أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-8-2016
507
التاريخ: 3-8-2016
803
التاريخ: 4-9-2016
771
التاريخ: 25-8-2016
664
|
الثمرة الاُولى: ما عرفت في المقدّمات المحرّمة كالدخول في الأرض المغصوبة لإنقاذ الغريق حيث إنّه إن قلنا بوجوب المقدّمة مطلقاً يصير الدخول فيها مباحاً وإن لم يقصد به الانقاذ ولم يتحقّق بعده الانقاذ، وأمّا إن قلنا بوجوب خصوص المقدّمة الموصلة فلا يصير الدخول مباحاً إلاّ في صورة تحقّق الانقاذ خارجاً، نعم أنّه لا يعاقب على الدخول إذا قصد به الانقاذ ولم يقدر عليه لمانع كما مرّ آنفاً.
الثمرة الثانيّة: بطلان الوضوء (وسائر المقدّمات العباديّة) فيما إذا أتى به ولم يأت بالصّلاة بعده بناءً على عدم كون الوضوء مطلوباً نفسيّاً واعتبار قصد الأمر في العبادة، لأنّه إن قلنا بوجوب خصوص المقدّمة الموصلة فحيث إنّ هذا الوضوء لم يكن موصلا فلم يكن مأموراً به فوقع باطلا، بخلاف ما إذا كان الواجب مطلق المقدّمة (ويجري مثل هذا الكلام في أمثال الوضوء كالغسل وغيره).
الثمرة الثالثة: ما ذكره كثير من الأصحاب من أنّه بناءً على القول بوجوب المقدّمة مطلقاً تكون عبادة تارك الضدّ الواجب الأهمّ باطلة كصلاة تارك الإزالة بناءً على أن يكون ترك الضدّ مقدّمة لإتيان الضدّ الآخر، فيكون ترك الصّلاة واجباً لكونه مقدّمة للإزالة الواجبة، فيكون فعلها حراماً لأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العامّ، والضدّ العامّ للترك الواجب هو الفعل، فتكون العبادة باطلة.
وأمّا بناءً على القول بوجوب المقدّمة الموصلة تقع الصّلاة صحيحة، لأنّ اشتغال المكلّف بالصّلاة في صورة ترك الإزالة كاشف عن وجود صارف عن الإزالة وعن عدم إرادتها، فلم يكن ترك الصّلاة موصل إلى الإزالة لوجود هذا الصارف، فلم يكن واجباً، فلا يكون فعلها حراماً، ونتيجته صحّة الصّلاة.
ولكن أورد على هذه الثمرة شيخنا الأعظم الأنصاري (رحمه الله) (على ما في تقريراته) بما لفظه: «إنّ الترك الخاصّ (يعني به الترك الموصل) نقيضه رفع ذلك الترك وهو أعمّ من «الفعل» (مثل فعل الصّلاة) و «الترك المجرّد» لأنّ نقيض الأخصّ أعمّ مطلق كما قرّر في محلّه فيكون الفعل لازماً لما هو من أفراد النقيض، وهذا يكفي في إثبات الحرمة، وإلاّ لم يكن الفعل المطلق محرّماً فيما إذا كان الترك المطلق واجباً (أي بناءً على وجوب المقدّمة مطلقاً) لأنّ الفعل على ما عرفت ليس نقيضاً للترك لأنّه أمر وجودي ونقيض الترك إنّما هو رفعة (ترك الترك)، ورفع الترك إنّما هو يلازم الفعل مصداقاً وليس عينه كما هو ظاهر عند التأمّل.
فكما أنّ هذه الملازمة تكفي في إثبات الحرمة لمطلق الفعل فكذلك يكفي في المقام (إلى أن قال) غاية الأمر أنّ ما هو النقيض في مطلق الترك إنّما ينحصر مصداقه في الفعل فقط، وأمّا النقيض للترك الخاصّ فله فردان وذلك لا يوجب فرقاً فيما نحن بصدده كما لا يخفى»(1) (انتهى).
وأجاب عنه المحقّق الخراساني(رحمه الله): بأنّ فعل الصّلاة بناءً على القول بوجوب المقدّمة الموصلة لا يكون إلاّ مقارناً لما هو النقيض، وهو رفع الترك الموصل الذي يجامع مع الفعل تارةً ومع الترك المجرّد غير الموصل اُخرى، ولا يكاد يسري حرمة الشيء إلى ما يلازمه فضلا عمّا يقارنه أحياناً، نعم لا بدّ أن لا يكون الملازم محكوماً فعلا بحكم آخر على خلاف حكمه لا أن يكون محكوماً بحكمه، وهذا بخلاف فعل الصّلاة على القول بوجوب المقدّمة مطلقاً، لأنّه حينئذ بنفسه يعاند الترك المطلق وينافيه لا أن يكون ملازماً لترك الترك، فإنّ الفعل حينئذ وإن لم يكن عين الترك بحسب الاصطلاح مفهوماً لكنّه متّحد به عيناً وخارجاً فإن كان الترك واجباً فلا محالة يكون الفعل منهياً عنه قطعاً.
أقول: الإنصاف أنّ الحقّ مع الشّيخ الأعظم (رحمه الله) حيث يقول: إنّ نقيض الترك الموصل له مصداقان:
أحدهما: فعل الصّلاة، والآخر: الترك غير الموصل، فيكون فعل الصّلاة من مصاديق النقيض لا من مقارناته لأنّه يكون من قبيل الصّوم الذي هو عبارة عن ترك المفطّرات مع قصد القربة، ولا إشكال في أنّ لنقيضه مصداقين: أحدهما: الإفطار بأحد المفطّرات.
وثانيهما: ترك المفطّرات بدون قصد القربة، فكلّ من الأمرين مصداق لترك الصّيام لا من مقارناته ، ولذلك كلّ واحد منهما يوجب المعصية ومخالفة أمر الصوم.
وإن شئت قلت: يرد نفس الإشكال على المحقّق الخراساني(رحمه الله) أيضاً حيث إنّ فعل الصّلاة كما لا يكون نقيض الترك الموصل بل يكون من مقارناته أو لوازمه كذلك لا يكون نقيض الترك المطلق، حيث إنّ نقيض الترك إنّما هو ترك الترك لا الفعل كما صرّح به الشّيخ الأعظم(رحمه الله)أيضاً في ذيل كلامه المزبور، فظهر إلى هنا أنّ إشكال الشّيخ الأعظم(رحمه الله) على الثمرة الثالثة تامّ في محلّه.
ويرد إشكالان آخران على هذه الثمرة:
الإشكال الأوّل: أنّ قيد الإيصال شرط الواجب لا الوجوب وحينئذ يجب تحصيله على أيّ حال: أي يكون ترك الصّلاة الموصل واجباً حتّى مع وجود الصارف عن الإزالة.
وبعبارة اُخرى: يجب على المكلّف أمران: ترك الصّلاة وإيصاله إلى الإزالة، ولا يوجب ترك أحدهما سقوط الآخر عن الوجوب، فلا يوجب ترك الإيصال إلى الإزالة سقوط المقدّمة، أي ترك الصّلاة عن الوجوب، كما أنّ ترك الصّلاة لا يوجب سقوط الوضوء عن الوجوب (فإنّه شرط للواجب لا الوجوب).
الإشكال الثاني: سلّمنا أنّ الصّلاة تقع صحيحة بناءً على القول بوجوب المقدّمة الموصلة ولكنّها تقع صحيحة بناءً على وجوب مطلق المقدّمة أيضاً، وذلك من طريق القول بالترتّب إذا قلنا بعدم دلالة الأمر بشيء على النهي عن ضدّه الخاصّ، اللهمّ إلاّ أن يقال أنّه خروج عن الفرض.
____________________
1. مطارح الأنظار: ص78.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|