المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8127 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



ما هي القاعدة الفقهية ؟  
  
1939   10:11 صباحاً   التاريخ: 21-9-2016
المؤلف : السيد محمّد كاظم المصطفوي
الكتاب أو المصدر : مائة قاعدة فقهية
الجزء والصفحة : ص9 - 17.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / مقالات حول القواعد الفقهية /

القاعدة بحسب الاصطلاح الفقهي عبارة عن الأصل الكلّي الذي ثبت من أدلّته الشرعيّة و ينطبق بنفسه على مصاديقه انطباق الكليّ الطبيعيّ على مصاديقه، كقاعدة الطهارة مثلا فإن هذه القاعدة تنطبق على كلّ مورد شكّ في طهارته (المصاديق) و بما أنّ التطبيق على المصداق (الشكّ في طهارة شي‌ء خاص) يكون جزئيا كانت نتيجة القاعدة الفقهيّة جزئية بخلاف المسائل الأصوليّة فإنّها تقع واسطة لاستنباط الأحكام الكلّية الفرعيّة، كاستنباط الوجوب للصلاة بواسطة دلالة الأمر (أقيموا) على الوجوب.

والذي يهمّنا هنا هو بيان الفرق بين القواعد الفقهيّة و الأصول اللفظيّة و العمليّة و من الجدير بالذكر ما أفاده سيّدنا الأستاذ حول الفرق بين المسألتين و هو على ما يلي:

الركيزة الاولى: (في المسألة الأصولية) أن تكون استفادة الأحكام الشرعيّة الإلهيّة من المسألة من باب الاستنباط و التوسيط لا من باب التطبيق (أي تطبيق مضامينها بنفسها على مصاديقها) كتطبيق الطبيعي على افراده.

والنكتة في اعتبار ذلك في تعريف على الأصول ما هي الاحتراز عن القواعد الفقهيّة فإنّها قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعيّة الإلهيّة، و لا يكون‌ ذلك من باب الاستنباط و التوسيط بل من باب التطبيق، و بذلك خرجت عن التعريف.

ولكن ربما يورد عليه بانّ اعتبار ذلك يستلزم خروج عدّة من المباحث الأصوليّة المهمة عن علم الأصول، كمباحث الأصول العمليّة الشرعيّة و العقليّة، و الظن الانسدادي بناء على الحكومة، فإنّ الأولى منها لا تقع في طريق استنباط الحكم الشرعيّ الكلّي، لأن إعمالها في مواردها إنّما هو من باب تطبيق مضامينها على مصاديقها لا من باب استنباط الأحكام الشرعيّة منها و توسيطها لإثباتها.

والأخيرتين منها لا تنتهيان إلى حكم شرعي أصلا لا واقعا و لا ظاهرا.

وبتعبير آخر: أنّ الأمر في المقام يدور بين المحذورين: فان هذا الشرط على تقدير اعتباره في التعريف، يستلزم خروج هذه المسائل عن مسائل هذا العلم، فلا يكون جامعا، و على تقدير عدم اعتباره فيه يستلزم دخول القواعد الفقهيّة فيها فلا يكون مانعا. فإذا لا بدّ من أن نلتزم بأحد هذين المحذورين: فإمّا أن نلتزم اعتبار هذا الشرط لتكون نتيجته خروج هذه المسائل عن كونها أصوليّة، أو نلتزم بعدم اعتباره لتكون نتيجته دخول القواعد الفقهيّة في التعريف، و لا مناص من أحدهما.

والتحقيق في الجواب عنه هو: أن هذا الإشكال مبتن على أن يكون المراد بالاستنباط المأخوذ ركنا في التعريف الإثبات الحقيقي بعلم أو علمي، إذ على هذا لا يمكن التفصي عن هذا الإشكال أصلا، و لكنه ليس بمراد منه، بل المراد به معنى جامع بينه و بين غيره، و هو الإثبات الجامع بين أن يكون وجدانيا أو شرعيّا أو تنجيزيّا أو تعذيريّا ، و عليه فالمسائل المذكورة تقع في طريق الاستنباط، لأنّها تثبت التنجيز مرّة والتعذير مرّة أخرى، فيصدق عليها حينئذ التعريف لتوفر هذا الشرط فيها، و لا يلزم- إذا- محذور دخول القواعد الفقهيّة فيه.

نعم، يرد هذا الإشكال على التعريف المشهور وهو: (العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة الفرعيّة) فإنّ ظاهرهم أنّهم أرادوا بالاستنباط، الإثبات الحقيقي، و عليه فالإشكال وارد، ولا مجال للتفصي عنه...

ولو كان مرادهم المعنى الجامع الذي ذكرناه، فلا واقع له أصلا ... وعلى ضوء هذا البيان، ظهر الفرق بين المسائل الأصولية و القواعد الفقهيّة، فإنّ الأحكام المستفادة من القواعد الفقهيّة، سواء كانت مختصّة بالشبهات الموضوعيّة كقاعدة الفراغ و اليد و الحلية و نحوها، أم كانت تعمّ الشبهات الحكميّة أيضا كقاعدتي لا ضرر و لا حرج بناء على جريانهما في موارد الضرر أو الحرج النوعي، و قاعدتي ما يضمن و ما لا يضمن و غيرها، إنما هي من باب تطبيق مضامينها بأنفسها على مصاديقها، لا من باب الاستنباط و التوسيط، مع أن نتيجتها في الشبهات الموضوعيّة نتيجة شخصيّة، هذا و الصحيح أنّه لا شي‌ء من القواعد الفقهيّة تجري في الشبهات الحكمية، فإنّ قاعدتي نفي الضرر و الحرج لا تجريان في موارد الضرر أو الحرج النوعيّ، و قاعدة ما يضمن أساسها ثبوت الضمان باليد مع عدم إلغاء المالك لاحترام ماله، فالقواعد الفقهيّة نتائجها أحكام شخصيّة لا محالة، و على كل حال فالنتيجة هي أنّ القواعد الفقهيّة من حيث عدم توفر هذا الشرط فيها غير داخلة في المسائل الأصوليّة.

وعلى هذا الأساس ينبغي لك أن تميّز كلّ مسألة ترد عليك أنّها مسألة أصوليّة أو قاعدة فقهيّة «1».

قال المحقق النائيني بيانا للفرق بين المسألتين، بأن المسألة الأصوليّة تختص للمجتهد و أما: المسألة الفقهيّة لا بد و أن تكون بحيث يلقى نتيجتها بنفسها الى المكلفين و يوكل التطبيق الى نظرهم «2».

هناك شبهة حول الفرق بين القاعدة و بين البراءة و الاحتياط الشرعيين كما قال سيدنا الأستاذ:

أمّا الشبهة: فهي توهّم أنّ مسألتي البراءة و الاحتياط الشرعيين، خارجتان عن تعريف علم الأصول، لعدم توفر الشرط المتقدم فيهما، إذ الحكم المستفاد منهما في مواردهما إنما هو من باب التطبيق لا من باب الاستنباط.

وأما الدفع: لو سلمنا عمليّة التطبيق فيهما فلا نسلم أنّهما خارجتان من مسائل هذا العلم و ذلك لأنّهما واجدتان لخصوصية بها امتازتا عن القواعد الفقهيّة، و هي كونهما بما ينتهي إليه أمر المجتهد في مقام الإفتاء بعد اليأس عن الظفر بالدليل الاجتهادي كإطلاق أو عموم، و هذا بخلاف تلك القواعد فإنّها ليست واجدة لها، بل هي في الحقيقة أحكام كليّة إلهيّة استنبطت من أدلّتها لمتعلّقاتها و موضوعاتها، تنطبق على مواردها بلا أخذ خصوصية فيها أصلا كاليأس عن الظفر بالدليل الاجتهادي و نحوه، فهما بتلك الخصوصية امتازتا عن القواعد الفقهيّة، و لأجلها دونتا في علم الأصول و عدتا من مسائله «3».

وبذلك تبيّن لنا بكلّ وضوح الفرق بين القاعدة و العقليين منهما. أضف الى ذلك عدم تحقق الحكم هناك من الأساس كما قال سيدنا الأستاذ اما الأصول العقليّة فلا تنتهي: إلى حكم شرعي أصلا لا واقعا و لا ظاهرا «4».

وامّا الفرق بين القاعدة و الاستصحاب فالتحقيق أنّها قد تنطبق على الاستصحاب و قد تختلف كما قال سيّدنا الأستاذ في أنّ البحث عن الاستصحاب هل يكون بحثا عن مسألة أصوليّة أو فقهيّة؟ فيقول: أمّا على القول باختصاص حجيّة الاستصحاب بالشبهات الموضوعية و عدم حجيّته في الأحكام الكليّة الإلهيّة كما هو المختار، فالبحث عنه يرجع إلى البحث عن قاعدة فقهيّة مستفادة من الأخبار فيكون الاستصحاب من القواعد الفقهيّة كقاعدة الطهارة و قاعدة التجاوز، و يعتبر فيه حينئذ اليقين السابق والشكّ اللاحق من المقلد، و لا يكفي‌ تحققهما من المجتهد بالنسبة إلى تكليف المقلّد، فلو كان المقلّد متيقنا بالطهارة من الحدث وشكّ في الحدث فرجع إلى المجتهد، فلا بدّ له من الإفتاء بإبقاء الطهارة عملا و إن كان المجتهد متيقنا بكونه محدثا.

نعم، اليقين و الشك من المجتهد إنّما يعتبران في جريان الاستصحاب بالنسبة إلى تكليف نفسه لا بالنسبة إلى المقلّد، و كذا جميع القواعد الفقهيّة كقاعدة الفراغ من الصلاة في ما إذا شكّ في نقصان ركن من أركان صلاته، فيفتي له المجتهد بالصحة لأجل الفراغ و إن كان هو عالما بنقصان ركن من أركان صلاته، و لا يقبل قوله بنقصان الركن إلّا من باب الشهادة إذا اعتبرنا شهادة العدل الواحد في أمثال هذه المقامات، و أمّا على القول بحجيّته في الأحكام الكلّية أيضا بأن يقال الشكّ المأخوذ في الاستصحاب شامل لما كان منشأه عدم وصول البيان من قبل الشارع، أو الأمر الخارجية، و يشمل الصورتين دليل واحد، كما مرّ نظيره في شمول حديث الرفع للشبهات الحكميّة و الموضوعيّة، لكون المراد منه كلّ حكم مجهول سواء كان منشأ الجهل عدم تماميّة البيان من قبل الشارع كإجمال النص، أو الأمور الخارجي.

ولا يلزم استعمال اللفظ في المعنيين فيكون الاستصحاب حينئذ ذا جهتين:

فمن جهة كونه حجّة في الأحكام الكلّية يكون البحث عنه بحثا عن مسألة أصوليّة، لما ذكرناه في أوّل هذه الدورة من أنّ الميزان في المسألة الأصوليّة إمكان وقوع النتيجة في طريق استنباط الأحكام الشرعيّة بلا احتياج إلى مسألة أخرى:

أي أنّ المسألة الأصوليّة ما يمكن أن تقع نتيجتها في كبرى القياس الذي ينتج نفس الحكم بلا احتياج إلى شي‌ء آخر، و حينئذ يعتبر فيه اليقين السابق و الشكّ اللاحق من المجتهد كما في سائر القواعد الأصوليّة، فبعد تحقّق اليقين السابق و الشكّ اللاحق من المجتهد بالنسبة إلى حكم شرعيّ كلّي كنجاسة الماء المتمّم كرّا و حرمة وطء الحائض بعد انقطاع الدم و قبل الاغتسال، يستصحب هذا الحكم الكلّي‌ و يفتي بنجاسة الماء و حرمة وطء الحائض. و يجب على المقلّد اتباعه من باب رجوع الجاهل إلى العالم.

ومن جهة كونه حجّة في الأحكام الجزئية و الموضوعات الخارجيّة يكون البحث عنه بحثا عن مسألة فقهيّة، كما ذكرناه سابقا، ولا مانع من اجتماع الجهتين فيه، فإنه يثبت كونه قاعدة أصوليّة و قاعدة فقهيّة بدليل واحد و هو قوله عليه السّلام: «لا تنقض اليقين بالشك» فإن إطلاقه شامل لليقين و الشكّ المتعلقين بالأحكام الكلّية، و اليقين و الشكّ المتعلقين بالأحكام الجزئيّة أو الموضوعات الخارجيّة كما مرّ نظيره في بحث حجيّة الخبر الواحد بناء على حجيّة الخبر في الموضوعات أيضا.

فإن إطلاق دليل الحجيّة يشمل ما لو تعلق الخبر بالأحكام و ما لو تعلق بالموضوعات، فبدليل واحد يثبت كونها قاعدة أصوليّة وقاعدة فقهيّة، و لا مانع منه أصلا «5».

والمتحصّل ممّا أسلفناه هو أنّ الفرق بين القاعدة الفقهيّة و المسائل الأصوليّة (الحجج و الأمارات) يتواجد في مراحل ثلاث:

1- المرحلة النظرية: أنّ الأصول العلميّة التي تعبّر عنها بأصول الاستنباط تكون محورة الأنظار للمجتهدين فحسب، و لا حظّ لغير المجتهد منها. و امّا القواعد الفقهيّة تكون في معرض استفادة العوام المقلّدين أيضا كما مرّ بنا ما أفاده المحقق النائيني.

2- المرحلة العمليّة: إنّ الدّور العملي للأصول هو التوسيط في استنباط الأحكام الشرعية. و دور القاعدة هو تطبيق القانون الكلّي في الموارد الجزئيّة كما مثّلنا لهما في بداية البحث.

3- مرحلة الاستنتاج: فإنّ نتيجة الأصول تكون أحكاما كلّية، و نتيجة القواعد تكون أحكاما جزئيّة.

إلى هنا تمّ الفرق بين القاعدة الفقهيّة و الأصول الاستنباطيّة و أمّا الفرق بينها و بين الأصول العمليّة فقد مرّ بنا بيان الفرق بين القاعدة و الاستصحاب على ما افاده سيدنا الأستاذ، و لا مبرّر للتكرار.

وكذلك تبين ممّا أسلفناه تواجد الميّز بين القاعدة و بين البراءة و الاحتياط بأنّ الافتراق هناك انما يكون بحسب مكانتهما العلميّة.

ويمكننا أن نحاول في نهاية المطاف فرقا مبدئيّا بين القاعدة و الأصول العمليّة الشرعيّة (البراءة و الاحتياط) وهو: أنّ مؤدّى القواعد يكون أحكاما واقعيّة، وأدلّة اعتبارها تكون الأدلّة الاجتهاديّة.

بينما يكون مؤدّى الأصول العمليّة الشرعيّة أحكاما ظاهريّة، وأدلّتها تكون الأدلّة الفقاهتية.

وقد يشكل بأن مؤدّى قسم من القواعد كقاعدة: لا تعاد، و ما شاكلها يكون حكما واقعيّا و أما القسم الآخر منها كقاعدة الطهارة وما شاكلها مجعولة عند تواجد الشك و التردد بالنسبة إلى الحكم الواقعيّ، فيكون مؤدّاها حكما ظاهريّا.

ويردّ هذا الإشكال بأن مؤدّى قاعدة الطهارة و ما يماثلها يكون حكما واقعيّا تنزيليّا. كما قال المحقق صاحب الكفاية رحمه اللّٰه: والتحقيق: أن ما كان منه (الأمر الظاهري) يجري في تنقيح ما هو موضوع التكليف، و تحقيق متعلقة، و كان بلسان تحقق ما هو شرطه أو شطره، كقاعدة الطهارة أو الحلّية بالنسبة إلى كلّما اشترط بالطهارة أو الحلّية يجزي، فان دليله يكون حاكما على دليل الاشتراط، و مبيّنا لدائرة الشرط، و أنّه أعم من الطهارة الواقعيّة و الظاهريّة «6» فعلى ضوء ذلك البيان كان مؤدّى قاعدة الطهارة توسعة دائرة الشرطيّة الى أن تشمل الطهارة الواقعيّة و التنزيليّة. و عليه لا يكون مؤدّاها حكما ظاهريا مجعولا عند الحيرة العمليّة.

________________

(1) محاضرات: ج 1 ص 13.

(2) أجود التقريرات: ج 2 ص 211.

(3) محاضرات: ج 1 ص 13.

(4) نفس المصدر، و عليه فلا يتحقق المجال لبيان الفرق.

(5) مصباح الأصول: ج 3 ص 8.

(6) كفاية الأصول: ج 1 ص 133.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.