المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8186 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

الرصاص Lead
29-1-2016
إستخدام ترانزستور الأثر المجالي كمقاومة متغيرة
26-9-2021
من رقمنة الإعلام التقليدي إلى أعلمة التواصل الاجتماعي
12-8-2022
بوصلة الوعي الاجتماعي
8/11/2022
أبو بكر الصولي
26-12-2015
The Doppler effect
2024-03-26


الشبهة الوجوبية  
  
553   10:59 صباحاً   التاريخ: 10-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ج3. ص.367
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-9-2016 585
التاريخ: 2-9-2016 568
التاريخ: 1-9-2016 2070
التاريخ: 10-8-2016 510

وفيها مقامان :

(الاول) : فيما إذا كان الواجب مرددا بين امرين متباينين كما لو تردد الامر بين وجوب الظهر والجمعة في يوم الجمعة، وبين القصر والاتمام في رأس اربعة فراسخ، ونحو ذلك (والاقوى) فيها وجوب الاحتياط بالموافقة القطعية، لعين ما تقدم في الشبهة التحريمية من منجزية العلم الاجمالي وعليته بحكم العقل لحرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية على وجه يمنع عن مجيء الترخيص الظاهري على خلاف التكليف المعلوم بالإجمال ولو في بعض الاطراف، الا إذا كان هناك ما يوجب انحلال العلم الاجمالي أو بدلية بعض الاطراف عن الواقع من اصل موضوعي أو حكمي مثبت للتكليف في بعض الاطراف، من غير فرق في ذلك كله بين كون الشبهة موضوعية، أو حكمية، ولا في الثاني بين كون منشأ الاشتباه هو فقد نص المعتبر، أو اجماله، أو تعارض النصين (نعم، في فرض تعارض النصين يكون الحكم هو التخيير في الاخذ بأحد الخبرين، للنصوص الامرة في التخيير في الاخذ بأحدهما فيخرج مثل هذه الصورة عما هو معقد البحث في العلم الاجمالي (نعم، يدخل في المقصد تعارض الآيتين والاجماعين المنقولين بناء على عدم الحاقهما بالخبرين المتعارضين في الحكم المزبور كما هو التحقيق ايضا، فيرجع فيهما بعد التساقط إلى قواعد العلم الاجمالي (ثم انه قد يتمسك) بالاستصحاب لوجوب الاتيان بالمحتمل الاخر عند الاتيان بأحد المحتملين، اما مطلقا، أو في مورد لم يكن هناك قاعدة اشتغال، كما لو حدث العلم الاجمالي بوجوب احد الامرين بعد الاتيان بأحدهما، وذلك تارة بإجرائه في الموضوع باستصحاب عدم الاتيان بما هو الواجب المعلوم في البين، واخرى في الحكم باستصحاب بقاء وجوب ما وجب سابقا وعدم سقوطه بفعل احدهما، نظرا إلى تمامية اركانه فيهما من اليقين السابق والشك اللاحق (ولكن فيه ما لا يخفى) اما الاول، فهو وان تم فيه اركان الاستصحاب لتعلق الشك بعين ما تعلق به اليقين السابق وهو العنوان الاجمالي المعبر عنه بأحد الامرين، الا ان الاشكال فيه انما هو من جهة عدم تعلق اليقين والشك بعنوان ذي اثر شرعي، فان العنوان الذي تعلق به اليقين والشك وهو العنوان الاجمالي لا يكون بهذا العنوان مما له الاثر الشرعي حتى يصح التعبد ببقائه، وماله الاثر الشرعي انما هي العناوين التفصيلية كعنوان صلاة الظهر والجمعة والقصر والاتمام، ومثل هذه العناوين مما اختل فيه احد ركني الاستصحاب من اليقين السابق أو الشك اللاحق (وبهذه الجهة) نقول ايضا بعدم جريان الاستصحاب في الفرد المردد، ولا في المفهوم المجمل المردد بين الاقل والاكثر كعنوان الرضاع المحرم (لان) ما هو مشكوك البقاء لا اثر له وما له الاثر وهو العنوان التفصيلي مردد بين ما هو متيقن الارتفاع وما هو متيقن البقاء فعلى كل حال لا يجرى الاستصحاب، اما لفقد الاثر، واما لاختلال احد ركني الاستصحاب وهو الشك في البقاء (ولا يقاس) المقام بباب استصحاب الكلي والقدر المشترك بين الفردين كاستصحاب الحدث المردد بين الاكبر والاصغر، للفرق الواضح بين المقام وما هناك، حيث ان الكلي بنفسه موضوع للأثر الشرعي فيجري فيه الاستصحاب - بخلاف المقام - فانه ليس لذلك العنوان المعلوم بالإجمال وهى الصلاة المرددة بين القصر والاتمام أو الظهر والجمعة اثر شرعي بهذا العنوان حتى يصح التعبد ببقائه بلحاظه وهو واضح (نعم لو اغمض عما ذكرنا) وقلنا بكفاية مرأتيه عنوان المشكوك بقائه لما له الاثر الشرعي في صحة التعبد ببقائه - لا يرد عليه ما عن بعض الاعلام من الاشكال باستلزامه التعبد بما هو معلوم البقاء وما هو معلوم العدم - من جهة ان معنى استصحاب الفرد المردد انما هو التعبد ببقاء الفرد الحادث على ما هو عليه من الترديد وهو يقتضي الحكم ببقاء الحادث على كالتقدير سواء كان هو الفرد الباقي أو الزائل - وهو ينافي العلم بارتفاع الحادث على تقدير وبقائه على تقدير آخر (حيث ان الاشكال) المزبور مبني على سراية اليقين والشك من متعلقه الذي هو العنوان الاجمالي إلى العناوين التفصيلية - والا فبناء على وقوفهما على نفس العنوان الاجمالي كما هو التحقيق بشهادة اجتماع اليقين الاجمالي بالشيء مع الشك التفصيلي بالنسبة إلى خصوصيات الاطراف - فلا يقتضي استصحاب الفرد المردد ايضا الا التعبد ببقاء ما هو المعلوم سابقا من دون تعديه إلى العناوين التفصيلية (كيف) وان التعبد الاستصحابي انما هو تابع شكه وبعد عدم تعدي الشك عن مورده الذي هو متعلق اليقين الاجمالي إلى العناوين التفصيلية لا يكاد يتعدى التعبد بالبقاء ايضا عن مورد شكه - كي يقتضي ابقاء كل واحد من الطرفين المعلوم تفصيلا بقاء احدهما وارتفاع الاخر وحينئذ فالعمدة في الاشكال على الاستصحاب المزبور هو ما ذكرناه – فتدبر، (هذا كله) في استصحاب الموضوع (واما استصحاب) الحكم والتكليف المعلوم وجوده في البين (فان) اريد به استصحاب شخص التكليف المعلوم بالإجمال بما هو مردد بين الوجوب المتعلق بالظهر أو الجمعة (يتوجه عليه) الاشكال المتقدم من عدم كون المستصحب بهذا العنوان الاجمالي اثرا شرعيا كي يجري فيه الاستصحاب (وان اريد) به استصحاب الكلي والقدر المشترك بين ما هو مقطوع البقاء وما هو مقطوع الارتفاع - (فله) وجه بناء - على ان نتيجة استصحاب الحكم والتكليف عبارة عن جعل المماثل - حيث انه بعد عدم امكان جعل الجامع الا في ضمن الفصل والخصوصية امكن اثبات خصوص وجوب الفرد الباقي بالاستصحاب المزبور - لأنها حينئذ تكون من اللوازم العقلية لمطلق وجود الكلى والجامع ولو ظاهرا - لا انها من لوازم خصوص الواقع كي يرد عليه اشكال المثبتية - وبعد عدم امكان كون فصله هي الخصوصية المرتفعة فبالاستصحاب المزبور بتعين خصوص وجوب الباقي - وبذلك لا يبقى مجال لجريان قاعدة الاشتغال من جهة ورود الاستصحاب عليه لكونه بيانا ورافعا لموضوعها كما في استصحاب شخص التكليف في موردها وهو ظاهر (نعم) بناء على المختار من كون نتيجة الاستصحاب سواء في الحكم أو الموضوع عبارة عن مجرد الامر بالمعاملة مع المشكوك معاملة المتيقن في لزوم الجري العملي على وفقه بلا جعل حكم في البين يتوجه عليه اشكال المثبت على تقدير ارادة اثبات وجوب الفرد الباقي، كما انه على تقدير عدم اثبات ذلك يتوجه عليه محذور لغوية الاستصحاب المزبور لوضوح انه انما يجري استصحاب الجامع في صورة الجزم بترتب الاثر العملي عليه، وهذا انما يكون في ظرف اليقين بان المورد مورد عمله وامتثاله واحراز انه مصداق للجامع، والا فمع الشك فيه كما في المقام لم يحرز لهذا الجعل اثر عملي فلا يجري الاستصحاب كي يقتضى وجوب الاتيان بالمحتمل الاخر، وان لم يكن في البين قاعدة اشتغال ايضا كما هو ظاهر وينبغي التنبيه على امور :

 الاول (قد يقال) بعدم وجوب الاحتياط في موارد الشبهة الموضوعية في الشرائط والموانع كالقبلة والساتر وما يصح السجود عليه - بدعوى سقوط الشرطية عند الاشتباه وحكي عن الحلى (قدس سره) الحكم بوجوب الصلاة عاريا عند اشتباه الساتر الطاهر بالنجس لسقوط وجوب الستر حينئذ - ولم يعلم وجه لسقوط الشرطية بمجرد الجهل بالموضوع وتردده بين امور محصورة - الا إذا استفيد من دليل الشرطية اختصاصه بصورة العلم بموضوعها تفصيلا - والا فعلى فرض اطلاق ادلتها - لا محيص بمقتضى العلم الاجمالي من الاحتياط وتكرار الصلاة (نعم) في فرض اشتباه الساتر الطاهر بالنجس - امكن دعوى سقوط الشرطية حينئذ لأهمية حيث مانعية النجاسة من شرطية الساتر في الصلاة - كما هو ذلك في فرض انحصار الساتر بالنجس - حيث انه افتى جماعة - بل قيل انه المشهور بوجوب الصلاة عاريا - فيقال حينئذ ان لزوم ترك لبسهما في الصلاة بمقتضى العلم الاجمالي مستتبع لعدم القدرة على الساتر وهو موجب لسقوط شرطيته عند الاشتباه بالنجس (ولعله) إلى ذلك ايضا نظر الحلي (قدس سره) في مصيره إلى الغاء شرطية الستر ووجوب الصلاة عاريا - لا انه من جهة استفادة اختصاص الشرطية من دليل الشرط بصورة العلم التفصيلي بطهارة الثوب (ولكن) مثل هذا الكلام انما يتم في صورة ضيق الوقت بحيث لا يفي الا لصلاة واحدة - واما مع سعة الوقت والتمكن من تكرار الصلاة فيهم - فلا مجال لهذه المزاحمة - بعد امكان حفظ كل من شرطية الستر ومانعية النجاسة بتكرار الصلاة فيهما - اللهم الا ان يكون نظر الحلى (قدس سره) في حكمه بوجوب الصلاة عاريا إلى تقديم اعتبار الامتثال التفصيلي في العبادة على شرطية الستر - كما يكشف عنه حكمه بعدم جواز الاكتفاء بالاحتياط إذا توقف على تكرار العبادة حتى مع عدم التمكن من الامتثال التفصيلي (ولكن) سيجئ ما فيه انشاء الله تعالى.

 (الثاني) إذا كان المعلوم بالإجمال من العبادات، فهل يكفي في صحتها مجرد الاتيان بها بداعي احتمال الامر والمطلوبية كما في الشبهات البدوية المحضة، أو لا يكتفي بذلك، بل لابد من قصد امتثال الامر المعلوم بالإجمالي على كل تقدير المتوقف على ان يكون المكلف حال الاتيان بأحد المحتملين قاصدا للإتيان بالمحتمل الآخر ايضا :

(فيه وجهان) مبنيان على المسلكين في مبحث قصد القربة من البرائة والاشتغال في نحو هذه القيود غير المأخوذة في متعلق الامر فعلى القول بالبراءة هناك كما هو المختار يجوز الاكتفاء في المقام بداعي احتمال الامر في الخروج عن العهدة كما في موارد الشبهات البدوية ول يعتبر في صحة الماتى به ان يكون حال الاتيان به قاصدا للإتيان بالمحتمل الاخر بل يصح ذلك ويحصل الامتثال به على تقدير تعلق الامر به واقعا ولو كان قاصدا لعدم الاتيان بالمحتمل الآخر (واما على القول) بالاشتغال فلابد في صحة المأتي به والخروج عن عهدة الامتثال من قصد امتثال الامر المعلوم بالإجمال على كل تقدير ولا يجوز الاكتفاء بقصد احتمال تعلق الامر به (ومن العجب) ان بعض الاعلام (قدس سره) مع التزامه باعتبار الامتثال الجزمي في العبادة مهما امكن في حسن الطاعة وتحقق الامتثال وبنائه على الاشتغال في نحو هذه القيود عند الشك في اعتبارها، التزم في المقام بجواز الاكتفاء بداعي احتمال تعلق الامر بالمأتي به، نظرا إلى تخيل كون الامتثال احتمالي على كل تقدير (حيث) اورد على الشيخ (قدس سره) القائل بلزوم قصد امتثال الامر المعلوم بالإجمال على كل تقدير في حسن الطاعة والامتثال وعدم جواز الاكتفاء بمجرد قصد احتمال الامر (بان) مجرد العلم بتعلق الامر بأحد المحتملين لا يوجب فرقا في كيفية النية في الشبهات بين البدوية والمقرونة بالعلم الاجمالي، فان الطاعة والامتثال على كل حال لا تكون الا احتماليا، لانه لا يتمكن المكلف بازيد من قصد امتثال الامر الاحتمالي عند الاتيان بكل من المحتملين، فلا يتوقف تحقق الامتثال في كل منهما على قصد الامر المعلوم بالإجمال، بل لو اتى المكلف بأحد المحتملين من دون ان يكون قاصدا للإتيان بالمحتمل الاخر يحصل الامتثال (ولا يخفى عليك) وضوح الفرق بين ان يكون الداعي على الاتيان بالمحتمل احتمال تعلق الامر به، وبين ان يكون الداعي على الاتيان به هو احتمال انطباق العبادة المعلومة بالإجمال المأتية بداعي امره الجزمي عليه، فان الانبعاث على الثاني يكون انبعاثا عن الامر الجزمى وان الاحتمال مقدمة لتطبيق ما يدعوه جزما على مورده، لا ان ما يدعوه إليه هو احتمال الامر والمطلوبية، بخلاف الاول فانه انبعاث عن الامر المحتمل بما هو محتمل، وبعد الالتزام باعتبار الانبعاث الجزمي في صحة العبادة مهما امكن لا مناص من المصير في المقام إلى لزوم قصد الامر المعلوم بالإجمال في كل من المحتملين المتوقف على كونه حال الاتيان بأحد المحتملين قاصدا للإتيان بالمحتمل الآخر، فتدبر فيما ذكرن فانه دقيق وبالقبول حقيق (الثالث) لو كان المعلوم بالإجمال امرين مترتبين، كالظهر والعصر المردد بين القصر والاتمام، أو بين الجهات الاربع عند اشتباه القبلة، فهل يعتبر في صحة الدخول في محتملات العصر ان يكون بعد استيفاء جميع محتملات الظهر، أو انه لا يعتبر ذلك، فيجوز الاتيان ببعض محتملات العصر قبل استيفاء جميع محتملات الظهر بان يأتي بكل واحد من محتملات العصر عقيب فعل كل واحد من محتملات الظهر إلى الجهة التي صلى الظهر إليها بنحو يحصل له اليقين بحصول الترتيب بينهما بعد الاتيان بمجموع محتملات المشتبهين (فيه وجهان):

 قد يقرب الاول من جهة دعوى تقدم رتبة الامتثال التفصيلي مهما امكن على الامتثال الاجمالي، ببيان انه كما يجب تقديم الامتثال التفصيلي مع الامكان في موارد اشتباه القبلة واشتباه الثوب الطاهر بالنجس، فلا يجوز تكرار الصلاة كذلك في المقام، فانه بعد اشتراط الترتيب بين الظهرين لابد في مقام الامتثال من احراز تحقق الترتيب حال الاتيان بمحتملات العصر، ولا يكفي مجرد العلم بتحققه بعد الاتيان بمجموع محتملات المشتبهين بعد امكان رفع الترديد من جهة شرطية الترتيب، بان يكون شروعه في محتملات العصر بعد القطع بفراغ ذمته عن التكليف بالظهر (ولكن فيه) اولا منع تقدم رتبة الامتثال التفصيلي على الامتثال الاجمالي، بعد كون الثاني كالأول في الخروج عن العهدة، لعدم تمامية ما افادوه في وجه تقديم الامتثال التفصيلي كما حققناه في محله (ولو سلم ذلك) فانما هو إذا كان اهماله موجبا للتردد في اصل الواجب بنحو يلزم منه التكرار في العبادة، فلا يجري في مثل المقام - حيث لا يلزم من اهماله تكرار زائد عما يقتضيه حيث اشتباه القبلة مثلا - كي يقال انه كما يجب رفع اصل الترديد مع الامكان - كذلك يجب تقليله مهما امكن وثالث مع الغض عن ذلك(نقول):

 ان ذلك انما ينتج إذا كان المعتبر في الصلاة هو القطع بوقوع محتمل العصرية بما انه محتمل عقيب الظهر الواقعي (والا) فبناء على ان المعتبر هو القطع بوقوع العصر الواقعي عقيب الظهر الواقعي - فلا يفرق بين الصورتين (فان الاضافة) القبلية كما انها مشكوكة في الصورة الثانية حال الاتيان بكل واحد من محتملات العصر، كذلك تكون مشكوكة في الصورة الاولى - نظرا إلى الشك في عصرية المحتمل المأتى به - غير ان الفرق بينهما انه في الصورة الثانية يكون الشك في تحقق الاضافة القبلية ناشئا عن الشك في تحقق طرفي الاضافة، وفي الصورة الاولى يكون الشك فيها ناشئا عن الشك في تحقق طرف واحد وهو عصرية الماتي به، وهذا المقدار من الفرق غير مجد في التفرقة بينهما (واما الجزم التقديري) بتحقق الترتيب بينهما - فهو كما انه حاصل في الصورة الاولى - كذلك هو حاصل في الصورة الثانية - فانه على تقدير كون المأتي به عصرا واقعيا يقطع بتحقق الترتيب بينهما - من جهة ملازمة عصرية الماتى به واقعا لكون تلك الجهة هي القبلة الملازم لكون الماتى به اولا إلى تلك الجهة بعنوان الظهرية واقعيا (ولئن شئت قلت) ان الشك في جميع المحتملات متعلق بالقبلة محضا. والا فمن حيث الترتيب لا شك فيه ولا ترديد بل هو مما يقطع بتحققه في فرض كون القبلة هي الجهة التي صلى الظهرين إليها، لا ان هناك ترديد ان يتعلق احدهما بالقبلة - والاخر بالترتيب - كي يقال بلزوم رفع الجهل والترديد وتقليله مع الامكان (كيف) ولازم تعدد الجهل انما هو بقاء احدهما في فرض ارتفاع الاخر - كما في الجهل الحاصل من جهة القبلة واللباس وليس كذلك في المقام - فانه لو فرض ارتفاع الجهل من جهة القبلة لا ترديد من جهة الترتيب وذلك لا من جهة لملازمة ارتفاع الترديد من جهة القبلة لارتفاعه من جهة الترتيب، بل من جهة عدم كونه بنفسه مع قطع النظر عن الجهل بالقبلة موردا للشك والترديد (وحينئذ) فالتحقيق هو الوجه الثاني - وهو كفاية فعل بعض محتملات الظهر في صحة الشروع في محتملات العصر على نحو يحصل اليقين بحصول الترتيب بينهما بعد الاتيان بمجموع محتملات المشتبهين فتدبر.

(هذا كله) فيما كان الواجب مرددا بين المتبائنين.

المقام الثاني في الاقل والاكثر:

وهو اما استقلالي أو ارتباطي، والفرق بينهما انما هو من جهة وحدة التكليف والغرض في ظرف وجوب الاكثر في الثاني وتعدده في الاول المستتبع لتعدد المثوبة والعقوبة عند الموافقة والمخالفة، ولتحقق الاطاعة بمجرد الاتيان بالأقل ولو لم يكن في ضمن الاكثر، بخلاف الارتباطي، فان امتثال الاقل على فرض وجوب الاكثر منوط بكونه في ضمن الاكثر, (ثم انه لا اشكال) في جريان البرائة عن الاكثر في الاول، لانحلال العلم الاجمالي فيه حقيقة حسب انحلال الخطاب إلى خطابات متعددة مستقلة إلى علم تفصيلي بالتكليف بالأقل وشك بدوي في التكليف بالأكثر، فتجرى فيه البراءة عقليها ونقليها، سواء فيه بين كون الشبهة وجوبية أو تحريمية، وسواء فيه بين كون منشأ الاشتباه هي الامور الخارجية وبين كونه فقدان النص، أو اجماله، أو تعارض النصين نعم فيه يكون الحكم هو التخيير بمقتضى النصوص الخاصة (وانما الكلام والاشكال) في جريانها في الاقل والاكثر الارتباطي وقبل الخوض في البحث ينبغي تقديم امور:

(الاول) ان محل الكلام في المقام، انما هو إذا كان الاقل بنفس ذاته وحصته المعينة سوى حد الاقلية محفوظا في ضمن الاكثر، مع كونه من جهة الزيادة مأخوذا على نحو لا بشرط واما إذا لم يكن الاقل محفوظ بذاته في ضمن الاكثر، أو كان مأخوذا من جهة الزيادة على نحو بشرط لا (فهو خارج) عن مركز هذا النزاع، وبذلك يخرج ما كان الدوران فيه بين الطبيعي والحصة كالانسان بالنسبة إلى زيد عن موضوع الاقل والاكثر، لان الطبيعي باعتبار قابليته للانطباق على حصة اخرى منه المبائنة مع زيد لا تكون محفوظا بمعناه الاطلاقي في ضمن الاكثر، فيدخل في التعيين والتخيير الراجع إلى المتبائنين (كما انه) يخرج باب الدوران بين القصر والاتمام عن موضوع هذا البحث، فانه باعتبار اخذ الاقل فيه بشرط لا عن الزيادة داخل في عنوان المتبائنين لتبائن الاقل المحدود بكونه بشرط لا مع الاكثر .

(الثاني) الظاهر هو رجوع هذا النزاع في المقام بين الاعلام إلى بحث صغروي في ان المورد من موارد الشك في التكليف الجاري فيه البرائة، أو الشك في المكلف به الجاري فيه الاحتياط، حيث ان هم القائل بالبرائة فيه انما هو اثبات اندراجه في صغري الشك في التكليف، كما ان هم القائل بالاشتغال اثبات كونه من صغريات الشك في المكلف به الجاري فيه الاحتياط، لا ان النزاع بينهم كان في اصل الكبرى حتي مع تسليم اندراج المقام في الشك في التكليف أو المكلف به (كيف) وهو مع بعده في نفسه، تنافيه قضية استدلالاتهم في المقام بإرجاع الشك في الاكثر إلى الشك في التكليف كما عن القائل بالبرائة، والى الشك في المكلف به والخروج عن عهدة التكليف كما عن القائل بالاشتغال .

(الثالث) الظاهر انه لا اختصاص لهذا النزاع بخصوص المركبات، بل يجري في البسائط ايضا إذا كانت ذات مراتب متفاوتة (حيث) ان الامر البسيط باعتبار مراتبه يدخل في عنوان الاقل والاكثر فيجري فيه النزاع (ولذلك) قلنا في مبحث الصحيح والاعم انه لا يبتنى النزاع في الصلاة من جهة الوضع للصحيح أو الاعم، وكذا في مرجعية البرائة، أو الاشتغال عند الشك في دخل شيء فيها بنحو الشطرية أو الشرطية على خصوص القول بالتركب فيها، بل يجري فيها كلا النزاعين ولو على البساطة ايضا إذا فرض كونها ذات مراتب مختلفة حاصل كل مرتبة منها من قبل جزء أو شرط (لان) مرجع الشك في مدخلية شيء بنحو الجزئية أو الشرطية إلى الشك في التكليف بالنسبة إلى تلك المرتبة المتحققة من قبل المشكوك فيه على تقدير دخله، فيرجع إلى الاقل والاكثر (نعم) انما لا يجري هذ النزاع إذا كان البسيط امرا وحدانيا غير مختلف المراتب، كما انه عليه لا يجري النزاع المعروف هناك من حيث الوضع للصحيح أو الاعم، لدورانه حينئذ بين الوجود والعدم، فلا يتصور له وجود يتصف بالصحة تارة، وبالفساد اخرى حتى يجري فيه النزاع من حيث الوضع للصحيح أو الاعم كما هو ظاهر وبعد ما عرفت ذلك ، (نقول) ان للأقل والاكثر اقسام كثيرة (فان) الترديد بين الاقل والاكثر، اما ان يكون في نفس المأمور به اعني فعل المكلف وتركه المطالب به أو لمتعلقه فيما كان لمعروض التكليف تعلق بموضوع خارجي، واما ان يكون في الاسباب والمحصلات الشرعية أو العقلية والعادية (وعلى التقديرين) تارة يكون الاقل والاكثر من قبيل الجزء والكل (واخرى) يكون من قبيل الشرط والمشروط، (وثالثة) يكون من قبيل الجنس والنوع، ثم ما كان من قبيل الشرط والمشروط، (تارة) يكون منش انتزاع الشرطية أمرا خارجا عن المشروط مغايرا معه في الوجود خارجا كالطهارة والستر بالنسبة إلى الصلاة (واخرى) يكون متحدا مع المشروط وقائما به نظير قيام العرض بمعروضه كما في جميع المحمولات بالضميمة (وعلى التقادير) تارة تكون الشبهة وجوبية (واخرى) تحريمية ومنشأ الاشتباه، اما ان يكون هو فقد النص المعتبر واما اجماله - أو تعارضه، ورابعة الامور الخارجية.

(ولنقدم الكلام) في القسم الاول من الصورة الاولى وهو ما يكون الترديد بين الاقل والاكثر في اجزاء المركب المأمور به كالشك في جزئية السورة أو جلسة الاستراحة للصلاة (فنقول): انه اختلف فيه كلماتهم على اقوال ثلاثة :

(احدها) البرائة عقلا ونقلا (وثانيها) الاحتياط كذلك (وثالثها) الاحتياط عقل والبراءة نقلا (ولكن المختار) هو القول الاول وتوضيح المرام يستدعي تقديم امور :

(الاول) في ان الاجزاء في المركبات هل هي مقدمة للكل والمركب بحيث كان فيها ملاك المقدمية (وعلى فرض) تحقق ملاك المقدمية فيها لتحقق المركب الاعتباري، هل يمكن ان تتصف بالوجوب الغيري علاوة عن اتصافها بالوجوب النفسي (فنقول) الذي يظهر منهم في مبحث مقدمه الواجب من تقسيمهم المقدمة إلى الداخلية والخارجية وعدهم الاجزاء من قبيل الاول الذي يكون دخله في اصل حقيقة الشيء وماهيته هو القول بمقدمية الاجزاء للمركبات ودخولها في حريم النزاع (وغاية) ما قيل أو يمكن ان يقال في وجه ذلك، هو دعوى ان الاجراء عبارة عن ذوات الاجزاء لا بشرط من حيث الانضمام إلى الاكثر والمركب عبارة عن الذوات المزبورة بشرط الاجتماع بنحو كان لوصف الاجتماع الطارئ عليها دخل في المركب نظير الهيئة الخاصة في السرير في المركب الخارجي الحاصلة من انضمام ذوات الاخشاب بعضها ببعض على هيئة مخصوصة فذوات الاجزاء حينئذ بملاحظة كونها وجودات مستقلة معروضة للهيئة الاجتماعية المقومة للكل والمركب متقدمة طبعا على الكل والمركب وبذلك تكون فيها ملاك المقدمية للمركب، وباعتبار كونها وجودات ضمنية للمركب تكون عين الكل والمركب (وبهاذين) الاعتبارين يقرب ايضا وجه صحة عروض الوجوب الغيري والنفسي عليها ولو مع اتحادها مع المركب في الخارج (وذلك ايضا) بضميمة ما مر منا مرارا من كون معروض الارادة والكراهة وغيرهما من الصفات القائمة بالنفس هي الصور الحاكية عن الخارج بنحو لا يلتفت إلى ذهنيتها في ظرف وجودها، مع عدم تعديها من الصور إلى الموجود الخارجي، إذ الخارج ظرف اتصافه بها، لا ظرف عروضها، لان ظرف عروضها لا يكون الا الذهن (فيقال) حينئذ انه بعد تغاير هذين الاعتبارين في الذهن ووقوف الطلب على نفس العناوين والصور، لا مانع من اتصاف الاجزاء بأحد الاعتبارين بالوجوب الغيري وبالاعتبار الاخر للوجوب النفسي الضمني - فان - المتصور في الذهن بهذين الاعتبارين صورتان متغايرتان غير الصادق احداهما على الاخرى - نعم - بناء على تعلق الاحكام بالخارج اما بدوا أو بالسراية بتوسيط الصور، يستحيل اتصاف الاجزاء بالوجوبين لكونه من اجتماع المثلين الذي هو في الاستحالة، كاجتماع الضدين، وفى مثله لا مجال لتوهم التأكد ايضا - لانه - انما يصح إذا كان الحكمان في عرض واحد ومرتبة فارده، لا فيمثل المقام الذى كان احد الحكمين معلولا للأخر وفي مرتبة متأخرة عنه - فان - تأخر احد الحكمين حينئذ رتبة يمنع عن التأكد كما هو ظاهر - ولكن - اصل المبنى فاسد جدا، لما عرفت مرارا من ان معروض الاحكام انما هي العناوين والصور، وعليه يتجه اتصافها بالوجوب الغيرى والنفسي، هذا (ولكن لا يخفى عليك) فساد القول بمقدمية الاجزاء فان مناط مقدمية شيء لشيء ليس الا كونه مما يتوقف عليه وجود الشيء وفي رتبة سابقة عليه بنحو يتخلل بينهما الفاء في قولك وجد فوجد على ما هو الشأن في كل علة باجزائها بالنسبة إلى المعلول- ومن الواضح - استتباع ذلك للمغايرة والاثنينية بين المقدمة وذيها في الوجود علاوة عن اختلافهما مرتبة، والا فبدونه لا يكاد يصح انتزاع هذا العنوان عن الشيء وبعد ذلك، نقول انه من الواضح عدم تحقق هذا المناط بالنسبة إلى اجزاء المركب، فانها باعتبار كونها عين المركب بحسب الهوية والوجود لا يكاد يتصور فيها ملاك المقدمية، ولو على القول بان المركب عبارة عن الاجزاء مع وصف الاجتماع، لان لازم ذلك هو دخول الاجزاء في المركب وعينية وجودها مع وجوده، غاية الامر على نحو الضمنية - لا الاستقلالية - ولازمه انتفاء ملاك المقدمية فيها اعني استقلال كل من المقدمة وذيها في الوجود وتقدمها على ذيها رتبة - نعم - لازم ذلك هو تقدم بعض اجزاء المركب على البعض الاخر وهو الجزء الصوري اعني وصف الاجتماع، نظير تقدم ذوات اخشاب السرير على الهيئة السريرية العارضة عليها - وذلك غير مرتبط بمقدمية الاجزاء للمركب - لان المركب حينئذ عبارة عن الاجزاء الخارجية مع الجزء الصوري - لا انه عبارة عن خصوص الجزء الصوري والهيئة الاجتماعية - والا يلزم خروج الاجزاء عن كونها مقدمات داخلية - لاندراجها حينئذ في المقدمات الخارجية، نظير الطهارة والستر والقبلة بالنسبة إلى الصلاة - وهو خلف - على انه - من الواضح انه ليس مناط تركب الواجب بما هو واجب وارتباطه على مثل هذه الوحدة الناشئة عن اجتماع امور متكثرة تحت هيئة واحدة خارجية، بل المناط كله في تركب الواجب وارتباط بعض اجزائه بالأخر واستقلاله، انما هو بوحدة الغرض والتكليف المتعلق بأمور متكثرة وتعددهما (فانه) بقيام تكليف واحد بأمور متكثرة تبعا لوحدة الغرض القائم بها، ينتزع منها في مرتبة متأخرة عن تعلق الوجوب بها عنوان التركب والارتباط للواجب وعنوان الكلية للمجموع والجزئية لكل واحد منها ولو لم تكن تحت هيئة واحدة خارجية أو غيرها من زمان أو مكان ونحو ذلك، كما في اطعام ستين مسكينا في الكفارة .

(كما انه) بتعلق تكاليف متعددة مستقلة واغراض كذلك بكل واحد منها، ينتزع منها استقلال كل واحد منها في عالم الواجبية، فيكون كل واحد واجبا مستقلا ناشئا عن غرض مستقل له امتثال وعصيان مستقل في قبال الاخر ولو مع فرض كونها في الخارج تحت هيئة مخصوصة خارجية كهيئة السير مثلا، غاية الامر اعتبار كونه تحت هيئة خاصة اوجب تلازم امتثالها خارجا (ولكن)مجرد ذلك لا يوجب خروجها عن كونه واجبات مستقلة غير مرتبط احدها بالأخر في عالم واجبيته حتى في فرض دخل الهيئة المخصوصة على نحو الشرطية في تعلق الوجوب بكل واحد منها، فضلا عن فرض عدم دخلها .,

(وبمثل هذا البيان) نفرق بين العام المجموعي والافرادي ايضا، حيث نقول ان العمدة في الفرق بينهما انما هو من جهة وحدة الحكم المتعلق بالأفراد لبا وتعدده على نحو ينحل الحكم الواحد انشاء إلى احكام عديدة مستقلة حسب تعدد الافراد - ويكون لكل اطاعة مستقلة وعصيان مستقل - لا ان الفرق بينهما من جهة خصوصية في المدخول توجب اختلافا في نحوى العموم كما توهم، وحينئذ فإذا لم يكن مدار تركب الواجب بما هو واجب واستقلاله الا على وحدة التكليف المتعلق بالمتكثرات الخارجية وتعدده تبعا لوحدة الغرض القائم بها وتعدده (نقول) من الواضح انه لابد من تجريد متعلق الوجوب في عالم عروضه عن الارتباط الناشئ من قبل وحدة الوجوب ايضا لاستحالة اعتبار مثل هذا الارتباط والتركب الناشئ من قبل وحده الوجوب في معروضه (كيف) وان اعتبار التركب والكلية والجزئية للواجب بما هو واجب انما هو في رتبة متأخرة عن تعلق الوجوب، وهذه الرتبة لا تكون صقع عروض الوجوب عليه وانما صقع عروضه هي المرتبة السابقة، وفى هذه المرتبة لا يكون اعتبار الكلية والتركب للواجب كي يتعلق الوجوب بالمركب (وحينئذ) فلا يتصور لمتعلق الوجوب تركب وارتباط في مرحلة عروضه، كي يبقى مجال توهم مقدمية اجزاء الواجب، وينتهى الامر إلى البحث عن وجوبها الغيرى، كما هو ظاهر - لا يقال - ان الممتنع انما هو اخذ الارتباط الناشئ من قبل وحدة التكليف في متعلق نفسه وكذا الارتباط الناشئ من قبل اللحاظ والمصلحة في متعلقهما - واما اعتبار الوحدة الناشئة من قبل وحدة اللحاظ والمصلحة في متعلق الامر والتكليف، فلا مانع عنه لإمكان تعلق اللحاظ أو لا بما هو المؤثر والمتصف بالمصلحة، وتعلق الوجوب بما هو المتصف بالملحوظية بهذا العنوان الطاري، فيكون تركب الواجب وكليته حينئذ بهذا الاعتبار - فانه يقال - ان ذلك وان كان ممكنا في نفسه، ولكنه بهذا العنوان لا يكون معروضا للوجوب وانما معروضه هو ما تقوم به اللحاظ والغرض وهو لا يكون الا نفس المتكثرات الخارجية لكونها هي المؤثرة في الغرض والمصلحة، لا العنوان الطاري عليها من قبل قيام وحدة اللحاظ أو المصلحة بها كما هو ظاهر، وحينئذ فإذا كان انتزاع تركب الواجب بما هو واجب أو كليته ممحضا بكونه من جهة تعلق وجوب واحد بأمور متكثرة، فلا يتصور في معروض هذا الوجوب تركب وكلية للواجب كي يصير مركز البحث في مقدمية اجزائه ووجوبها غيريا (نعم) لو كانت الوجودات المتكثرة في نفسها تحت هيئة واحدة خارجية كأجزاء السرير مثلا وتعلق وجوب واحد بكل واحد من الذوات مع الهيئة المخصوصة العارضة عليها، لا بأس بدعوى مقدمية بعض الواجبات الضمنية لواجب ضمني آخر وهى الهيئة المخصوصة (ولكن ذلك) مع كونه غير مرتبط بمقام تركب الواجب بما هو واجب، لا يكاد يصلح هذا المقدار مع وحدة الوجوب المتعلق بالجميع لترشح الوجوب الغيري إليها (فانه) مع وجوب كل واحد من ذوات الاجزاء في الرتبة السابقة بعين وجوب الجزء الاخر يستحيل ترشح الوجوب الغيري إليها ثانيا عما هو متحد مع وجوبها، ولا مجال في مثله للتأكد ايضا، لان ذلك انما هو فيما كان الوجوبان في عرض واحد (نعم) انما يتجه ذلك فيما لو كان كل واحد من الذوات المزبورة مع الهيئة المعارضة عليها واجبا مستقلا في قبال الاخر، فانه مع تعدد الوجوب لا بأس بمقدمية بعض الواجبات المستقلة لواجب آخر مستقل وترشح الوجوب الغيري من ذي المقدمة إلى مقدمته، حيث ان نتيجة ذلك بعد عرضية الوجوبين انما هو تأكد وجوبه، ولكن اين ذلك والمقام الذي لا يكون كذلك، فتدبر .

الامر الثاني : لا شبهة في ان من لوازم ارتباطية الواجب، هو ان يكون دخل كل واحد من ذوات الاجزاء في تحقق الغرض والمصلحة على نحو المؤثرية الضمنية لا الاستقلالية، كما هو الشأن في جميع العلل المركبة بالنسبة إلى معاليلها، حيث يكون دخل كل واحد من ذوات اجزاء العلة في تحقق المعلول بنحو المؤثرية الضمنية الراجع إلى مؤثرية كل جزء منها لسد باب عدم المعلول من قبله (ولازمه) بعد عدم قابلية الغرض الواحد القائم بذوات الاجزاء للتبعيض عقلا، وان كان اناطة الغرض في مقام تحققه بتحقق جميع الاجزاء باسرها، الملازم لعدم اتصاف شيء من الاجزاء بالوجوب الفعلي والمؤثرية الفعلية الا في ظرف انضمام بقية الاجزاء الاخر، لان بانتفاء بعضها ينتفي الغرض والمصلحة لا محالة، فلا يكاد اتصاف البقية بالوجوب الفعلي والمؤثرية الفعلية (ولكنه) من المعلوم ان عدم اتصافه بذلك ليس من جهة قصورها فيما لها من المؤثرية الضمنية في الغرض والمصلحة، بل انما يكون ذلك من جهة قصور المصلحة والارادة المتعلقة بها من جهة ضمنيتها عن الشمول له حتى في حال انفرادها عن بقية الاجزاء الاخر، الناشئ ذلك من جهة عدم تحقق الاجزاء الاخر، نظرا إلى عدم قابلية الارادة الواحدة والغرض الواحد القائمين بتمام ذوات الاجزاء للتبعيض في مقام التحقق (كيف) وان شأن كل جزء أو شرط لا يكون الا سد باب عدم المطلوب من قبله، ولا اشكال في انه بتحقق كل جزء يتحقق السد المزبور لا محالة، الا ان عدم تحقق المطلوب عند عدم انضمام بقية الاجزاء إليه انما يكون من جهة عدم انسداد عدمه من قبل اجزاء غير الماتى بها، لا انه من جهة القصور في الاجزاء المأتى بها فيما لها من الدخل في تحقق المطلوب (وتوهم) رجوعه بالأخرة إلى القصور في الاجزاء المأتي بها في مرحلة اتصافها بالمؤثرية والوجوب الفعلي، نظرا إلى تخيل تقيد الاجزاء كل واحد منها في مقام الاتصاف بالواجبية والمؤثرية الفعلية بصورة الانضمام ببقية الاجزاء، ومع عدم تحقق جزء منها لا يكاد تتصف الاجزاء المأتية بالمؤثرية، لان المؤثر الفعلي في الغرض انما يكون هو المقيد بالانضمام المزبور، وهو غير متحقق (مدفوع) بان معروضية الاجزاء للاتصاف المزبور انما يكون تابعا لمعروضتها للوجوب والمصلحة، وكما ان في مقام العروض لا يكون معروض الوجوب والمصلحة الا نفس ذوات الاجزاء، لا انها بما هي متقيدة بالانضمام المزبور، كذلك فيقام اتصافها بالواجبية والمؤثرية الفعلية في الغرض والمصلحة (وثانيا) مع الاغماض عن ذلك، نقول انه بعد انحلال المقيد إلى الذات والتقيد، فلا محالة تكون ذوات الجزء الذي هو طرف التقيد على ماله من الشأن في الدخل في تحقق الغرض سواء انضم إليه حيث التقيد المزبور ام لا، حيث ان عدم تحقق الغرض حينئذ انما كان من جهة فقد التقيد الناشئ من جهة فقد بقية الاجزاء، لا انه من جهة القصور في الاجزاء المأتى بها (فعلى كل حال) يكون انتفاء الغرض وعدم اتصاف الاجزاء المأتي بها بالواجبية والمؤثرية الفعلية مستند إلى فقد بقية الاجزاء، لا إلى قصور الاجزاء المأتية في عالم مؤثريتها في الغرض، قلن بان لحيث التقيد بالانضمام المزبور دخل ايضا في تحقق الغرض ام لا، بل كان المؤثر في تحققه هو نفس ذوات الاجزاء، غاية الامر في حال الانضمام على نحو القضية الحينية لا التقييدية الامر الثالث لا يخفى ان وصف الاقلية والاكثرية للواجب في المقام انما يكون باعتبار حد التكليف من حيث وقوفه على الاقل أو شموله وانبساطه على الجزء المشكوك (فمرجع) الشك في ان الواجب هو الاقل أو الاكثر إلى ان شخص التكليف المنبسط على ذوات الاجزاء هل هو محدود بحد يشمل الجزء المشكوك أو بحد لا يشمله نظير شخص الحظ الذي يشك في انه محدود بكونه إلى ذراع أو ازيد (ومن الواضح) ان هذا المقدار من الحدود المتبادلة لا يوجب اختلافا في ذات الوجوب التي هي مصب حكم العقل بالإطاعة، ولا في ناحية معروض هذا الوجوب ايضا بحيث يكون الواجب المعروض للوجوب محدودا في الرتبة السابقة عن تعلق الوجوب به بحد القلة أو الكثرة، بل هو من المستحيل، بداهة ان طرو حد القلة انما نشاء من ناحية قصور الوجوب تبعا لقصور مقتضيه وهى المصلحة عن الشمول للزائد، فيستحيل اخذ مثله في معروض هذا الوجوب (كما ان حد الكثرة) للأكثر ايضا لا يوجب تقييد الاقل المعروض للوجوب بكونه في ضمن الاكثر كي يختلف حاله بوجوبه استقلالا أو ضمنا (لان) مثل هذه الضمنية التي هي منشأ ارتباط الاجزاء بالاجزاء انما جاء من قبل وحدة الغرض والتكليف المتعلق بالجميع، فيستحيل اخذ مثل هذه الحيثيات الناشئة من قبل الامر والتكليف في متعلقه (نعم) هو مانع عن اطلاقه، فلا يكون الاقل المعروض للوجوب الضمني الا ذات الاقل بنحو الاهمال، لا مقيدة بقيد الانضمام ولا مطلقة من حيث الانضمام (كما انه) بقصور الوجوب عن الشمول للزائد عند وجوب الاقل لا يكون الواجب في عالم عروض الوجوب عليه الا الذات التوئمة مع حد القلة لا بشرط القلة ولالا بشرطها، مع كون الواجب من جهة الانضمام بالزائد خارجا مأخوذا بنحو لا بشرط على معنى عدم اضرار انضمام الزائد بوجوبه، من غير اعتبار حد القلة فيه خارجا، وال يدخل في المتبائنين، كالقصر والاتمام فيجب فيه الاحتياط بتكرار العمل خارجا، تارة بإتيان الاقل لا في ضمن اكثر، واخرى في ضمنه، لا الاكتفاء بإتيانه في ضمن الاكثر، كما هو مرام القائل بالاحتياط في المقام (وحينئذ) فمتى شك في كون الواجب هو الاقل أو الاكثر لا يكون هذا الشك الا في حد الوجوب محضا في انه محدود بحد لا يشمل الزائد أو بحد يشمله، من غير ان يوجب ذلك اختلافا في الاقل المعروض للوجوب استقلالا أو ضمنا، كي يتردد بذلك بين المتبائنين، بل ما هو الواجب مستقلا بعينه هو الواجب ضمنا بذاته ومرتبته، غير ان الامتياز انما هو بشمول الوجوب وانبساطه على الزائد وعدمه (ومن ذلك) لا مجال لتشكيل العلم الاجمالي في المقام بالنسبة إلى نفس الواجب وذات التكليف مع قطع النظر عن حد الاقلية والاكثرية إذ لا يكون الامر المردد في المقام من باب مجمع الوجودين كما في المتبائنين حتى يجئ فيه المناط المقرر في العلم الاجمالي من صحة تشكيل قضيتين منفصلتين حقيقيتين في الطرفين، وانما يكون ذلك من باب مجمع الحدين، حيث كان العلم الاجمالي بين حدي الوجوب الطاري بالعرض على معروضه، والا فبالنسبة إلى ذات الوجوب وحيث وجوده الذي هو مصب حكم العقل بوجوب الاطاعة لا يكون الاعلم تفصيلي بمرتبة من التكليف بالنسبة إلى الاقل وشك بدوي بمرتبة اخرى منه متعلقة بالزائد، كما هو ظاهر واذ عرفت هذه الامور يظهر لك انه متى تردد الواجب بين الاقل والاكثر لا قصور في جريان البرائة العقلية عن الاكثر، لوجود المقتضى وهو الشك وانتفاء المانع وهو العلم الاجمالي (لما عرفت) من ان العلم الاجمالي المتصور في المقام انما هو بالنسبة إلى حد التكليف من حيث تردده بين كونه بحد لا يتجاوز عن الاقل أو بحد يتجاوز عنه ويشمل الزائد - والا فبالنسبة إلى نفس التكليف والواجب - لا يكون من الاول الاعلم تفصيلي بمرتبة من التكليف وشك بدوي محض بمرتبة اخرى منه متعلقة بالزائد (ولذلك) نقول ان في تسمية ذلك بالعلم الاجمالي مسامحة واضحة - لانه في الحقيقة لا يكون الا من باب ضم مشكوك بمعلوم تفصيلي (نعم) لو كان لحد القلة والكثرة وجهة الارتباط والانضمام دخل في موضوع التكليف بحيث يكون قصور الوجوب عن الشمول للزائد موجبا لاختلاف الاقل في عالم معروضيته للوجوب الاستقلالي والضمني، لكان لدعوى العلم الاجمالي كما عن المحقق صاحب الحاشية (قدس سره) مجال، نظرا إلى تردد الواجب حينئذ بين المتبائنين وصيرورته باعتبار تردد الحدود من باب مجمع الوجودين، فانه على تقدير كون متعلق التكليف هو الاقل يكون الاقل في عالم عروض الوجوب عليه مأخوذا على نحو لا بشرط عن الزيادة، وعلى تقدير كون متعلق التكليف هو الاكثر يكون الاقل في عالم تعلق التكليف الضمني به مأخوذا بشرط انضمامه مع الزيادة، ومع تباين المهية اللابشرط القسمي للمهية بشرط شيء، لا محيص بمقتضى العلم الاجمالي من الاحتياط بإتيان الاكثر، (ولكنك) عرفت فساده بما مهدناه في المقدمة الثالثة، من ان مثل هذه الضمنية وجهة ارتباط الاجزاء بالاجزاء انما كانت ناشئة من قبل وحدة الوجوب المتعلق بالجميع، فلا يصلح مثلها لتقييد الاقل المعروض للوجوب في ضمن الاكثر بكونه منضما بالأكثر (وعليه) لا يختلف معروض الوجوب على التقديرين، بل ما هو الواجب مستقلا بعينه هو الواجب ضمن عند وجوب الاكثر، وانما الاختلاف يكون بالنسبة إلى حد وجوبه من حيث تردده بين انبساطه على الزائد وعدمه (وحينئذ) فمع الشك في كون الواجب هو الاقل أو الاكثر لا يكون العلم الاجمالي الا بين حد الوجوب خاصة دون نفسه حيث يكون من باب العلم بشخص الوجوب المردد حده بين الحدين المتبادلين، وبعد وضوح كون مصب حكم العقل بالامتثال والخروج عن العهدة هو ذات التكليف دون حيث حده تجري البرائة العقلية عن التكليف بالأكثر لا محالة من غير ان يمنع عنها هذا العلم الاجمالي كما هو ظاهر (نعم) لو اغمض عما ذكرناه، لا مجال لما عن بعض الاعاظم (قدس سره) من الاشكال عليه، تارة بانحلال العلم الاجمالي حينئذ بالعلم التفصيلي بوجوب الاقل على كل حال لكونه هو المتيقن في تعلق الطلب به وانه لا يضر به اختلاف سنخي الطلب من كونه طورا متعلقا بالمهية لا بشرط وطورا بالمهية بشرط شيء (واخرى) بان المهية لا بشرط لا تباين المهية بشرط شيء، إذ ليس التقابل بينهما من تقابل التضاد حتى يكون التغاير بينهما بالهوية والحقيقة ولا يكون بينهما جامع، وانما التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة، لان مرجع المهية لا بشرط إلى عدم لحاظ شيء معها - لا لحاظ العدم - ومعه يكون الجامع بينهما نفس الماهية ويكون التقابل بينهما بصرف الاعتبار محضا لا بالهوية والحقيقة (إذ فيه) اما الاشكال الاول - فبأنه مع تسليم اختلاف سخي الطلب وتردد الواجب بين المتبائنين من حيث كونه لا بشرط وبشرط شيء - لا مجال لدعوى انحلال العلم الاجمالي بالعلم التفصيلي بمطلق وجوب الاقل (فان) هذا العلم التفصيلي لكونه عين العلم الاجمالي المزبور ومتولدا من قبله غير صالح لحله (واما الاشكال الثاني) فبمنع كون مرجع الماهية لا بشرط إلى مجرد عدم لحاظ شيء معها - بل مرجعها ثبوتا انما هو إلى سعة وجودها في مقابل ضيقه - ومن الواضح انه ليس التقابل بينها وبين المهية بشرط شيء الا بالهوية والحقيقة - لا انه يكون اعتباريا محضا (نعم) في مقام الاثبات والدلالة يكفي في ارادة الماهية لا بشرط مجرد ارسالها - بخلاف الماهية بشرط شيء أو بشرط لا - فانه لابد فيها من ذكر القيد والخصوصية (ثم ان من العجب) ان القائل المزبور مع استشكاله على صاحب الحاشية بما عرفت - اختار القول بالاحتياط العقلي في المقام - ولم يفد في تقريب مختاره على ما في التقريرين الا الوجه المتقدم ذكره من المحقق المحشي (قدس سره) - ويا ليت الناظر البصير يبين وجه الفرق بين تقريب مختاره وبين كلام صاحب الحاشية (قدس سره) (وكيف كان) فالتحقيق ما عرفت من ان العلم الاجمالي المتصور في المقام انما هو بين حدي التكليف (واما) بالنسبة إلى ذات التكليف التي عليها مدار الاطاعة والامتثال - فلا يكون الموجود الاعلم تفصيلي بوجوب الاقل واستحقاق العقوبة على تركه وشك بدوي في اصل وجوب الزائد - فتجرى فيه البرائة لقبح العقاب بلا بيان واصل (وتوهم) استتباع البرائة عن الاكثر على فرض وجوبه لعدم وجوب الاقل ايضا من جهة تبعية الاقل حينئذ للأكثر ثبوتا وسقوطا واشتغالا - ومعه لا مقتضى لوجوب الاتيان بالأقل الا على تقدير مشكوك - وهو تقدير كون الواجب النفسي هو الاقل - وهو ايضا تحت البرائة للشك في وجوبه كذلك - ولازمه عدم وجوب الاتيان بالأقل وجواز المخالفة القطعية (مدفوع) بانه لو تم ذلك فإنما هو إذا قيل باقتضاء اصل البراءة نفي التكليف عن الجزء المشكوك واقعا (والا) فبناء على عدم اقتضائه الا نفي الالزام عنه ظاهرا في ظرف الشك بالواقع الراجع إلى نفى استحقاق العقوبة على ترك الاكثر في فرض وجوبه واقعا من قبل ترك الجزء المشكوك فيه لكونه من هذه الجهة عقابا بل بيان، فلا محذور ولا تنافي بين جريان البرائة عن الاكثر وبين وجوب الاتيان بالأقل (فان) تبعية الاقل للأكثر انما تكون بحسب الحكم الفعلي لا بحسب التنجز ايضا (كيف) وان تنجز كل تكليف لا يكون الا بمقدار قيام البيان عليه لا ازيد، فوجوب الاتيان بالأقل انما هو من جهة استقلاله في قيام البيان عليه، حيث انه يعلم تفصيلا بوجوبه واستحقاق العقوبة على تركه وان لم يعلم ان العقاب لأجل ترك نفسه أو لترك ما هو سبب في تركه، واين ذلك والجزء المشكوك الذي لم يقم عليه البيان على فرض وجوبه واقعا، ومرجع ذلك إلى التفكيك في مجيء الاكثر في العهدة على فرض وجوبه من جهة دون جهة الراجع إلى معذورية المكلف من تركه الناشئ عن ترك الجزء المشكوك لكون العقاب عليه من هذه الجهة عقابا بلا بيان، دون الترك الناشئ عن ترك الاجزاء المعلومة (ثم انه) من التأمل فيما ذكرنا يظهر فساد الوجوه التي استدل بها في المقام لتقريب الاشتغال (منها) دعوى العلم الاجمالي بالتكليف النفسي المردد بين تعلقه بالأقل أو الاكثر، وعدم صلاحية العلم التفصيلي بمطلق وجوب الاقل المردد بين النفسي والغيري لحل العلم الاجمالي، لكونه معلولا للعلم الاجمالي بالوجوب النفسي بينهما وفي رتبة متأخرة عنه (فان) في مثله يكون العلم الاجمالي في الرتبة السابقة مؤثرا في تنجز معلومه في الطرفين، وبتأثيره لا يبقى مجال لتأثير العلم التفصيلي المتأخر حتى يوجب انحلاله، ولازمه بحكم العقل هو الاحتياط ووجوب الاتيان بالأكثر (وتوضيح) الفساد يظهر بالمراجعة إلى ما ذكرناه في المقدمة الاولى من منع تحقق ملاك المقدمية في اجزاء المركب اولا، ومنع قابليتها لعروض الوجوب الغيري عليها عما هو متحد مع وجوبه النفسي ثانيا، بداهة ان الاجزاء باعتبار كونها عين المركب خارجا يكون كل واحد منه بعروض وجوب واحد على الجميع واجبا بوجوب نفسي هو عين وجوب الكل والمركب، ومع وجوبه كذلك يستحيل ترشح الوجوب الغيري إليها ثانيا مما هو عين وجوبها النفسي (وما قرع) سمعك من امكان كون الشيء واجبا بوجوبين النفسي والغيري من جهتين، فإنما ذلك في فرض تعدد الوجوب النفسي كما في كل واجب نفسي يكون هو مقدمة لواجب نفسي آخر، ونتيجة ذلك هو تأكد وجوبه حينئذ، لا فيمثل المقام المتحد وجوب الكل والمركب مع وجوب نفس الجزء، فان في مثله يستحيل ترشح الوجوب الغيري إليه مما هو متحد مع وجوبها، ولا يكون قابلا للتأكد ايضا، لانه فرع عرضية الوجوبين كما هو ظاهر (وحينئذ) فبعد كون الاجزاء واجبة بوجوب نفسي هو عين وجوب الكل والمركب بل مغايرة بينهما بالنفسية والغيرية لا قصور في انحلال العلم الاجمالي المزبور بالعلم التفصيلي بوجوب الاقل، بل عرفت انتفاء العلم الاجمالي حقيقة بالنسبة إلى ذات التكليف التي هي مصب حكم العقل بالإطاعة وانه لا يكون الا علم تفصيلي بشخص التكليف المتعلق بالأقل وشك بدوي محض في تعلقه بالزائد من جهة التردد بين الحدين ومنه ما عن صاحب الكفاية (قدس سره) من دعوى الملازمة بين تنجز التكليف بالأقل بقول مطلق وعلى كل تقدير غيريا أو نفسيا ضمنيا أو استقلاليا، وبين تنجزه في الاكثر، نظرا إلى تبعية وجوب الاقل بمقتضى الارتباطية لوجوب الاكثر وعدم انفكاك وجوبه الضمني أو الغيري عن وجوبه ثبوتا وسقوطا وتنجزا (بتقريب) انه لو لم يتنجز التكليف بالأكثر على تقدير تعلقه به لم يجب الاتيان بالأقل ايضا، لان وجوبه حينئذ يتبع وجوب الاكثر - فمع عدم تنجز التكليف بالأكثر لم يتنجز التكليف بالأقل ايضا الا على تقدير مشكوك فلا يجب الاتيان به لعدم العلم بوجوبه على كل تقدير (فلا بد) حينئذ بمقتضى الالتزام بوجوب الاتيان بالأقل وتنجز التكليف به على كل تقدير من الالتزام بوجوب الاكثر وتنجزه، من غير فرق في ذلك بين القول بوجوب الاجزاء غيريا أو نفسيا، فانه بناء على وجوبه الغيري ايضا لابد من الالتزام بوجوب الاكثر وتنجزه بعين الالتزام بتنجز الاقل ووجوب الاتيان به على كل تقدير والعلم التفصيلي المتولد بمطلق وجوب الاقل غير صالح لانحلال العلم الاجمالي ولو قلنا بصلاحيته لذلك في غير المقام، وذلك لما يلزمه من محذور الخلف، حيث يلزم من تأثير العلم بوجوب الاقل وتنجزه بقول مطلق في الانحلال عدم تنجز التكليف به بقول مطلق المستلزم لعدم وجوب الاتيان به ايضا كما شرحناه ولكن فيه ان ما افيد من ملازمة تنجز التكليف بالأقل على كل تقدير لتنجز التكليف بالأكثر على تقدير وجوبه مبني على اخذ حيث الانضمام بالزائد على تقدير كون متعلق التكليف هو الاكثر قيدا للأقل في مرحلة كونه معروضا للوجوب الضمني كما هو مختاره ايضا فانه حينئذ يستحيل تصور مجيء الاقل في العهدة مستقلا وانفكاكه عن تنجز الاكثر ضرورة منافات ذلك مع اخذ حيث الارتباط والانضمام بالزائد في موضوع الوجوب ولكن المبنى فاسد جدا، لما عرفت من ان جهة الارتباط والانضمام غير مأخوذة في موضوع الوجوب لأنها انما كانت جائية من قبل وحدة الوجوب المتعلق بالاجزاء باسرها، وان موضوع الوجوب في الرتبة السابقة انما كان هو نفس الاجزاء بلا ارتباط لبعضها بالأخر في عالم طرو الوجوب عليها (وعليه) فلا قصور في مجيء الاقل نفسه في العهدة وتنجزه مستقلا بسبب العلم بوجوبه دون الاكثر، بداهة امكان التفكيك (حينئذ) بين تنجزه وتنجز الاكثر، فان تنجز كل تكليف انما هو تابع مقدار قيام البيان عليه لا ازيد ولا شبهة في انه بالعلم بوجوب الاقل ولو ضمنا يستقل التكليف به في قيام البيان عليه وان احتمل عدم استقلاله في الوجود لاحتمال كون الواجب هو الاكثر، ولازمه صيرورة الاقل في العهدة مستقلا حتى على فرض وجوب الاكثر، بخلاف الاكثر فانه على فرض وجوبه واقعا لم يقم عليه بيان يقتضي تنجزه وجوب الاتيان به لما هو المفروض من الشك الوجداني في وجوبه (ومرجع) ذلك كما ذكرناه انفا إلى نحو تفكيك في مجيء الاكثر في العهدة على فرض وجوبه من جهة دون جهة الراجع إلى عدم جواز تركه من قبل ترك الاجزاء المعلومة وحسن العقوبة عليه من هذه الجهة لكونه عقابا ببيان، وعدم استحقاق العقوبة على مخالفته الناشئة من قبل ترك الجزء المشكوك لكونه عقابا بلا بيان، لا ان المقصود اشتغال العهدة مستقلا بالاجزاء المعلومة بما هي في قبال الكل حتى يقال ان الجزء بما هو في قبال الكل لا عهدة له مستقلا وانما عهدته يتبع عهدة الكل (ومنها) التشبث بالعلم التفصيلي بالاشتغال بالأقل كما عن الفصول (قدس سره).

(تقريب) ان التكليف بالجزء أو الشرط الزائد وان كان مشكوكا ولم يكن من هذه الجهة ما يقتضي تنجزه ووجوب الاتيان به بل كان من هذه الجهة مجرى للبرائة العقلية لقبح العقاب بلا بيان، الا ان هناك جهة اخرى تقتضي لزوم الاتيان به واستحقاق العقوبة على تركه على تقدير تعلق التكليف به، وهى استتباع الاشتغال اليقيني بالتكليف بالأقل بحكم العقل للفراغ اليقيني عنه حيث انه بعد ارتباطية التكليف واحتمال دخل الزائد الناشئ من احتمال وجوب الاكثر في سقوط التكليف بالأقل والخروج عن عهدته يستقل العقل بلزوم الاتيان بالأقل على نحو يقطع بوقوعه على صفة الوجوب وكونه مصداقا للمأمور به، ومع ارتباطية التكليف واحتمال وجوب الاكثر وجدان لا يتحقق ذلك الا بالإتيان بالأكثر، إذ لو اقتصر على الاقل لم يعلم بالخروج عن عهدة ما تنجز عليه من التكليف المعلوم فالفراغ عن عهدة التكليف حينئذ كان احتماليا، ومثله مما لا يجوزه العقل مع جزمه بالاشتغال (ولئن شئت) قلت ان سقوط التكليف واقع فرع حصول الغرض الداعي عليه ومع احتمال دخل الزائد يشك في حصول الغرض فيشك في سقوط التكليف والخروج عن عهدته والعقل يستقل بلزوم تحصيل القطع بالفراغ عند الجزم بالاشتغال (ونظير) ذلك ما قيل في تقريب الاشتغال في الاوامر المستقلة عند الشك في التعبدية والتوصيلة بانه بعد دخل القربة في العبادات في تحقق الامتثال وحصول الغرض الداعي على الامر بها لا محيص عند الشك في تعبدية الواجب وتوصليته من الاحتياط بإتيان العمل مقرونا بقصد القربة، لان بدونه يشك في تحقق الامتثال وسقوط الامر المعلوم، للشك في حصول الغرض، غاية الامر الفرق بين المقامين هو ان الامر المعلوم في المقام على تقدير وجوب الاكثر ضمني وهناك استقلالي، والا فهما مشتركان في لزوم الاحتياط بحكم العقل بلزوم تحصيل الجزم بالفراغ هذا (ولكنه) يندفع بما بيناه في المقدمة الثانية من ان حكم العقل بتحصيل الجزم بالفراغ تابع لمقدار ثبوت الاشتغال بالتكليف، والمقدار المعلوم ثبوت الاشتغال به في المقام انما هو التكليف بذات الاقل وهي الاجزاء المعلومة المحفوظة بذاتها في ضمن الاكثر وعدمه (ومن الواضح) انه بإتيان الاقل في الخارج يتحقق الفراغ عن عهدة التكليف المتعلق به ولو لم تنضم إليه الاجزاء المشكوكة، فان الفراغ عن عهدة كل تكليف لا يكون الا بإيجاد متعلقه في الخارج على نحو لا يكون قصور في المأتي به وبإيجاده لا محالة يتحقق الخروج عن العهدة بالنسبة إلى ما تنجز التكليف به سواء انضم إليه الجزء المشكوك أم لا (ومجرد) الشك في حصول الغرض وسقوط التكليف بالأقل واتصاف الماتي به بالوجوب الفعلي والمؤثرية الفعلية غير ضائر بالمقصود بعد عدم القصور في الاقل المأتى به في وفائه بالغرض، وما قرع سمعك من عدم تجويز العقل الاكتفاء بالشك في الفراغ عند اليقين بالاشتغال انما هو فيما كان الشك في سقوط التكليف والفراغ عن عهدته لقصور من ناحية الماتى به، لا فيما كان ذلك من جهة قصور في سقوط حكمه الناشئ من جهة فقدان الجزء المشكوك الذي هو بنفسه مجرى البراءة والترخيص كما في المقام، حيث ان احتمال عدم سقوط التكليف بالأقل حينئذ مع الاتيان بمتعلقة انما كان من جهة احتمال ملازمة سقوطه مع ما لا يتنجز من القطعة المشكوكة المتعلقة بالزائد .

(وبالجملة) نقول ان هم العقل في حكمه بلزوم تحصيل الجزم بالفراغ وعدم جواز القناعة بالشك فيه عند الجزم بالاشتغال بالتكليف، انما هو لزوم رفع الشك عن جهة متعلق التكليف بإيجاده في الخارج للتخلص عن تبعة مخالفته لا رفع الشك عنه من جهة سقوط التكليف عنه واتصافه بالوجوب الفعلي والمؤثرية الفعلية في تحقق الغرض ولو كان ذلك من جهة قصور حكمه الناشئ من جهة امر آخر هو بنفسه تحت الترخيص (ولا ريب) ان ذلك مما يقطع بتحققه بإتيان الاقل ولو على تقدير وجوب الاكثر واقعا، حيث انه بإتيانه يقطع بالخروج عن عهدة ما تنجز عليه من التكليف به ولا يبقى معه شك الا من جهة اتصافه بالوجوب والمؤثرية الفعلية، وبعد ما لم يكن هم العقل رفع الشك عنه من هذه الجهة لعدم ونك ذلك لقصور في الماتى به فلا يبقى مجال لأثبات وجوب الاتيان بالأكثر بقاعدة الاشتغال المزبور كما هو ظاهر (هذا كله في البرائة العقلية (واما البرائة النقلية) فعلى القول بجريان البرائة في المشكوك كما هو المختار، فلا اشكال في جريانها ايضا من دون احتياج إلى اثبات ان الواجب هو الاقل (واما بناء) على القول بعدم جريان البرائة العقلية، فعلى تقريبه من جهة العلم الاجمالي، فان قلنا باقتضاء العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية، فلا اشكال ايضا في جريان البرائة الشرعية (فان) المانع عن جريانها على هذا المبنى انما هو ابتلائها بالمعارض وهو مفقود في المقام، لسلامة الاصل الجاري في الاكثر من معارضة جريانه في الاقل بعد العلم التفصيلي بوجوبه على كل تقدير، هذا بالنسبة إلى ذات الوجوب المتعلق بالأقل (واما بالنسبة) إلى حده فلا تجري فيه الاصل ايضا، لعدم ترتب ثمرة عملية عليه بعد حكم العقل بالاشتغال بالنسبة إلى ذات التكليف (هذا بناء) على تقرير العلم الاجمالي من جهة اخذ الحدود في متعلق التكليف (واما) على تقريره من جهة الغيرية والنفسية، فالأصل الجاري في الاكثر في وجوبه النفسي وان كان معارضا بالأصل الجاري في الوجوب النفسي للأقل - فيبقى العلم الاجمالي على حاله من هذه الجهة، لا انه بالنسبة إلى جزئية المشكوك للواجب لا مانع عن جريانه بعد عدم جريانه في الاقل للعلم التفصيلي بوجوبه اما لكونه تمام المأمور به أو لكونه جزئه (وتوهم) عدم جريان الاصل في جزئية المشكوك لعدم كونها مجعولا شرعيا (يدفعه) بانه يكفى في جريانه مجرد كونها مما امر رفعه ووضعه بيد الشارع ولو بتوسط منشئه وهو التكليف (فان) للشارع رفع الجزئية عن المشكوك برفع اليد عن فعلية التكليف المتعلق بالأكثر (وحينئذ) فعلى مسلك الاقتضاء في العلم الاجمالي تجري الاصول الشرعية النافية للتكليف في الاكثر من غير حاجة إلى اتعاب النفس بإثبات ان الواجب هو الاقل (واما بناء) على علية العلم الاجمالي للموافقة القطعية ومنعه من جريان الاصل النافي ولو في بعض اطرافه بل معارض كما هو المختار، فالتفكيك بين البرائة العقلية والشرعية في غاية الاشكال إذ بعد انتهاء الامر بمقتضى علية العلم الاجمالي إلى حكم العقل بوجوب الاحتياط ولزوم تحصيل الجزم بالفراغ ولو جعليا لا مجال لجريان الاصول النافية ولو في فرض كونها لاب معارض، الا على فرض اقتضاء جريانها لأثبات ان الواجب الفعلي هو الاقل ولو ظاهرا كي ببركة اثباته ذلك يكون الاتيان به فراغا جعليا عما ثبت في العهدة، وهو ايضا في محل المنع، لمنع اقتضاء مجرد نفي وجوب الاكثر والخصوصية الزائدة لإثبات هذه الجهة الا على القول بالمثبت الذي لا نقول به (نعم) قد يتوهم تكفل مثل حديث الرفع لأثبات ذلك بتقريبات ثلاثة: (احدها) ان الحديث ناظر إلى اطلاقات ادلة الجزئية واقعا بتقييد مفاد فعليتها بحال العلم بها وانه برفع فعلية التكليف عن المشكوك واقعا مع ضميمة ظهور بقية الاجزاء في الفعلية يرتفع الاجمال من البين ويتعين كون متعلق التكليف الفعلي هو الاقل وبالإتيان به يتحقق الفراغ والخروج عن عهدة التكليف.

 (وثانيها) تقريبه من جهة المضادة بين فعلية التكاليف الواقعية والترخيصات الظاهرية، بان نفي التكليف عن المشكوك ظاهرا ملازم حينئذ لعدم فعليته واقعا على تقدير تعلقه بالأكثر واقع وبضميمة ظهور ادلة بقية الاجزاء في الفعلية يستكشف ان الواجب الفعلي هو الاقل .

(وثالثها) تقريبه من جهة الملازمة العرفية بين رفع الجزئية عن شيء ولو ظاهرا عما كلية غيره (ولكن الجميع) كما ترى ، (اما الوجه الاول) فلمنع صلاحيه حديث الرفع لان يكون ناظرا إلى نفي فعلية التكليف عن المشكوك واقعا، إذ مفاد الرفع فيه كما اوضحناه في محله عند التعرض لشرح الحديث انما هو مجرد الرفع الظاهري الثابت في المرتبة المتأخرة عن الجهل بالواقع، ومثله غير صالح لتقييد إطلاق الجزئية الواقعية المحفوظة حتى بمرتبة فعليتها في المرتبة السابقة عن تعلق الجهل بها (كيف) وبعد ان كانت العناوين المأخوذة في الحديث التي منها عنوان ما لا يعلم من الجهات التعليلية للرفع والمانعة عن تأثير ما يقتضي انشاء الحكم، لا محيص من ان يكون الرفع في المرتبة المتأخرة عن الجهل بالواقع، ولازمه بعد عدم شمول اطلاق الواقع حتى بمرتبة فعليته لمرتبة الجهل بنفسه هو امتناع تعلق الرفع في تلك المرتبة بالجزئية الواقعية المحفوظة في المرتبة السابقة على الجهل بها، لاستحالة ورود الرفع في ظرف الجهل بشيء على الشيء الملحوظ كونه في المرتبة السابقة على الجهل بنفسه، ولان رفع كل شيء عبارة عن نقيضه وبديله، فلا يمكن ان يكون الرفع في هذه المرتبة نقيضا لما هو في المرتبة السابقة، لان وحدة الرتبة بين النقيضين من الوحدات الثمان التي تعتبر في التناقض والتضاد (وحينئذ) فلو كانت مقتضيات الفعلية في المرتبة السابقة على الجهل متحققة، لا يكاد يصلح مثل هذا الحديث للمانعية عنها كي يستكشف بمعونة ظهور ادلة بقية الاجزاء في الفعلية تحديد دائرة الواجب الفعلي بالأقل (ومعه) يبقى العلم الاجمالي على حاله في تأثيره في وجوب الاحتياط (وتوهم) ان الحكم الظاهري وان لم يكن في مرتبة الحكم الواقعي لكونه في المرتبة المتأخرة عن الشك في الحكم الواقعي الذي هو ايضا متأخر في الرتبة عن نفس وجوده، الا ان الحكم الواقعي ولو بنتيجة الاطلاق يكون في مرتبة الحكم الظاهري وبذلك امكن تعلق الرفع في تلك المرتبة بفعلية الحكم الواقعي (مدفوع) بانه مع الاعتراف بكون الحكم الظاهري في طول الحكم الواقعي كيف يمكن توهم كون الحكم الواقعي ولو بنتيجة الاطلاق في عرض الحكم الظاهري وفى مرتبته (فان) مرجع طولية الحكم الظاهري بعد ان كان إلى اخذ الشك في الحكم الواقعي في موضوعه كيف يعقل ان يكون الحكم الواقعي في مرتبة الشك بنفسه وهل هو الا دعوى ان المعروض في مرتبة عارضه (نعم) الحكم الواقعي يجتمع مع الحكم الظاهري زمان (ولكن) اجتماعه معه زمانا لا يقتضي اجتماعهما رتبة، بل كل منهما حينئذ محفوظ في رتبة نفسه بلا تعديه من مرتبة إلى مرتبة كما اجتماع العلة مع معلولها كما هو ظاهر .

(واما الوجه الثاني) ففيه انه مبني على تسجيلة المضاد بين فعلية الاحكام الواقعية والترخيصات الظاهرية (ودون) اثباته خرط القتاد، لما ذكرنا غير مرة من انه لا مضادة بين الترخيصات الظاهرية وبين فعلية الاحكام التي تتضمنها الخطابات الواقعية (فان) ما يضاد الترخيصات الشرعية الظاهرية بل العقلية ايضا انما هو الفعلي على الاطلاق على نحو يقتضي عدم قناعة المولى في حفظ مرامه بصرف خطابه الواقعي المتعلق بذات العمل بصيرورته بصدد حفظه حتى في المراتب المتأخرة عن الجهل بخطابه بإيجاد الداعي للمكلف ولو بإنشاء آخر من ايجاب احتياط ونحوه لا الفعلي من قبل الخطاب الواقعي الراجع إلى كون المولى بصدد حفظ مرامه من قبل دعوة خصوص خطابه الواقعي المتعلق بذات العمل، فان ذلك مما يجتمع مع الترخيص الظاهري على الخلاف في المراتب المتأخرة عن الجهل بخطابه والاول مما لا طريق إلى احرازه لان الطريق إلى فعلية الاحكام الواقعية والاغراض النفس الامرية لا يكون الا الخطابات الواقعية، والمقدار الذي يقتضيه كل خطاب ليس الا الفعلية بمقدار استعداد ذلك الخطاب لحفظ المرام من قبله، لا ازيد منه وبعد اجتماع هذا المقدار من الفعلية مع الترخيص الظاهري على الخلاف لا يبقى مجال كشف تخصيص الفعلية بالبقية واثبات ان الواجب الفعلي هو الاقل بمجرد نفي الوجوب عن الاكثر والخصوصية الزائدة وعلى فرض تسليم التضاد بين هذه المرتبة من الفعلية ايضا، انما يكون ذلك مع الترخيص الظاهري، لا مع مجرد عدم الفعلية ظاهرا كما هو مقتضى حديث الرفع، فان نتيجة ذلك لا تكون الا مجرد العذر العقلي، ومثله لا يضاد فعلية الاحكام الواقعية عند القائل بالتضاد فتأمل .

ثم ان ذلك ايضا في فرض ظهور الاوامر الواردة في مقام شرح المركب في المولوية، واما على ما هو التحقيق من ظهورها في الارشاد إلى الجزئية والشرطية، فالأمر اشكل (فان) استفادة الامر الفعلي بالاجزاء حينئذ انما يكون من ناحية الامر بالكل ومع فرض اجماله وتردده بين الاقل والاكثر من اين يثبت كلية الاقل وفعلية التكليف به بمجرد الترخيص الجاري في الاكثر، بل وكذلك الامر في فرض ظهور تلك الاوامر في المولوية الفعلية (فان) فعليته حينئذ تتبع فعلية ما سيقت هذه لشرحه وهو الامر بالكل وبعد ان لا يكون لفعلية امره اطلاق يشمل حال فقد بعض الاجزاء لا مجال للأخذ بأطلاق فعلية تلك الاوامر لإثبات فعلية وجوب الاقل كما هو ظاهر.

 (واما الوجه الثالث) ففيه ان المورد الذي يحكم العرف بالملازمة بين الامرين حتى في مقام التنزيل ومرحلة الظاهر انما هو إذا كان التنزيل متوجها بدوا إلى عنوان احد المتلازمين كما في تنزيل الابوة لزيد، لا فيما كان التنزيل متوجها بدوا إلى عنوان عام وكان المتكفل لتطبيقه على المورد هو العقل (فان) في مثله يمنع عن فهم العرف الملازمة بينهما حتى في مقام التنزيل (والمقام) من هذ القبيل حيث ان الرفع في دليل الرفع انما كان متوجها إلى عنوان عام وهو عنوان ما لا يعلم، لا إلى عنوان الجزئية، فلا يبقى مجال حينئذ للتشبث بفهم الملازمة لإثبات كلية الاقل، ولذا لم يتوهم احد اثبات كليته باستصحاب عدم جزئية المشكوك فيه بالملازمة المزبورة (ولا اقل) من الشك في ذلك فيبقى العلم الاجمالي على تأثيره، لما عرفت غير مرة من ان المصحح للترخيص في اطراف العلم الاجمالي على هذا المسلك انما هو جعل البدل الواصل، لا مجرد جعل البدل الواقعي، فمع الشك في جعل البدلية وعدم احراز تحديد دائرة الواجب بالأقل ولو ظاهرا من جهة الشك في فهم العرف الملازمة بين التنزيلين، كان العلم الاجمالي على مؤثريته في التنجيز والمانعية عن مجيء الترخيص على خلاف معلومه ولو في بعض الاطراف .

(ثم انه من التأمل) فيما ذكرنا يظهر الحال على سائر المسالك الاخر في الاحتياط العقلي ايضا (فانه) لا مجال لجريان البرائة النقلية في الاكثر والخصوصية الزائدة المشكوكة خصوصا على مسلك صاحب الفصول (قدس سره) (إذ حكم العقل) بوجوب الاتيان بالأكثر وبالخصوصية الزائدة المشكوكة ليس من جهة الفراغ عن عهدة التكليف بالأكثر نفسه ولا للتخلص عن احتمال العقوبة على ترك الخصوصية المشكوكة حتى يجديه دليل الرفع، وانما ذلك من جهة كونه من لوازم الفراغ عن عهدة التكليف بالأقل، ودليل الرفع على فرض جريانه لا يكاد يرفع هذا الحكم العقلي الا على فرض كونه ناظر إلى تعيين كون الاقل هو تمام المأمور به واقعا، وهو ايضا مما عرفت الكلام فيه مفصل - ثم ان ذلك كله - على القول بالاحتياط العقلي في المقام - واما على القول - بالبراءة العقلية كما هو المختار، فقد عرفت انه تجري البراءة النقلية ايضا كحديث الرفع والحجب في نفي المشكوك فيه بل ودليل الحلية ايضا في وجه، بل وكذا يجري فيه استصحاب العدم من غير حاجة إلى اثبات كلية الاقل كي يتوجه اشكال المثبتية - فانه - بعد رجوع العلم الاجمالي في المقام إلى علم تفصيلي بتعلق مرتبة من التكليف بالأقل وشك بدوى في تحقق مرتبة اخرى منه متعلقة بالزائد، فلا شبهة في ان الاصل يقتضي عدمه لتحقق اركانه من اليقين السابق والشك اللاحق، ونفى هذه المرتبة وان لم يثبت حد التكليف بخصوص الاقل، ولكنه يكفى حينئذ في عدم الالتزام بالمشكوك فيه مجرد عدم وجوبه من الازل بضميمة اكتفاء العقل في حكمه بتحصيل الفراغ بالإتيان بما علم وجوبه وان لم يعلم انه تمام المأمور به - من غير فرق - بين ان يكون المستصحب هو عدم وجوب الجزء المشكوك فيه، أو عدم وجوب الاكثر المشتمل على الجزء المشكوك فيه - فانه - على كل تقدير يجري استصحاب عدم وجوبه ازلا، بل واصالة عدم جعله لتحقق اركانه من اليقين السابق والشك اللاحق حتى في الاول - لان - ما اختل فيه ركنه حينئذ انما هو العدم النعتي بما هو مفاد ليس الناقصة بنحو يصدق مجعول مركب لم يلحظ فيه الجزء المشكوك فيه، لا العدم المحمولي بما هو مفاد ليس التامة - فانه لا ريب - في كونه مسبوقا باليقين بالعدم - فإذا - كان مرجع جعل الشيء إلى تعلق اللحاظ به بجعله واجب أو جزء وكان يختلف مراتب الجعل واللحاظ ايضا بوحدة المجعول وتعدده، فلا جرم بعد اليقين بتحقق مرتبة منه والشك في تحقق مرتبة اخرى تجري اصالة عدم الوجوب أو اصالة عدم تعلق الجعل بالجزء المشكوك فيه وبالأكثر المشتمل عليه - وتوهم - انه لا اثر لمجرد عدم تعلق اللحاظ والجعل بالمشكوك فيه، لان الاثار الشرعية بل العقلية من الاطاعة والامتثال انما تترتب على الاحكام الشرعية وجودا وعدما فلا اثر لمجرد عدم الجعل الا من جهة استتباعه لعدم المجعول وهو مبنى على حجية المثبت أو دعوى خفاء الواسطة (مدفوع) بان عدم جعل الوجوب واقعيا كان أو ظاهريا مستتبع لعدم الوجوب كذلك، ومثله غير مرتبط بالأصول المثبتة، فان عدم الوجوب الظاهري حينئذ انما كان من لوازم عدم الجعل الظاهري الذي هو الاستصحاب، لا من لوازم نفس المستصحب واقعا (وبعد ان كان) نفس الجعل مما امر رفعه ووضعه بيد الشارع ويكتفي به في الاثر الشرعي في باب الاستصحاب، فلا قصور في جريان استصحاب عدم تعلق الجعل به، وان لم يثبت بنفي هذه المرتبة تحديد مرتبة الجعل بخصوص الاقل (كيف) ولازم المنع عن جريان اصالة عدم الجعل في المقام لأجل عدم ترتب الاثر عليه الا باعتبار ما يستتبعه من عدم تحقق المجعول، هو المنع عن جريانه في الاحكام الكلية التي علم بعدمها قبل تشريع الاحكام وشك في ثبوتها في الشريعة عند تشريع الاحكام، مع ان ذلك كما ترى (واضعف من ذلك) توهم معارضة اصالة عدم تعلق الجعل بالأكثر المشتمل على الجزء المشكوك فيه أو اصالة عدم وجوبه بأصالة عدم تعلق الجعل بالأقل الفاقد للجزء المشكوك فيه وعدم وجوبه (فان ذلك مبنى) على اخذ حد القلة في معروض الوجوب في المرتبة السابقة عن تعلق الوجوب به، وهو في محل المنع (لما عرفت) من ان الواجب على تقدير كونه هو الاقل انما هو ذات الاقل مهملة المحفوظة في حال الانضمام بالزائد وعدمه، وان طرو حد القلة عليه انما نشاء من جهة قصور الوجوب أو الجعل عن شموله للزائد، فلا يمكن اخذ مثل هذا الحد الجائي من قبل الوجوب في معروضه (وعلية) فبعد العلم بتعلق الوجوب بذات الاقل وحكم العقل بلزوم الاتيان به، لا يكاد يجري فيه اصالة العدم كي يعارض الاصل الجاري في طرف الاكثر كما هو ظاهر (وبما ذكرنا) ظهر الحال في العدم السابق على البلوغ، والعدم السابق على حضور وقت العمل في الموقتات (فانه) على ما ذكرنا لا قصور في جريان الاستصحاب فيهما من غير فرق بين جعل المستصحب هو عدم وجوب الجزء المشكوك فيه أو عدم وجوب الاكثر المشتمل عليه (وحينئذ) فما يظهر من بعض الاعلام (قدس سره) من الاشكال على تلك الاستصحابات من جهة المثبتة في بعضها وعدم ترتب الاثر في البعض الاخر وعدم اليقين السابق في ثالث (منظور فيه) يظهر وجهه مما ذكرناه.

(هذا كله) فيما لو كان الترديد بين الاقل والاكثر في الاجزاء.

(واما إذا كان الترديد) بين الاقل والاكثر في شرائط المأمور به وموانعه، فالكلام فيه هو الكلام في الاجزاء حرفا بحرف، والمختار فيها ايضا هي البراءة عقلا ونقلا من غير فرق بين ان يكون منشاء انتزاع الشرطية امرا خارجا عن المشروط مبائنا معه في الوجود، أو متحدا مع المشروط وقائما به، فان مرجع شرطية شيء للمأمور به بعد ان كان إلى اعتبار دخل التقيد به في موضوع التكليف النفسي في المرتبة السابقة على تعلق الوجوب به بحيث كان التقيد جزء للموضوع ولو تحليلا ونفس القيد خارجا، فلا محالة يكون مرجع الشك في شرطية شيء للمأمور به إلى الشك في ان موضوع التكليف النفسي هي ذات الشيء أو هي مع التقيد بأمر كذائي فتجري فيه ادلة البراءة عقليها ونقليها (واما لو كان) الاقل والاكثر من قبيل الجنس والنوع أو الطبيعي والحصة كما إذا دار الامر بين وجوب اطعام مطلق الحيوان أو الانسان، أو وجوب اكرام الانسان أو خصوص زيد، ففي جريان البرائة فيه عن الخصوصية المشكوكة اشكال، منشئه الاشكال في كون الشبهة فيه من الاقل والاكثر أو المتبائنين (ولكن الاقوى) فيه وجوب الاحتياط (لا لما قيل) من ان الترديد بين الجنس والنوع وان كان بالتحليل العقلي من الاقل والاكثر، ولكنه بنظر العرف خارج يكون من الترديد بين المتبائنين، من جهة تباين مفهوم الانسان بحسب الارتكاز العرفي مع مفهوم الحيوان، فيجب فيه الاحتياط - إذ لازم - ذلك هو التفصيل بين ان يكون الترديد في متعلق الخطاب بين الحيوان والانسان، وبين الحيوان والحيوان الناطق بالمصير في الثاني إلى البراءة لاندراجه في الاقل والاكثر حتى بنظر العرف بلحاظ اتحاد المفهوم من الحيوان في الحيوان الناطق مع المفهوم من الحيوان المطلق، مع ان الالتزام بذلك كما ترى - فان محل الكلام - انما هو فيما لو كان تردد متعلق التكليف أو موضوعه من قبيل الجنس والنوع أو الطبيعي والحصة، بانه يندرج مثله في الاقل والاكثر أو المتبائنين، كان التعبير عن ذلك بعنوان بسيط كالانسان أو بعنوان مركب كالحيوان الناطق، أو بغير ذلك من انحاء التعبير (بل ذلك) من جهة عدم تحقق ملاك الاقل والاكثر فيه حتى بحسب التحليل العقلي (فان) مناط كون الشبهة من الاقل والاكثر كما عرفت غير مرة هو ان يكون الاقل على نحو يكون بذاته وحصته الخاصة سوى حده الاقلية محفوظا في ضمن الاكثر نظير الكليات المشككة المحفوظ ضعيفها بذاته لا بحد ضعفه في ضمن شديدها (ومن الواضح) عدم صدق المناط المزبور في مفروض البحث (فانه بعد) تخصص الطبيعي في المتواطئات بالضرورة إلى حصص متعددة وآباء كذلك بعدد الافراد بحيث كان المتحقق في ضمن كل فرد حصة واب خاص من الطبيعي المطلق غير الحصة والاب المتحقق في ضمن فرد آخر كالحيوانية الموجودة في ضمن الانسان بالقياس إلى الحيوانية الموجودة في ضمن نوع آخر كالبقر والغنم، وكالإنسانية المتحققة في ضمن زيد بالقياس إلى الانسانية المتحققة في ضمن بكر وخالد فلا محالة في فرض الدوران بين وجوب اكرام مطلق الانسان أو خصوص زيد لا يكاد يكون الطبيعي المطلق بما هو جامع الحصص والاباء القابل للانطباق على حصة اخرى محفوظا في ضمن زيد كي يمكن دعوى العلم بوجوبه على اي حال لان ما هو محفوظ في ضمنه انما هي الحصة الخاصة من الطبيعي، ومع تغاير هذه الحصة مع الحصة الاخرى المحفوظة في ضمن فرد آخر كيف يمكن دعوى اندراج فرض البحث في الاقل والاكثر ولو بحسب التحليل بل الامر في امثال هذه الموارد ينتهي إلى العلم الاجمالي بتعلق التكليف اما بخصوص حصة خاصة أو بجامع الحصص والطبيعي على الاطلاق بما هو قابل الانطباق على حصة اخرى غيرها، ومرجعه إلى العلم الاجمالي اما بوجوب هذه الحصة الخاصة وحرمة ترك الاتيان، بها مطلقا، واما بوجوب حصة اخرى غيرها المشمولة لأطلاق الطبيعي وحرمة تركها في ظرف ترك الحصة الخاصة، وفى مثله بعد عدم انطباق احد التركين على الاخر وعدم قدر متيقن في البين في مشموليته للوجوب النفسي الاعم من الاستقلالي والضمني، يرجع الامر إلى المتبائنين فيجب فيه الاحتياط بإطعام خصوص زيد لان بإطعامه يقطع بالخروج عن عهدة التكليف المعلوم في البين، بخلاف صورة اطعام غير زيد، فانه لا يقطع بحصول الفراغ ولا يؤمن العقوبة على ترك اطعام زيد وبما ذكرن يظهر الحال في جميع موارد الدوران بين التخيير والتعيين الشرعي كما في الخصال الثلاث فانه بمقتضى ما ذكرناه من البيان لابد من الاحتياط بالإتيان بما يحتمل وجوبه تعيينا (من دون) فرق بين القول برجوع التخيير فيه إلى التخيير العقلي الراجع إلى كون الواجب هو الجامع بين الامور المزبورة، وبين القول برجوعه إلى وجوب كل واحد منها بوجوب مستقل ناش من مصلحة مستقلة وانه بالإتيان بأحدها يسقط الوجوب عن البقية لمكان المضادة بين ملاكاتها في مقام التحقق فانه على كل تقدير عند الشك في الوجوب التعييني لاحده لابد بمقتضى العلم الاجمالي المزبور من الاحتياط عقلا بإتيان ما يحتمل تعيينية والى ما ذكرنا يكون نظر الشيخ (قدس سره) في مصيره إلى الحاق المقام بالمتبائنين الا الاقل والاكثر، فلا يلزم عليه حينئذ الالتزام بالبراءة في المقام على نحو ما اختاره في الاقل والاكثر كي يشكل عليه بانه لا وجه للتفكيك بين المقامين فتدبر.

 هذا كله في البراءة العقلية - واما البراءة الشرعية - فعلى المختار من علية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية لا تجري البراءة الشرعية ايضا - واما على القول - باقتضاء العلم الاجمالي لذلك، فالظاهر انه لا مانع عن جريانها في كل دواح من التركين وهم ترك العتق في ظرف وجود الاطعام والصيام وترك الاطعام والصيام المقرون بترك العتق - وذلك - اما من جهة العلم الاجمالي فلما هو المفروض من اقتضائه لوجوب الموافقة القطعية وقابليته لمنع المانع، واما من جهة محذور استتباع جريانها للمخالفة القطعية، فلعدم لزومها في المقام، لان ما يعلم تفصيلا حرمته انما هو ترك العتق المقارن لترك الاطعام والصيام واما تركه في ظرف وجود الاطعام والصيام فلا يعلم حرمته، كما لا يعلم ايضا حرمة ترك، الاطعام والصيام المقرون مع ترك العتق، لانه من المحتمل كون العتق هو الواجب التعييني، إذ على هذا التقدير لا يكون ترك الاطعام والصيام حراما ولا معاقبا عليه وانما العقاب حينئذ يكون على ترك العتق، غاية الامر انه قارن ترك الاطعام والصيام مع ترك العتق الذي هو المحرم والمعاقب عليه (وبذلك) يندفع توهم المنع عن جريان البراءة في طرف ترك الصيام والاطعام في ظرف ترك العتق، بدعوى العلم التفصيلي بحرمته والعقوبة عليه (وجه) الاندفاع ما عرفت من ان المعلوم تفصيلا حرمته انما هو ترك العتق في ظرف ترك البقية لا ترك الصيام والاطعام المقرون بترك العتق المحتمل وجوبه تعيينا، فان من المحتمل حينئذ اباحة تركهما وان العقوبة المترتبة تكون على ترك خصوص العتق (ولكن) الذى يسهل الخطب هو فساد المبنى المزبور، وان التحقيق هو علية العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية على نحو يمنع عن مجيء الترخيص على خلافه ولو في بعض الاطراف، وعليه فلا محيص من الاحتياط بإتيان ما هو المتيقن وجوبه (هذا كله) إذا كانت الخصوصية المشكوك دخلها في المطلوب من قبيل الخصوصيات المنوعة أو المشخصة المفردة (واما) إذا كانت من الخصوصيات العرضية غير المشخصة مثل العدالة والايمان ونحوها كما في الترديد بين العام والخاص والمطلق والمقيد كتردد متعلق العتق الواجب بين مطلق الرقبة أو الرقبة المؤمنة، ففي جريان البرائة فيه ايضا اشكال منشئه الاشكال المتقدم في نحو الجنس والنوع في اندراجه في الاقل والاكثر أو المتبائنين (وقد) يقرب البراءة فيه برجوعه إلى الشك في التكليف بالقيد والخصوصية المشكوكة فتجرى فيه البراءة على نحو ما مر في الشك في الجزئية (ولكن) التحقيق في المقام هو التفصيل، بين ان يكون القيد المشكوك فيه على نحو يكون كل فرد من افراد الطبيعي قابلا للاتصاف به كالقيام والقعود والايمان في الرقبة، وبين ما لا يكون كذلك كالهاشمية ونحوها (بالمصير) فيما كان من قبيل الاول إلى البراءة نظرا إلى رجوع الشك حينئذ في كل ما يفرض كونه من افراد الطبيعي وينطبق عليه اول وجود الطبيعي إلى ان الواجب هذه الحصة الفاقدة للخصوصية أو هي بشرط وجدانه للخصوصية الزائدة القابلة لطروها عليها فيرجع إلى الاقل والاكثر وتجرى فيه البرائة عقليها ونقليها، من غير فرق بين ان يكون القيد متحدا مع المشروط وقائما به، وبين ان يكون خارجا عنه ومغايرا معه في الوجود (وفى الثاني) إلى الاشتغال، لرجوع الشك حينئذ إلى الشك في ان الواجب هو خصوص الحصة الواجدة للخصوصية أو الجامع بينها وبين الفاقد الذى هو غير قابل لان يوجد مع الخصوصية فينتهى الامر إلى الدوران بين التعيين والتخيير والعلم الاجمالي بين المتبائنين بنحو ما قربناه في الدوران بين الجنس والنوع فيجب الاحتياط بإتيان الواجد للخصوصية (والسر) في الفرق المزبور بعد اقتضاء التكليف بالطبيعي الصرف بنظر العقل مطلوبية اول وجوده، هو ان في فرض قابلية جميع افراد الطبيعي لطرو الخصوصية عليه يكون كل ما يفرض عند العقل كونه اول جودو لهذه الطبيعة يعلم بمطلوبية ذاته وانما الشك في انه هو الواجب أو هو مع الخصوصية الزائدة القابلة لطروها عليه، وبذلك يندرج في الاقل والاكثر (بخلاف) فرض عدم قابلية بعض افراد الطبيعي لطرو الخصوصية عليه، فانه لو فرض كون الفرد الفاقد للخصوصية اول وجوده لا يعلم بمطلوبية الحصة المحفوظة في ضمنه، لاحتمال كون المطلوب هي الحصة الواجدة للخصوصية أو القابلة لإيجادها فيها، فيندرج بذلك في المتبائنين، لتردد الواجب حينئذ بين الجامع بين الوجودين أو خصوص الواجد للخصوصية فيجب فيه الاحتياط بإتيان الواجد للخصوصية (وعليك) بالتأمل فيما ذكرناه في الفرق بين الفرضين، فانه ينفعك انشاء الله تعالى عند التباس الامر عليك في امثال الموارد لتمييز باب الاقل والاكثر في المشروطات والمقيدات من باب التعيين والتخيير الراجع فيه العلم الاجمالي إلى المتبائنين (هذا كله) في شقوق الترديد بين الاقل والاكثر في معروض التكليف الذى هو فعل المكلف أو متعلقه الذى هو الموضوع الخارجي من حيث الشك في الجزئية أو الشرطية أو المانعية (وقد عرفت) ان المختار في جميع فروض المسألة هي البرائة عقليه ونقليها، الا فيما كان الترديد فيه من قبيل الترديد بين الجنس والنوع والكلي والحصة (فان) المرجع فيمثله هو الاشتغال عقلا (من) دون فرق فيما ذكرناه من البرائة بين كون الشبهة وجوبية أو تحريمية، لاتحاد مناط البرائة في الجميع، غير ان الشبهات التحريمية تكون على عكس الشبهات الوجوبية، فان في الشبهات الوجوبية يكون الاقل متيقن الوجوب والاكثر مشكوكا، وفي الشبهات التحريمية يكون الاكثر متيقن الحرمة والاقل مشكوكا فلو شك حينئذ في دخل شيء في الحرام المركب على نحو الجزئية أو القيدية، تجري البرائة عن حرمة الاقل مع ترك المشكوك فيه (بل لو قلنا) بالاحتياط العقلي في الشبهات الوجوبية لمكان شبهة الفصول من اقتضاء الاشتغال بالأقل للفراغ اليقيني عنه الذي لا يحصل الا بإتيان الاكثر، امكن القول بالبرائة في الشبهات التحريمية، لمكان عدم اقتضاء قاعدة الشغل المزبور فيها وجوب الاجتناب عن الاقل (فانه) بعد ان كان عصيان الحرام المركب بارتكاب مجموع الاجزاء من حيث المجموع، ويكتفي العقل في تحقق ترك العصيان بترك جزء المركب ولو كان هو الجزء الاخير منه (فلا جرم) مع الشك في دخل شيء في موضوع الحرمة بنحو الجزئية أو القيدية يكتفى العقل بتركه في عدم حرمة البقية، للشك حينئذ في اصل حرمة البقية (والفرض) ايضا عدم اقتضاء قاعدة الشغل بترك الحرام المركب الا الفراغ عنه بترك المجموع من حيث المجموع بلا اقتضاء مجرد اليقين بالشغل المزبور لحرمة البقية (وهذا) بخلاف الواجب المركب، فان عصيانه لما كان بترك جزء منه، فمع العلم باشتغال العهدة بالتكليف بالأقل يمكن اثبات وجوب الاتيان بالأكثر بقاعدة الشغل بالأقل (وحينئذ) فم توهم من اقتضاء وجوب الاحتياط في الشبهات الوجوبية لوجوبه ايضا في الشبهات التحريمية مما لا ينبغي الاصغاء إليه الصورة الثانية في دوران الاقل والاكثر في الاسباب والمحصلات، فيما كان الواجب والمأمور به عنوانا بسيطا كالغسلات الخاصة في باب الطهارة الحدثية والخبثية، بناء على ان المأمور به هي الطهارة وان الامر بالغسلات انما هو لكونها محصلة لها، لا انها هي المأمور به وفى جريان البرائة عند الشك في دخل شيء في المحقق بنحو الجزئية أو القيدية اشكال، والمشهور العدم مطلقا في الاسباب الشرعية والعقلية والعادية (لان) التكليف بالأمر البسيط معلوم بجميع حدوده والشك في دخل شيء في تحققه راجع إلى الشك في حصول الفراغ منه بدونه ومقتضى اطلاق كلامهم هو عدم الفرق بين كون الامر البسيط دفعي الحصول والتحقق أو متدرج الحصول من قبل اجزاء محققه (ولكن التحقيق) التفصيل بين ان يكون العنوان البسيط الذي هو المأمور به ذا مراتب متفاوتة متدرج الحصول والتحقق من قبل اجزاء علته ومحققه بان يكون كل جزء من اجزاء سببه مؤثرا في تحقق مرتبة منه إلى ان يتم المركب فيتحقق تلك المرتبة الخاصة التي هي منشأ الاثار، نظير مرتبة خاصة من النور الحاصلة من عدة شموع والظاهر انه من هذا القبيل باب الطهارة كما يكشف عنه ظاهر بعض النصوص الواردة في باب غسل الجنابة من نحو قوله (عليه السلام) تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وانقوا البشرة وقوله (عليه السلام)  في الصحيح فما جرى عليه الماء فقد طهر، وقوله في الصحيح الاخر وكل شيء امسسته الماء فقد انقيته (ويعضده) استدلال جمع منهم على ناقضية الحدث الاصغر الواقع في اثناء الغسل، بان الحدث الاصغر ناقض للطهارة بكمالها فلأبعاضها اولى وبين ما لا يكون كذلك بان كان العنوان البسيط غير مختلف المراتب دفعي الحصول والتحقق عند تمامية محققة - فعلى الاول - لا قصور في جريان ادلة البراءة عند الشك في المحقق ودورانه بين الاقل والاكثر، فان مرجع الشك في دخل الزائد في المحقق حينئذ بعد فرض ازدياد سعة الامر البسيط بازدياد اجزاء محققه إلى الشك في سعة ذلك الامر البسيط وضيقه ، فينتهي الامر في مثله إلى الاقل والاكثر في نفس الامر البسيط، فتجرى فيه البرائة عقليها ونقليها، من غير فرق بين كون المحصل له من الاسباب العقلية والعادية أو الاسباب الشرعية كباب الطهارة الحدثية بل الخبثية ايضا (واما على الثاني) وهو فرض كون البسيط دفعي الحصول والتحقق عند تحقق الجزء الاخير من علته، فلا محيص عند الشك في دخل شيء في محققه من الاحتياط لان التكليف قد تنجز بمفهوم مبين معلوم بالتفصيل بلا ابهام فيه، والشك انما كان في تحققه وحصول الفراغ منه بدونه، والعقل يستقل في مثله بوجوب الاحتياط تحصيل للجزم بالفراغ عما ثبت الاشتغال به يقينا (ولازمه) المنع عن جريان الاصول النافية ايضا من غير فرق بين كون المحقق من الاسباب العادية والعقلية أو من الاسباب الشرعية (نعم) بناء على تعليقية حكم العقل بالفراغ الجزمى على عدم مجيء الترخيص على الخلاف كما هو اساس القول باقتضاء العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية، لا قصور فيجريان ادلة المرخصة حتى في فرض كون المحقق من الاسباب العقلية والعادية فضلا عن كونه من الاسباب الشرعية، حيث انه يشك في حرمة مخالفة التكليف بالبسيط من قبل الجزء المشكوك دخله في محققه وان كانت سببيته عقلية أو عادية، فيجري فيه حديث الرفع ونحوه، من دون احتياج إلى اثبات سببيته الاقل ومؤثريته في الامر البسيط، ولا إلى اجزاء الاصل في نفس السبب كي يرد عليه اشكال المثبتية تارة، وعدم مجعولية السببية اخرى حتى في الاسباب الشرعية، بدعوى انه مع تعلق الجعل الشرعي بالمسبب لا يعقل تعلقه ايضا بنفس السبب (فان المانع) عن جريان الاصول النافية على هذا المبنى في اطراف العلم انما هو تساقطها بالتعارض، وبعد عدم جريانها في مقطوع المخالفة من ناحية الاقل لا قصور في جريانها بالنسبة إلى مشكوك المخالفة من ناحية مشكوك الدخل في السبب كما هو ظاهر (ولكن) الذي يسهل الخطب كما بيناه مرارا هو فساد هذا المبنى (فان التحقيق) هو تنجيزية حكم العقل عند اليقين بالاشتغال بوجوب تحصيل الجزم بالفراغ الاعم من الحقيقي والجعلي على نحو يأبى عن الترخيص على خلافه (وعليه فبعد) رجوع الشك في دخل المشكوك فيه في السبب إلى الشك في تحقق المسبب المأمور به بدونه لا محيص من الاشتغال، ولا مجال لجريان الاصول النافية والترخيصات الظاهرية كحديث الرفع واصالة عدم الجزئية، وعدم تعلق الجعل بالزائد المشكوك فيه في الاسباب الشرعية، وان قلنا بمجعولية السببية فيها مستقلا أو كفاية مطلق المجعولية ولو تبعيا في جريان الاصل، الا على تقدير مثبتيتها لسببية الاقل ومؤثريته في تحقق المسبب ليكون بذلك مثبت للفراغ الجعلى الظاهري، ومثله كما ترى خارج عن عهدة تلك الاصول الا على القول بالأصل المثبتة (لا يقال) انه يمكن جريان البرائة على هذا المبنى ايضا في نفس المسبب في طرف تركه (فانه) بعد ما ينعدم الامر البسيط بانعدام كل واحد من اجز محققه على نحو العموم البدلي، فلا محالة عند الشك في جزئية شيء لمحققه ينتهى الامر في طرف حرمة تركه إلى الاقل والاكثر، حيث ان تركه الناشئ من قبل ترك الاقل مما يعلم تفصيلا حرمته واستحقاق العقوبة عليه للعلم بإفضاء تركه إلى ترك المأمور به (واما) تركه الناشئ من قبل ترك المشكوك جزئيته للسبب، فلم يعلم حرمته لعدم العلم بإفضاء تركه إلى تركه وانطباق النهي عن ترك المأمور به عليه، فتجري فيه ادلة البرائة عقليها ونقليها، كما في صورة تركب المأمور به وتردد اجزائه بين الاقل والاكثر خصوص في الاسباب والمحصلات الشرعية التي لا سبيل للعقل إلى معرفتها الا ببيان الشارع (فانه يقال) هذا انما يتم إذا كان اضافة اجزاء المحقق بالكسر إلى المحقق بالفتح من قبيل الجهات التقييدية الموجبة لتكثر اعدام المأمور به بالإضافة إليها حيث انه بتعدد اجزاء المحقق حينئذ بتعدد الاضافات والتقيدات، وبذلك يتكثر الاعدام ايضا فينتهى الامر من جهة حرمة الترك إلى الاقل والاكثر (وليس الامر كذلك) بل اضافة اجزاء المحقق إليه انما تكون ممحضة بكونها من الجهات التعليلة ، وعليه لا يكاد يتصور للبسيط الذي هو المسبب الا عدم واحد وان بلغ اجزاء محققه في الكثرة ما بلغ لا اعدام متعددة وانما التعدد المتصور فيه انما هو في اضافة ذلك العدم الواحد إلى اجزاء علته ومحققه من حيث تحققه بانعدام كل واحد من اجزاء علته (وبعد) العلم بوقوع العدم المزبور تحت النهي مبغوضية والا الفعلية حسب اقتضاء الامر بالشيء النهى عن النقيض، لا محيص في مقام الفراغ من تحصيل الجزم بالخروج عن عهدته، ولا يكون ذلك الا بالإتيان بجميع ما يحتمل دخله في محققه (وبما ذكرنا من البيان) ظهر فساد مقايسة المقام بصورة تركب المأمور به (فان) جريان البرائة فيه انما هو لأجل ان لكل واحد من اجزاء المركب المأمور به عدم مستقل يكون متعلقا للنهى الضمني قبال الاخر فانه بهذا الاعتبار يتصور للمأمور به اعدام متعددة حسب تعدد اجزائه، فينتهي الامر فيها إلى الاقل والاكثر، واين ذلك والامر البسيط الذي لا يتصور له الا عدم واحد. تذييل :

قد يتولد مما ذكرنا من الوجه في اصالة الاشتغال وعدم جريان البرائة عند الشك في المحقق ودورانه بين الاقل والاكثر الاشكال في جريان البرائة في جميع موارد دوران الامر بين الاقل والاكثر في المركبات ايضا بتقريب ان المصالح والملاكات المبتنية عليها التكاليف الشرعية على مذهب العدلية ايضا من قبيل العناوين البسيطة والمسببات التوليدية من متعلقات التكاليف والافعال الصادرة من المكلف، فان الغرض من الامر بالأفعال الخارجية انما هو حصول تلك المصالح والملاكات، ومع وقوعها تحت الارادة الفعلية الموجبة لتوجيه البعث نحو محققها من الافعال الخارجية، لابد بمقتضى البيان المتقدم من الاشتغال في جميع موارد دوران المكلف به بين الاقل والاكثر (لان) العقل ملزم في مثله بتحصيل مرام المولى ولو لم يكن بنفسه في حيز خطابه مستقلا، فيلزم سد باب البرائة كلية في جميع موارد الاقل والاكثر الارتباطي، فانه ما من مورد يشك فيه في دخل شيء في المكلف به على نحو الجزئية أو الشرطية الا والشك فيه يرجع إلى الشك في حصول الملاك وتحققه بدون المشكوك فيه فلابد بمقتضى اشتغال العهدة بتحصيل الملاك من الاحتياط بالإتيان بكل ما يحتمل دخله في حصول الملاك (وقد افاد الشيخ (قدس سره) في دفع الاشكال بوجهين (تارة) بفرض الكلام على مذهب الاشاعرة المنكرين للحسن والقبح، أو على مذهب من يقول من العدلية بكفاية المصلحة في نفس الامر والتكليف وان لم تكن في المأمور به (واخرى) بان نفس الفعل من حيث هو ليس لطفا ولو لم يؤت به على وجه الامتثال وان اللطف انما هو في الاتيان به على وجه الامتثال، فيحتمل حينئذ ان يكون اللطف منحصر في امتثاله التفصيلي مع معرفة وجه الفعل ليوقع الفعل على وجهه كما صرح به بعضهم (وبعد) تعذر ذلك كما في المقام حيث ان الاتي بالأكثر لا يعلم انه الواجب أو الاقل، لا يعلم بحصول اللطف بالأقل الماتي به من الجاهل ...الخ (ولا يخفى عليك) ما في هذين الجوابين (اما الاول) فظاهر لانه في الحقيقة تسليم للأشكال على ما يقتضيه مذهب العدلية من تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد الكائنة في متعلقاتها (واما الثاني) ففيه اولا انه خلاف ما هو التحقيق حتى على مختاره (قدس سره) من عدم دخل قصد الوجه في تحقق الامتثال .

(وثانيا) ان قصد الوجه على تقدير اعتباره انما يكون مختصا بالعبادات المتوقف صحتها والخروج عن عهدة الامر بها على الاتيان بها عن قصد امتثال امرها، وليس محل الكلام مختصا بالعبادات، بل يعم التوصليات (لان) في الاوامر التوصلية ايضا لابد من اشتمال متعلقاتها على المصالح والملاكات .

(وثالثا) ان اعتبار قصد لوجه في حصول الغرض في العبادات انما يكون في صورة التمكن من ايقاع الفعل على وجهه، فلا يوجب سقوطه حينئذ لأجل التعذر انتفاء اصل الملاك كي يقتضى عدم وجوب الاحتياط بإتيان الاكثر، والا لاقتضى عدم وجوب الاقل ايضا، من جهة اقتضاء وجوبه حينئذ لكونه بل ملاك يقتضيه (وقد تصدى) بعض الاعاظم (قدس سره) لدفع الاشكال المزبور على ما في تقرير بعض تلاميذه، بما يرجع حاصله إلى منع دخول المصالح والملاكات الكائنة في متعلقات التكاليف تحت الارادة الفعلية بحيث تصير في عهدة المكلف ويجب عليه تحصيلها، بدعوى انه يعتبر في صحة تعلق التكليف الفعلي بشيء ان يكون ذلك الشيء مقدورا للمكلف ولو بواسطة سببه وعلته بان يكون من المسببات التوليدية لفعل المكلف كالقتل والاحراق، اما بان يكون الفعل الصادر منه تمام العلة لحصوله، أو الجزء الاخير منها، وبدون ذلك لا يكاد يصح ان يتعلق به الارادة الفعلية من الآمر، والمصالح والملاكات الكائنة في متعلقات التكاليف من هذا القبيل، حيث انها بنفسها لا تكون مقدورة للمكلف، ولا كانت ايضا من قبيل المسببات التوليدية لفعل المكلف بحيث يصح ان تستند إليه كالقتل والاحراق لعدم كون الفعل الصادر من المكلف سببا توليديا لتلك الاثار بنحو العلية التامة أو الجزء الاخير منها حتى يصح بذلك وقوعها تحت ارادة الآمر وتكليفه، وانما يكون ذلك من المقدمات الاعدادية المحضة لحصول الاثر، فيتوسط بين الفعل الصادر عن الفاعل والاثر امور اخر خارجة عن قدرة الفاعل كصيرورة الزرع سنبلا والبسر تمرا، حيث ان الفعل الصادر من الفاعل لا يكون الا حرث الارض ونثر البذر وهو بنفسه غير كاف في حصول السنبل، بل يحتاج حصوله إلى مقدمات اخرى خارجه عن تحت قدرة الفاعل واختياره وبذلك لا يصلح شيء من المصالح والاغراض التى هي مناطات الاحكام لان يتعلق به ارادة الآمر وتكليفه، بل ما يتعلق به الارادة الفعلية حينئذ انما هي نفس الافعال الصادرة عن المكلف، فيندفع الاشكال المزبور من رأسه في المركبات الارتباطية (لان) المأمور به فيها انما هي الافعال الصادرة عن المكلف، دون الملاكات والمصالح والاغراض، وانما هي من الدواعي والعلل التشريعية لإرادة الآمر (بخلاف) العناوين التوليدية لفعل المكلف، فأنها من جهة كونها تحت قدرة المكلف واختياره ولو بالواسطة امكن ان يتعلق الامر بتحصيلها، ومع الاشتغال بتحصيلها ودوران محققها بين الاقل والاكثر لابد فيها من الاحتياط بالإتيان بالأكثر (وفيه ما لا يخفى) فان غاية ما يقتضيه البيان المزبور انما هو عدم وقوع المصالح والملاكات تحت الامر والتكليف بوجودها الطارد لجميع الاعدام من جهة خروجها كذلك عن تحت قدرة المكلف، واختياره (لا مطلقا) حتى بحفظ وجودها من قبل الافعال الصادرة من المكلف، فانه بعد ان كان للأفعال الصادرة من المكلف دخل في حصول الملاكات ولو بنحو الاعداد المستتبع للانتفاء عند الانتفاء لا محيص من وقوعها بهذا المقدار تحت ارادة الآمر وتكليفه كما اوضحناه في مبحث مقدمة الواجب، ومرجعه إلى ايجاب حفظ الغرض دوس باب عدمه من قبل ما يتمشى منه من المقدمات الاختيارية (وعليه) يتوجه الاشكال المزبور، حيث يكفي هذا المقدار في المنع عن جريان البرائة عند الشك وتردد المأمور به بين الاقل والاكثر، لان ما هو الموجب لعدم جريان البراءة في صورة الشك في حصول العنوان، موجب لعدم جريانها عند الشك في حصول الملاك ايضا (وتوهم) عدم امكان تعلق الارادة الآمرية بالأغراض وملاكات الاحكام رأسا حتى يحفظ وجودها من قبل المأمور به، لان الارادة الآمرية انما تتعلق بما يمكن ان تتعلق به الارادة الفاعلية، والاثار المترتبة على الافعال الاختيارية انما تتعلق بها الارادة الفاعلية إذا كان الفعل الاختياري علة تامة لحصولها أو جزء اخيرا منها (وإذا) لم يكن كذلك بان كان في البين واسطة غير اختيارية في ترتبها، يستحيل تعلق الارادة الفاعلية بنفس تلك الاثار، فيستحيل تعلق الارادة الآمرية بها ايضا، بل لو كان هناك ارادة آمرية لابد وان تتعلق بالمقدمات الاختيارية ليس الا (مدفوع) بما ذكرناه من ان المستحيل انما هو تعلق الارادة الفاعلية بوجود الاثر على الاطلاق الطارد لعدمه من جميع الجهات , (واما) تعلق الارادة الفاعلية بوجوده الطارد لعدمه من الجهة التي هي تحت اختياره فهو في غاية الامكان ونظائره كثيرة لا تحصى (كما في) الحجر الكبير المتوقف حركته على تحريك شخصين أو ازيد وكالبيع بمعنى اسم المصدر المتوقف على ايجاب البائع وقبول المشترى (فانه) مع خروج وجوده الطارد لعدمه على الاطلاق عن حيز قدرة البائع واختياره، يقصد البائع ويريد بإنشاء ايجابه التوصل إلى وجود الملكية للمشترى في الخارج مع علمه بعدم كون ايجابه علة تامة لحصول الملكية ولا جزء اخيرا منه (وكما) انه يصحح ذلك ويقال ان مرجع قصده إلى التوصل إلى وجود الملكية في الخارج من قبل انشاء ايجابه الذي هو فعل اختياري له ويصحح بذلك ايضا صحة التكليف بإيجاد ملكية شيء لزيد بمثل قوله ملك زيدا كذا واوجد ملكية دارك لزيد، بإرجاع التكليف بإيجاد الملكية لزيد في الخارج إلى ايجاب حفظ وجود الملكية من قبل ما يتمشى منه وسد باب عدمها من ناحية ايجابه (كذلك) في المقام حرفا بحرف، فيتوجه الاشكال بان اشتغال العهدة بتحصيل ملاك الواجب وحفظ وجوده من قبل المردد بين الاقل والاكثر يقتضى الفراغ اليقيني عنه، وبالإتيان بالأقل يشك في تحقق الحفظ المزبور فلابد من الاتيان بالأكثر تحصيلا للقطع بالفراغ عما ثبت الاشتغال به في العهدة جزم (فالأولى) حينئذ في دفع الاشكال المزبور ان يقال ان حكم العقل بلزوم تحصيل الجزم بالفراغ تابع لمقدار ثبوت الاشتغال بالتكليف الفعلي بالغرض، والمقدار الثابت من فعلية الارادة بالنسبة إلى الملاك والغرض انما هو فعليتها بمقدار حفظه من قبل الاقل (فان الطريق) إلى استكشاف فعلية الارادة بالنسبة إلى الملاكات والاغراض لا يكون الا الامر والبعث الفعلي نحو الافعال المحصلة لها، وبالمقدار المعلوم من البعث الفعلي نحو الافعال الصادرة عن المكلف يستكشف فعلية الارادة بحفظ الغرض من قبلها، وال فليس الغرض بنفسه تحت خطاب مستقل كي يستكشف من اطلاقه فعلية الارادة بالنسبة إلى الغرض أو حفظه على الاطلاق (وحيث) انه مع تردد المأمور به بين الاقل الاكثر لم يعلم الا التكليف بالأقل، فلم يعلم فعلية الارادة بحفظ الغرض ازيد مما علم ارادته من العمل، ومعه لا ملزم للعقل بالاحتياط فيرجع إلى البرائة وقبح العقاب بلا بيان (هذا) كله في صورة دوران الامر بين الاقل والاكثر من جهة الشبهة الحكمية واما إذا كان دوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطي في الشبهة الموضوعية، فالذي يظهر من الشيخ (قدس سره) هو القول بالاحتياط بإرجاع الشبهة الموضوعية في الاقل والاكثر إلى ما يرجع إلى الشك في المحصل (وتحقيق الكلام في ذلك) هو ان الشبهة في المصداق، تارة يكون من جهة الشك في اتصاف الموجود بعنوان الكبرى كالشك في اتصاف زيد بعنوان العالمية في مثال اكرم العالم، واخرى يكون من جهة الشك في وجود ما هو المتصف بعنوان الكبرى (وعلى الاول) تارة يكون الخطاب مبهما من جهة حدود موضوع الحكم بحيث يكون قابل للانطباق على القليل والكثير كما في مثال اكرم العالم، واخرى يكون معينا من هذه الجهة بلا ابهام فيه من ناحية نفس الخطاب كما في الامر بإكرام عشرة عالم وامثاله (فعلى الاول) لا شبهة في ان الشك في المصداق موجب للترديد في مقدار ارادة المولى من حيث شمولها للمشكوك فيه وعدمه (فانه) بعدما يختلف دائرة الحكم سعة وضيقا بازدياد افراد موضوعه ومتعلقه وقلتها في الخارج، فلا محالة يكون الشك في اتصاف فرد بعنوان العالمية يستتبع الشك في الحكم وضيقه من ناحية نفس الخطاب (فإذا) علم بمقدار من افراد العلماء وشك في عالمية زيد فالإكرام الواجب في قوله اكرم العلماء يتردد بين الاقل والاكثر (ويكون) المرجع في مثله هي البرائة عن وجوب اكرامه (من غير فرق) في ذلك بين ان يكون لحاظ العلماء في قوله اكرم العلماء على نحو العام الاستغراقي أو على نحو العام المجموعى (فانه) على كل تقدير يرجع الشك في الموضوع الخارجي في اتصافه بعنوان موضوع الكبرى إلى الشك في سعة الحكم وضيقه من ناحية الخطاب (غايته) انه في الاول تكون الشبهة من الاقل والاكثر الاستقلالي، وفى الثاني من الاقل والاكثر الارتباطي مع كون منشأ الشبهة في الصورتين هي الامور الخارجية (ولكن الظاهر) هو خروج هذا الفرض من الشبهة في المصداق عن فرض كلام الشيخ (قدس سره) سره (فان) محط كلامه على ما يظهر من تمثيله ببين الهلالين والشك في المحقق انما هي صورة تعين مقدار دائرة الحكم من ناحية نفس الخطاب بحيث كان الشك في وجوب الاقل والاكثر ممحضا بكونه في عالم التطبيق ليس الا بلا ابهام في ناحية دليل الكبرى، فينحصر فرضه حينئذ بمثل الامر بإكرام عشرة مساكين ونحوه مما لا ترديد في مقدار الارادة من جهة نفس الخطاب (والا) فلا وجه لعدم تمثيله لفرض تردد الواجب بين الاقل والاكثر لأجل الشبهة في المصداق بنحو ما ذكرناه من الامثلة الواضحة وتمثيله له بمثل بين الهلالين والشك في المحقق الذين لا يخلوان عن المناقشة ايضا كما ستطلع عليها فانه - من البعيد جدا خفاء ذلك على اصاغر الطلبة فضلا عن مثل الشيخ - (قدس سره) - الذي هو أستاذ هذا الفن، فلا ينبغي حينئذ نسبة الغفلة عن ذلك أو تخيل عدم امكان ضفر الشبهة الموضوعية في الاقل والاكثر إلى مثله (قدس سره) فانه إسائه للأدب وجفاء عليه (قدس سره) واما على الثاني وهو فرض كون الشك في وجوب الاقل والاكثر ممحضا من جهة التطبيق واتصاف الموضوع الخارجي بعنوان موضوع الحكم مع تبين حدوده المأخوذة في موضوع الكبرى وتعين مقدار الارادة من ناحية نفس الخطاب بلا ابهام فيه من طرف الزيادة نظير عنوان عشرة مساكين أو العلماء في قوله اكرم عشرة مساكين أو العلماء (فيشكل) فرض تردد التكلف بين الاقل والاكثر لأجل الشبهة في المصداق، بل الظاهر عدم تصوره (لان) الشبهة المصداقية لعنوان العشرة مثلا، اما ان يكون مع انحصار الامر بالمشكوك عالميته والتسعة الاخرى، اولا مع الانحصار بذلك، وعلى التقديرين لا مجال لتصور تردد التكليف بين الاقل والاكثر وذلك على الاول ظاهر، فانه مع الانحصار بالمشكوك عالميته يشك في القدرة على الاكرام العشرة لأجل الشك في تحقق موضوع الحكم، فيشك في اصل التكليف بالإكرام، فلا يتصور حينئذ اقل معلوم الوجوب واكثر مشكوك (وعلى الثاني) وان امكن تصور الشك في الاقل والاكثر من هذه الجهة، الا ان المشكوك حينئذ طرف الشك في الايجاب التخييري في مقام الامتثال لا الوجوب التعييني ومثله خارج عن فرض البحث في الاقل والاكثر، فان فرض الكلام فيه انما هو الشك في وجوب المشكوك فيه بالوجوب التعييني وكذلك الكلام في الشبهة الموضوعية لأجل الشك في وجود ما اتصف بعنوان موضوع الكبرى، فانه مع الشك في اصل الوجود لا يكون في البين اقل معلوم الوجوب واكثر مشكوكه ومع الاتيان بمقدار من المأمور به والشك في وجود بقية الاجزاء واتيانه في الخارج لا يكون الاقل معلوم الوجوب بل حينئذ يقطع بسقوطه وكان الشك في سقوطه عن البقية واما ما اورده الشيخ (قدس سره) من المثالين، فالاول منهما وهو بين الهلالين يكون مبهما من حيث الحد نظير كلي العالم في قوله اكرم العالم، حيث يكون مرجع الشك في كونه ثلاثين أو اقل إلى الشك في سعة دائرة الحكم وضيقه في قوله صم بين الهلالين والمرجع فيه عند عدم قيام دليل في البين أو اصل محرز يقتضي وجوب الصيام هي البرائة .

(واما الثاني) وهو الشك في المحقق، فبالنسبة إلى السبب تكون الشبهة حكمية لا موضوعية، وبالنسبة إلى المسبب تكون الشبهة موضوعية لأمر بسيط ،ولا تردد فيه بين الاقل والاكثر الا إذا كان الامر البسيط مما له مراتب متفاوتة بالشدة والضعف كالنور مثلا (ولكن) الشبهة حينئذ ترجع إلى كونها حكمية بالنسبة إلى المأمور به لا موضوعية ، فعلى كل حال لا يتصور في هذه المقامات الشك في وجوب الاقل والاكثر من جهة مجرد الشك في المصداق زائدا على الشك من ناحية الكبرى، - وبهذه الجهة - ارجع الشيخ (قدس سره) الشبهة الموضوعية في الاقل والاكثر الارتباطي إلى ما يرجع إلى الشك في المحصل فتدبر (بقى الكلام في حكم الشك في القواطع والموانع (وتحقيق الكلام) في ذلك يستدعى تمهيد مقدمة لبيان المائز بين القاطع والمانع - فنقول - الظاهر ان مرجع كون الشيء قاطع في المركبات الاعتبارية انما هو إلى كونه بوجوده مفنيا لما هو الشرط المأخوذ في المركب المأمور به وهو الجزء الصوري المعبر عنه بالهيئة الاتصالية، الحادثة بالتكبيرة والمستمرة إلى آخر التسليمة من غير ان يكون لعدمه دخل في المأمور به ، فان معنى القطع عبارة عن الفصل الذى هو نقيض الوصل أو ضده، ولا يصدق ذلك الا إذ كان للمركب جزء صوري وهيئة اتصالية لها دخل في ملاك المركب (والا) فبدونه لا مجال لتصوير كون الشيء قاطعا للمأمور به ولا للنهي عن ايجاده بعنوانه الخاص (وهذا بخلاف المانع) فان مرجع مانعيته إلى قيدية عدمه للمأمور به قبال الشرائط الراجعة إلى دخل وجودها في المأمور به (وحينئذ) فالمانع والقاطع وان كانا يشتركان في الاخلال بالمأمور به، الا ان المايز بينهما هو ان في المانع يكون حيث التقيد بعدمه مأخوذ في المأمور به، وكان له دخل في ملاكه بخلاف القاطع فانه ليس مما لعدمه دخل في المأمور به وانما هو مفني لما هو المعتبر فيه وهو الجزء الصوري المعبر عنه بالهيئة الاتصالية هذا (وقد يفرق) بينهما بوجه آخر وهو جعل المانع عبارة عما يمنع وجوده عن صحة المأمور به إذا وقع في خصوص حال الاشتغال بالاجزاء والقاطع عبارة عما يمنع وجوده عن صحته عند وقوعه في اثناء المأمور به مطلقا حتى في حال السكونات المتخللة بين الاجزاء ولكن فيه نظر فانه كما يمكن ثبوتا كون المانع مانعا عن صحة المأمور به في خصوص حال الاشتغال بالاجزاء (كذلك) يمكن كونه مانعا عن الصحة مطلقا حتى في حال السكونات المتخللة في البين كما - ان الامر - في طرف القاطع كذلك - حيث - يتصور فيه ثبوتا كونه قاطعا مطلقا أو في خصوص حال الاشتغال بالاجزاء، لانه تابع كيفية اعتبار الشارع اياه - واما في مقام الاثبات فيحتاج استفادة كل من الاعتبارين في كل من المانع والقاطع إلى قيام الدليل عليه، ويختلف ذلك باختلاف كيفية لسان الادلة الواردة في باب القواطع والموانع ولا يبعد استفادة المانعية والقاطعية المطلقة مما ورد بلسان النهي عن ايقاع شيء في الصلاة بنحو جعل الصلاة ظرفا لعدم وقوع المانع أو القاطع فيها لولا مزاحمة الجهات الاخر المقتضية بالتخصيص المانعية أو القاطعية بحال الاشتغال بالإجزاء (ومع الشك) وعدم استفادة احد الامرين من الادلة، يندرج في الاقل والاكثر، فان المتيقن من المانعية أو القاطعية حينئذ انما هو في خصوص حال الاشتغال بالأجزاء والمرجع في الزائد هي اصالة العدم (ثم انه بعدما ظهر) ثبوتا وجه الفرق بين المانع والقاطع من رجوع القاطع إلى كونه قاطعا للجزء الصوري والهيئة الاتصالية القائمة بمواد الاجزاء من غير ان يكون لعدمه دخل في المأمور به وفى حصول الملاك والمصلحة، بخلاف المانع فان مرجعه إلى دخل عدمه في ملاك المطلوب ومصلحته (يبقى الكلام) في مقام الاثبات في ان للمركبات الاعتبارية جزء صوري يكون له دخل في المأمور به وراء مواد الاجزاء الخارجية أم لا (ولكن الظاهر) عدمه، لانتفاء الدليل عليه بالخصوص في المركبات المعهودة كالحج والوضوء والصلاة ونحوها (فان) غاية ما يقتضيه دليل المركب في كل واحد منها انما هو كونه عبارة عن عدة امور معهودة متباينة في الوجود، واما ان لهذه المركبات جزء صوري آخر قائم بمواد الاجزاء الخارجية فيحتاج ثبوته فيها إلى قيام دليل عليه بالخصوص (نعم) في خصوص الصلاة يستفاد من التعبير بعنوان القاطع في بعض النواهي الواردة في باب القواطع ان لها وراء الاجزاء الخارجية جزء صوري آخر قائم بمواد الاجزاء من جهة ملازمة مثل هذا العنوان مع اعتبار هيئة اتصالية وجزء صوري قائم بمواد الاجزاء يكون هو المطلوب (واما توهم) المنع عن ثبوت ذلك حتى في باب الصلاة نظرا إلى دعوى انه لا يكون في الادلة الا النهي الغيرى عن عدة امور كالالتفات إلى الوراء ونحوه ولا يدل مثله على ان وراء الاجزاء الخارجية امر وجودي آخر يسمى بالجزء الصوري لإمكان ان يكون النهى عنها من جهة كونها مانعا قد اعتبر عدمها في الصلاة (فمدفوع) بانه كذلك لولا تعنون تلك النواهي بعنوان القاطعية واما مع تعنونه بذلك فلا محالة بعد امكان وجود الجزء الصوري لها ثبوتا يكشف مثلها عن ان للصلاة هيئة اتصالية وجزء صوري قد اعتبرها الشارع فيها، لما ذكرنا من ملازمة العنوان المزبور المأخوذ في حيز تلك النواهي مع اعتبار الهيئة الاتصالية في الاجزاء الخارجية، وبذلك يستكشف ايضا عن تعلق الطلب والبعث بالجزء الصوري على نحو تعلقه بالاجزاء الخارجية، وان النهي عن ايجاد القاطع في الاثناء انما هو لأجل النهي عن قطع الهيئة الاتصالية الذي هو عين النهى عن نقيض الاتصال المطلوب، لا ان ذلك لخصوصية فيه اوجبت النهى عنه وحينئذ فما عن بعض من المنع عن تعلق الطلب بالجزء الصوري المستكشف من النواهي الواردة في باب القواطع " منظور فيه " فانه مع الاعتراف بكشف تلك النواهي عن وجود جزء صوري للصلاة لا محيص من كونه متعلقا للطلب ايضا، ومعه لا يكون النهى عن ايجاد القاطع الا من جهة كونه علة لرفع الجزء الصوري والهيئة الاتصالية المعتبرة في المطلوب، لا من جهة تقيد المأمور به بعدم نفسه كي يحتاج إلى رفع الشك عن جهة نفسه في مقام الحكم بالصحة كما هو ظاهر - وبعد ما عرفت - ذلك نقول ان الشك في القاطع يتصور على وجوده - فانه - تارة يكون الشك فيه من جهة دوران المشكوك بين القاطع والمانع وهذا اما مع العلم بعدم خلوه في الواقع منهما، واما لا مع العلم بذلك، بل مع احتمال عدم كونه منهما - واخرى - يكون من جهة الشك في اصل اعتبار الجزء الصوري للمأمور به شرعا مع القطع بانه لو كان له جزء صوري لكان ذلك قاطعا بلا كلام – ثالث هو - يكون من جهة الشك في كونه مصداقا للقاطع كالشك في كون التبسم مصداقا للضحك واما حكمها - ففي الصورة الاولى لا اشكال في وجوب التحرز عن المشكوك - لانه - مع دورانه بين القاطع والمانع يقطع بكونه مضرا بصحة المأمور به، اما لكونه مانعا قد اعتبر عدمه قيد للمأمور به، واما لكونه رافعا للجزء الصوري المعتبر فيه - من دون فرق - في ذلك بين احراز وجود الجزء الصوري للمأمور به وعدمه - وذلك - على الاول ظاهر، وكذلك على الثاني، فانه وان كان الشك بالنسبة إلى الجزء الصوري من الاقل والاكثر، الا انه مع العلم بتعلق النهي عن ايجاد مشكوك المانعية والقاطعية ولزوم الاحتراز عن المعلوم المردد بينهما، لا مجال لجريان البرائة عنه لعدم ترتب سعة على جريانها حينئذ بعد العلم بلزوم التحرز عن المشكوك - واما في الصورة الثانية - وهى صورة دوران المشكوك بين القاطع والمانع بالشبهة البدوية، فمع الشك في اعتبار الجزء الصوري للمأمور به لا اشكال في جريان البرائة لرجوع الشك المزبور حينئذ بالنسبة إلى كل واحد من جزئية الهيئة الاتصالية وقيدية عدم المشكوك فيه للمأمور به إلى الاقل والاكثر، بل وكذلك الامر مع احراز الجزء الصوري للمأمور به، فانه بالنسبة إلى احتمال المانعية ترجع الشبهة إلى الاقل والاكثر، فتجرى فيها البرائة، وبالنسبة إلى احتمال القاطعية يرجع إلى استصحاب بقاء الهيئة الاتصالية (وهكذا الكلام) في الصورة الثالثة والرابعة، فانه في الصورة الثالثة تكون الشبهة بالنسبة إلى اعتبار جزئية الهيئة الاتصالية من صغريات الاقل والاكثر الجاري فيها البرائة (وفى الصورة) الرابعة التي تكون الشك فيها في كون المشكوك قاطعا من جهة الشبهة الحكمية أو الموضوعية يكون المرجع فيها استصحاب بقاء الجزء الصوري والهيئة الاتصالية، فانه بعد ما لا يجرى الاصل في السبب الذى هو مشكوك القاطعية، اما لعدم احراز الحالة السابقة فيه أو لعدم إجدائه لرفع الشك عن مسببه الذى هو بقاء الهيئة الاتصالية ولو على تقدير وجود الحالة السابقة فيه باعتبار كون ترتب بقاء الهيئة عليه عقليا لا شرعيا، فلا محالة ينتهى الامر إلى الاصل المسببي وهو الاصل الجاري في نفس الجزء الصوري والهيئة الاتصالية، وبجريانه فيها تترتب صحة الصلاة الواقع فيها مشكوك القاطعية من دون احتياج في الحكم بالصحة إلى رفع الشك عن مشكوك القاطعية ايضا، كي يقال انه بالاستصحاب المزبور لا ترتفع الشبهة من هذه الجهة لعدم كون الاصل الجاري في الشك المسببي رافعا للشك السببي (فانه ما لابد منه) في الحكم بالصحة انما هو رفع الشك عما اعتبر في المأمور به على نحو الشرطية أو الشطرية ، وهو لا يكون الا نفس الجزء الصوري والهيئة الاتصالية القائمة بمواد الاجزاء، دون القاطع نفسه، ومع احراز الجزء الصوري بالأصل يترتب عليه قهرا صحة الصلاة (واما النهى) عن القاطع فهو كما عرفت انما يكون من جهة سببيته للقطع المنهى عنه بالنهي الذى هو عين النهى عن نقيض الاتصال المطلوب، لا انه من جهة تقيد المأمور به بعدم نفسه كما في الموانع حتى يحتاج في الحكم بالصحة إلى رفع الشك عن قاطعية الموجود ايضا كما هو ظاهر (ولعمري) ان تمام المنشاء للتوهم المزبور انما هو تخيل ان النهي عن القطع غير النهي عن نقيض الجزء الصوري والهيئة الاتصالية، أو عدم كفاية النهي عن نقيض الشيء لاستصحاب وجوده، وكلا الامرين كما ترى (واما المنع) عن استصحاب بقاء الهيئة الاتصالية، بان الهيئة الاتصالية بقيامها بالاجزاء المتدرجة الوجود، تكون ايضا متدرجة الوجود، فلا مجال لاستصحاب بقائها لأنها بين ما هي متصرمة بتصرم الاجزاء السابقة وبين ما هي لم تحدث (فمدفوع) بانه لا مانع من استصحاب الامور التدريجيه كما سيأتي تحقيقه في محله انشاء الله تعالى (هذا كله) فيما يتعلق بالشك بالقاطع من جهة الشبهة الحكمية أو الموضوعية (واما الشك في المانع) فالحكم فيه ايضا هي البرائة كما تقدم لرجوع الشك فيه إلى الشك في تقيد المأمور به بعدمه فيرجع إلى الاقل والاكثر، والمرجع فيه هي البرائة، من دون فرق بين ان تكون الشبهة حكمية أو موضوعية، ولا بين ان يكون المانع ماخوذا على نحو الطبيعة السارية الموجب لانحلال تقيد المأمور به بعدمه حسب تعدد افراد المانع في الخارج إلى تقيدات متعددة، أو ماخوذا على نحو صرف الوجود (واما توهم) لزوم الاشتغال في الفرض الاخير، بدعوى ان اشتغال الذمة بعدم الطبيعي الذي هو نقيض صرف وجوده يقتضى الفراغ اليقيني عنه ولا يحصل ذلك الا بالاجتناب عن جميع ما يحتمل كونه من افراد المانع ومصاديقه (فمدفوع) بانه انما يتم إذا كان الفرد مقدمة لوجود الطبيعي في الخارج، فانه حينئذ يكون عدم الطبيعي امرا واحدا بسيطا متحصلا من اعدام فرده، وبالاشتغال بمثله المبين موضوع وحكما ينتهى الامر إلى مقام تحصيل الفراغ، فلابد من الاجتناب عما يشك كونه من افراد المانع ومصاديقه، واما على ما هو التحقيق وعليه المحققون من عينية وجود الطبيعي مع وجود فرده، فلا يتم ذلك (إذ لا شبهة) في انه بعدما تتسع دائرة انطباق صرف الطبيعي وتتضيق بكثرة الافراد وقلتها (كذلك الامر) في طرف نقيضه، فإذا كان عدم الطبيعي الذى هو نقيض صرف وجوده عبارة عن العدم المتحقق في ضمن تمام اعدام الافراد فلا محالة يختلف دائرة العدم المزبور سعة وضيقا بازدياد الافراد وقلتها (فلو علم) حينئذ بمطلوبية عدم الطبيعي الذى هو نقيض صرف وجوده وشك في انطباق الطبيعي على فرد فقهر يندرج في الاقل والاكثر الارتباطي حيث انه يشك في مقدار دائرة المأمور به من انه بمرتبة يكون المشكوك خارجا عنه أو بمرتبة يكون المشكوك داخلا فيه، فتجري فيه البرائة العقلية والشرعية لعدم احراز اقتضاء الخطاب تكليفا بالنسبة إلى المشكوك فيه (وحينئذ) فلا فرق بين القسمين من هذه الجهة (نعم) بينهما فرق من جهة اخرى، وهى لزوم تقليل المانع مهما امكن عند الاضطرار إلى ايجاده في الجملة (فانه) على الاول وهو كون المانع هو الطبيعي بوجوده الساري في ضمن الافراد لابد عند الاضطرار من تقليل المانع مهما امكن والاقتصار على ما يدفع به الاضطرار كما في الاضطرار إلى لبس النجس أو الحرير ونحو ذلك في الصلاة (بخلافه) على الثاني فانه لا يجب تقليله عند الاضطرار إلى صرف الطبيعي لسقوط النهي عنه بالاضطرار المزبور (ولكن) الذي يسهل الخطب هو عدم وجود القسم الثاني في باب النواهي لا في النواهي النفسية، ولا في النواهي الغيرية حيث لم نظفر فيها بمورد يكون النهى متعلق بصرف وجود الشيء نعم قد يتصور ذلك في النواهي العرضية كما في باب النذر والحلف فيم لو نذر أو حلف ان لا يشرب الشاي أو التتن بنحو كان من قصده صرف وجودهما المنطبق على اول وجود الافراد (كما ان) الامر في باب الشرائط بعكس ذلك حيث يكون مورد التكليف فيها هو صرف الوجود (نعم) في الواجبات النفسية يوجد فيها كلا القسمين كما في الصلاة واكرام المؤمن وان كان الغالب فيما لا تعلق له بموضوع خارجي هو كونه على نحو صرف الوجود (بقى الكلام) في انه هل يمكن استصحاب صحة العبادة عند الشك في طرو مفسد له لفقد ما يشك في اعتبار وجوده في العبادة أو وجود ما يشك في اعتبار عدمه فيها، اولا، حيث ان فيه خلافا مشهورا (والذي) اختاره الشيخ (قدس سره) هو المنع عنه (ومحصل) ما افاده (قدس سره) في تقريب المنع هو ان المراد من الصحة المستصحبة اما ان يكون هي الصحة الفعلية أو هي الصحة الشأنية التأهلية (والاول) مما لا سبيل إلى استصحابه لعدم كون الصحة بهذا المعنى مما له حالة سابقة لانها انما تكون في ظرف اتيان المأمور به بماله من الاجزاء والشرائط (ومع الشك) في مانعية الموجود لا يقين بالصحة الفعلية بمعنى المؤثرية الفعلية للاجزاء السابقة حتى يستصحب واما الصحة بالمعنى الثاني فهى وان كانت ثابتة للاجزاء السابقة لكنها لا شك في بقائها، إذ الصحة بهذا المعنى عبارة عن كون الاجزاء السابقة على نحو لو انضم إليها بقية الاجزاء والشرائط لالتأم الكل في قبال الجزء الفاسد وهو الذي لا يلزم من انضمام بقية الاجزاء والشرائط إليه وجود الكل وهذا المعنى مما يقطع باتصاف الاجزاء والسابقة به ولو مع القطع بعدم ضم بقية الاجزاء والشرائط الباقية فضلا عن الشك في ذلك (وكذا) الكلام في الصحة بمعنى الموفقة للأمر، حيث ان موافقة الاجزاء السابقة للأمر المتعلق بها متيقنة سواء فسد العمل أم لا (وفيه) ان ما افيد من الاشكال الاول على استصحاب الصحة بمعنى المؤثرية الفعلية انما يتم إذا كان الاثر المترتب عليها دفعي الحصول والتحقق عند تحقق جزء الاخير من المركب (واما إذا كان) الاثر مما يتدرج حصوله شيئا فشيئا من قبل الاجزاء بحيث يكون كل جزء مؤثرا في تحقق مرتبة منه إلى ان يتم اجزاء المركب فيتحقق تلك المرتبة من الاثر الخاص المترتب على المجموع، فلا قصور في استصحاب صحة العبادة فانها بهذا المعنى مما تم فيه اركانه من اليقين السابق والشك اللاحق، حيث انه باتيان جزء الاول من المركب تتحقق الصحة ويتصف الجزء المأتى به بالمؤثرية الفعلية وبوقوع مشكوك المانعية في الاثناء يشك في بقاء الصحة وانقطاعها فتجري فيه الاستصحاب كسائر الامور التدريجية (ومنه) يظهر الحال بناء على تفسيرها بموافقة الامر، حيث انه يمكن المصير إلى جريان استصحاب الصحة فيها، من دون فرق بين القول بإمكان المعلق والالتزام بفعلية التكليف المتعلق بالجزء الاخير من المركب في ظرف الاتيان بالجزء الاول منه بالتفكيك بين فعلية التكليف المتعلق بالاجزاء وفاعليته، وبين القول بعدم امكانه والمصير إلى تدريجية فعلية التكليف المتعلق بأجزاء المركب بجعل فعلية التكليف بكل جزء في ظرف فاعليته الذى هو ظرف الفراغ عن الاتيان بالجزء السابق عليه (وهذا) على الاول ظاهر، فانه بإتيان جزء الاول من المركب يتحقق الموافقة الفعلية للأمر وبعد ايجاد مشكوك المانعية أو ترك مشكوك الشرطية في الاثناء يشك في بقاء الموافقة فيستصحب (وكذلك الامر) على الثاني، فانه بتبعية تدريج فعلية التكليف المتعلق بالاجزاء يتدرج الموافقة ايضا فيجرى فيها الاستصحاب (واما توهم) عدم شرعية المستصحب حينئذ لكونه امرا عقليا (يدفعه) كونه مما امر رفعه ووضعه بيد الشارع ولو بتوسيط منشئه الذي هو امره وتكليفه، إذ لا نعنى من شرعية الاثر الا ما كان امر رفعه ووضعه بيد الشارع ولو بتوسيط منشئه فتدبر (ازاحة شبهة) قد يقال في الفرض المزبور بوجوب الاحتياط بالجمع بين اتمام هذه الصلاة واعادتها، بدعوى انه بإيجاد مشكوك المانعية في الصلاة أو ترك مشكوك الشرطية فيها يحصل العلم الاجمالي بوجوب احد الامرين عليه اما اتمام هذا الفرد من الصلاة أو اعادتها بإتيان فرد آخر من الصلاة مباين مع هذا الفرد (وبعد) رجوع العلم الاجمالي المزبور إلى المتبائنين لا الاقل والاكثر لابد من الاحتياط بالجمع بين الاتمام والاعادة، ولا اثر لأصالة البرائة الجارية في مشكوك المانعية والشرطية قبل طروه في الصلاة مع وجود هذا العلم الاجمالي واقتضائه وجوب الاحتياط بالجمع بين الاتمام والتمام (ولكنك) خبير بما فيه) إذ بعد ان كان مقتضى اصالة البرائة عن مشكوك الشرطية والمانعية هو الترخيص في ايجاد مشكوك المانعية وترك مشكوك الشرطية في الصلاة ووجوب اتمام الصلاة الواقع فيها الخلل المشكوك فيه، فلا محالة لا يبقى معه مجال التأثير للعلم الاجمالي الحادث المزبور، لقيامه حينئذ بما تنجز احد طرفيه سابقا بالعلم التفصيلي بوجوب اتمام هذه الصلاة الواقع فيها مشكوك المانعية (وحينئذ) فإذا كانت نتيجة الشك البدوي السابق هو وجوب اتمام هذا الفرد من الصلاة في ظرف ايجاد مشكوك المانعية فيها وعدم العقوبة على ترك اعادتها في الفرض المزبور كيف يمكن دعوى تأثير العلم الاجمالي الحادث في وجوب الاعادة والعقوبة على تركها - فتدبر




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.