أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-9-2016
469
التاريخ: 10-9-2016
624
التاريخ: 10-9-2016
260
التاريخ: 10-9-2016
510
|
وقد عرّف الاجتهاد بنحو التجزّي بأنّه الاقتدار على استنباط بعض الاحكام دون بعض ، وذلك في مقابل الاجتهاد المطلق فإنّ الواجد له يقتدر على استنباط تمام الاحكام على اختلاف أبوابها وتفاوتها من حيث الصعوبة والسهولة وابتناؤها على مقدمات كثيرة أو قليلة.
والبحث عن الاجتهاد بنحو التجزّي يقع في جهتين :
الجهة الاولى في امكانه ، والجهة الثانية في حكم المتجزي :
أما الجهة الاولى : فهي مورد خلاف بين الأعلام حيث ذهب بعضهم الى استحالة التجزي وذهب صاحب الكفاية رحمه الله الى وجوبه عقلا ، وأما المعروف بين الاصوليين فهو الإمكان.
أما القائلون بالاستحالة فاستدلّوا على ذلك بأنّ الاجتهاد ملكة يقتدر بها المجتهد على استنباط الاحكام أمر بسيط غير قابل للتجزئة ، فإمّا ان يكون المكلّف متوفرا عليها فهو حينئذ مجتهد مطلق وإلاّ فليس هو بمجتهد ، ولا برزخ بين الحالتين. وكذا لو كان المراد من الاجتهاد هو الاقتدار الفعلي وانّه ليس من قبيل الملكة ، وانما هو استفراغ الوسع لغرض الوصول للنتيجة الشرعية فإنّه غير قابل للتجزؤ لبساطته.
وأجاب السيد الخوئي رحمه الله عن هذه الدعوى بأن التجزؤ في الاجتهاد يعني التبعيض في أجزاء الكلّي لا أنّه التبعيض في أجزاء الكل ، بمعنى انّ الملكة تنحل الى ملكات بعدد أفراد المسائل فكلّ مسألة يحتاج استنباط حكمها الى ملكة ، لأنّ الملكة أشبه بالكلّي ويكون الاقتدار على كل مسألة من قبيل الجزئي لذلك الكلّي فهو عينا كعلاقة أفراد الانسان بطبيعة الإنسان لا كعلاقة المركب بأجزائه.
فنحن وان كنا نسلّم بأن الملكة أمر بسيط غير قابل للتجزئة إلاّ انّ موضوع هذه الملكة هو كل مسألة مسألة من المسائل الشرعية ، ولهذا قد يكون المكلّف متوفرا على الملكة في مسألة لقلة مقدماتها وسهولة الوصول الى نتيجتها ولا يكون واجدا للملكة في مسألة اخرى لكثرة مقدماتها وصعوبة الوصول الى نتيجتها ، وهذا هو معنى التجزي في الاجتهاد ، وواضح انّ هذا المعنى لا يلزم منه تجزئة الأمر البسيط.
ولا يخفى انّ المراد من واجدية المكلّف للملكة في بعض المسائل معناه التوفّر على تمام ما يتصل بالمسألة وإلاّ لم يكن واجدا لملكة الوصول لنتيجتها ، فمثلا : واجدية المكلّف لملكة الاجتهاد في مسألة حرمة لحم الأرنب معناه التوفّر على مجموعة من المقدمات ، منها انّ له رأيا عن علم بحجيّة خبر الثقة وحجيّة الظهور وان النهي ظاهر في الحرمة وان الرواية معتبرة سندا وانه ليس لها معارض او انّ معارضها ساقط عن الحجيّة أو انّه مرجوح جهة أو مضمونا وهكذا سائر ما يتصل بالمسألة ، ولهذا لا يبعد تداخل المسائل في الجملة من حيث انّ الاقتدار على بعضها اقتدار على البعض الآخر. وبهذا اتّضح مدرك القائلين بإمكان التجزي في الاجتهاد.
وأما ما ادعاه صاحب الكفاية رحمه الله من انّ التجزّي في الاجتهاد ضروري الوقوع قبل الوصول لمرحلة الاجتهاد المطلق فمنشؤه ما ذكره من استحالة الطفرة ، ولذلك لا بدّ وان يمر المجتهد بمرحلة التجزي قبل الوصول لمرحلة الاجتهاد.
وأجاب عنه السيد الخوئي رحمه الله بأن الاجتهاد في كلّ مسألة لا يتصل بالاجتهاد في مسألة اخرى ، وعليه يمكن عقلا ان يتوفر المكلّف على ملكات المسائل في عرض واحد ولو بنحو الإعجاز ، ولا يلزم من ذلك الطفرة بعد ان كانت ملكات الاقتدار على المسائل مستقلة وعرضية، نعم لا يتفق عادة حصول الملكة والاقتدار على كل المسائل في عرض واحد ، فلو كان صاحب الكفاية رحمه الله يقصد من الوجوب الوجوب العادي فكلامه تام إلاّ انّ المستظهر من كلامه ينافي أن يكون هذا مقصوده ، وذلك لاستدلاله على الوجوب باستحالة الطفرة.
وأما الجهة الثانية : فالبحث فيها يقع عن ثلاث مسائل :
المسألة الاولى : في جواز عمله برأيه في المسائل التي يتمكن من الوصول لنتائجها. وقد بنى جمع من الأعلام كالسيد الخوئي رحمه الله على جواز استقلاله في العمل برأيه وانّ رجوعه الى غيره في المقدار الذي استنبطه عن علم وملكة يكون من رجوع العالم الى مثله ، وهو غير جائز ، لأنّه في موارد الاختلاف يحرز انّ ما عليه المجتهد الآخر خطأ وغير مطابق للواقع ، وفي موارد الاتفاق لا يكون ثمة مسوغ شرعي للرجوع للمجتهد الآخر ، وذلك لأنّ أدلة جواز التقليد قاصرة عن الشمول لمثله في ذلك المقدار الذي تمكن من الوصول لنتائجه.
المسألة الثانية : في جواز رجوع الغير له في الموارد التي هو مجتهد فعلا فيها. وقد تبنى السيد الخوئي رحمه الله عدم الجواز ، وذلك لقصور أدلة جواز التقليد عن الشمول لهذا المورد ، فإنّ الظاهر من الأدلة ترتيب جواز التقليد على المجتهد المطلق والذي هو العارف بمقدار كبير ومعتد به من الأحكام الشرعية ، كما هو المستظهر من عنوان الفقيه وأهل الذكر والعارف بالأحكام.
وأما السيرة العقلائية الجارية على الرجوع للعالم في المقدار الذي يعلمه وان كان يجهل مقدارا آخر كما هو الحال في الطبيب الذي لا يعلم بسوى جهة خاصة من الطبابة. فإنّ هذه السيرة وان كانت مسلّمة إلاّ انّ ثبوت حجية السيرة العقلائية منوط بإمضاء الشارع لها ، وهو غير محرز في المقام خصوصا مع ملاحظة ما هو المستظهر من أدلة جواز التقليد والتي رتبت جوازه على صدق عنوان العارف بالأحكام والفقيه ، وهو غير صادق على المتجزّي والذي لا يعلم بسوى مقدار محدود من الأحكام.
المسألة الثالثة : في جواز تصدّي المتجزّي للقضاء بناء على القول بلزوم التوفر على ملكة الاجتهاد في المتصدي لهذا المنصب. وهنا أيضا تبنّى السيد الخوئي رحمه الله عدم الجواز ، وفي المقابل تبنى البعض الجواز فيما لو كان المتجزي مجتهدا في مقدار معتد به من الأحكام على ان يكون منها المسائل المتصلة بالقضاء.
واستدلّ السيد الخوئي رحمه الله على عدم الجواز بقصور أدلة جواز التصدّي للقضاء عن الشمول للمتجزّي ، فإنّها رتبت جواز القضاء على العالم والعارف بالأحكام.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|