المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6787 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أنـواع اتـجاهـات المـستهـلك
2024-11-28
المحرر العلمي
2024-11-28
المحرر في الصحافة المتخصصة
2024-11-28
مـراحل تكويـن اتجاهات المـستهـلك
2024-11-28
عوامـل تكويـن اتـجاهات المـستهـلك
2024-11-28
وسـائـل قـيـاس اتـجاهـات المستهلـك
2024-11-28

عدد الأسماء الحسنى
24-10-2014
وفاة الحسن (عليه السلام)
20-10-2015
معنى كلمة حيص‌
10-12-2015
الانفصال عن الماضي
15-1-2023
Weyl Sum
27-5-2018
Ellipsoidal Harmonic of the Second Kind
24-9-2019


السـاميون  
  
1713   07:15 مساءاً   التاريخ: 15-9-2016
المؤلف : الدكتور توفيق سليمان
الكتاب أو المصدر : دراسات في حضارات غرب اسيا القديمة
الجزء والصفحة : ص79-89
القسم : التاريخ / اقوام وادي الرافدين / الساميون /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-9-2016 1793
التاريخ: 27-8-2018 1746
التاريخ: 1159
التاريخ: 15-9-2016 1103

 (الساميون !) والعرب :

تسمية وتساؤلات:

كان الباحث (شلوتسر) (Schlötzer) أول من اقتبس اسم (الساميين) عن التوراة (1) ، واطلقه في عام 1781 على اصل (عبريي) التوراة والشعوب التي تكلمت (لغات) تشبه اللغة  العبرية . وبعد أن فك علماء اللغات (الشرقية القديمة) رموز الكتابات المسمارية وابجديات ما اكتشف حتى الآن من لغات غرب آسية القديمة ، رأوا ان بعض هذه اللغات يعود الى اصل واحد اطلقوا عليه اسم (الأصل السامي !) غير انهم عجزوا حتى الآن عن تحديد القرن الذي استوطنت خلاله اولى القبائل (السامية) المناطق الخصبة في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام . ولا يفيدنا في شيء التحديد الزمني لتسلم (اقدم !) القبائل (السامية) بقيادة الأكاديين الحكم في بلاد ما بين النهرين في مسألة تأريخ (هجرة الساميين الأولى) الى هذه البلاد وانتزاع الحكم فيها من (السومريين) عام 2350 ق . م . ولذلك فإن أمامنا اسئلة تتطلب الاجابة ، وهي اسئلة شبيهة الى حد كبير بنظائرها التي اعترضت بحثنا في اصل السومريين ودورهم الحضاري ومواطنهم الأصلي ، واهمها :

من هم الساميون ؟ واين يقع موطنهم الأصلي ؟ وهل لهذه التسمية جذور تاريخية سليمة ؟ وخلال أي عصر ظهروا في بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين ؟ وما علاقة العبريين التاريخية بـ (الساميين) ؟ وهل كانوا حقا من (الساميين) ؟ .

 (الموطن الأصلي للساميين !) :

الصلة بين (اللغات السامية) و (اللغات الحامية) :

يعتقد نفر كبير من علماء اللغات والآثار الشرقية القديمة ان (الساميين) كانوا قد نزحوا الى الأراضي الخصيبة في بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين من بوادي وصحاري شبه الجزيرة العربية . ولكن هذا الرأي لم يخرج – حتى الآن – عن اطار الظن والتخمين وسيظل كذلك ما دامت التنقيبات الأثرية وأبحاثها لم تصل بعد الى المستوى المطلوب في مناطق اخرى من اقطار غرب آسية وشمال افريقية وخاصة في صحاري وبوادي هذه الاقطار . وعندما يتم ذلك نستطيع ان نكوّن رأيا يصح ان يؤخذ به في تحديد ما يسمى (المواطن الأول للساميين) وهو موطن اشك – مع ذلك – في انه قد وجد حقا ! : لقد برهْن المستشرقون في بحوثهم على وجود صلات وثيقة جدا بين ما يسمى (اللغات السامية) و (اللغات الحامية) (2) ، وأشاروا ايضا الى ان افريقية كانت الموطن الأول لما يسمى بـ (الأصل الحامي) . ولابد لنا هنا ان نستنتج ان صلات قامت بين (الساميين) و (الحاميين !) . ولكن هل شكل الشمال الافريقي هذا الموطن الأول لـ (الساميين) ، ام انه كان احد مواطنهم الأولى ؟ وربما كان الجفاف الذي حل بمناطق صحاري وبوادي الشمال الافريقي قد دفع قسما كبيرا من سكانها الى الهجرة نحو الشرق بحثا عن مناطق خصبة جديدة (3) على ضفاف وادي النيل وفي مناطق غرب آسية . ثم اختلط هؤلاء المهاجرون مع مرور الزمن بسكان المستوطنات الاصليين ، الذين عاشوا في هذه المناطق عبر آلاف السنين .

ولذلك يتعذر علينا ان نحدد منطقة واحدة معينة كموطن اول لـ (الساميين) خاصة اذا علمنا انه لم يعثر – حتى الآن – على اي دليل مادي يمكن اعتماده كبرهان على صحة مثل هذا التحديد (4) .

 خطأ التسميات التقليدية :

اعتاد بعض الباحثين عند تعريفهم لـ (الهجرات السامية) على القول انها موجات بشرية انطلقت من صحارى وبوادي شبه الجزيرة العربية خلال فترات زمنية متعاقبة الى مواقع التربة الخصبة في بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين تحت ضغط ظروف اقتصادية سادت هذه المناطق . وكثيراً ما يستند هؤلاء في تحديدهم زمن هذه الموجات البشرية على أقدم خبر حول ظهور قبائلها من المواطن الجديدة ذات التربة الخصبة وتأسيسها فيها دولا وممالك مزدهر ، وكأن ما من اثر يشير الى وجودها في امكنة اخرى قبل ان تعرف بهذه الاسماء . لذلك لا يجوز ان نفهم هذه التسميات كتعبير عن (الانتماء العرقي) لهذه القبائل عندما هجرت مواطنها (الأصلية) . ومن هنا اختلف (الساميون) عن الشعوب الجبلية والغربية الأخرى التي هاجرت الى هذه المناطق خلال عصور تاريخية معروفة لدينا وعرفت نفسها بأسماء نطالعها في الكتابات التي وصلتنا منها .

وأرى ان هذه القبائل والشعوب ، التي اعتدنا ان نسميها (سامية) ، كانت تستوطن مناطق عديدة من البقاع التي تشكل اليوم (أرض الوطن العربي) وتحركت داخله في شكل هجرات محلية بحثا عن الأراضي الخصبة والمياه الوفيرة . ولم تقتصر هذه الهجرات على سكان البوادي وحسب ، بل شملت ايضا سكان الأراضي الخصيبة نفسها ، عندما كانوا يضطرون لهجرة مواطنهم تحت شدة ضغط قبائل جديدة قادمة اليها سواء من البوادي أو من مناطق حضر اخرى.

ويشير الى صحة هذا الاعتقاد كثرة مستوطنات انسان ما قبل التاريخ في بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين وبعض مناطق شمال افريقية . وبزغ فجر التاريخ باختراع الانسان مبدأ الكتابة التصويرية التي تلتها الكتابة المقطعية المسمارية التي اخترعها (السومريون) و (الأكاديون) في بلاد ما بين النهرين . ثم اعقبتها في الظهور الكتابة الأبجدية على يد الكنعانيين – (الفينيقيين) والآراميين وغيرهم من شعوب وقبائل بلاد الشام . ونخطئ اذا اعتقدنا ان هذه الشعوب والقبائل قد عرفت الكتابات المذكورة بشكلها المتطور قبل ان تستقر في المناطق الخصيبة وتؤسس فيها المستوطنات الزراعية .. اذ لابد أن آلافا من السنين كانت قد انقضت قبل ان تصل هذه الشعوب والقبائل الى المستوى المتطور ، الذي اهلها لصناعة هذا الانجاز .

ولكن من اين وصلتنا (اسماء) هذه الشعوب والقبائل التي تصادفنا في ابحاث المستشرقين ؟ لندع هنا بعض الكتابات القديمة ونصوص التوراة تحدثنا عن ذلك :

لقد اقتبس اسم (الكنعانيين) عن التوراة ، ولكن كتّاب (التوراة) لم يشيروا الى البقاع الأولى ، التي يعتقد ان (الكنعانيين) قطنوها قبل أن يهاجروا الى بلاد الشام ويؤسسوا فيها دويلات وممالك مدن قوية ذات حضارة ومدنية مزدهرتين .

وأخذ اسم (الفينيقيين) بطريق مباشرة عن الكتاب الاغريق الذين اطلقوه منذ منتصف الألف الثاني قبل الميلاد حتى 333/332 ق . م . علما انه لم يوجد حقيقية مثل هذا الشعب . وورد اسم (الآراميين) في التوراة ايضا ، وكان بعضهم بدوا رحلا والبعض الآخر متحضراً أقام ممالك مدن قوية في أواسط بلاد الشام وشمالها . وهاجر بعض قبائلهم الى بلاد ما بين النهرين خلال النصف الأول من الألف الأول قبل الميلاد وشارك بصورة فعالة في تأسيس الدولة (الكلدانية) ، كما وصل بعض طلائعهم الى مصر . ولكننا نعرف (الآراميين) باسم آخر هو (أحلامو) ، الذي ذكرته المصادر الآشورية ، وبذلك يكون اقدم اسم وصلنا لهم حتى الآن . ونعرف عن طريق الكتابات الآشورية ايضاً كلمة (عرْبو) ، التي يعتبرها البعض أقدم مستند لأصل اسم (العرب) . لكن الآشوريين لم يعنوا بهذا الاسم الا بعض القبائل الرحل في بادية الشام ، التي كانت تغير على مؤخرة جيوشهم اثناء انسحابهم من بلاد الشام بعد تأديبها للممالك الثائرة ضد سلطتهم . والأكّاديون اقدم القبائل السامية سموا بذلك نسبة الى عاصمتهم (أكّاد) ، بينما ورد في بعض النصوص الأكّادية ان الملوك الأكّاديين كانوا يسمون شعبهم (ذوي الرؤوس السود) .

ونستدل من ذلك كله على ان هذه (التسميات) ليست الا طريقة لتسهيل البحث في تاريخ هذه (الشعوب والقبائل) وفي حضارتها ايضا ، وبالتالي فإنها لا تحمل اي مفهوم (عرقي) كما يعتقد بعض الباحثين (5) . ورب معترض يسأل هنا ، كيف نستطيع اذن ان نفسر (الهجرة) العربية الاسلامية يناء على هذا التحليل لمفهوم الهجرات او الموجات (السامية) ؟ :

لقد وقع الباحثون في اطار ما يعرف بدراسة (الهجرات أو الموجات السامية) في خطأ عندما اعتبروا عملية الاشعاع العقائدي والحضاري للعرب المسلمين (هجرة) شأنها شأن (هجرات) الشعوب والأقوام الأخرى . لأن معنى (الهجرة) في هذه الحالة وخلال تلك العصور القديمة ، هو عملية نزوح ضخمة لشعب من الشعوب من موطن له الى موطن آخر جديد ، كما فعل ما يسمون بـ (الأكّاديين) و (العمورّيين) ولم يفعل ذلك عرب مكة والمدينة خلال عهد الرسول العربي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) وعهد الخفاء الراشدين من بعده . لذا لا يجوز أن نسمي – من الوجهة العلمية – مراحل انتشار الدعوة العربية الاسلامية عملية (هجرة) الى اقطار غرب آسية الأخرى وشمال افريقية أو (غزوا) لها . وانما كانت عمليات تحرير منظمة شكلت مكة المكرمة ثقلها العقائدي والمدينة المنورة عاصمتها المركزية التشريعية السياسية . لقد وقفت الجماعات البشرية في جميع هذه الاقطار الى جانب محرريها من نير الاستعمارين الفارسي والبيزنطي . ولذلك لم تصلنا خلال عمليات التحرير هذه الا قليلا اخبار ثورة قام بها سكان هذه المناطق ضد العرب المسلمين ، وحتى هذه الحالات القليلة العدد فقد كان مصدرها بعض البؤر البشرية المنغلقة على نفسها . بينما كانت تلك الجماعات البشرية دائما تثور ضد مستعمريها من الفرس والاغريق والرومان والبيزنطيين ، نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر ثورة اهل (بابل) ضد الملك الفارسي (داريوس) وعصيانهم له . وقد اضطر الاسكندر المكدوني الى محاصرة مدينة (صور) البحرية تسعة أشهر ، ولم يتمكن من احتلالها الا بعد معارك طاحنة ، انتهت بتدمير المدينة . وكثيرا ما لاقى الرومان الهزيمة على يد الانباط في غرب آسية وعلى يد (الفينيقيين) في شمال افريقية ، واضطرت جيوشهم الى الانسحاب من سورية وفلسطين وحتى من مصر مراراً تحت ضربات الجيش التدمري . ان السجلات الرومانية مليئة بأخبار هذه الحروب . ويجدر بنا هنا ان نذكر ايضا (موقعة ذي قار) ، التي اعتبرها الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما خالدا من أيام انتصارات العرب ضد الاجنبي المستعمر .

ولكن بالرغم من هذه المقاومة العنيدة الطويلة الأمد ، فإن حملات (التغريق) و (الترويم) و (التفريس) (6) ، لمناطق غرب آسية وشمال افريقية ، كادت تنجح ، وقد اكد المد الاسلامي الذي تدفق من مكة المكرمة والمدينة المنورة ، في القرن السابع للميلاد الوحدة الحضارية لهذه المناطق ، وحماها القران الكريم بتشريعه الجديد وبلغته العربية التي استوعبت بقايا اللهجات (البابلية والآرامية والفينيقية) وغيرها من اللهجات الأخرى الشبيهة . فوجد العرب المسلمون انفسهم بين شعوب وقبائل في اقطار غرب آسية وشمال افريقية تتقارب حضاراتها في اللون والمضمون فيما بينها من جهة وبينها وبين الحضارة العربية الاسلامية من جهة اخرى . ولذلك سرعان ما تبنى سكان شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وبلاد ما بين النهرين ومناطق شمال افريقية الأفكار الجديد للعرب المسلمين وحمت لهجة القرآن الكريم اللغة العربية من الزوال (7- أ) .

بطلان النظرية السامية (7-ب) :

كانت التوراة قد شكلت الدعامة الأولى لانتشار لفظة (الساميين) . وبسبب الصلة القوية بين الدراسات المسيحية واليهودية في اوروبة انكب الباحثون المسيحيون الاوروبيون واليهود على (دراسة) نصوص (التوراة) واكدوا على اهميتها الدينية والتاريخية على حد سواء . واخذ اكثرهم يفسر نصوصها في معظم الأحيان وفقا لنزعاتهم الدينية وآرائهم التاريخية والسياسية الخاصة بهم .

ولسنا هنا في معرض بحث (اساءة) هؤلاء الباحثين في تفسيرهم نصوص التوراة ، ان الذي يهمنا في هذا المجال هو البحث في ما تمخضت عنه هذه الدراسات من ابراز (اهمية) اللغة العبرية ، اذ جعل الباحثون منها (المحك الأول) لما يسمى بـ (علم اللغات السامية المقارن) . ولذلك لابد من التعرض للمسائل المعقدة ، التي لم يكن بمقدور المؤمنين بنظرية (الأصل الواحدة للغات) حلها ، بالرغم من مرور قرنين من الزمن على نشوئها . اذ بدون ايجاد حل لهذه المسائل لا نستطيع ان نحدد هوية الأقوام الأصلية في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وبلاد ما بين النهرين التي تميزت بها عن الشعوب الجبلية خلال العصور القديمة وسنعجز بالتالي عن دراسة تيارات الصراع في غرب آسية القديمة ، وهي تيارات كانت قد حددت الألوان التي تميزت بها حضارات هذه المنطقة ومضامينها الاقتصادية والفكرية والفنية والسياسية خلال آلاف الأعوام التي سبقت فجر الاسلام ,فمنذ ان فك علماء اللغات الشرقية القديمة رموز الكتابات المسمارية ، ومعظم هؤلاء ينظر الى اللغة (الأكّادية) على انها اقدم (اللغات السامية) ، لانهم حددوا تاريخ وثائقها المكتوبة الاولى – كما هو معروف الآن – في حوالي القرن السادس والعشرين قبل الميلاد .

وأما نصوص اللغة (الكنعانية) وجميع (اللغات السامية) الأخرى فإنها تؤرخ عادة في حقب لاحقة للأكّادية ، وخاصة اللغة (العربية) ، التي ترجع اقدم نصوصها التي وصلتنا حتى الآن الى حوالي 450 م . وقد اصبح علماء (اللغات السامية) في حيرة من امرهم ، عندما تأكدوا ان هذه (اللغات) القديمة كانت قد فقدت كثيرا من خصائصها اللغوية ، التي يعتبرونها من اصل (اللغة السامية الأم) ، وفي مقدمتها الأحرف الحلقية ، وان اللغة العربية التي تعود نصوصها التي لدينا الى فترة متأخرة قد بقيت تحتفظ بالكثير من هذه الخصائص الأصلية لـ (اللغة الأم) (8) . ولم تزل هذه المشكلة قائمة بدون حل مقبول لدى جميع الباحثين في هذا المجال. وأرى في هذا الخصوص ، ان الأمر ليس كما يعتقد حتى الآن ، من ان هذه اللغات تعود الى اصل واحد تفرعت عنه عبر العصور حتى وصلتنا مع بداية العصور التاريخية بقواعدها وثرواتها اللفظية المتشابهة فيما بينها والمعروفة لدينا (9) , لقد ذكرنا انه لم يكن هناك موطن محدد واحد لـ (الساميين) ، بل مواطن كثيرة انتشرت في كافة ربوع شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وبلاد ما بين النهرين وبعض مناطق شمال افريقية وشرقها . ويجوز لنا ان نعتبر هذه المواطن بمثابة (بؤر بشرية) نشأت على مر الزمن خلال عصور ما قبل التاريخ ، وكوّنت كل (بؤرة) منها مجتمعا بشريا ومدى اتصالها بمجتمعات ولغات البؤر البشرية الأخرى المجاورة لها . ثم تكونت بعد ذلك مجتمعات ضمت عدة بؤر بشرية في شكل قبائل وشعوب ومنها ما أصبحنا نعرفهم بالأكّاديين والعمورّيين والفينيقيين والعرْبو ... الخ .

وبحكم هذا الجوار المبكر اختلطت لغات هذه المجتمعات بعضها ببعض ، وفقدت بذلك هذه اللغة او تلك جانبا من ثروتها اللفظية امام تسرب مفردات بديلة لها من اللغة او اللغات الأخرى . وظلت هذه التأثيرات المتبادلة قائمة بين اللغات حتى الأخرى . وظلت هذه التأثيرات المتبادلة قائمة بين اللغات حتى ظهرت الكاتبة التي اخذ الناس يحفظون بها تراثهم اللغوي للأحفاد بدلا من اكتفائهم بتناقله شفويا فيما بينهم. ومن خلال التطورات الحضارية في غرب آسية القديمة التي شهدتها القرون الزمنية ما بين 2500 وحوالي 1000 ق. م . ، نستطيع ان نكتشف ثلاثة عوامل رئيسة حددت نتيجة الاختلاطات اللغوية لصالح هذه اللغة او تلك ، وهي :

1- قوة القبيلة صاحبة اللغة وسلطتها السياسية .

2- مستوى تطورها الحضاري .

3- كثرة افرادها واتساع مجالهم الجغرافي .

ولذلك ارى ان ما ورد في (التوراة) واصبح يعرف فيما بعد بـ (نظرية الأصل) يتناقض مع التطور الفكري والمادي للإنسان . وبناء على ذلك يصعب علينا ان نتصور ان (لغة أمّا) واحدة قد شكلت اصل ما اصبح يعرف بـ (اللغات السامية) نسبة الى (سام بن نوح) . وربما رأى البعض ان مشكلة (الأقدمية) بين هذه اللغات تعود ايضا الى الظهور هنا من جديد . ولكننا لا نستطيع ان نقول في هذه الحالة ان احدى هذه اللغات اقدم من الاخرى او انها احدث منها ، الا اذا استطعنا ان نحدد زمن نشوء (بؤرتها البشرية) ومعها ايضا جميع (البؤر البشرية) الأخرى . ثم اختلاطها بهذه (البؤر) واستقلالها عنها .

والملاحظ ايضا ان (الاختلاط) لم يؤد الى اندثار الأضعف من بين اللغات فحسب ، بل ايضا الى احتفاظ اللغة (الأقوى) بعدد كبير من مفردات اللغة المندثرة . ونلاحظ هذه الظاهرة في اللغتين (الأكّادية) و (الكنعانية) عندما اختلطتا بغيرهما من لغات (البؤر البشرية) الأخرى كـ (البؤر السومرية) . ولذلك فقدت اللغة الأكّادية بعض الخصائص الاساسية التي جمعت بينها وبين لغات البؤر الأخرى ، التي كان الأكّاديون على اتصال وثيق بها قبل معرفتهم بالسومريين واتصالهم بهم . ومن بين هذه الخصائص الأساسية ، التي يشير اليها العلماء (الأحرف الحلقية) .

واما اللغة التي اصبحت تعرف بـ (العربية) فقد نشأت من (لغات) بؤر بشرية كثيرة العدد وواسعة الانتشار داخل نطاق جغرافي مترامي الأطراف . ولكن حدوده الطبيعية ذات المسالك الصعبة حالت دون اتصال لغات هذه البؤر بنظيرها الذي كان قائما خلف هذه الحدود . لذلك بقيت اللغة (العربية) تحتفظ بالخصائص الأساسية لما اصبح يعرف في ابحاث المستشرقين بـ (اللغة الأم) ، التي لم توجد الا في (التوراة) (10) .

ونتيجة لذلك فإن اعتمادنا اية لغة من (اللغات السامية) على انها اللغة الأقدم او الأقرب من غيرها الى تلك (اللغة الأم) المفترضة ، ضرب من الخيال ، لأنه لا يستند الى اية اسس مادية اثرية مكتشفة في مناطق غرب آسية او شمال افريقية او في شرقها . ولهذا فإن تأكيد بعض الباحثين على اعتبار اللغة (العبرية) لغة مقارنة وحيدة في اطار ما يسمى بعلم الدراسات السامية ، لا يمكن ان ننظر إليه الا على انه محاولة من قبل هؤلاء للتأكيد على نشوء (القومية العبرية) قبل القوميات الأخرى في مناطق غرب آسية (10 – أ) .

_________________

1) التوراة ، سفر التكوين : الاصحاح العاشر ، 1 ، وانظر ايضا : Schlötzer, A. L. und Eichhom, Von den

Chaldem: In Repertorlum fur blbbische und morgenlandlsche Llteratur, B. 8, S. 161

2) Rössler, O., Verbal au und Verbalflexlon in den semlto-harnltischen sprachen. Vorstudlen zu etner vergleichenden sernlto-hcmitlschen , Grmmatik. In der Zeltschrift der Deutschen Morgenlandlschen Gesellschaft, 1951, s. 460-514.

-) Cahen, M., Essal comparatlv sur le vocabulalr ET la phonetlque du chamlto-semltlque, parts, 1947. (Blbliotheque de l' Ecok Haytes etudes, No. 291).

3) يؤكد علماء الآثار في ابحاثهم التي نشرت حتى الآن حول عصور ما قبل التاريخ في ليبيا مثلا ان صحراءها كانت عامرة بالسكان وتزخر بحضارات مزدهرة يرقى تاريخها الى العصور الحجرية. والأمر الملفت للنظر بهذا الخصوص انتشار النقوش والرسوم الصخرية الملونة والعادية في المناطق الممتدة من العوينات شرقا حتى العوينات الأخرى غربا ومن جبال تيبيستي في الجنوب حتى البحر في الشمال ، راجع حول ذلك : لوت ، هنري : لوحات تسيلي ، (الترجمة العربية) ، مكتبة الفرجاني ، طرابلس – ليبيا . مجلة ليبيا القديمة : في الاعداد الثاني والثالث والرابع والخامس .

4) لقد استند المستشرقون في بحوثهم حول تحديد الموطن الأول لـ (الساميين) على الجانب اللغوي من حضارات شعوب مناطق غرب آسية القديمة . وبالرغم من الصلات القوية التي تربط ما يعرف بـ (اللغات السامية) بعضها ببعض ، فإن هؤلاء الباحثين لم يتفقوا فيما بينهم على ترشيح منطقة يمكن ان تكون قد شكلت هذا (الموطن الأول) وانما سمّت كل فئة منهم منطقة اختلفت عن المنطقة التي اقترحتها الأخرى . وتعددت النظريات حول ذلك لدرجة اصبحت بموجبها كل منطقة في غرب آسية وشمال افريقية وشرقها بل وبعض نواحي اوروبة مرشحة لتكون = هذا (الموطن الأول) (وقد سرد الدكتور جواد علي في الجزء الأول من مؤلفه " المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام " ص 229-254 آراء المستشرقين ونظرياتهم حول " الموطن الأول للساميين " ، ولذلك احيل اليه من يريد المزيد من الاطلاع حول هذه المسألة .ويدلنا هذا الخلاف في الآراء على ان التشابه الذي نلاحظه بين مجموعة من اللغات لا يكفي حسب اعتقادي لتعليل " صحة النظرية السامية " عرقا واصلا ولغة . لان هناك عوامل اخرى ساعدت على نشوء اللغات بدون ان تنتمي هذه بالضرورة الى اصل مشترك واحد .لذلك لابد من القيام بدراسة جدية بعيدة عن اي تعصب لـ (السامية) بحيث ينطلق صاحبها من المعطيات المادية التي توفرت لإنسان المنطقة العربية منذ اقدم العصور وحتى فجر الدعوة الاسلامية . وربما يتوصل في نهاية هذه الدراسة الى ان بؤرا بشرية كثيرة العدد ساهمت كلها في تطوير ما اصبح يعرف بـ (اللغات السامية) ، دون ان تكون هذه اللغات تنتمي بالضرورة الى اصل مشترك واحد . راجع ايضا توفيق سليمان : نقد النظرية السامية 1982 م . دار دمشق للطباعة والنشر والتوزيع – دمشق .

5) لم اشر هنا الى المؤلفات والبحوث التي وضعت حول اسماء هذه القبائل والشعوب ، لأني سأتعرض لذكرها في مواضع مختلفة من هذا الجزء والجزء الثاني من هذه السلسلة .

6) اي جعلها اغريقية او رومانية أو فارسية حضارة ولغة .

7- أ) توفيق سليمان : نقد النظرية السامية ، الجزء الأول ، 1982م ، دار دمشق للطباعة والنشر والتوزيع – دمشق .

7- ب) توفيق سليمان : نقد النظرية السامية ، 1982 ، دار دمشق للطباعة والنشر والتوزيع – دمشق .

8) Handbuch der Orlentalistik, Dritter Band, Abschnitt, I, 1954, S. 8.

9) Bauer u. Leander, Historische Grammatlk der hebralschen Spräche, S. 17.

10) كانت مستوطنات انسان ما قبل التاريخ منتشرة في كافة ربوع مناطق غرب آسية وشمال افريقية انظر بهذا الخصوص : Solyman, T., Introduction, In AAAS, XVI, 2. وقد اكدت الأبحاث في علم ما قبل التاريخ ان تشابها حضارية كان قائما بين مجتمعات البؤر البشرية المتجاورة في مناطقها الجغرافية بسبب سهولة اتصال هذه البؤر بعضها ببعض ، انظر بهذا الشأن : Anatl, Palestine before the Hebreus, 1963. في حين بقيت معزولة ضمن محيطها الجغرافي بسبب صعوبة اختراق الحدود الطبيعية .

10 – أ) توفيق سليمان: نقد النظرية السامية، 1982، دار دمشق للطباعة والنشر التوزيع، دمشق.

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).