أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-11-2016
732
التاريخ: 10-11-2016
670
التاريخ: 11-11-2016
873
التاريخ: 11-11-2016
664
|
ملوك غسان:
يقول ابن خلدون في تاريخه: أول ملك كان للعرب بالشام ـ فيما علمناه ـ للعمالقة.. ثم لبني إرم بن سام، ويعرفون بالأرمانيين. كان بنو إرم يومئذ بادية في نواحي الشام والعراق، وقد ذكروا في التوراة، وكان لهم مع ملوك الطوائف حروب، وكان آخر هؤلاء العمالقة ملك السميدع بن هوثر، وهو الذي قتله يوشع بن نون حين تغلب بنو إسرائيل على الشام، وبقي في عقبه ملك في بني الظرب بن حسان من بني عاملة العماليق وكان آخرهم ملكاً الزبا بنت عمرو بن السميدع. وكانت قضاعة مجاورين لهم في ديارهم بالجزيرة، وغلبوا العمالقة.
فلما هلكت الزبا وانقرض أمر بني الظرب بن حسان، ملك أمر العرب تنوخ من بطون قضاعة، وهم: تنوخ بن مالك بن فهم بن تيم الله بن الأسود بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. فملوك من تنوح ثلاثة ملوك ـ يما ذكر المسعودي ـ النعمان بن عمرو، ثم ابنه عمرو بن النعمان .. ثم أخوه الحوار بن عمرو. وكانوا مملوكين من قبل الروم. ثم تلاشى أمر تنوخ واضمحل، وغلب عليهم سليح من بطون قضاعة، ثم عمرو بن حلوان، فتنصروا، وملكتهم الروم على العرب، وأقاموا على ذلك مدة. وكان نزولهم ببلاد مؤاب من أرض البلقاء.
قال ابن سعيد: كان لبني سليح دولتان في بني ضجعم وبني العبيد، فأما بنو ضجعم فملكوا إلى أن جاءهم غسان فسلبوهم ملكهم، وكان آخرهم زياد بن الهبولة، سار بمن بقي منهم إلى الحجاز، فقتله والي الحجاز. وأما بنو العبيد بن الأبرص بن عمرو بن أشجع بن سليح، فتوارثوا الملك بالحضر الذي آثاره باقية في برية سنجار.
قال المسعودي: سار عمرو مزيقيا حتى إذا كان بالشراة بمكة أقام هنالك بنو نصر بن الأزد.. وعمران الكاهن .. وعدي بن حارثة بن عمرو، حتى نزلوا بين بلاد الأشعريين وعك ـ وعك هو ابن عدنان بن عبد الله بن أدد ـ فنزلوا على ماء يقال له: غسان، بين واديين يقال لهما: زبيد وزمع، فشربوا من ذلك الماء، فسموا غسان. وكانت بينهم وبين معد حروب إلى أن ظفرت بهم معد، فأخرجوهم إلى الشراة ـ والشراة: جبل الأزد الذين هم به، وهم على تخوم الشام ما بينه وبين الجبال مما يلي دمشق وعمان ...
وكانت غسان لأول نزولها بالشام طالبها ملوك الضجاعم بالأتاوة، فمانعتهم غسان، فاقتتلوا، فكانت الدائرة على غسان، وأقرت بالصغار، وأدت الأتاوة، حتى نشأ جذع بن عمرو، فأتاه سبطة بن المنذر بن داود يطالبه بالأتاوة، فقتله جذع، ثم التقى رجال سليح مع غسان، فكانت الغلبة لغسان، وتفردوا بملك الشام، وذلك في وقت كانت الحرب دائرة بين الروم وفارس، فخاف ملك الروم أن يعينوا عيه الفرس، فكتب إليهم واستدناهم، ورئيس غسان يومئذٍ ثعلبة بن عمرو أخو جذع، وتعاهدوا على أنه إن دهمهم أمر من العرب أمدهم بأربعين ألفاً من الروم، وإن دهمه أمر أمدته غسان بعشرين ألفاً. وثبت ملكهم على ذلك وتوارثوه، فأول من ملك منهم ثعلبة بن عمرو، وآخرهم جبلة. وقال المسعودي: أول من ملك منهم الحرث بن عمرو مزيقيا، ثم الحرث بن ثعلبة بن جفنة، وهو ابن مارية ذات القرطين ـ وسميت ذلك: لأنها أهدت الكعبة قرطين كانا لها من أثمن الجواهر وأغلاها ـ ، وآخرهم جبلة.
وقال ابن سعيد: أول من ملك من غسان بالشام وأذهب ملك الضجاعم جفنة بن مزيقيا. ونقل عن صاحب تواريخ الأمم: لما لمك جفنة بني مدينة جلق ـ وهي دمشق ـ ، واتصل الملك في بنيه إلى أن كان منهم الحارث الأعرج ابن أبي شمر، وأمه ماريا ذات القرطين. وهو الذي سار إليه المنذر ابن ماء السماء ـ كما قال ابن قتيبة ـ من ملوك الحيرة في مائة ألف، فبعث إليه الحارث مائة من قبائل العرب، فيهم لبيد الشعر ـ وهو غلام ـ فأظهروا أنهم رسل في الصلح، حتى إذا أحاطوا برواق المنذر فتكوا به وقتلوا جميع من كان معه في الرواق، وركبوا خيولهم، فمنهم من نجا ومنهم من قتل، حملت غسان على عسكر المنذر، فهزموهم. ويقال: أن غسان أوشكت على الهزيمة، فخرجت حليمة بنت الحارث بالعطر على الجنود، وأخذت ترشهم وتحرضهم على قتل المنذر، فبعث ذلك الحماسة في القلوب، واندفعت غسان في القتال حتى تغلبت على المنذر فسمي الحرب يوم حليمة.
ثم توالى الملك في ولد الحارث الأعرج إلى أن ملك منهم جفنة بن المنذر بن الحارث الأعرج، وهو محرق، لأنه حرق الحيرة دار ملك آل النعمان، وقيل: سمي ذلك لأنه كان يعذب بالحرق بالنار. وكان جوالاً في الآفاق. ثم ملك النعمان بن عمرو بن المنذر الذي بنى قصر السويدا، وقصر حارث عند صيدا وقيل اسم القصر: حارب ـ وهو مذكور ي شعر النابغة الذبياني، في قوله:
لئن كان للقصرين بجلق
وقصر بصيداء الذي عند حارب
ولم يكن أبوه ملكاً، وإنما كان يغزو بالجيش، ثم ملك جبلة بن النعمان، وكان منزله بصفين، وهو صاحب عين أباغ ويم كانت له الهزيمة فيه على المنذر بن المنذر ابن ماء السماء، وقتل المنذر في ذلك اليوم. ثم اتصل الملك في تسعة منهم بعده، وكان العاشر أبو كرب الذي رثاه النابغة، وكان منزله بالجولان من جهة دمشق. ثم ملك الأيهم بن جبلة بن الحارث، وكان له رأي في الإفساد بين القبائل، حتى أفنى بعضهم بعضاً، وكان منزله بتدمر. وملك بعده منهم خمسة فكان السادس جبلة بن الأيهم وهو آخر ملوكهم. واستفحل ملك جبلة حتى أدرك الإسلام، واسلم عندما فتح المسلمون الشام.
قال ابن سعيد عن صاحب تواريخ الأمم: إن جميع ملوك بني جفنة اثنان وثلاثون، ومدتهم ستمائة سنة، ولم يبق لغسان بالشام قائمة. وورث أرضهم بها قبيلة طيء، وأمراؤهم بنو ما، وأما أمراؤهم الآن بنو مهنا، وهما معاً لربيعة. وقامت غسان بعد منصرفها من الشام بأرض القسطنطينية حتى انقرض ملك القياصرة، فتجهزوا إلى جبل شركس ـ وهو ما بين بحر طبرستان وبحر نيطش الذي يمده خليج القسطنطينية ـ . وفي هذا الجبل شعوب الترك المتنصرة الشركس .. وأركس، واللاص . وكسا .. ومعهم أخلاط من الفرس ويونان. والشركس غالبون على جميعهم فانحازت قبائل غسان إلى هذ الجبل عند انقراض القياصرة والروم، وتحالفوا معهم، واختلطوا بهم، ودخلت أنساب بعضهم في بعض، حتى ليزعم كثير من الشركس أنهم من نسب غسان. والله أعلم.
ولله حكمة بالغة في خلقه. والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، لا انقضاء لملكه، ولا رب غيره.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|