أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-3-2018
956
التاريخ: 1-07-2015
1180
التاريخ: 26-3-2018
885
التاريخ: 21-3-2018
931
|
وتقريره : انّ ما هو غير الوجود الحقيقيّ القائم بذاته المساوق للوجوب الذاتى من المهيات الممكنة ، لا يمكن أن يوجد إلاّ باستفادة الموجودية من الوجود الصرف ، لأنّ كلّ ما هو مهيته غير وجوده يحتاج في اتصافه بالوجود إلى سبب ، لأنّ كلّ عرضي سواء كان لازما أو غير لازم محتاج معلّل إمّا بالماهية المعروضة أو بأمر خارج ؛ وعلّية الماهية لوجودها غير معقولة، لأنّ العلّة يجب أن تكون متقدّمة على المعلول بالوجود ، وتقدّم الماهية على الوجود بالوجود غير معقول ، بخلاف تقدّمها على صفاتها اللازمة غير الوجود ، فالماهية يحتاج في وجودها إلى علّة خارجة ؛ ويجب أن تنتهى إلى صرف الوجود ـ دفعا للدور والتسلسل ـ. ثمّ موجودية المهيات الممكنة ليست بإفاضة الوجود عليها من الوجود الصرف ، وضمّ الوجود إليها وجعلها متّصفة به كما هو رأي المشائين ، لأنّ ثبوت الشيء للشيء فرع ثبوت المثبت له في نفسه ، والماهية ليست ثابتة في نفسها حتّى يمكن أن يثبت لها الوجود. وليست موجوديتها أيضا بإفادة الوجود الصرف نفس ذواتها كما نسب إلى الرواقيين ، بمعنى أنّ نفس الذات بعد جعل الجاعل ايّاها كافية في انتزاع الوجود عنها ، وإلاّ كان حمل الوجود عليها كحمل الذاتيات ، وهو باطل. لأنّ الماهية من حيث هي لا يمكن أن تكون علّة للوجود ومقتضية له ـ لما مرّ ـ ، فبقي أن تكون موجودية الممكنات بارتباطها بالوجود الحقيقي وانتسابها إليه. فالاتحاد والتأثير والفاعلية ومرادفاتها هي افادة الجاعل الماهية مرتّبة بنفسه لا افادتها اشياء متباينة لذاته متحقّقة بأنفسها ، ولذا قيل : الاثر في الحقيقة ليس شيئا مستقلاّ متميّزا عن المؤثّر. وما وجد من الآثار مستقلّة بذواتها ممتازة عن مؤثّراتها ليست آثارا لها بالحقيقة ، بل بحسب الظاهر. وليس المراد انّ وجود الأثر وجود ناعتي للمؤثّر نسبته إليه كنسبة الأعراض إلى موضوعها ، فانّ الارتباط الّذي بين الواجب والممكنات ليس بكونه محلا لها. ولذا قيل : انّ الأمثلة المذكورة في كتب العرفاء وإن كانت مقرّبة من وجه لكنّها مبعّدة من وجه آخر ـ كالتمثيل بالبحر والأمواج والنور والاضلال وبالشعلة الجائلة والقطرة النازلة والحركة التوسيطية ـ ؛ فانّ كلّ واحد من البحر والنور والشعلة والقطرة والحركة بمعنى التوسط أمر بسيط شخصي مستمرّ الوجود وراسم للمتجدّدات الّتي ليست خارجة ممتازة عنه. فانّ هذه النسب المتجدّدة المتكثّرة إنّما هي منتزعة من نفس هذا الأمر البسيط الشخصي عارضة لها ، والأشياء الممكنة ليست عارضة لذات الواجب الحقّ ـ تعالى شأنه ـ ، ولا وجوده صفة للماهيات الامكانية ، بل هي منتسبة إليه بالارتباط الصدوري ، فهو راسمها وجاعلها غير داخل فيها ولا مباشر لها. ومن حصول هذا الارتباط الصدوري ينتزع عنها الوجود وحقيقة هذا الارتباط راجعة إلى قيوميته ـ تعالى ـ للممكنات ، وتلزم هذه القيومية وجود معية بين الممكن والواجب أشدّ من معية العارض بالمعروض. ولكن لا يوجب اختلاط الواجب بالممكن ولا حصول التغير والتكثّر والتجزي في ذاته ولا اتصافه بصفات المحدثات ولا ملابسته للأشياء الخسيسة ، فحقيقة هذه القيومية والمعية غير معلومة لنا بكنهها. وقد تلخّص أنّ المبدأ الأوّل الّذي هو حقيقة الوجود الصرف هو القيّوم الواجب لذاته الموجود في نفسه بنفسه لنفسه ، والمتقوّم به انّما هي نسب لا حقة واضافات عارضة لازمة له ليست موجودة اصلا لا بنفسها ولا فى نفسها ولا لنفسها ولا ممتازة مستقلّة ، بل لها الوجود الاعتباري النسبي إلى القيّوم بذاته ، فبالحقيقة ليس الموجود إلاّ الوجود الحقيقيّ الّذي هو باعتبار ذاته موجودة ، وهو مبدأ لجميع الآثار ، فمن حيث هو موجود بنفسه وقائم (1) بذاته ومبدأ للوجود الانتزاعي من غير اعتبار ارتباطه بالممكنات هو الوجود المطلق ، ومن حيث ارتباطه ومعيته بالماهيات وصيرورته مبدأ للآثار الخاصّة هو الوجود المقيّد ، فمن حيث ارتباطه بالعقول وكونه مبدأ لآثارها مرات لها ، ومن حيث ارتباطه بالنفوس وكونه مبدأ لآثارها مرات لها ، وهكذا. فهو مرآت جميع المهيات وشمس عوالم الممكنات ونور السموات والأرضين ، وبه ينال كلّ ذي حقّ حقّه وهو في غاية الظهور وبه ظهور كلّ شيء وادراك كلّ ذي ادراك. وهذا معنى قول الصوفية : انّ جميع المهيات الممكنة صور للوجود الحقيقيّ وانّ الوجود الحقيقيّ يتصوّر لجميع الصور الغير المتناهية الّتي هي تعينات الوجود بلا تغيّر ولا تكثّر ولا اختلاط ولا عروض. وما ذكروه من أنّ الوجود الحقيقيّ الّذي هو الواجب لذاته سار في هياكل الممكنات الموجودة من العقول والنفوس والافلاك والعناصر والمواليد والموجودات العقلية والمثالية ، أرادوا بالسريان ما ذكرناه من الارتباط والمعية.
وغير خفيّ انّ الاستدلال على هذا المسلك أيضا إنّما هو بوجود الممكنات ، والفرق انّ وجود الممكنات عند الصوفية ليست وجودات مستقلّة ممتازة ـ كما ادّعوه ويجعلون الوجود منحصرا بالواحد ، كما ذكر مفصّلا ـ. ولا طريق لنا إلى اثبات ما ادّعوه ، لانا نعلم (2) بالبداهة العقلية انّ الموجودات متعدّدة متكثّرة في الخارج ولها كثرة حقيقية عينية ، وكونها اعتبارية محضة ـ كما ادّعوه ـ مخالف لصريح العقل والمشاهدة. وأكثرهم يقولون : انّه يعلم بطور وراء طور العقل ، مع أنّ عظمائهم ـ كعين القضاة الهمداني في الزبدة (3) والغزالي في فصل الخطاب (4) وغيرهما ـ صرّحوا بأنّ العقل حاكم لا يعزل ، وهو ميزان عدل احكامه قطعية يقينية لا كذب فيها ، وهو حاكم لا يجوز في طور الولاية ما يقضي باستحالته ، وعادل لا يتصوّر منه جور في قضاياه واحكامه.
_________________
(1) الاصل : قديم.
(2) الاصل : ما ادعوه إلاّ بالعلم.
(3) لم اعثر على هذا الكتاب.
(4) لم اعثر على هذا الكتاب. ولتصحيح العبارة المنقولة في السطرين الآتين راجع إلى ما نقله العارف الجامي في بعض حواشيه على كتابه نقد النصوص ص 24.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل: شراكتنا مع المؤسّسات الرائدة تفتح آفاقًا جديدة للارتقاء بجودة التعليم الطبّي في العراق
|
|
|