المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6873 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



مكة  
  
975   08:43 صباحاً   التاريخ: 15-11-2016
المؤلف : أنمار نزار عبد اللطيف سعود الحديثي
الكتاب أو المصدر : الديانة الوضعية عند العرب قبل الاسلام
الجزء والصفحة : ص133-148
القسم : التاريخ / احوال العرب قبل الاسلام / مدن عربية قديمة / مكة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-1-2021 2844
التاريخ: 15-11-2016 1530
التاريخ: 4-5-2021 2337
التاريخ: 14-1-2021 1813

نجد في حالة مكة صورة للتحديات الطبيعية التي جعلتها منطقة ذات قيمة ارتبطت بحركة التجارة ذات الاتجاهات الأربعة ، ولنا أن نفترض أن لها طبيعة أخرى دينية نجهل بدايتها لكن استمرار تأثيرها في الزمن وصل إلينا ، مستندا إلى ذكريات مستقرة في عمق الذاكرة التأريخية عن (بيت عتيق) ولقوته يكفي لأن يضعنا أمام مسلمة لا يمكن مناقشتها وهي قدسيتها المستمدة من الدين . وحسب الرواية الدينية عن موضع مكة فهو البقعة الأقدم التي تكونت منذ أن كان الكون ماء (1). وأن البيت بني في هذا الموضع (2) على غرار بيت آخر فوقه في مكان ما من الكون، وأن الناس بدأت الطواف به منذ ذلك الوقت. واستمرت مكانة هذا البيت عندما أهبط الله آدم الى الأرض وبعد الطوفان عندما أمر إبراهيم بإعادة بنائه (3)  ويذكر القرآن الكريم كيفية بناء إبراهيم للبيت . فهو أولاً أبلغ إبراهيم أمره وعد هذا البلاغ أساس العهد معه (4). ثم أشر له مكان البيت (5)، وخصَّه وأبنه إسماعيل ببناء البيت (6).

      تدلل فكرة بناء البيت على تحول اجتماعي نحو الاستقرار. والاستقرار في مكة هو نوع من الرمزية التاريخية لحالة استقرار واسعة استثمرت امكانات المكان حول مكة وهي رعوية بالدرجة الأولى فإبراهيم الخليل كان صاحب قطعان ماشية حسب الروايات (7) ، ولكن حيثما تتوفر عوامل الزراعة تنشأ القرى الزراعية ، وحيثما تتوفر المواد الأولية الطبيعية ، أو المحصلة من عناصر انتاج أُخرى ، تنشأ قرى ذات طبيعة صناعية ، فالاستقرار الذي نقل المجتمع الى حالة من الثبات والتحاور مع البيئة ، قاد بالضرورة الى نظام تقسيم عمل اجتماعي أصبحت مكة محوره الأساس الذي لم يكن مركز استقرار زراعي في الأقل في صورته التي وصلت إلينا (8) . فمكة في واد غير ذي زرع ولا ذات خاصية صناعية ، انما هي مثابة البيت فقط والذين جاءوا يحجونه جاءوا ومعهم محصلة نمط إنتاجهم  فهي إذن مثابة تجارية لاقتصاد تبادلي متنوع ، ومع ان هذا التحول يرتبط بالزراعة وظهور القرية الزراعية غير أن القرآن الكريم وَضَّح الطبيعة الدينية للاستقرار ، ففي القرآن الكريم حدد الله سبحانه وتعالى لإبراهيم وظيفة البيت فهو مثابة للناس (9) يحجون إليه، ويطوفون ويصلون به ، ويقدمون فيه النذور (10) من دون الإخلال بطبيعته مركزاً للاستقرار البشري .

وقد عُرف البيت بأسماء متعددة فهو البيت العتيق والمعمور والحرم (11). واقترن بالطهارة فاشترط أن يبقى مطهراً (12)، كما أصبحت لمكة سمة دينية، فاحتفظت بموقعها مركزاً دينياً للعرب وفيها بيت إبراهيم وهي مركز أصنامهم ومحور ممارساتهم الدينية (13).   

قال علي بن الحسين عن البيت : " أما بدء هذا الطواف بهذا البيت فأن الله تبارك وتعالى قال أني جاعل في الأرض خليفة فقالت الملائكة أي رب أخليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء ويتحاسدون ، ويتباغضون ويتباغون ؟ أي رب أجعل ذلك الخليفة منا فنحن لا نفسد فيها ، ولا نسفك الدماء ولا نتباغض ولا نتحاسد ، ولا نتباغى ، ونحن نسبح بحمدك ، ونقدس لك ونطيعك ولا نعصيك فقال الله تعالى أني أعلم ما لا تعلمون . قال : فظنت الملائكة أن ما قالوا رداً على ربهم عز وجل وأنه قد غضب من قولهم فلاذوا بالعرش . ورفعوا رؤوسهم ، وأشاروا بالأصابع يتضرعون ، ويبكون إشفاقاً لغضبه وطافوا بالعرش ثلاث ساعات فنظر الله إليهم فنزلت الرحمة عليهم فوضع الله تعالى تحت العرش بيتاً على أربع أساطين من زبرجد وغشاهن بياقوتة حمراء وسمى ذلك البيت الضراح ثم قال الله تعالى للملائكة طوفوا بهذا البيت ودعوا العرش قال فطافت الملائكة بالبيت وتركوا العرش وصار أهون عليهم من العرش وهو البيت المعمور الذي ذكره الله  يدخله في كل يوم وليلة سبعون ألف ملك لا يعودون فيه أبداً ثم أن الله سبحانه وتعالى بعث الملائكة فقال لهم ابنوا لي بيتاً في الأرض بمثاله وقدره فأمر الله سبحانه من في الأرض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور" (14). وإذا كان القرآن الكريم أخبرنا عن الطبيعة الدينية لمكة والدور الإلهي في بناء البيت فإننا نجهل الكيفية التي نشأت بها الديانة الوثنية عند العرب لأنه من غير المعقول أن يبني الله البيت لقوم لا يؤمنون  به ،

أو يمارسون ديانة مضادة لديانته . ولنا أن نرجح أن الأقوام التي توالت على سكن مكة وسبقت إبراهيم الخليل كانت وثنية وأنها مصدر هذه الديانة (15) . فحتى الآن لا نملك دراسة أنثروبولوجية تجلي لنا هذه الحاجة. غير أننا نقف في القرآن الكريم على بدء تناقض بين شرائح معينة من الناس وبين الوثنية وعبادة الأصنام وارتباط هذا التناقض بإبراهيم الخليل (16)  وفي أور وتحديداً في القرن (18 ق. م) الذي أتسم بنشاط الحراك البشري وتزايد ضغط الأقوام العاربة التي خرجت من شبه جزيرة العرب على الحافات الغربية للفرات على طول امتداده (17) ، وتُعطي الرواية الدينية انطباعاً عن أن التناقض كان يحوي فيما يحوي اعتراضات على مبدأ التجسيم . فهذه الأقوام تتسم بالبساطة وتتمسك بالجوهر وهي أمور تنسجم مع طبيعة الترحال ، وأن تعقيدات الديانة في مناطق الاستقرار تفجر فيها تناقضات ، كذلك ظاهرة التركيب (البنيوي) في المعتقد الديني الذي أوجد الكثير من الآلهة لا تتضح بسهولة علاقتها بالآلهة الرئيسية .

سكن مكة من الأقوام العاربة طسم والعماليق (18)  ، وحسب الروايات فالقومان يتحدران من لاوذ بن سام بن نوح (19)  وباستثناء هذه المعلومات فليس ثمة ما يفيد في معرفةٍ حدثية عن إقامتهم فيها ، غير أن الأحداث تتسع عند الحديث عن جرهم التي اعقبتهم في سكنى مكة والسبب هو ارتباط أخبارها بأخبار إبراهيم الخليل وأبنه إسماعيل وارتباطهما معاً بتاريخ مكة أو لنقل ارتباط الأحداث بعملية البناء الرابعة للبيت على يد إبراهيم وابنه إسماعيل (20) حسب الروايات الدينية .

سكنت الأقوام القديمة في مكة على ما يبدو في الكهوف (21) فالراجح أن التقديس كان لمكان الكعبة . قال عبد الله بن عباس هذا المكان هو الذي أنزل الله به آدم لما أخرجه من الجنة وأنه أندرس (22) فلما أمر الله إبراهيم ببناء البيت ظللّ له المكان بسحابة (23) . وهذا يعني أن إطلاع العرب على التوحيد تمَّ على يد إبراهيم وأنه وابنه إسماعيل شيدا البيت .

بدأت علاقة إبراهيم بمكة عندما جلب زوجته هاجر وابنها إسماعيل وهو رضيع ليتركهم في موضع مكة التي كانت وادٍ خالٍ من أي مظهر من

لوحة رقم (9) (*)

أبناء سام بن نوح

                  نوح               

                   سام              

            ارم             لاوذ              أرفخشذ

          عوص  أميم               عمليق            طسم    شالخ

مظاهر المدنية (24) . ومع اننا لا نعلم متى ابتلى الله إبراهيم بكلماته (25) إلا أن سياق الرواية يشير إلى أن ذلك تمَّ في فترة لاحقة لإسكان إبراهيم زوجته وابنه في مكة ، وعندما أمره ببناء البيت فيها وهذه مسألة جديرة بالتفكير فخيار إبراهيم سبق الأمر ببناء البيت .

قال ابن عباس : " لبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث ثم جاء الثالثة [ جاء إلى مكة ] فوجد إسماعيل قاعداً تحت الدوحة التي بناحية البير يبري نبلاً أو نبالاً له فسلم عليه ونزل إليه فقعد معه فقال إبراهيم يا إسماعيل أن الله تعالى قد أمرني بأمر فقال اسماعيل فأطع ربك فيما أمرك فقال إبراهيم يا إسماعيل أمرني ربي أن أبني له بيتاً قال له اسماعيل واين ؟ [ يقول ابن عباس ] فأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها عليها رضاً من حصباء يأتيها السيل من نواحيها ولا يركبها [ يقول ابن عباس ] ، فقاما يحفران عن القواعد ويحفرانها ويقولان ربنا تقبل منا أنك سميع الدعاء ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم فلما ارتفع البناء وشق على إبراهيم تناوله قرب له إسماعيل هذا الحجر – يعني المقام- فكان يقوم عليه ويبني ويحوله في نواحي البيت حتى انتهى إلى وجه البيت " (26) .

كان إبراهيم صاحب قطعان ماشية (27) كشف تجواله بين العراق والشام ومصر وشبه جزيرة العرب الدور الذي تلعبه الحيوانات في حياة الصحراويين وفي النشاط التجاري ، كما أن حركة الكون في الليل أعادت ترتيب أولوياته الفكرية ، وأتاحت له فرصة للتأمل تتسم بها الطبيعة المدارية ولابد أنه زاوج بين هذه الأمور وبين الطبيعة الدينية لمكة (28) . تعطي الرواية عن صلة إبراهيم بمكة  دوراً ضمنياً لهاجر . فبعد أن ترك إبراهيم زوجته وابنه في تلك البقعة قاسية

الطبيعة تحملت هاجر المسؤولية وتصرفت ولابد أنها كانت تعي ما خططه زوجها وحتى على افتراض عدم الوعي فلابد انها تصرفت ، وان جهودها اتجهت إلى تأمين مستقبلها ومستقبل ابنها بتأمين المحيط الذي سينشأ فيه . وأول مستلزمات التأمين هو الماء واسـتخدمت هذا العنصر في المساومة مع جرهم. فمقابل الماء أصبح على جرهم تأمين الأمن والأنسة لها ولابنها (29) .

وعلى الرغم من كفاءة هاجر في تحقيق هدفها بقي إبراهيم يرصد الأوضاع في مكة ويزور ابنه بين الحين والآخر ويتدخل في حياته (30) . وقد تعززت العلاقة بين جرهم وهاجر عندما تزوج إسماعيل منهم . كرس إبراهيم البيت للعبادة وأهم شعائرها الحج (31) فأصبحت مكة قبلةً لأقوام شبه الجزيرة وموقعاً مهماً على طريق الحراك الاجتماعي بين جهات شبه الجزيرة الأربعة وفي التجارة أيضاً . وبسبب نشأة مكة وعلاقتها بالحراك البشري العربي بدءً من الاتفاق بين هاجر وجرهم ، أصبحت مكة تدين بدينين الأول هو دين إبراهيم (التوحيد) والثاني هو الدين الوضعي القديم قدم الأقوام التي ارتادت مكة قبل جرهم وكانت جرهم تحمل مؤثراته وتدين به عندما استقرت في مكة متفقة مع هاجر .

احتفظ إسماعيل بمكانته في مكة وحواليها (32) ولدينا اشارات الى ان سكان القرى حول مكة كانوا يدفعون له ضرائب إحداها التمر في اقتصاد تبادلي (33) . ثم تدهور هذا النفوذ بمرور الزمن وأن جرهم لم تحفظ حقوق أبناء إسماعيل . إذ تتحدث الروايات عن انتزاع جرهم السيادة وأن هذا التطور في الأوضاع أدى إلى هجرة بعض بني إسماعيل من مكة (34) . ومع أن الروايات بررت ذلك الخروج بضيق المكان إلا أنه لا يبدو تبريراً مقنعاً ، إذ اتسعت مكة للمحيطين بها ومن خالطهم من العرب . ولا بُدَّ أن هذه التطورات حصلت بسبب أرجحية اقتصادية وبشرية حققتها جرهم . وأن بني إسماعيل شعروا بالحيف لهذا نجدهم في زمن لاحق يقفون إلى جانب خزاعة ضد أخوالهم (35) وهو أمر يرجح وجود خلاف .

يستعرض البكري (36) انتشار أولاد معد بن عدنان الذين هم صلب بني إسماعيل ويتحدث عن التغييرات في العلاقات بينهم لكنه لا يذكر عن صلتهم بجرهم شيئاً والمفروض ان الأجيال التي تحدث عنها قديمة سبقت خزاعة بكثير وحسب زيجات رجال تلك الأجيال فأن علاقتهم كانت بقبائل معروفة لدينا مثل الأزد وقضاعة وخزاعة من القبائل الخارجية أو قبائل داخلية من بني معد بن عدنان أنفسهم ومع اننا نمتلك إشارة إلى أن ملوك اليمن استخدموا كندة على معد كلها غير ان وضوحاً كافياً في الروايات يفسر الأحداث التي رافقت تلك العلاقة أو تطورت عنها لا يتوفر حتى الآن . وإذا كانت علاقتهم بالأساس بجرهم غير ان تلك العلاقة لا تغطي كل تاريخ بني معد إنما الأجيال التي عاصرت جرهم ما بين إسماعيل وأحفاده بينما تتحدث الروايات عن علاقة بين معد زمن كلاب بن مرة بخزاعة وهي علاقة استمرت إلى زمن قصي بن كلاب . لقد قطع أبناء معد زمناً طويلاً قبل فرض سيطرتهم على مكة ونجهل الكثير عن أحداث ذلك الزمن بين جرهم وخزاعة كما أن عدد الأجيال يتناقض مع الزمن الذي أشره الرواة في رواياتهم .

صراع خزاعه وجرهم على مكة:

يجمع معظم الرواة والأخباريين ان خزاعة قوم من أقوام اليمن من الأزد خرجت مع من خرج من الأزد بسبب التغيرات السياسية والاقتصادية التي بدأت اليمن تعاني منها في هذه الحقبة ولبعض الرواة آراؤهم المناقضة التي ترى ان خزاعة من بني إسماعيل من العدنانية ، وربما من المفيد التنويه بعلاقات الزواج بين خزاعة والمتحدرين من مضر سبقت خروج الازد والمهم في الموضوع أن الحارثة بن عمرو مزيقياء (37) قرر البقاء في مكة بعد انتصار قومه الآزد بقيادة أخيه ثعلبة على جرهم بمساعدة بني إسماعيل ويبدو أن تسمية خزاعة جاءت من هذه الحادثة وهي قرار حارثة بالبقاء في مكة وعدم خروجه مع أخيه (38) ولا تبدو جميع التفسيرات التي ناقشتها الروايات مقنعة وان المسألة تحتاج إلى دراسة ولاشك أنها على صلة بنظام الزواج والقرابة الذي كان سائداً في المنطقة .

أدى انتصار خزاعة (39) على جرهم إلى انتزاعها ولاية البيت وحجابته من دون منازع (40) ، أما أبناء إسماعيل فقد حصلوا نتيجة مساعدتهم لخزاعة على أراضي حول الحرم يسكنون فيها بينما أصبح الحرم امتيازاً لخزاعة صاحبه النفوذ الجديد (41) .

لقد ظهر ان قرار حارثة بن عمرو البقاء في مكة وإنزال قومه فيها ، أمر لم يخلو من الفطنة أو الرؤية الدقيقة للأمور . فمكة مركز تجاري قديم يقع في تقاطع الطرق التجارية المهمة بين اليمن والشمال وبين شرق الجزيرة وغربها (42) . ويبدو أنه أدرك حاجة هذا الموقع إلى التطوير ، ومع أن مصادرنا لا تقدم صورة واضحة لأعمال حارثة وابنه ربيعه (لحي) . غير أن تركيزهما على أحكام قبضتهم على حجابة البيت الحرام وولاية مكة تعطي فكرة عن الرؤية

المستقبلية لهما .

أبقى حارثة بعض جرهم في مكة (43) لأنه أدرك الحاجة إلى  وجودهم وعزز هذا الإجراء بالمصاهرة عندما زوج أبنه ربيعة (لحي) من إحدى نساء جرهم (44) ، وهي خطوة سياسية تحيّد جرهم ، وتعطيه مرونة في الحركة إزاء الأقوام الأخرى الساكنة في مكة ، قصد السيطرة عليها وربما عقد التحالفات .

كان ثمرة هذا الزواج عمرو بن لحي (45) الشخصية الثانية بعد أبيه الذي برز اسمه على مسرح الأحداث في مكة ، الذي سيكون لإجراءاته الأثر الكبير في أوضاع مكة والمناطق المجاورة لها (46) .

عمرو بن لحي وسيادة مكة:

ساهمت نشأة عمرو في مكة المركز التجاري مع ما علق في أذهان قومه عن خلفيتهم السابقة في إثراء عقليته التجارية .

ورأى أوضاع مكة وزار الشام والعراق (47) وربما مناطق أخرى ، واستوعب ظروف العرب وعلاقتهم بأقوام أخرى خارجية جعلته يدرك الجوهري في الحياة الداخلية والعلاقات الخارجية واستخدم هذا كله في تطوير أوضاع مكة ومع أننا نستطيع الافتراض ان إجراءاته كانت ذات هدف تجاري اقتصادي غير انه نجح في وضعها في إطار ديني ليس تلفيقاً أو مناورة إنما وعياً بقوة هذا الإطار لانجاح هدفه الاقتصادي فتنشيط التجارة في مكة لا يتحقق باعتماد أحد الاتجاهين المطروحين في الاعتقاد الديني (توحيد إبراهيم أو الوثنية) إنما بجمعهما معاً .

تطورت أوضاع خزاعة في مكة فلم تعد بحاجة لاستمرار الأوضاع القديمة لهذا أقصى عمرو بن لحي جرهم من مكة ولم يسمح لأي جرهمي في البقاء داخلها (48) وكافأ أبناء إسماعيل لوقوفهم معه في حربه ضد جرهم فأسكنهم جوار البيت وأبقاهم على وظائفهم الدينية مثل الإجازة والإفاضة والنسي (49) كشرف ديني يحفظ مكانتهم ولإرضائهم ولاستمالة الأقوام الأخرى الساكنة في مكة .

ويبدو أن السقاية كانت ضمن الوظائف القديمة في مكة وكان بئر زمزم على ما يبدو يكفي للحجاج الذين يحجون مكة . غير ان عمرو حاول تطوير وظيفة السقاية وتوسيعها بزيادة عدد الآبار بما يكفي الحجاج الوافدين إلى مكة  ولدينا إشارة إلى بئر الوتير وهو ماء لخزاعة بأسفل مكة  (50) فعمل هو وفرض على الآخرين من سكنة مكة حفر الآبار لشربهم ومن أجل تأمين حاجة الحجاج. وهناك إشارات إلى شخصيات من بني إسماعيل حفرت الآبار في عهد خزاعة فحفر مرة بئر السيرة والروا خارج الحرم وحفر ابنه كلاب (خم ورم) وبئر الجفر خارج مكة وهذا يفيد في تحديد مواضع بني إسماعيل زمن خزاعة وانها كانت خارج الحرم  (51) .

تبدو صورة مجتمع مكة في عهد عمرو بن لحي على النحو الآتي . خزاعة تتسيد مكة وتلي شؤون البيت ، ومعها بعض بني إسماعيل حول الحرم ويظهر أنهم الذين حالفوا خزاعة على إخراج جرهم وهم بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة ، وربما يعود هذا إلى أبيهم من ازد شنوءة وأبقت خزاعة على صوفة أيضاً وهم بنو الغوث بن مرة بن اد بن طابخة بن الياس بن مضر وكانوا يلون الإجازة للناس بالحج (الافاضة من عرفة) ومختلف في أمر صوفة ففي الروايات ان أمه نذرته للكعبة وكانت تضع صوفة في رأسه فعُرف وبنوه بهذا الاسم وقيل ان صوفة قبيلة كانت في الدهر الأول تجيز الحاج وتخدم الكعبة (52) . أما قريش فلم تكن قد ظهرت بعد ويصفهم ابن اسحق بأنهم: " حلول وصرم (جماعات وبيوت متقطعة) وبيوتات متفرقون في قومهم بني كنانة " (53) .

اتخذ عمرو بن لحي اجراءات أُخرى لتأمين ضيافة ضيوف بيت الله فقرر إطعام الحاج بمكة سدايف الأبل ولحمانها على الثريد (53) ، وهو أمر ما كان ليتحقق بمعزل عن إجراءات عمرو في تنظيم النذور (54) أو ما يعرف (بأبل الهدي) التي أصبحت وسيلة لتوفير لحومها فضلاً عن لحوم الشياه للطعام ، وربما الإفادة من وبرها وأصوافها بغية إكساء الحاج في مكة والإفادة أيضاً من جلودها وزيتها . فهو أول من بحر البحيرة ووصل الوصيلة وحمى الحمى وسيب السائبة وهي اجراءات تصب في النذور الخاصة (أبل الهدي) (55) مما ساهم في توظيف ثروة حيوانية كانت غير مشمولة بالاستخدام قبل ذلك في مكة وظهور الكسوة سواء للبيت أو الاستخدام البشري إذ تذكر الرواية أنه كسى الحجاج من البرود اليمنية (56) فضلاً عن توفير الجلود والزيت .

وتذكر النصوص أن عمرو بن لحي وزع في أحد أعوام المجاعة عشرة آلاف ناقة بين العرب (57) وهذا الرقم مبالغ فيه ولا شك إلا ان هذا العمل  يعكس إحساس عمرو بما هو واجب على أهل مكة لإرضاء ربهم بعدّهم أهل البيت ( بيت الله الحرام ) والحجاج ضيوف البيت أي ضيوف الله .

______________

( 1)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 31 ؛ الطبري ، تاريخ ، 1 / 121-122 .

( 2)  سورة آل عمران ، الآية 96 .

( 3)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 33-34 ، 36 وما بعدها .

( 4)  سورة البقرة ، الآية 124 .

( 5)  سورة الحج ، الآية 26 .

( 6)  سورة البقرة ، الآية 127 .

( 7)   الحموي ، معجم ، 1 / 483 ، 4 / 351 ؛ أنمار نزار عبد اللطيف الحديثي ،   شجرات النسب الأولى أصلها وتطورها ، رسالة ماجستير ، (كلية الآداب – جامعة  بغداد ، 1998) .

( 8)  ابن هشام ، السيرة ، 1/134 . ذكر ان جرهم وجدت مكة بلداً ذا ماء وشجر .

( 9)  سورة البقرة ، الآية 125 ؛ الشريف ، مكة ، ص 174.

( 10)  سورة البقرة ، الآية 125 ، 158 ؛ سورة آل عمران ، الآية 97 ؛ سورة المائدة ، الآية 97 ؛ سورة الحج ، الآية 29 ؛ سورة الأنفال ، الآية 35 ؛ سورة قريش ، الآية 3 .

( 11)  سورة الحج ، الآية 29 ، 37 ؛ سورة الطور ، الآية 4 ؛ سورة إبراهيم ، الآية 37 .

( 12)  سورة البقرة ، الآية 125 .

( 13)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 33-35 ؛ الطبري ، تاريخ ، 1 / 123 وما بعدها .

( 14)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 33 – 35  ؛ الألوسي ، بلوغ ، 1 / 228 – 229 .

( 15)  ابن الكلبي ، الأصنام ، ص 110 ؛ الزبيدي ، تاج ، 2 / 125 ؛ علي ، المفصل ، 1/336 .

( 16)   سورة الأنعام ، الآية 74 .

( 17)  ساكز، عظمة ، ص 104-107 .

( 18)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 80 ؛ أبو عبد الله محمد بن اسحاق بن عباس الفاكهي المكي

(ت 280هـ)  ، أخبار مكة قديمه وحديثه ، تحقيق عبد الملك بن عبد الله بن دهيش ، (بيروت : دار خضر للطباعة والنشر ، 1998) ، 5/ 138؛  الطبري ، تاريخ ،

1 / 254 ؛ عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي المغربي (ت 808هـ) ، العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، (بيروت: مؤسسة جمال للطباعة والنشر، 1979) ، 2/331 ؛ الفاسي ، العقد، 1/ 292؛ العاصمي ، سمط ، 1/ 187 – 188 ؛ علي ، المفصل ، 4 / 12 .

( 19)  أنظر لوحة رقم (9) .

( 20)  أبن الكلبي ، الأصنام ، ص 54 ؛ الأزرقي ، تاريخ ، 1/ 57 ، 80 ؛ الفاسي، شفاء ، 

1/ 74 ، 217  ؛ أحمد إبراهيم الشريف ، مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول ، (القاهرة : دار الفكر ، 1965)  ، ص 173 ؛ محمد علي مختار ، الأزرقي المؤرخ من خلال رواياته ، مصادر تاريخ الجزيرة العربية ، (السعودية : مطابع جامعة الرياض ، 1979) ، 1/200. وتذكر الروايات ثلاث عمليات بناء للكعبة سبقت بناء إبراهيم   الخليل .

( 21)  الآلوسي ، بلوغ ، 1 / 235 ؛ علي ، المفصل ، 4 / 7-8 .

( 22)   الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 37 . وهناك روايات أُخرى عن نزول آدم في الهند ومناطق أُخرى . انظر الطبري ، تاريخ ، 1 / 121 وما بعدها .

( 23)   الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 61 .

(*)  نقلا عن تاريخ ابن خلدون .

( 24)   سورة ابراهيم ، الآية 37 ؛ الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 54  ؛ اليعقوبي ، تاريخ ،

1/ 24 ؛   الطبري ، تاريخ ، 1 / 254 – 259 ؛ عز الدين أبو الحسن علي بن

أبو كرم بن الأثير الجزري (ت 630هـ) ، الكامل  في التاريخ ، تحقيق كارلوس

وهنس ، (بيروت : دار صادر ،1979) ، 1/103  ؛

Ibrahim, M. Merchant Capital and Islam, (University of Texas Press, Austin, 1989), P 35.

 

( 25)   سورة البقرة ، الآية 124 .

( 26)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 58 ؛ ابن الأثير ، الكامل ، 1/ 106 وما بعدها ؛ ابن خلدون ، تاريخ ، 2/ 331 .

( 27)   الحموي ، معجم ، 1 / 483 ، 4 / 351 ؛ أنمار الحديثي ، شجرات ، ص 71-72.

( 28)  الشريف ، مكة ، ص 99 .

( 29)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 57 ؛ انفرد الفاكهي بأنهم العماليق أنظر أخبار، 5/121؛ الطبري، تاريخ ، 1/258 ؛ العاصمي ، سمط ، 1 / 219 ؛

Ibrahim, Merchant, P. 35 .

( 30)  الأزرقي ، تاريخ 1/  57- 60 ؛ علي ، المفصل ، 1 / 435 .

( 31)  الفاكهي ، أخبار ، 5 / 125 .

( 32)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 81 ؛ الجميلي ، دور ، ص 21 .

( 33) الحموي ، معجم البلدان ،  3 / 878 .

( 32)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 84 ، 85-86 ، 93 ؛ مختار ، مصادر ، 1/ 201 ؛ أبن هشام، السيرة ، 1 / 135 ؛ العاصمي ، سمط ، 1/ 223 ؛ الشريف ، مكة ، ص101.

( 35)  أبن الكلبي ، الأصنام ، ص 8 ؛ أبن هشام ، السيرة ، 1 / 136 ؛ الفاكهي ، أخبار ، 5/153 ؛  ابن خلدون ، تاريخ ، 2/ 332 ؛ الآلوسي ، بلوغ ، 2/ 200 ؛ مختار ، مصادر ، 1/ 203 ؛ الجميلي ، دور ، ص 22 .

( 36)  البكري ، معجم ، 1 / 51 .

( 37)  وهو حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة بن امرؤ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد آثر البقاء في مكة بعد قرار الأزد بالرحيل منها بقيادة أخيه ثعلبة بسبب الحمى التي اصابتهم أثناء إقامتهم فيها فأنخزعت بنو حارثة عن الأزد وقيل ان سبب تسميتها خزاعة كان بسبب هذا القرار قرار حارثة بن عمرو. ابن الكلبي، نسب ، 2 / 3 ، 116 ؛ السويدي ، سبائك ، ص  67 ؛  الجميلي ، قبيلة ، ص 115 ، 118 . ناقش مسألة نسب خزاعة في إطار الروايات التقليدية للنسابة والرواة وبمعزل عن  النظام القرابي للمجتمع ونظام الزواج فيه . 

( 38)  للمزيد من المعلومات ؛ انظر الجميلي ، قبيلة ، ص 113 وما بعدها ؛ مختار ،

مصادر ، 1/ 203 .

( 39)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 100 ؛ الفاكهي ، أخبار ، 5 / 155-156 ؛ أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي (ت 346هـ) ، مروج الذهب و معادن الجوهر، تحقيق محمد  محي الدين عبد الحميد ، ط 5 ، (بيروت : دار الفكر ، 1973)  ، 2 / 56 .

( 40)  للمزيد من المعلومات أنظر الجميلي ، قبيلة ، ص 113 وما بعدها .

( 41)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 96  ، 100 .

( 42)  علي المفصل ، 7/137ومابعدها ؛ الشريف ، مكة،ص166؛ الجميلي ، دور، ص123.

( 43)  الأزرقي ، تاريخ ، 1/100 ؛ الجميلي ، قبيلة ، ص 114 .

( 44)  الأزرقي ، تاريخ ، 1/100 ؛ الفاكهي ، أخبار ، 5 / 154 ؛ الطبري ، تاريخ ،

2/285 ؛ العاصمي ، سمط ، 1/227 ؛ الجميلي ، قبيلة ، ص 115؛ مختار، مصادر، 1/ 204 .

( 45)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 100 ؛ الطبري ، تاريخ ، 2 / 285 ؛ الجميلي ، قبيلة ،

ص 115 .

( 46) الشريف ، مكة ، ص 102 .

( 47)  تذكر الروايات انه اعتل فذهب إلى الشام ليشفى فجلب معه هبل ورواية أخرى ذكرت بأنه ذهب إلى هيت في العراق فجلب معه هبل ويبدو أنه سافر إلى مناطق أخرى عديدة لم تذكرها المصادر قصد التجارة ومعرفة عبادات المناطق العربية المجاورة بقصد   جمع معبوداتهم في مكة لتكون مركزاً تجارياً ودينياً في نفس الوقت . ابن الكلبي ، الأصنام ، ص 8 ؛ الفاكهي ، أخبار ، 5 / 154 ؛ علي ، المفصل ، 6 / 79 . 

( 48)  أبن الكلبي ، الأصنام ، ص 8 ؛ الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 96 ؛ الطبري ، تاريخ ،

2 / 284 ؛ الجميلي ، قبيلة ، ص 115 .

( 49)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 96 ، 100 ؛ المسعودي ، مروج ، 2 / 57 ؛ ابن خلدون ، تاريخ ، 2/33 ؛ الجميلي ، دور ، ص 24 .

( 50) الفاسي ، العقد ، ص 17  .

( 51) الأزرقي ، تاريخ ، 2 / 220 ؛ ابن كثير ، البداية ، 2/ 185 ؛ الفاسي ،

 العقد ، 1/ 9 ؛ الشريف ، مكة ، ص 102 ؛ الجميلي ، دور ، ص 23 . مر بن كعب ين لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النظر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن

الياس بن مضر  من الجيل (22) من بني إسماعيل يقابل من خزاعة الجيل (18) .

( 52)  أحمد بن عبد الله أبو نعيم الأصفهاني (ت 430هـ) ، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، (بيروت : دار الكتاب العربي ، 1967) ، 1 / 17

( 53)   ابن هشام ، السيرة ، 1/ 102 ، 130-131، 136، 141. 

( 54) الأزرقي ، تاريخ ، 1/ 100 .

( 55)  سورة المائدة ، الآية 103 ؛ ابن هشام ، السيرة ، 1/112 ؛ الأزرقي ، تاريخ ،

1 / 100 ؛ الطبري ، تفسير ، 7 / 56 وما بعدها .

( 56)  البحيرة : الناقة والشاة يبحرها بحراً شق أُذنيها بنصفين ، وقيل بنصفين طولاً وكانت العرب تفعل ذلك إذا نتجتا عشرة أبطن فلا ينتفع منهما بلبن ولا ظهر ، وتترك البحيرة ترعى وترد الماء وتحرم لحمها على النساء ويحلل على الرجال ؛ ابن منظور، لسان ،

4 / 43 . الوصيلة : في الشاء خاصة. كانت الشاة إذا ولدت أنثى فهي لهم وإذا ولدت ذكراً جعلوه لآلهتهم فإذا ولدت ذكراً وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر

لآلهتهم ؛ ابن منظور ، لسان ، 11 / 729 . الحمى : الحامي الفحل من الإبل يضرب الضراب المعدود قبل عشرة أبطن ، فإذا بلغ ذلك قالوا هذا حامٍ أي حمي ظهره فيترك لا ينتفع منه بشي ولا يمنع من ماء ولا مرعى ؛ أبن منظور ، لسان ، 14 / 202 .

السائبة : البعير يدرك نتاج نتاجه فيسيب ولا يركب ولا يحمل عليه . والسائبة الناقة التي كانت تسيب قبل الإسلام لنذرٍ ونحوه ، وقد قيل هي أم البحيرة فكانت الناقة إذا ولدت 

عشرة أبطن كلهن إناث سيبت فلم تركب ولم يشرب لبنها إلا ولدها أو الضيف حتى تموت فإذا ماتت أكلها الرجال والنساء جميعاً، وبحرت أذن بنتها الأخيرة فتسمى البحيرة وهي بمنزلة أمها في أنها سائبة ؛ أبن منظور ، لسان ، 1/ 478 ؛ وأنظر أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أبي الحسن الخثعمي السهيلي (ت 581هـ)  ، الروض الانف ، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد ، (القاهرة : شركة الطباعة الفنية المتحدة ،

1971) ، 1/ 101 . ويرى السهيلي ان رجلاً من مدلج هو أول من بحر البحيرة ؛ القلقشندي ، نهاية ، ص 416 نسب بني مدلج ؛ الطبري ، تفسير ، 7 / 57 وما بعدها ؛ أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني التميمي  (ت 562هـ) ، الأنساب ، تحقيق عبد عمر البارودي ، (بيروت : دار الفكر ، 1998) ، 2/ 358 ؛ الآلوسي ،

بلوغ ، 3/ 36-40 ؛ علي ، المفصل ، 6 / 203 وما بعدها ؛ العلي، محاضرات ،

ص 225 – 234 .

( 57)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 100 ؛ سلامة ، قريش ، 278 .




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).