أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-9-2016
1055
التاريخ: 16-10-2016
866
التاريخ: 5-9-2016
1448
التاريخ: 18-8-2016
1283
|
القرآن متواتر ؛ لتوفّر الدواعي على نقله ؛ لكونه من اصول الأحكام (1) ، ومتحدّى به للإعجاز، وما هو شأنه ذلك يجب أن يتكثّر فيه النقل إلى أن يتواتر ، فما لم يتواتر ليس بقرآن.
والبسملة في كلّ سورة جزء منها عندنا ؛ للإجماع ، والأخبار المتظافرة (2) ، وكونها مكتوبة بلون خطّ القرآن ، كسائر الآيات المتكرّرة نحو {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13] و {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } [القمر: 17] و {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} [المرسلات: 15] مع مبالغة الصدر الأوّل بتجريد القرآن عمّا سواه.
وخالف أكثر العامّة ، وحكموا بأنّها ليست من القرآن في أوّل سورة ، مع أنّه روي في
طرقهم أنّه ذكر عند ابن عبّاس أنّه ترك بعض الناس قراءة البسملة في أوائل السور ، فقال : سرق الشيطان من الناس آية (3).
وروي أيضا أنّه قال : من تركها ، فقد ترك مائة وأربع عشرة آية (4).
والظاهر أنّ تحقّق ترك العدد المذكور مبنيّ على اعتبار البسملة في وسط النمل مع البسملة في أوائل السور ؛ لأنّها مائة وثلاث عشرة. ويمكن أن يقال : بناء ذلك على المبالغة وإن لم يكن للبراءة بسملة.
وقد أجاب العامّة عن الروايتين بأجوبة واهية.
وأقوى احتجاجاتهم على عدم الجزئيّة : أنّ القرآن يجب أن يتواتر ، ولم يتواتر أنّ البسملة من القرآن في أوائل السور ، وإلاّ لم يختلف فيه الطوائف (5).
والجواب : أنّ العلّة في توفّر الدواعي على النقل تعطي تواتر المكرّر في محلّ ما ، وليس تواتره في كلّ محلّ لازما ، ولا كلام في تواتر البسملة في وسط النمل ، مع أنّ تواتر جميع آيات القرآن عند جميع الطوائف محلّ كلام ، خصوصا إذا حدث سبب خارجي.
وقد ذكر بعض علماء العامّة (6) أنّه لمّا تواتر كون البسملة من القرآن في أوائل السور من مذهب عليّ (عليه السلام ) ، فوضع أنس بن مالك بأمر المعاندين أحاديث دالّة على عدم الجزئيّة عنادا.
وكيفيّة التفريع على كون القرآن متواترا : أنّه لا يقع التعارض بينه وبين أخبار الآحاد وما في قوّتها من الأدلّة ؛ لعدم تقاومها مع المتواتر ، فيجب العمل به بشرط عدم مانع آخر من جهته ، كالإجمال ، وأمثاله.
والتفريع على جزئيّة البسملة ـ على ما ذهب إليه أصحابنا (7) ـ أنّه يجب تعيين السورة عند قراءة البسملة ، كما قال به الأصحاب (8).
تتميم
المشهور أنّ القراءات السبع (9) متواترة ، وبعضهم أضاف إليها الثلاث الباقية (10).
والحقّ أنّ تواترها لم يثبت؛ لأنّ خلافه كاد أن يكون إجماعا.
ثمّ المشهور بين قول بتواتر السبع مطلقا (11) ، وبين قول بتواتر ما هو من قبيل جوهر اللفظ كـ « ملك » و « مالك » دون ما هو من قبيل الهيئة ، كالمدّ ، والإمالة ، وأمثالهما. وهو الذي ذهب إليه الأكثر (12).
وهو لا يخلو عن إشكال ؛ لأنّ القرآن عبارة عن اللفظ ، وهو مركّب من الجزء المادّي الذي هو من قبيل الجوهر ، ومن الجزء الصوري الذي هو الهيئة ، وتواتره إنّما يتمّ بتواتر كلا جزءيه ، اللهمّ إلاّ أن يلتزم بأنّ القرآن بالإطلاق ليس متواترا في القراءات (13) السبع ، بل المتواتر جوهره فيها.
ثمّ الحجّة على تواتر السبع والعمل بها ، أنّه وصل إلينا من السلف هذه القراءات السبع على نحو يفيد العلم ، وقولهم حجّة ؛ لإدراكهم النبيّ (صلى الله عليه وآله ) وأصحابه.
وقد أمر أئمّتنا بقراءة القرآن كما يقرأ الناس إلى قيام القائم (14).
ويؤيّده تقريرهم أيضا. وورد بعض الأخبار عنهم بأنّ القرآن نزل على سبعة أحرف (15).
ويرد عليه : أنّه لا شكّ أنّ القرآن النازل من الله واحد لا اختلاف فيه ، فكيف يكون السبع حجّة، ولم يثبت أنّ المراد من سبعة أحرف القراءات السبع؟! بل قال الصادق (عليه السلام) لحمّاد ـ حين قال له : قد ورد منكم أنّ القرآن نزل على سبعة أحرف ـ : « أدنى ما للإمام أن يفتي على سبعة وجوه » (16).
وبعض أهل اللغة فسّر سبعة أحرف بسبعة لغات ، كلغة اليمن ، وهوازن ، وأهل مصر ،
وأمثالها (17) ، مع أنّه قد ورد بعض النصوص عن أئمّتنا (عليهم السلام) بأنّ القرآن نزل على حرف واحد ، وكذب من زعم أنّه نزل على سبعة أحرف ، والاختلاف إنّما جاء من قبل الرواة (18).
ويمكن الجواب : بأنّه لمّا ثبت تواتر القرآن ، ووصل إلينا باعتبار اختلاف الرواة القراءات السبع على نهج واحد من حيث الشهرة ، ولا يمكن تخصيص واحدة منها بالتواتر والحجّيّة ، وإلاّ لزم الترجيح بلا مرجّح ، فحكم بتواتر السبع وحجّيّتها وإن لم يكن النازل من عند الله إلاّ قراءة واحدة ، وتقرير الأئمّة وأمرهم بها لأجل هذا ، وعدم إظهارهم ما هو الحقّ للتقيّة ، والغرض أنّه ثبت تواتر القرآن وحجّيّته ، ويعلم أنّه نزل بقراءة واحدة ، إلاّ أنّه وقع الاختلاف في نقله لأسباب نذكرها ، فنقلوه لنا على النحو المذكور ، فيمكن أن يكون واحدة منها حجّة ، ويمكن أن يكون بعض من كلّ واحدة منها حجّة ، إلاّ أنّ ذلك ليس بمعلوم لنا. فيلزم إمّا القول بعدم التواتر والحجّيّة مطلقا ، أو بالترجيح بلا مرجّح ، أو حجّيّة القراءات السبع وتواترها. والأوّلان باطلان ضرورة ؛ فالأخير حقّ.
ثمّ المخالف للمشهور صاحب الكشّاف من العامّة (19) ، وابن طاووس (20) ، ونجم الأئمّة (21) من أصحابنا ؛ فإنّهم حكموا بعدم تواتر القراءات السبع وحجّيّتها.
ويمكن أن يحتجّ له بمنع تواترها ؛ لأنّ القوم صرّحوا بأنّ لكلّ قار من القرّاء السبعة راويين ، وقولهما لا يفيد العلم ، مع أنّ شرط ثبوت التواتر استواء الطرفين والوسط في إفادة العلم ، فحصول التواتر ـ لو سلّم ـ إنّما هو في الطبقة اللاحقة لا الاولى ، وهو غير كاف.
ولو سلّم تواترها عن القرّاء السبعة ، فلا نسلّم حجّيّتها وجواز العمل بها ؛ لأنّهم كانوا من أهل الخلاف استبدّوا بآرائهم ، وتصرّفوا في القرآن بمجرّد الاستحسان من غير استناد إلى حجّة وبرهان ، ولذا وقع بينهم اختلافات كثيرة ، وقد نقل (22) أنّ المصاحف التي وقعت إلى القرّاء في عصر القراءة كانت خالية عن الإعراب والنقط ، ولم تكن معربة ممّن كان قبلهم من الذين أدركوا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ورووا عنه.
نعم ، ذكر بعض الادباء أنّ أبا الأسود الدؤلي أعرب مصحفا واحدا في زمان خلافة معاوية ، فلمّا رأوا المصاحف خالية عن الإعراب والنقط ، تصرّفوا فيها على ما اقتضته آراؤهم ووافقته مذاهبهم في اللغة والعربيّة ، كما تصرّفوا في سائر العلوم من النحو والتصريف ، فحصل اختلاف كثير بينهم في الإعراب والنقط والإدغام والإمالة وأمثالها ، وكان أصحاب الآراء في القراءة كثيرة ، وكان دأب الناس أنّه إذا جاء قار جديد صاحب رأي ، أخذوا بقوله وتركوا قراءة من تقدّمه ، سواء كان من السبعة ، أو لا ؛ نظرا إلى أنّ كلّ قار متأخّر كان منكرا لقول من تقدّم عليه ، ثمّ بعد زمان رجعوا عن هذه الطريقة ، وبعضهم يأخذ قول بعض المتقدّمين ، وبعضهم يأخذ قول بعض آخر منهم ، فحصل بين الناس في ذلك اختلاف ، ثمّ اتّفقوا على الأخذ بقول السبعة من غير بيّنة وحجّة ؛ لأنّ الأرجح منهم في أصحاب الآراء كان كثيرا ، فإذا كان قولهم بمجرّد الرأي من غير استناد إلى قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم ) ومن قوله حجّة لنا ، كيف يبقى الوثوق بقولهم؟! بل كثيرا ما ينقل قولهم مقابلا لقول المعصوم ، كما يقال : قراءة عاصم أو حفص كذا ، وقراءة عليّ عليه السلام كذا ، وربما يجعل قولهم قسيما لقول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كما يظهر في الاختلاف الواقع في قراءة {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7].
ثمّ لو سلّم أنّ بناء قراءتهم على الرواية من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلا نسلّم حجّيّتها لنا كرواية الحديث ، لكونهم مخالفين.
ولا يخفى أنّ ما ذكر لا يخلو عن قوّة ، إلاّ أنّ الأمر فيه سهل ؛ لأنّ أمر الإعراب والنقط والإمالة وأمثالها لمّا كان ظاهرا من اللغة ، صار موكولا إلى أهل اللسان ، ولم يتعرّضه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)وأصحابه ، ولذا لم يعرب المصاحف التي في خزانة مولانا الرضا عليه السلام ، وشاع أنّها بخطّه وخطّ آبائه عليهم السلام ، والقرّاء السبعة كانوا من أهل اللسان ، عارفين بكيفيّة الإعراب والنقط ، فقولهم حجّة ، إلاّ فيما ظهر أنّه خلاف القواعد العربيّة.
وجواز كون كلمة واحدة في لغة العرب ذات وجوه من الإعراب ، يدفع استبعاد كون كلام الله مختلفا ؛ لأنّ القرآن نزل على لغة العرب باسلوب خاصّ.
وقد ذكر جواب آخر لهذا الاستبعاد ، فلا شبهة في جواز القراءات السبع في الصلاة وغيرها.
نعم ، يشكل الأمر في اختلاف القراءات الذي يختلف به الأحكام ، وهذا قليل. وإذا وقع ، كقوله تعالى : { يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] ـ بالتخفيف والتشديد ـ يجب الرجوع إلى المرجّحات الخارجيّة ، ومع فقدها فالمشهور التخيير في العمل بأيّها شاء.
وذهب بعض أصحابنا إلى رجحان قراءة عاصم بطريق أبي بكر (23)، فتأمّل.
ثمّ إنّه لا عمل على القراءة الشاذّة وليست بحجّة (24).
وقيل : إنّها كأخبار آحاد والعمل على المشهور (25) وإن أمكن فيه المناقشة على ما ذكرناه.
ثمّ على المشهور لو لم يثبت من الأخبار وجوب التتابع في صوم كفّارة رمضان ، لكان اللازم أن يحكم بعدم وجوبه ؛ نظرا إلى القراءة المشهورة في كفّارة اليمين ، وهي : {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة: 89] من دون « متتابعات ». وعلى القول الآخر (26) يلزم الحكم بوجوبه ، نظرا إلى هذه الضميمة ، إلاّ أنّ وجوب التتابع ثابت عندنا من النصوص (27).
____________
(1) في « ب » : « الكلام ».
(2) راجع البرهان 1 : 95 و 96 ، ح 222 ـ 230.
(3 ـ 5) الإحكام في أصول الأحكام 1 : 217 ، وأصول السرخسي 1 : 279 ـ 281 ، وراجع نهاية الوصول إلى علم الأصول 1 : 336 ـ 339.
(6) لم أعثر عليه.
(7) منهم الشهيد في الدروس الشرعيّة 1 : 171.
(8) منهم الشهيد في البيان : 157.
(9) في « ب » : « القراءة بالسبع ».
(10) كما في قوانين الاصول 1 : 406 ، وفيه : « ومشايخ القراءات الثلاث الباقية هم : أبو جعفر ، ويعقوب ، وخلف ».
(11 و 12) كما في المصدر.
(13) في « ب » : « القرّاء ».
(14) الكافي 2 : 633 ، باب النوادر ، ح 23.
(15) راجع جامع البيان 1 : 9 ـ 15.
(16) تفسير العيّاشي 1 : 88 ، ح 42 / 2 ، والخصال 2 : 358 ، باب السبعة ، ح 43.
(17) فسّرها بذلك ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر 1 : 369 ، « ح ر ف ».
(18) الكافي 2 : 630 ، باب النوادر ، ح 12 و 13.
(19) قال في الكشّاف 2 : 69 ـ 70 في ذيل تفسير قوله تعالى : {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 137]: « والذي حمله ... » حيث يدلّ على أنّ قراءة ابن عامر كانت رأيا منه ، والصواب والصحيح خلافه ، وهذا إنكار تواتر القراءات السبع.
(20) انظر سعد السعود : 362 ـ 363.
(21) قال في شرحه على الكافية 2 : 336 : « لا نسلّم تواتر القراءات السبع ».
(22) راجع النشر في القراءات العشر 1 : 7 ، ومناهل القرآن في علوم القرآن 1 : 251 ، وآلاء الرحمن في تفسير القرآن ـ ضمن موسوعة العلاّمة البلاغي ـ 1 : 44 ـ 75.
(23) ذهب إليه العلاّمة في منتهى المطلب 5 : 64 ، والفاضل التوني في الوافية : 149.
(24) قال العلاّمة في المصدر : « السادس : لا يجوز أن يقرأ بالشاذّ ـ وإن اتّصلت روايته ـ ؛ لعدم تواترها ».
(25) في هامش « أ » : « القائل أبو حنيفة » ولكن قال القمّي في قوانين الاصول 1 : 409 : « لا عمل بالشواذّ ... وذهب بعض العامّة إلى أنّها كأخبار الآحاد يجوز العمل بها ». ونسبه السيوطي في الإتقان 1 : 76 إلى أشخاص ، منهم أبو حنيفة ، ونسبه العلاّمة أيضا إلى أبي حنيفة في نهاية الوصول إلى علم الأصول 1 : 333.
وحاصل ما ذكر إمّا عدم صحّة ما في الهامش وما يوافقه ، أو عدم صحّة المتن ، أو كون « والعمل على المشهور » من تتمّة كلام المصنّف.
(26) وهو قراءة ابن مسعود بضميمة « متتابعات ».
(27) منها : ما في الكافي 7 : 452 ، باب كفّارة اليمين ، ح 3 و 8.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|