أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-11-2016
4966
التاريخ: 2024-09-04
359
التاريخ: 1-11-2016
8020
التاريخ: 2024-09-04
341
|
رغم صغر مساحة قارة اوربا الا انها تتبوأ مكان الصدارة بين قارات العالم في معظم المجالات، فمن الناحية الحضارية كانت القارة موطنا للعديد من الحضارات البشرية القديمة التي انارت الطريق للإنسان لكي يرتقي ويتطور ليبلغ ماوصل اليه حاليا من تقدم ورقي ومعرفة.
وقد ساعد على ذلك عدد من العوامل الجغرافية يأتي في مقدمتها موقع معظم أراضي القارة في العروض الوسطى المعتدلة وهي عروض تلائم الاستقرار البشري، بالإضافة الى توافر كل من مصادر المياه العذبة التي تتراوح بين المجاري النهرية متباينة الخصائص والامطار الوفيرة ، والتربات الزراعية الخصبة، والطبيعية البحرية لمعظم جهات القناة، الى جانب بعض الملامح البيئية التي تضمنت العديد من الموانع الطبيعية التي تحيط ببعض الأقاليم الجغرافية من معظم الجهات كالسلاسل الجبلية المرتفعة وخاصة في إقليم البحر المتوسط بجنوبي القارة حيث نشأت العديد من الحضارات القديمة وتطورت دون ان تتعرض كثيرا للاخطار الخارجية وخاصة خلال مراحل نموها الأولى، ثم اخذت هذه الحضارات في النمو والاتساع.
وكان للبحر المتوسط دورا كبيرا في الربط بين جهات هذا الإقليم حيث كان ولا يزال يمثل حلقة اتصال بين سكان سواحله، ساعد على ذلك صغر مساحته نسبيا وكثرة جزره التي اتخذت خلال المراحل الحضارية الأولى كمحطات ربط تلتقي عندها السفن المتجولة في البحر المتوسط والتي تربط بين سواحله المختلفة.
وظهرت الحضارة الاغريقية في بلاد اليونان القديمة، ويعتقد ان بداياتها كانت حضارة منوى في جزيرة كريت وذلك خلال الفترة الممتدة بين عام 3000 -2100 ق. م، وينسب اسم الحضارة الى الملك الأسطوري مينوس (1).
وبدأت الحضارة الاغريقية في شكل دولة المدينة والتي كان أهمها واشهرها طيبة، أثينا، ارجوس، ايجينه، ميليثوس، ايبزوس، تساليا، ليديا, ومرد ظهور دول المدن بهذا الشكل الطبيعة الجغرافية لبلاد اليونان والتي تتمثل في ضعف الموارد الطبيعية وتناثر النطاقات السهلية التي تتميز بخصوبة تربتها وانفصالها عن بعضها البعض بواسطة السلاسل الجبلية والنطاقات الهضبية عالية المنسوب، الا انه بعد تجميع هذه الدويلات في التكتل او التحالف الذي عرف بالحلف الهيليني امتد نفوذ الإمبراطورية الاغريقية بعد ذلك وخاصة خلال القرن الثامن قبل الميلاد، وبلغ اتساع امبراطورية الاغريق أقصاه بين عامي 750-550 ق. م
وبدأ يسطع نجم روما عاصمة الدولة الرومانية عام 225 ق.م حتى بلغت الحضارة الرومانية اقصى امتداد لها عام 117 م حين بسطت نفوذها على كل سواحل البحر المتوسط الذي اصبح بحيرة رومانية، بالإضافة الى كل أقاليم جنوبي اوربا وشرقها ونطاقات واسعة من غربها حتى انها اشتملت على أقاليم واسعة من بريطانيا، بالإضافة الى فرنسا وبلجيكا وهولندا الحالية، وسويسرا والنمسا من وسط القارة.
واستمرت الإمبراطورية الرومانية حتى القرن الخامس الميلادي حين تحطمت بتأثير غزوات البرابرة (2) القادمون من النطاقات الواقعة الى الشرق من نهر الراين ومن السهوب الشرقية لقارة اوربا, وتوحد الفرنك في عهد شارل مارتيل (641-788م) (3) وتكونت المملكة الفرنكية التي تلاها من حيث القيمة الحضارية انشاء شارلمان عام 800 للامبراطورية الرومانية المقدسة في جنوبي القارة الاوربية.
وفي شمال اوربا - وبالتحديد في جنوبي كل من السويد والنرويج والسواحل الغربية للاخيرة، بالإضافة الى الدنمارك- ظهرت جماعات الاسكندنافيون الوثنية التي عرفتها الشعوب الاوربية باسم الفايكنج، وبدأت منذ أواخر القرن الثامن الميلادي في الاغراة على الأقاليم المجاورة والقريبة من اوطانهم، واشتملت النطاقات التي كان لهم نشاط تجاري معها على أقاليم شرقي وغربي وجنوبي اوربا، وتجاوز نشاطهم موجات الاغارة والتجارة الى الاستيطان في بعض الأقاليم وخاصة الجزر البريطانية وبعض جهات فرنسا (نورماندي على وجه الخصوص).
بالإضافة الى دورهم في كشف أقاليم عديدة خارج اوربا مثل جرينلاند والسواحل الشمالية الشرقية من قارة أمريكا الانجلوسكسونية وخاصة جزيرة نيوفوندلاند ومنطقة مصب نهر السانت لوانس، وقد تركت أنشطة الفايكنج المتعددة اثارها ومعالمها في التاريخ والحضارة الاوربية شأنها في ذلك شأن العرب المسلمين الذين استقروا في شبه جزيرة ايبيريا واسسوا الدولة الإسلامية في الاندلس.
ومر التواجد العربي المسلم في الاندلس بمرحلتين الأولى منهما استغرقت نحو 42سنة الممتدة بين عامي 756،714ميلادية وتم خلالها فتح الإقليم الأوربي وضمه الى الولايات الإسلامية التابعة للدولة العباسية, وفي المرحلة الثانية ظهر الأمور عبد الرحمن الداخل على الساحة عام 756م ونجح في الاستقلال بالاندلس وسلخها من الخلافة العباسية وترسيخ ملامح الشخصية الحضارية للاندلس خلال فترة امارته التي دامت نحو ثلاث وثلاثين عاما (حتى عام 788م) وبلغ امتداد الدولة الإسلامية في جنوب غربي اوربا بالاندلس اقضاه عام 1037م حين اشتمل على معظم شبه جزيرة ايبيريا-باستثناء نطاقاتها الجبلية في اقصى الشمال-بالإضافة الى جزر البليار.
وبدأ نفوذ الحضارة الإسلامية بالاندلس في التراجع مع منتصف القرن الحادي عشر حين بدأت حروب الاسبان الصليبية التي انتهت عام 1492بسقوط غرناطة اخر معاقل العرب المسلمين باوربا، ومع ذلك ظلت مؤثرات الحضارة الإسلامية ظاهرة شامخة عل كل مظاهر الحياة بما فيها المدن (4) والابنية المختلفة وخاصة المساجد والحصون حتى اليوم في شبه جزيرة ايبيريا لتؤكد مع تأثر اللغة الاسبانية على وجه الخصوص بالمفردات والكلمات العربية رسوخ وقوة المؤثرات الحضارية العربية والإسلامية على هذا الجزء من قارة اوربا.
وشهدت اوربا في أواخر القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر حقبة تعد من اكثر حقت تاريخ القارة تأثيرا في ثقلها الاقتصادي وقوتها السياسية والحضارية على مستوى العالم حين بدأت حركة الكشوف الجغرافية بمغرفة اسبانيا والبرتغال في البداية ثم تلتها بريطانيا وفرنسا وهولندا، وكلها دول اوربية كانت تمتلك اساطيل بحرية قوية آنذاك ونجحت في اكتشاف كل من رأس الرجاء الصالح عام 1488، والطرق البحرية العابرة للمحيط الأطلسي والوصول الى الساحل الشرقي للعالم الجديد عام 1492، ومضيق ماجلان عام 1519 وبالتالي الوصول الى أقاليم واسعة في كل من الامريكيتين وافريقيا والاوقيانوسية وضمها الى الممالك الاوربية.
ورغم اختلاف الباحثين في تحديد دوافع حركة الكشوف الجغرافية الاوربية الا انه من المؤكد ان تنامي القوى البحرية الاوربية وتطور صناعة بناء السفن والتوسع في استخدام البوصلة البحرية في الملاحة (5) كانت كلها عوامل شجعت على تحقيق اهل اوربا للعديد من رغباتهم الكامنة والتي منها حب التملك والسيطرة ونشر الدين المسيحي، ومحاربة العرب والسعي الى قطع او السيطرة على طرق التجارة العربية وخاصة مع الشرق الاسيوي والتي شارك اهل البندقية وجنوة في التحكم فيها وادارتها.
واسهمت الكشوف الجغرافية الاوربية في تحول مركز النشاط التجاري الأوربي من البحر المتوسط في جنوبي القارة الى ساحل المحيط الأطلسي في غربي القارة لذلك جنت دول الغرب مثل بريطانيا وهولندا وفرنسا وبلجيكا ثمار هذا التحول في وقت اتسعت فيه أسواق اوربا وتزايدت الحاجة الى العديد من السلع والمنتجات وخاصة مع تزايد اعداد سكان القارة الذين بلغوا على سبيل المثال نحو مائة مليون نسمة عام 1600بعد ان كانوا يتراوحون بين 60،50مليون نسمة عام 1450.
وشهدت الزراعة في اوربا تطورا وازدهار متدرجا خلال الفترة الممتدة بين عامي 1500،1700، وهي الفترة التي شهدت نهضة اوربية شاملة في معظم المجالات وكان أساسها تزايد المعارف، وتعدد الابتكارات، والاستفادة من المكاسب المادية الناتجة عن استغلال كل من الموارد الطبيعية والبشرية في أقاليم العالم التي خضعت للاستعمار الأوربي.
وتعد اوربا هي موطن الثورة الصناعية التي بدأت في بريطانيا خلال النصف الثاني من القرن الثمن عشر، ثم انتشرت في القارة كنتيجة للعديد من العوامل التي يأتي في مقدمتها تزايد السكان ونمو الزراعة وتطو الاقتصاد والتجارة، بالإضافة الى اكتشاف قوة البخار واستخدامها في تشغيل الآلات والتي أحدثت ثورة اقتصادية وعمرانية على خريطة قارة اوربا التي شهدت تغييرات جذرية نتيجة لاتساع دائرة شبكات الطرق وتعدد وسائل النقل وخاصة السكك الحديدية ووحدات الملاحة البحرية والنهرية (6) والتوسع في استغلال حقول الفحم ومناجم الحديد وظهور المجتمعات الصناعية مما اسهم في تزايد الثروات على المستويين الفردي والقومي وهو ما ساعد بدوره على تزايد الثقل الاقتصادي والحضاري للقارة الاوربية التي تحركت استثماراتها وبالتالي نفوذ دولها صوب العديد من الأقاليم خارج القارة وخاصة في قارات اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية بل وحتى أمريكا الانجلوسكسونية واستراليشيا مما أدى الى اتساع دائرة تأثير القارة الاوربية على العالم المعاصر رغم الضالة النسبية لمساحتها بالصورة السابقة الإشارة الى اهم ملامحها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد خميس الزوكه، جزيرة كريت (اقريطش) ملامحها الجغرافية ودورها في الحضارة الإسلامية، مجلة كلية الاداب، جامعة الإسكندرية، العدد السادس والاربعون، العام الجامعي 96/1997، ص212.
(2) البرابرة تعبير اطلقه الرومان على الجماعات التي لم تكن خاضعة للامبراطورية الرومانية والتي تألفت من الشعوب الجيرمانية القبلية التي ضمت الساكسون، الفرنك، البوجون، السواف، القوط الشرقيون والغربيون، الفاندال، الالان.
(3) جد الملك شارلمان.
(4) شيد المسلمون العديد من المدن في شبه جزيرة ايبيريا منها مرسيه عام 850م المرية عام 955م بالإضافة الى قرطبة التي بلغت شأنا كبيرا منذ النصف الأول من القرن العاشر الميلادي شأنها في ذلك شأن مدينتي بغداد والقسطنطينية.
(5) تعلم الاوربيون استخدام البوصلة في الملاحة البحرية من العرب خلال الحملة الصليبية الثانية (1147-1149م).
(6) اسهم التوسع في استخدام وسائل النقل بالسكك الحديدية والنقل البحري والنهري في سهولة نقل السلع والمنتجات كبيرة الحجم عبر المسافات الطويلة وبتكلفة معقولة مما أدى بدوره الى اتساع دائرة الأقاليم التي استفادت من الرواج والازدهار الاقتصادي الذي ساد قارة اوربا.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|