أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-9-2016
423
التاريخ: 9-9-2016
644
التاريخ: 8-9-2016
322
التاريخ: 8-9-2016
812
|
المراد من هذا العنوان هو استعمال لفظ واحد وإرادة معنيين أو أكثر من ذلك اللفظ ، ففي الوقت الذي يكون فيه المعنى الاول مرادا من اللفظ يكون المعنى الثاني كذلك وهكذا الثالث ، فبدلا من استعمال اللفظ مرتين للكشف عن مدلولين مستقلّين يستعمل اللفظ مرة واحدة لغرض الكشف عن مدلولين مستقلّين.
وأوضح موارد استعمال اللفظ في أكثر من معنى هو استعمال اللفظ المشترك وإرادة مجموع معانيه من ذلك الاستعمال.
ومثاله : ان يقول المتكلّم « رأيت عينا » ويريد بذلك العين النابعة والجارحة الباصرة والذهب.
ويشمل محل النزاع استعمال اللفظ وإرادة معنيين أحدهما حقيقي والآخر مجازي ، كما يشمل استعمال اللفظ وإرادة معنيين مجازيين ، ومثال الاول ما لو قال المتكلم : « رأيت قمرا » وأراد من « القمر » الكوكب السماوي والوجه الصبيح. ومثال الثاني : ما لو قيل : « احذر عدوك » واريد من العدو الحسد والكسل.
والمتحصّل انّ الضابطة في تشخيص محل البحث هو افتراض استقلالية المعاني التي يراد التعبير عنها بواسطة اللفظ الواحد ، وبذلك يخرج عن محل البحث استعمال اللفظ في مجموع معانيه بنحو يكون المدلول عليه بواسطة اللفظ هو المجموع بما هو مجموع ، ومنشأ خروج ذلك عن محل البحث هو انّ هذا الاستعمال من استعمال اللفظ في معنى واحد هو المجموع.
وكيف كان فقد وقع النزاع بين الأعلام في امكان استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، فمنهم من ذهب الى امكانه ومنهم من ذهب الى استحالته وهو مشهور المتأخرين ، ومنهم من مال الى التفصيل كما سيتضح ان شاء الله تعالى.
وقد استدلّ للقول بالاستحالة بمجموعة من الأدلة ، نكتفي بذكر ما أفاده المحقق النائيني رحمه الله وحاصله : انّ صفحة النفس إذا كانت مشغولة بمعنى من المعاني الاستقلاليّة فإنّ من المستحيل اشتغالها بمعنى استقلاليّ آخر.
ومدرك هذه الدعوى هو الوجدان ، فإنّ الوجدان قاض بضيق النفس عن استيعاب معنيين مستقلّين في عرض واحد ، نعم عند ما تنمحي صورة المعنى الاول عن النفس فإنّ من الممكن عروض صورة اخرى كما هو الحال في المرآة ، فحينما تكون المرآة مستوعبة لصورة فإنّ من المستحيل انطباع صورة اخرى عليها دون ان تنمحي الصورة الاولى ، وما ذلك إلاّ لانشغال المرآة بالصورة الاولى المقتضي لامتناع انطباع الصور الاخرى عليها ، نعم يمكن للمرآة ان تستوعب أكثر من صورة فيما لو كانت تلك الصور تمثل بمجموعها صورة واحدة ، وهكذا الحال بالنسبة للمعاني الحاضرة في النفس في عرض واحد إلاّ ان ذلك خروج عن محلّ النزاع، إذ انّ المفترض هو استيعاب المعنى الاول للنفس ، إذ هو معنى الاستقلالية.
ومع اتضاح هذه المقدمة نقول : انّ معنى استعمال اللفظ في المعنى هو ايجاد المعنى واخطاره في نفس المخاطب ، فوظيفة اللفظ هي احضار المعنى المنطبع في نفس المتكلم وايجاده في نفس المخاطب. وهذا معناه انّ الملحوظ أولا وبالذات هو المعنى ولحاظ اللفظ انما هو لحاظ آلي يراد منه رسم الصورة الحاضرة في نفس المتكلم رسمها في نفس المخاطب ، واذا كان كذلك فالمعنى مستقطبا لتمام صفحة النفس ، إذ انّ هذا هو مقتضى الاستقلالية ، وعليه لا تكون النفس قادرة على استيعاب معنى استقلاليّ آخر ، وذلك لافتراض انشغالها بالمعنى الأول.
لا يقال بأن انشغال النفس بلحاظين عند استعمال اللفظ في المعنى أمر لا بدّ منه بدعوى انّ المعنى كما يكون ملحوظا عند الاستعمال كذلك اللفظ يكون ملحوظا عنده.
فإنّه يقال : انّ لحاظ اللفظ انّما هو لحاظ آلي تبعي ، ولذلك لا يجد المخاطب في نفسه عند استعمال المتكلم اللفظ في المعنى لا يجد إلاّ المعنى مما يعبّر عن انّ اللفظ يكون فانيا في المعنى، فليس في البين سوى المعنى فهو الملحوظ أولا وبالذات.
هذا هو حاصل ما أفاده المحقق النائيني رحمه الله في تقريب القول بالاستحالة ، واذا تمّ ما أفاده فإنّ استحالة استعمال اللفظ في أكثر من معنى يكون مستحيلا حتى بناء على مسلك السيد الخوئي رحمه الله في الوضع ـ حيث بنى على ان حقيقة الوضع هي التعهد والالتزام النفساني من المتكلّم بأن لا يستعمل هذا اللفظ إلاّ اذا قصد تفهيم هذا المعنى ـ وذلك لأن الكبرى التي ينشأ عنها القول بالاستحالة هي انّ النفس عاجزة عن استيعاب أكثر من معنى استقلالي في آن واحد ، ولذلك لا يمكن للمتعهد ان يلتزم باستعمال لفظ وإرادة معنيين استقلاليين حتى وان تعهّد بذلك ، فإنّه وان كان من الممكن ان يتعهّد المتكلّم بقصد معنيين مستقلّين حين استعمال لفظ معين إلاّ انّه عاجز عن الالتزام بهذا التعهّد ، إذ انّ نفسه لا تسع معنيين استقلاليين في عرض واحد.
ومن هنا كان همّ السيد الخوئي رحمه الله هو الخدشة في الكبرى حيث ادعى انّ النفس جوهر بسيط ، وهذا ما يقتضي سعتها وأهليّتها لاستيعاب معان استقلالية في عرض واحد. ونبّه على ذلك بثلاثة امور نذكر منها أمرين ، إذ انّ الثالث يرجع روحا الى الثاني.
الأمر الاول : انّه لا ريب في انّ القضايا الحملية مستوجبة للحاظ ثلاثة معان استقلالية في آن واحد ، وذلك لأنّ الحكم على الموضوع بالمحمول يستلزم ملاحظة الموضوع والمحمول والنسبة بينهما ، فإنّ من المستحيل الحكم على الموضوع بالمحمول دون الالتفات الى هذه المعاني الاستقلالية ، وافتراض غفلة المتكلم عن الموضوع والمحمول حين الحكم مستحيل ، وذلك لتقومه بهما.
فتحصّل انّ الموضوع والمحمول والنسبة والتي هي معانى استقلالية تكون بأجمعها حاضرة في النفس حين الحكم.
الأمر الثاني : انّ الوقوع خير شاهد على الإمكان ، حيث نجد انّه قد يصدر من شخص واحد فعلان إراديّان في آن واحد ، وواضح استحالة صدور الفعل الإرادي دون تصوره استقلالا في النفس ، إذ انّ عدم تصوره خلف إراديته.
ومثال ذلك : ان يلاعب الوالد طفله وفي نفس الوقت يقرأ كتابا أو يصلح آلة.
وباتضاح ما ذكرناه يتضح منشأ القول بالاستحالة ومنشأ دعوى الإمكان ، ويبقى الكلام عن دعوى التفصيل ، وهو مبنى الشيخ صاحب المعالم رحمه الله حيث فصّل بين المفرد وبين التثنية والجمع فذهب الى الاستحالة في المفرد والى الإمكان في التثنية والجمع ، واستدلّ على ذلك بما حاصله :
انّ التثنية تعني تكرار المفرد مرتين كما انّ الجمع يعني تكرار المفرد مرّات فحينما يقول المتكلّم « رأيت عينين » فإن معنى ذلك « رأيت عينا وعينا » ، وحينما يقول : « رأيت عيون » فإنّ معناه « رأيت عينا وعينا » ، فكما انّه لو عطف مفردات العين على بعضها فإنّ من الممكن إرادة الباصرة من المفرد الاول والنابعة من الثاني والذهب من الثالث فكذلك حينما يأتي بلفظ العين بصيغة التثنية أو الجمع ، ثم أيّد دعواه بالتثنية والجمع في الأعلام الشخصية ، فإنّ المتكلم حينما يقول « رأيت زيدين » « وهؤلاء زيدون » فإنّه يقصد بذلك ذاتين أو ثلاث ذوات ، وهي معان استقلالية متباينة ، إذ انّ لفظ زيد لا يكشف عن طبيعة لها أفراد فيكون المراد من زيدين فردان من طبيعة واحدة ، إذ انّ لفظ زيد علم شخصي لا يكشف إلاّ عن ذات واحدة ممتنعة الصدق على غيرها.
وقد أجاب السيد الخوئي رحمه الله عن دليل صاحب المعالم رحمه الله بما حاصله : انّ الموضوع له لفظ العين وغيره في المفرد والتثنية والجمع واحد وهو الطبيعة المهملة المجردة عن تمام الحيثيات والخصوصيات حتى خصوصية التجرّد عن الخصوصيات المعبّر عنه باللابشرط ، غايته انّ هيئة التثنية وهكذا هيئة الجمع موضوعان للدلالة على التعدد ، فالمثنى اذن له وضعان وضع للمادة ووضع آخر للهيئة ، والوضع المختص بالمادة لا يختلف الحال فيه بين المفرد وغيره حيث قلنا انّ المادة وضعت للطبيعة المهملة ، نعم هيئة التثنية وضعت للدلالة على المادة المتهيئة بها مرتين ، وهيئة الجمع وضعت للدلالة على المادة المتهيئة بها مرّات ، واذا كان كذلك فالمادة المستعملة في ضمن الهيئة تظلّ محلا للنزاع ، فبناء على الاستحالة يكون استعمال المادة في أكثر من معنى مستحيلا حتى وان وضعت في ضمن هيئة التثنية أو الجمع ، وعليه لا بدّ وان يكون المراد من المادة الواقعة في ضمن هيئة التثنية فردين من طبيعة واحدة ، إذ انّ ذلك هو مقتضى استحالة استعمال المادة في أكثر من معنى ومقتضى ما وضعت له هيئة التثنية.
وقد اجيب عن التأييد الذي أيّد به صاحب المعالم دعواه بما حاصله : انّه مع تمامية دعوى الاستحالة لا بدّ من تأويل التثنية والجمع في الأعلام الشخصية بأن يقال انّ المراد من قولنا «هؤلاء زيديون » هو « هؤلاء المسمّون بزيديين » فيكون لفظ « زيدون » قد استعمل في المسمّى مجازا.
ثم انّ هنا بحث يتصل بمقام الإثبات وهو انه لو كان البناء هو امكان استعمال اللفظ في أكثر من معنى فهل يحمل اللفظ المشترك على معانيه مع خلو الكلام عن القرينة المفيدة لإرادة أحد المعاني بعينه أو انّ استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى يكون منافيا لما هو مقتضى الظهور العرفي.
الظاهر عدم وقوع الخلاف في انّ استعمال اللفظ في أكثر مناف لما هو مقتضى الظهور العرفي، وذلك لأنّ اللفظ المشترك لم يوضع لمجموع المعاني بوضع واحد ، وانّما وضع لكل معنى بوضع مستقل ، فاستعماله في تمام المعاني يكون من استعمال اللفظ في غير ما وضع له وهو محتاج للقرينة كما انّ استعماله في معنيين أو في أحد المعاني من غير قرينة يؤدي الى اجمال المراد ، إذ لا كاشف عما هو المراد بهذا الاستعمال.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|