أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-24
289
التاريخ: 2024-07-24
335
التاريخ: 16-9-2016
467
التاريخ: 2024-07-24
300
|
ويقع الكلام في هذه القاعدة من جهات:
[جهات البحث] :
الجهة الأولى: فيما ذكر أو يمكن ان يذكر في دليل القاعدة :
وهو وجوه :
الوجه الأول: قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } [البقرة: 194] بتقريب ان اتلاف مال الغير بدون رضاه اعتداء بالنسبة الى ذلك الغير فيجوز الاعتداء على المعتدى عليه بالمثل فتدل الآية دلالة واضحة على ان من اتلف مال الغير فهو له ضامن ونقل هذه المقالة والاستدلال عن الشيخ في المبسوط وعن ابن ادريس في السرائر.
و يرد عليه اولا أن اتلاف مال الغير بدون أذنه اعم من الاعتداء اذ يمكن أن يكون المتلف نائما أو غافلا وأتلف مال الغير ولا يكون في مقام الاعتداء والحال أنّ الضمان لا يتوقف على الإتلاف العدواني بل الإتلاف يوجب الضمان على الإطلاق وثانيا انّ الظاهر من الكلام انّ المولى بصدد بيان الحكم التكليفي وانه يجوز المكافاة بالمثل ولا ترتبط الآية الشريفة بالحكم الوضعي الذي هو محل الكلام ويدل على ما ذكرناه ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قتل رجلا في الحل ثم دخل الحرم فقال لا يقتل ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد قال قلت فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق قال يقام عليه الحد في الحرم لأنه لم ير للحرم حرمة وقد قال اللّه عزّ وجلّ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } فقال هذا هو في الحرم فقال {فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ } [البقرة: 193] «1» فإن المستفاد من الحديث جواز المكافاة بمثل اعتداء الظالم فلا يدل الحديث على الحكم الوضعي بل يدل على الحكم التكليفي كما انه يدل على الجواز بالنسبة الى من يكون ظالما حيث قال عليه السّلام في ذيل الحديث {فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ } وفي النتيجة لا تدل الآية على المدعى.
الوجه الثاني : السيرة العقلائية فإنّها جارية وسارية على الحكم بضمان من يتلف مال الغير بلا رضاه واذنه ولم يردع من قبل الشرع هذه السيرة وذكرنا كرارا ان الشارع ليس له طريق ومسلك خاص بالنسبة الى الأمور الاجتماعية الجارية بين الناس الّا فيما ينبّه عليه ويقيم دليلا على خلاف ما يكون جاريا بين العقلاء.
الوجه الثالث: سيرة المتشرعة بما هم كذلك فأنهم يرون ان الوظيفة الشرعية الضمان ويهتمون بها وارتكازهم مستقر عليه.
الوجه الرابع: الإجماع المدعى في المقام ويرد فيه بان المنقول منه غير حجة والمحصل منه على فرض حصوله محتمل المدرك إن لم يكن مقطوعه.
الوجه الخامس: جملة من الروايات منها ما رواه حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سئل عن رجل تزوج جارية بكرا لم تدرك فلما دخل بها اقتضها فافضاها فقال ان كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنين فلا شيء عليه وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقلّ من ذلك بقليل حين دخل بها فاقتضها فانه قد افسدها وعطّلها على الازواج فعلى الامام أن يغرمه ديتها وان أمسكها ولم يطلقها حتى تموت فلا شيء عليه «2» فان قوله عليه السّلام فإنه قد أفسدها وعطلها على الأزواج بمنزلة علة الحكم وتوطئة له وعموم العلة يقتضي عموم الحكم الّا أن يقال قد عطف قوله عليه السّلام وعطلها على الأزواج على قوله أفسدها فيكون المجموع علة للتغريم فلا يستفاد من الحديث ان مجرد الافساد والاتلاف يوجب الضمان والغرامة.
و منها ما رواه سدير عن أبي جعفر عليه السّلام في الرجل يأتي البهيمة قال يجلد دون الحد ويغرم قيمة البهيمة لصاحبها لأنه افسدها عليه وتذبح وتحرق ان كانت مما يؤكل لحمه وإن كانت مما يركب ظهره غرم قيمتها وجلد دون الحد واخرجها من المدينة التي فعل بها فيها الى بلاد اخرى حيث لا تعرف فيبيعها فيها كيلا يعيّر بها صاحبها «3» فانه عليه السّلام قد علل التغريم بإفساد البهيمة على صاحبها والعلة تعمم الحكم.
لكن الاشكال في السند فان سدير لم يوثق وانما نقل مدحه عن الكشي.
و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن المملوك بين شركاء فيعتق احدهم نصيبه فقال ان ذلك فساد على أصحابه فلا يستطيعون بيعه ولا مؤاجرته فقال يقوّم قيمة فيجعل على الذي اعتقه عقوبة وانما جعل ذلك عليه لما أفسده «4» فان الحكم في كلامه عليه السّلام قد علّل بالإفساد والعلة تعمم.
و منها النصوص الدالة على ان حرمة مال المسلم كحرمة دمه منها ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر وأكل لحمه معصية للّه وحرمة ماله كحرمة دمه «5» ومنها ما رواه أبو ذرّ عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في وصية قال يا أبا ذرّ ايّاك والغيبة فان الغيبة اشدّ من الزنا ... الى أن قال يا أبا ذرّ سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وأكل لحمه من معاصي اللّه وحرمة ماله كحرمة دمه «6» الحديث ومنها ما في دعائم الإسلام قال:
روينا عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السّلام ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم خطب يوم النحر بمنى الى أن قال: ثم قال ايّ يوم اعظم حرمة قالوا:
هذا اليوم يا رسول اللّه الى أن قال: فان حرمة اموالكم عليكم وحرمة دمائكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا الحديث «7».
ومنها ما فيه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه قال في حديث فمن نال من رجل مسلم شيئا من عرض أو مال وجب عليه الاستحلال من ذلك والتنصّل من كل ما كان منه اليه وإن كان قد مات فليتنصّل من المال الى ورثته الى أن قال ثم قال: ولست آخذ بتأويل الوعيد في أموال الناس ولكنّي أرى ان يؤدّى اليهم ان كانت قائمة في يدي من اغتصبها ويتنصّل اليهم منها وان فوّتها المغتصب اعطى العوض منها فان لم يعرف أهلها تصدق بها عنهم على الفقراء والمساكين وتاب الى اللّه عزّ وجلّ مما فعل «8».
ومنها ما عن صاحب الزمان عليه السّلام قال: لا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه «9» بتقريب ان المستفاد من هذه الطائفة ان مال المسلم أو المؤمن محترم كحرمة نفسه فكما ان قتل نفسه يوجبا لضمان ولو مع عدم العمد كذلك يكون اتلاف ماله موجبا للضمان.
الوجه السادس: انه لا اشكال في ضمان من غصب مال الغير مدة أعم من ان ينتفع به أولا كما لو غصب فرس زيد شهرا ولم يركبه فانه لا اشكال في السيرة العقلائية وعند المتشرعة أنّه ضامن للمنفعة الفائتة ولا بدّ من غرامة تلك المنفعة في تلك المدة فاذا كان الأمر في اتلاف المنفعة مع بقاء العين بحالها كذلك فلا وجه للتوقف في الضمان بالنسبة الى المقام.
الوجه السابع: جملة من النصوص الواردة في بعض أبواب موجبات الضمان منها ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له رجل حفر بئرا في غير ملكه فمرّ عليها رجل فوقع فيها فقال عليه الضمان لأنّ كل من حفر في غير ملكه كان عليه الضمان «10» ومنها ما رواه أبو الصباح الكناني قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام من اضرّ بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن «11» ومنها ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يحفر البئر في داره أو في أرضه فقال أما ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان وأما ما حفر في الطريق أو في غير ما يملك فهو ضامن لما يسقط فيه «12» ومنها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:
سألته عن الشيء يوضع على الطريق فتمر الدابة فتعقره بصاحبها فتقره فقال كلّ شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه «13» ومنها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من اخرج ميزابا أو كنيفا أو أوتدا وتدا أو اوثق دابة أو حفر شيئا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن «14» بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص ان تسبيب التلف يوجب الضمان فالمباشر له يكون ضامنا بالأولوية.
الوجه الثامن: ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في شاهد الزور قال: إن كان الشيء قائما بعينه رد على صاحبه وإن لم يكن قائما ضمن بقدر ما اتلف من مال الرجل «15» فان الحديث يدل بوضوح على ضمان المتلف فان المستفاد من الحديث ان الشاهد بشهادته الباطلة ضامن بالمقدار الذي اتلف من مال الغير فيستفاد من الحديث ان الإتلاف موجب للضمان.
الجهة الثانية: ان المراد من المال ما يبذل بازائه الشيء عند العقلاء :
وعليه لا فرق في الضمان بين تعلق الاتلاف بالعين التي لها مالية كما لو كسر صندوقا لزيد وبين تعلق الاتلاف بنفس المالية مع بقاء العين كما لو وضع عينا في مقابل الشمس أو في مكان يوجب وضعه في تلك المكان زوال مالية ذلك المال.
ان قلت الظاهر من عنوان المال العين التي تكون ذات مالية فلا يشمل الدليل ما اذا اتلف المالية مع بقاء العين.
قلت: الظاهر ان العرف بمناسبة الحكم والموضوع يفهم ان الميزان هي المالية مضافا الى أنه لا فرق في سيرة العقلاء بين المقامين كما أن ما ورد في النصوص من عنوان الافساد والتعطيل وما شابهها يشمل اتلاف المالية وحدها فلا وجه للتأمل.
الجهة الثالثة: ان الظاهر من الاتلاف الافناء أي من افنى مال الغير بدون رضاه فله ضامن.
الجهة الرابعة: ان المراد من الضمان اشتغال الذمة بعين التالف ولذا لو رجع التالف الى ما كان أولا لا وجه لضمان المتلف بغيره نعم لو لم يكن رد العين كما هو كذلك عادة تصل النوبة الى الاقرب منه من المثل أو القيمة فلاحظ.
الجهة الخامسة: أنه لو اجتمع السبب والمباشر في اتلاف شيء فهل يكون الضامن السبب أو المباشر أو كليهما أو لا هذا ولا ذلك.
الذي يختلج بالبال في هذه العجالة ان يقال الحق عدم ميزان كلي بل الموارد مختلفة اذ موضوع الضمان كون الاتلاف مستندا اليه فتارة يكون الشخص سببا ولكن يصدق انه اتلف العين كما لو فتح باب القفص وطار الطير أو أكله سبع فإنه يصدق ان الفاتح للباب اتلف الحيوان وقد يكون الاتلاف مستندا الى المباشر كما لو أمر شخص شخصا بإتلاف مال شخص ثالث فان المتلف للمال المباشر للإتلاف بلا اشكال فالميزان هو صدق عنوان الاتلاف الذي يكون موجبا لضمان من يتصدى له ولو فرض الشك في صدق العنوان على ايّهما وتردد الامر بينهما فالظاهر عدم تحقق الضمان لا بالنسبة الى المباشر ولا بالنسبة الى السبب إذ كل واحد يشك في صدق الموضوع عليه والأصل عدمه والعلم الإجمالي في المقام لا أثر له إذ الأمر مردد بين شخصين والتكليف دائر بينهما نظير ما تردد امر المني بين شخصين فان كل واحد ينفي عن نفسه بمقتضى الاستصحاب وفي بعض الفروض لا يكون الاتلاف مستندا الى الشخص كما لو اجّج نارا بلا قصد اتلاف شيء وبحسب التصادف عبر عابر من ذلك المكان وأصابت النار عباءته فتلفت لا يكون المؤجج للنار ضامنا إذ لا يصدق عليه انه اتلف عباءته.
الجهة السادسة: أنه لو أكره أحد زيدا على اتلاف مال بكر فهل يكون زيد ضامنا لبكر أم لا :
الظاهر أنه غير ضامن إذ حديث الرفع كما يرفع الحكم التكليفي يرفع الحكم الوضعي فكما أنه لا يكون حراما تكليفا لا يكون موجبا للضمان.
و الذي يتخلج بالبال أن يقال ان العقلاء يرون المكره بالكسر ضامنا كما ان التناسب يقتضي ذلك وإن شئت فقل ذوق الفقاهة يقتضي هذا الأمر الّا واللّه العالم.
بقي شيء لا بأس بالتعرض له وإن كان خارجا عن محل الكلام وهو أنا قلنا انّ المستفاد من قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } [البقرة: 194] الحكم التكليفي لا الوضعي وعليه يكون المراد أنّ من لم يراع حق الناس واعتدى على غيره يجوز لذلك الغير ان يفعل بالمعتدي بالمثل فلو فرضنا انه ضربه ضربة يجوز للمضروب ان يضرب الضارب ضربة وهكذا وأيضا لو اتلف مالا له يجوز له أن يتلف ماله بالمقدار الذي اتلف عن ماله ولا تنافي بين الجواز المذكور والضمان بواسطة الاتلاف وبعبارة اخرى لا تنافي بين المقامين غاية الامر ان المعتدى عليه لو اتلف هذا المقدار عن المتلف تكون النتيجة التهاتر وأما اذ لم يكافئ يكون المعتدي ضامنا له اللهمّ الّا أن يقال ان العرف يفهم عدم الضمان في هذه الموارد واللّه العالم.
_____________
(1) تفسير البرهان: ج 1 ص 192 الحديث 2.
(2) الوسائل: الباب 45 من أبواب مقدمات النكاح الحديث 9.
(3) الوسائل: الباب 1 من أبواب حد نكاح البهائم الحديث 4.
(4) الوسائل: الباب 18 من أبواب العتق الحديث 1.
(5) الوسائل: الباب 152 من أبواب أحكام العشرة الحديث 12.
(6) نفس المصدر الحديث 9.
(7) مستدرك الوسائل: الباب 1 من أبواب الغصب الحديث 1.
(8) نفس المصدر الحديث 2.
(9) الوسائل: الباب 1 من أبواب الغصب الحديث 4.
(10) الوسائل: الباب 8 من أبواب موجبات الضمان الحديث 1.
(11) نفس المصدر الحديث 2.
(12) نفس المصدر الحديث 3.
(13) الوسائل: الباب 9 من أبواب موجبات الضمان الحديث 1.
(14) الوسائل: الباب 11 من أبواب موجبات الضمان.
(15) الوسائل: الباب 11 من أبواب الشهادات الحديث 2.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|