والمعلوم ـ فكيف تحصل النسبتان؟، لانّ مناط تغير النسبتين هو تغاير الطرفين ولو في الجملة ؛ ولو قيل بكفاية التغاير الاعتباري فهو مناط الجواب ـ على ما نذكره بعد ـ ، فيلغو باقي الكلام!.
وإن كان المراد به انّه متحقّق في صورة تغاير العالم والمعلوم وانّ النسبتين ممكنتان في هذه الصورة فلا ينفع فيما نحن فيه ، لانّ الكلام في صورة اتحاد العالم والمعلوم كما في علمه ـ تعالى ـ بذاته.
وامّا رابعا : فلانّ ما ذكر من أنّ النسبة بين العالم والمعلوم هي بعينها النسبة بين الصفة والمعلوم اعتبرت بالعرض بين العالم والمعلوم.
يرد عليه : انّ اعتبار النسبة ـ سواء كان بالذات أو بالعرض ـ يقتضي تغاير الطرفين في الجملة ، فيستلزم تغاير العالم والمعلوم البتة ، فلا يتمّ هذا الكلام أصلا إلاّ بالتمسك بحديث كفاية التغاير الاعتباري ؛ فيلغو باقى الكلام!.
وحينئذ فالحقّ في الجواب أن يقال : أنّه لا ريب في أنّ العلم ـ وهو الاضافة الاشراقية ـ نسبة بين العالم والمعلوم ولكن التغاير الاعتباري كافّ لتحقّق هذه النسبة ، والدليل على ذلك هو علم النفس الناطقة بذاتها.
قيل : وإلى هذا الجواب عن الشبهة المذكورة اشار المحقّق الطوسي في التجريد بقوله : « والتغاير اعتباري » (1) ، أي (2) إنّ ذات الباري باعتبار صلاحيتها للمعلومية في الجملة مغايرة لها باعتبار صلاحيتها للعالمية في الجملة ، وهذا القدر من التغاير يكفي لتحقّق النسبة.
وقال بعض المشاهير : انّ المراد من هذه العبارة : إنّ التغاير بين العلم والمعلوم والعالم في علم الأوّل لذاته اعتباري وكذا التغاير بين العلم والمعلومات في علمه ـ تعالى ـ للمعلومات بالذات الّتي هي الموجودات العينية والصور الإدراكية المعلومة بالحضور ، لا المعلومات بالتبع كما في علم الواجب بذي الصورة بسبب حصول الصورة في الجوهر الأوّل مثلا ، فانّ التغاير في هذه الصورة بين العلم والمعلوم ذاتي وليس بمجرّد الاعتبار ، فهذا الكلام جواب عن كلّ من السؤالين اللذين أحدهما : إنّ العالم ما حضر عنده المعلوم فوجب المغايرة بينهما ، فلا يصح الحكم بأنّ الأوّل ـ تعالى ـ عالم بذاته.
والجواب : انّ التغاير الاعتباري كافّ في ذلك ، فانّ معنى الحضور عدم الغيبة وذلك لا يقتضي التغاير الذاتي.
وثانيهما : انّ العلم الحقيقي أمر يكون سببا لانكشاف المعلوم ، فوجب تحقّق المغايرة بينهما ، فلا يصحّ الحكم بأنّ العلم عين المعلوم كما حكم به المحقّقون في علم الأوّل ـ تعالى ـ بذاته وبالمعلومات الّتي هي معلومة بالذات.
والجواب : إنّ التغاير الاعتباري كافّ في ذلك ، فانّ العلم بالصورة العقلية عينها ، فالصورة العقلية الّتي هي معلومة بالذات هي عين العلم بها ، فهي من حيث هي منكشفة معلومة ومن حيث هي منكشفة بذاتها علم.
وأيضا : منهم من نفى عنه ـ تعالى ـ العلم بالعلم لاستلزام النسبة ـ ضرورة مغايرة العلم للمعلوم ـ ، فاشار إلى جوابه أيضا بقوله : « والتغاير اعتباري ».
وأمّا تقرير السؤال بأنّ العلم نسبة والنسبة تقتضي تغاير الطرفين ؛ وتقرير الجواب : بأنّ العلم ليس مجرّد نسبة بل صفة حقيقية ذات اضافة ، أو : بأنّ التغاير الاعتباري يكفي لتحقق النسبة ـ كما ذكره شارح التجريد (3) ـ فلا تناسب ما ذهب إليه المحقّق من أنّ العلم والعالم والمعلوم واحد في العلم الأوّل ـ تعالى ـ بذاته ـ كما صرح به في شرح الرسالة ـ ؛ انتهى بادنى تفاوت.
وغير خفى انّ الجواب بكون العلم صفة ذات اضافة لا ريب في عدم مناسبته لما ذهب إليه المحقّق.
وأمّا الجواب بتسليم كونه مجرّد اضافة اشراقية والقول بكفاية التغاير الاعتباري فلا ينافي القول باتحاد العالم والعلم والمعلوم، لانّ هذه الاضافة ليست زائدة على الذات ، بل هى عينها ان بنى تصحيح عينية الصفات على أنّ الذات مبدئها ونائب منابها. نعم! ؛ ان بني تصحيحها على أنّ الذات فرد منها وليس سواها اضافة أصلا ، فالأمر كما ذكره ؛ فالكلام حينئذ في أنّ مذهب المحقّق في تصحيح النسبة ما ذا؟!. وعلى أيّ تقدير لا ريب في صحّة تقرير السؤال والجواب على ما ذكره هذا القائل. نعم! ؛ ما ذكره من كون المعلومات بالذات ـ أعني : الموجودات العينية المعلومة بالحضور والصور الادراكية ـ علوما حقيقية نظرا إلى أنّها سبب لانكشاف المعلوم والعلم الحقيقي ما يكون سببا للانكشاف ـ كما تقدّم ويأتي أيضا ـ ، فهو مبني على ما ذهب إليه هذا القائل من كون المناط في العلم التفصيلي للواجب بالنسبة إلى الأشياء العينية هو نفس وجوداتها وحضوراتها ؛ وقد عرفت أنّ الحقّ انّ المناط في علمه بالاشياء ليس إلاّ مجرّد ذاته المقدّسة.
__________________
(1) راجع : المسألة الثانية من الفصل الثاني من المقصد الثالث ؛ كشف المراد ، ص 221.
(2) الاصل : أي.
(3) راجع : الشرح الجديد على التجريد ، ص 312.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|