أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-09-2014
2287
التاريخ: 5-11-2014
6573
التاريخ: 19-09-2014
2349
التاريخ: 5-11-2014
1643
|
أن يؤتى بلفظ يَحتمل معنيين أو معاني ، فيراد به أحد معانيه ، ثمّ يتعقّب بما يفهم منه إرادة معناه الآخر ، مجازاً أو حقيقةً بالاشتراك ، أعمّ منه أو أخصّ أو مباين .
وهي طريقة في البيان أشبه بالتورية ، قلّ مَن يستطيع سلوكها بسلام وتجنّب لأخطارها ، من الوقوع في الكذب أو التشويش على السامع ، بإجمال أو إبهام في كلام .
لكنّه فنّ بديع وأُسلوب رقيق ، إن دلّ فإنّما يدلّ على سلطة في البيان ، ويكون آخذاً وثيقاً بأعنّة الكلام يوجّهه حيثما شاء ، لا يخاف دركاً ولا يخشى ، وقد استعمله القرآن بسهولة ويسر وسلامته عن الخلل والفساد ، الأمر الذي لا يوجد نظيره في سائر الكلام .
من ذلك قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا } [النساء : 43] .
فالصلاة مراد بها أَوّلاً معناها المعهود ، لكنّه في قوله : { وَلا جُنُباً إِلاّ عَابِرِي سَبِيلٍ } أُريد موضعها وهو المسجد ، حيث كانت المتعارف إيقاع الصلاة فيه ذلك العهد .
ومثّل له ابن أبي الإصبع بقوله تعالى : {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد : 38، 39] .
فالكتاب في ( لِكُلّ أَجَلٍ كِتَابٌ ) يحتمل معنيين : الأمد المحدود لا يتغيّر ولا يتبدّل ، كقوله تعالى : {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة : 235] أي أمده المقرّر شرعاً وهو تمام العدّة ، والمعنى الآخر : هو الكتاب بمعنى المكتوب المكنون ، كقوله تعالى : {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة : 78].
قال : وقد توسطت لفظة ( كتاب ) بين قوله : {لكلِّ أَجل} مراداً به الأمد المحدود ، وبين قوله : { يَمحُو ... ويُثبت } مراداً به الكتاب المكنون ... فيكون تقدير الكلام : لكل حدّ مؤقت مكتوب يمحي ويثبت (1) .
وخلاصة المعنى : إنّ الآجال مقدّرة محدودة ومثبّتة في كتابٍ عند الله ، وكل أُمّة إنّما تقضي أجلها ، وهو لا يتغيّر ولا يتبدّل عمّا أثبته الله في الكتاب ، نعم هذا لا يعني أنّ الأُمور خُتمت على ما ثبتت أَوّلاً ، وإنّما أَزِمّة الأمور بيده تعالى ، يمحو منها ما يشاء ويثبت حسب علمه تعالى بمصالح العباد .
ومنه قوله تعالى : {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة : 228] .
فالمراد بالمطلّقات أَوّلاً المدخول بهنّ مِن المتزوجات ، سواء كان الطلاق خُلعياً بائناً ليس للزوج حقّ الرجوع ، أم رجعياً له الحق ؛ لأنّ الاعتداد واجبٌ على كلا التقديرين .
وأمّا الضمير في ( بعولتهنّ ) فيعود على الرجعيّات مِن المطلّقات ، ليس العموم .
قال الطبرسي : وهذا يختصّ بالرجعيّات ، وإن كان أَوّل الآية عاماً في جميع المطلّقات الرجعية والبائنة (2) .
وقوله تعالى : {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} [فاطر : 32، 33] .
قوله : ( أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ ) أي علمه .
قوله : { اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } الإضافة ليست تشريفية ، كما في قوله : {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ} [الإسراء : 5] مراداً به بخت نصّر العاتي وجنوده العتاة .
قوله : ( فمنهم .... ) الضمير يعود على المصطفين ... لأنّ الأُمّة التي ورثت الكتاب هي الأُمّة المفضّلة ، كما في قوله : {وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} [غافر : 53].
قوله : ( ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) ، إشارة إلى إيراث الكتاب للمصطفين ، فإنّه من فضله تعالى ولطفه بعباده .
قوله : ( جنّات عدن ) بيان للفضل ، على طريقة الاستخدام ؛ وذلك لأنّ الفضل من الله كان السبب الباعث لإيراث الكتاب والاصطفاء ، فكانت نتيجته الحاصلة هي دخول جنات عدن ، فكان فضله تعالى أن أورث عباده الكتاب والحكمة ، وأدخلهم الجنة بسببه رحمةً ولطفاً ، وكان كلا الأمرين فضلاً كبيراً .
وقوله : {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ} [البقرة : 31].
قوله : ( الأسماء كلّها ) مراداً به حقائق الموجودات كلّها على سبيل العموم .
وقوله : ( ثمّ عَرَضهم ... الخ ) مراداً صفوة الخلق من ذوي العقول الراجحة ـ على طريقة الاستخدام ـ كما ورد في التفسير .
وقيل : إنّه من باب التغليب كما في قوله : {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} [النور : 45] .
________________
(1) بديع القرآن : ص104 .
(2) مجمع البيان : ج2 ص327 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|