المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8127 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الرجل لا يغسله إلّا رجل او زوجته
22-12-2015
معادلة خطية Linear Equation
15-12-2015
THE WEBER
12-9-2020
Sound system Vowels PRICE
2024-04-01
كوكبة قنطوروس Centaurus
2023-11-12
ملوك الحيرة
12-11-2016


الإمتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار  
  
595   08:04 صباحاً   التاريخ: 10-9-2016
المؤلف : الشيخ محمد صنقور علي
الكتاب أو المصدر : المعجم الأصولي
الجزء والصفحة : ج1 ص 318.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المصطلحات الاصولية / حرف الالف /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-9-2016 401
التاريخ: 8-9-2016 340
التاريخ: 10-9-2016 293
التاريخ: 9-9-2016 439

وهي من القواعد العقلية المشتهرة بين علماء الكلام وكذلك علماء الاصول ، وكثيرا ما ترد في كلمات الاصوليين بعنوان « الاضطرار بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار ».

وكيف كان فالمراد من القاعدة ـ اجمالا ـ هو انّ الضرورة المستندة الى الاختيار لا تنفي عن متعلّقها صدق اختياريته ، ولهذا لا تقبح معاقبة الواقع تحت سلطانه بعد ان كانت ناشئة عن اختياره.

ومثال ذلك المقدمات التوليدية بالنسبة لذيها ، فذو المقدمة وان كان ضروري الوقوع عند اتفاق وقوع المقدمة التوليدية إلاّ انّ مقدمته لمّا كانت اختيارية فإنّ ذلك يقتضي اختيارية ذي المقدمة ، ومن هنا يصحّ اسناد ذي المقدمة الى فاعل المقدمة التوليدية عن اختيار ، رغم انّ ذا المقدمة خارج عن الاختيار.

وحتى يتجلّى المراد من القاعدة نقول : انّ مورد البحث عنها في علم الكلام يختلف عن مورد البحث عنها في علم الاصول ، ومنشأ الاختلاف هو انّ الغرض من بحثها في علم الكلام هو الاستفادة منها للرد على شبهة الأشعري فيما هو واقع الأفعال الصادرة عن العباد ، حيث انّ مبنى الأشعري في ذلك هو الجبر.

 وأما الغرض من بحثها في علم الاصول فهو التعرّف على ما هو حكم الأفعال الاضطرارية الناشئة عن مقدمات اختيارية ، وهل تسقط المسئولية عنها بعد ان كانت ثابتة لو لا الاضطرار. ولهذا يبحث عن هذه القاعدة عادة في موردين : الاول : في بحث اجتماع الأمر والنهي ، والمورد الثاني في بحث المقدمات المفوتة.

وقبل بيان المراد من القاعدة في علم الأصول لا بأس بالإشارة الى المراد منها في علم الكلام فنقول :

انّ الأشاعرة في مقام الانتصار لمذهبهم ادعوا انّ الأفعال لا تخلو عن ان تكون ضرورية الوقوع أو ضرورية العدم ، فليس ثمة فعل إلاّ وهو كذلك ، بمعنى انّه لا يوجد فعل ممكن الوجود فهو إمّا واجب أو ممتنع ، فهو واجب الوقوع لو كانت علته تامة ، وهو ممتنع الوقوع مع عدم علته أو كانت علته ناقصة ، واذا تمّ ذلك فكلّ فعل يصدر عن الإنسان فهو ضروري الوقوع ، إذ لو لم يكن كذلك لم يقع فالشيء ما لم يجب لا يوجد ، وما هو ضروري الوقوع لا يمكن ان يكون اختياريا ، إذ انّ اختياريته تنافي ضرورة وقوعه.

هذا هو حاصل الشبهة المثارة من الأشعري لغرض الانتصار لمذهبه.

وقد أجاب عن هذه الشبهة الخواجة نصير الدين الطوسي وكذلك العلامة الحلّي رحمهما الله بقولهم انّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، ومرادهم من الامتناع هو الامتناع بالغير ، بمعنى انّ وجوب الوجود للفعل إذا كان ناشئا عن اختيار المكلّف فإنّ ذلك لا يسلب الاختيارية عن الفعل ، فنحن وان كنا نسلّم بأن الوقوع لم يكن ليحصل لولا وجوبه وضرورته إلاّ انّ هذه الضرورة ليست ذاتية للفعل ، بمعنى انّ ضرورة الوقوع لم تكن ناشئة عن مقام الذات للفعل وانّما كانت ناشئة عن علته التامة ، فهي ضرورية ولكن بالغير ، وعندئذ يقع البحث عن منشأ الضرورة فإذا كانت ناشئة عن مقدمات وكانت بعض هذه المقدمات هي إرادة واختيار الفاعل فإنّ الفعل المترتّب عليها يكون اختياريا ، إذ انّ الفاعل كان قادرا على عدم ايقاع الفعل بواسطة عدم ايجاد علّته ومن الواضح انّ القدرة على ترك الفعل بواسطة ترك علته معناه اختيارية الفعل، إذ انّ الفعل الاختياري هو الفعل الذي يكون للمكلّف فعله وتركه ولو بواسطة ايجاد علته الاختيارية أو اعدامها.

وبهذا يتضح انّ المراد من الامتناع هو الامتناع بالغير والذي هو ضرورة الوجود أو ضرورة العدم الناشئة عن غير مقام الذات لمتعلّق الضرورة ، وذلك في مقابل الضرورة الذاتية أي الناشئة عن مقام الذات لمتعلقها كاقتضاء ذات الباري جلّ وعلا للوجود ، فالوجوب الثابت لذاته تعالى ناشئ عن مقام ذاته « جلّت أسماؤه » ، وهكذا ضرورة العدم الثابتة لشريك الباري فإنها ناشئة أيضا عن مقام الذات لشريك الباري ، فيكون حاصل المراد من القاعدة هو انّ الضرورة المستندة الى اختيار علتها يقتضي اختيارية ذي الضرورة.

وأمّا المراد من القاعدة في كلمات الاصوليين فالظاهر انّه لا يختلف عما هو المراد منها في علم الكلام ، إلاّ انّ السيد الخوئي رحمه ‌الله في المحاضرات ذكر انّ المراد من الامتناع في القاعدة هو الامتناع الوقوعي ، وذكر في الدراسات انّ المراد من الامتناع هو الامتناع الحقيقي.

والظاهر انّ مقصوده من الامتناع الوقوعي هو ضرورة وقوع الفعل عند ايجاد مقدماته الاختيارية التوليدية ، وهذا بخلاف ما هو المراد من الامتناع عند المتكلّمين حيث انّ مقصودهم منه هو الضرورة الناشئة عن العلة التامة لو كانت هذه العلة هي نفس الاختيار الذي يترتّب عليه الفعل ابتداء.

وبيان ذلك : انّ الفعل الواقع خارجا عن المكلّف قد يحتاج وقوعه الى إيقاع أفعال جوارحية تكون هي المقدمات التوليدية للفعل ، وهذا هو مورد القاعدة في كلمات الاصوليين.

وقد لا يكون الفعل الصادر عن المكلف مفتقرا الى أكثر من إرادة ايقاعه ، بمعنى انّ ضرورة وقوعه لا يتوقف على مقدمات خارجية ، فبمجرّد ان تنعقد الإرادة لإيجاده فإنّ الفاعل يقوم بالفعل ابتداء.

ومثال الاول : القتل ، فإنّ القتل لا يتم إلاّ بواسطة مقدمات توليدية مثل الإلقاء من شاهق ، فإنّ الإلقاء من الشاهق ليس هو القتل نفسه بل هو مقدمة توليدية له.

ومثال الثاني : الكذب ، فإنّ هذا الفعل لا يفتقر وجوده الى أكثر من إرادته واختياره.

وواضح انّ كلا الصورتين يكون الامتناع في موردهما هو الامتناع بالغير ، غايته انّ الصورة الاولى تتوقف ضرورة الفعل في موردها على مقدمات خارجية اختيارية ، وأمّا الصورة الثانية فصدور الفعل في موردها لا يتوقف على أكثر من الإرادة والاختيار ، إلاّ انّ الضرورة في كلا الصورتين لم تكن ناشئة عن مقام الذات لمتعلقها وانّما هي ناشئة عن علة خارجة عن مقتضى ذاتها.

وحيث انّ نظر الأشعري كان منصبا على الأفعال الصادرة ابتداء عن المكلّف لا الأفعال الناشئة عن مقدمات خارجية ، إذ لا معنى للبحث عنها بعد ان كانت هذه المقدمات أفعالا صادرة عن المكلّف ابتداء ، فحيث انّ هذه الأفعال الصادرة عن المكلّف ضرورية بنظره فالأفعال المترتبة عليها تكون ضروريتها أوضح.

 فنظر الأشعري مقتصر على الافعال من سنخ الصورة الثانية ، نعم نفس الافعال التوليدية مشمولة لإشكاله إلاّ انّها حينئذ تكون من سنخ الصورة الثانية أيضا ، فإلقاء الغير من شاهق فعل صادر ابتداء عن المكلّف.

واذا كان كذلك فالمراد من الامتناع في القاعدة لا يكون بمعنى الامتناع الوقوعي بالمعنى الذي استظهرناه من عبائر السيد الخوئي رحمه‌ الله والذي هو عبارة عن ضرورة الوقوع الناشئة عن المقدمات الاختيارية التوليدية.

وأما نظر الاصولي فهو منصب على الأفعال من سنخ الصورة الاولى والتي هي الأفعال الضرورية الوقوع بسبب وقوع مقدماتها الاختيارية التوليدية ، إذ لا اشكال في مسئولية المكلّف عن الفعل الصادر ابتداء عنه بمحض اختياره.

هذا حاصل ما نفهمه من عبائر السيد الخوئي رحمه ‌الله المقتضبة في المقام والتي وردت في المحاضرات.

وأما ما نسب اليه في الدراسات من انّ الامتناع في القاعدة ـ في البحث الاصولي ـ هو الامتناع الحقيقي فلم نجد له توجيها مناسبا ، إذ لا إشكال في عدم إرادته من الامتناع الحقيقي الامتناع بالذات ولا الامتناع بالقياس ولا الامتناع بالغير ، لانّه جعله مقابلا للامتناع الحقيقي وان عبّر عنه في الدراسات بالامتناع العرضي إلاّ انّ مقصوده منه هو الامتناع بالغير ، كما هو واضح.

نعم قد يكون مراده من الامتناع الحقيقي هو نفسه الامتناع الحقيقي ـ بالمعنى الذي ذكرناه ـ وذلك لأنّ الفعل الناشئ عن مقدماته التوليدية لا يكون المكلّف معه قادرا على التراجع وهذا ما ناسب التعبير عنه بالامتناع الحقيقي ، بخلاف الامتناع في مورد الصورة الثانية فإنّ حصول الإرادة والاختيار لا يعجّز المكلّف عن التراجع ، فهذا النحو من الامتناع من الامتناع بالغير إلاّ انّ خصوصيته هي عدم القدرة على التراجع بعد حصول المقدمات التوليدية ، بخلاف الامتناع بالغير في مورد الصورة الثانية ، فإنّ المكلّف حتى لو أراد الفعل واختاره فإنّ له ان لا يفعل فلا يتحقق الامتناع معه إلاّ حين ايجاد الفعل. وهذا التوجيه هو المتناسب مع مبناه في العلل الإرادية، وذلك في مقابل دعوى استحالة تخلّف المعلول عن علّته التامة حتى في موارد العلل الإرادية.

وكيف كان فالامتناع المراد في القاعدة هو الامتناع بالغير إلا انّ نظر الاصولي مقتصر على الامتناع الناشئ عن المقدمات الخارجية الاختيارية ، إذ لا إشكال في مسئولية المكلّف عن الأفعال الاختيارية الصادرة عنه ابتداء ، نعم الأفعال التي لا تكون اختيارية لو قطع النظر عن مقدماتها ، بمعنى انّها لو كانت اختيارية لكانت اختياريتها بسبب اختيارية مقدماتها ، هذه الأفعال يمكن ان يقع التشكيك حتى من غير الأشعري في اختياريتها.

فالسقوط من الشاهق ضروري الوقوع وعدمه خارج عن اختيار المكلّف بعد الإسقاط ، وحينئذ يمكن ان يقال بأن السقوط ليس اختياريا وان كان الاسقاط اختياريا ، وهنا يتصدى المؤمن بالقاعدة للقول : بأنّ السقوط وان كان ضروريا إلاّ انّ الضرورة الناشئة عن مقدمات اختيارية لا تنفي مسئولية المكلّف عن ذلك الفعل الذي نشأت ضرورته عن اختياره.

وباتّضاح المراد من القاعدة نقول انّ الاقوال فيها ثلاثة :

القول الاول : انّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا وخطابا.

القول الثاني : انّ الامتناع بالاختيار ينافي الاختيار عقابا وخطابا.

القول الثالث : انّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا ولكن ينافيه خطابا.

والمراد من عدم منافاة الامتناع للخطاب هو انّ الضرورة الناشئة عن مقدمات اختيارية لا تمنع من نهي أو أمر المكلّف عن الفعل الضروري أي غير المقدور ، وذلك لأنّ الضرورة نشأت عن الاختيار.

وأما المراد من منافاة الامتناع للخطاب فهو انّ الضرورة وعدم القدرة على الترك او الفعل تمنع من نهي المكلّف أو أمره وان كانت هذه الضرورة وعدم القدرة قد نشأت عن مقدمات اختيارية ، وذلك للغوية نهيه أو أمره بعد ان كان عاجزا عن الامتثال. فلا معنى لنهيه عن فعل لا يتمكن من تركه وان كان عدم تمكنه من الترك ناشئا عن اختياره.

فمنافاة الامتناع للخطاب انّما هو بسبب عبثية الخطاب ، وهذا ما يتنزّه عنه المولى جلّ وعلا.

والقول الاول منسوب الى أبي هاشم المعتزلي وما اليه المحقق القمي رحمه ‌الله ، وأورد عليه السيد الخوئي رحمه ‌الله : بأنّ الخطاب بالأمر أو النهي انّما يكون بغرض احداث الداعي في نفس المكلّف ، فمع افتراض عجز المكلّف عن الانبعاث عن الخطاب لا يكون ثمة معنى لإحداث الباعث في نفسه ، إذ لن ينحدث الداعي في النفس للانبعاث بعد افتراض عدم قدرة المكلّف على الامتثال ، فيكون الخطاب بالأمر أو النهي عبثيّا. وهذا لا يختلف الحال فيه بين العجز عن قاسر خارجي أو استناد العجز الى سوء الاختيار ، فإنّ عبثية الخطاب في كلا الفرضين منحفظة.

 ثم أورد على هذا القول ايرادا نقضيا ، حاصله : انّه لو كان الخطاب

 

في صورة العجز المستند الى الاختيار ممكنا لصحّ تكليف المكلّف بالمحال إذا كان ذلك التكليف منوطا بفعل اختياري كأن يقول : اذا أفطرت في نهار شهر رمضان وجب عليك الجمع بين النقيضين أو الضدين ، وواضح استحالة هذا الخطاب.

وأما القول الثاني فقد أورد عليه السيد الخوئي رحمه‌ الله بأن العجز عن التكليف لمّا كان مستندا الى الاختيار فهذا معناه اختيارية الفعل ، إذ انّ الفعل الاختياري هو ما كان للمكلّف فعله وتركه ولو بواسطة فعل أو ترك مقدماته الاختيارية ، فكونه ضروري الوقوع لا ينافي اختياريته بعد ان كان المكلّف قادرا على الامتثال بواسطة مقدماته الاختيارية ، وهذا ما يصحح مسئولية المكلّف عن الفعل الضروري المستند للاختيار.

فالكون في الارض المغصوبة وان كان ضروري الوقوع إلاّ انّه لما كان ناشئا عن الدخول الاختياري فإنّ ذلك يقتضي ـ كما هو مقتضى الحكم العقلي القطعي ـ صحه إدانة المكلّف على الكون في الارض المغصوبة ، إذ لا يفرّق العقل بين الفعل الذي تكون اختياريته ابتدائية وبين الفعل الذي تكون اختياريته ناشئة عن اختيارية مقدماته.

وبهذا تتضح تمامية القول الثالث والذي هو مبنى المشهور من انّ الضرورة المستندة للاختيار لا تنفي اختيارية الفعل الممتنع ، ومن هنا يكون المكلّف مسئولا عن ذلك الفعل أو الترك ولا تقبح معاقبته ، نعم لا تصح مخاطبة المكلف بالترك أو الفعل ، وذلك لعبثية الخطاب بعد افتراض العجز عن الامتثال.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.