أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-8-2016
1744
التاريخ: 31-8-2016
1668
التاريخ: 1-9-2016
3070
التاريخ: 30-8-2016
2205
|
لا يخفى عليك ان العموم والخصوص كالأطلاق والتقييد انما كان من صفات المعنى ومن العوارض الطارئة عليه وان اتصاف اللفظ بهما انما كان بتبع المعنى، من جهة ما كان بينهما من العلاقة والارتباط الخاص.
ثم ان حقيقة العموم عبارة عن الاحاطة والاستيعاب للأفراد بنحو العرضية أو البدلية، لكن لا مفهوم الاحاطة بل ما هو واقع الاحاطة ومصداقها الذي هو منشأ انتزاع هذا المفهوم الذي هو في الحقيقة معنى حرفي.
واما الاشكال عليه حينئذ بلزوم عدم جواز اجراء احكام الاسم على الالفاظ الموضوعة للعموم كلفظ كل وجميع ومجموع ونحوها، من الاخبار عنها وبها ونحوهما من الاحكام المختصة بالأسماء، مع انه لا يكون الامر كذلك قطعا، حيث نرى صحة اجراء الاحكام المزبورة عليها بالأخبار عنه وبها وجعلها فاعلا ومفعولا ونحو ذلك فمدفوع، فانه انما يتجه الاشكال المزبور فيما لو كان المدلول المطابقي للفظ كل وتمام وجميع هو نفس الاحاطة والاستيعاب، ولكنه ليس كذلك، بل نقول بان مدلولها المطابقي عبارة عن معنى اسمي يلزمها الاحاطة والاستيعاب والشمول، وهو مقدار كم المدخول وتحدده بأعلى المراتب الذي لازمه الاستيعاب. فالمدلول في لفظ كل وتمام وجميع من قبيل مداليل الاسامي الموضوعة للكميات والمقادير، نظير باقي الكسور كالنصف والربع والثلث، فكان لفظ الكل مثلا يبين مقدار كم المدخول بكونه اعلى المراتب في قبال البعض المحدد لدائرته بالبعض، ولازم ذلك، كما عرفت، عقلا هو الاحاطة والاستيعاب لجميع الافراد المندرجة تحته. وحينئذ فصحة اجراء احكام الاسماء عليها انما هو من جهة ما ذكرنا، لا من جهة ان المدلول فيها هو مفهوم الاحاطة والشمول أو مصداقها، كي يتوجه عليه على الاول بلزوم الترادف بين لفظ الكل ولفظ الاحاطة، وعلى الثاني بلزوم عدم جواز اجراء احكام الاسماء عليها، كما هو واضح.
وعلى كل حال فلا ينبغي الارتياب في ان حقيقة العموم - وهو الاحاطة والاستيعاب للأفراد بنفسها من المعاني الواقعية التي لا تحتاج في تصورها إلى تحقق شيء آخر من الجهات الخارجة عن هذا المعنى من حكم أو مصلحة أو غير ذلك، بل لو لم تكن تلك الجهات الخارجية ايضا كان المجال لتصور هذا المعنى وهو الاحاطة والشمول للأفراد، ومن هذه الجهة نقول ايضا بعدم اقتضاء مجرد الاستيعاب للأفراد والاحاطة والشمول لشيء من الاستغراقية والمجموعية، وان مثل هذين الامرين انما هو من الاعتباريات الطارية على العموم بنحو العرضية المقابل للبدلية بملاحظة امر خارجي في البين من مثل الحكم والمصلحة، وان الاستغراقية انما هي بملاحظة كون الملحوظ بنحو الاستيعاب متعلقا لإحكام متعددة ومصالح كذلك حسب تعدد الافراد، في قبال المجموعية التي هي ايضا بملاحظة كون الملحوظ بنحو الاستيعاب متعلقا لحكم واحد شخصي غير قابل للانحلال ومصلحة كذلك، ففي الحقيقة اعتبار المجموعية والاستغراقية انما هو بلحاظ كيفية تعلق الحكم بالعموم، والا فمع قطع النظر عن ذلك لا يكاد يكون الفرق بينهما في عالم المفهوم ومقام تصوره اصلا ولقد اجاد في الكفاية (1) حيث فرق بين نحوي العموم من جهة كيفية تعلق الحكم بالعموم، وجعل التقسيم بالاستغراقي والمجموعي بلحاظ كيفية تعلق الحكم بالعموم من كونه تارة بنحو يكون كل فرد موضوعا على حدة للحكم، واخرى بنحو يكون الجميع موضوعا لحكم واحد مع كون العموم فيهما بمعنى واحد وهو احاطة المفهوم بجميع ما يصلح لان ينطبق عليه.
نعم ما افاده (قدس سره) من الحاق العام البدلي ايضا بهما في كونه ايضا من جهة كيفية تعلق الحكم بالعموم، غير وجيه، فان الظاهر هو ان الفرق بين البدلي وبين الاستغراقي والمجموعي من جهة كيفية العموم ولحاظه تارة بنحو الاستيعاب للأفراد بنحو العرضية واخرى بنحو البدلية، لا من جهة كيفية الحكم كما في الاستغراقي والمجموعي، كما افيد، حيث انه فيهما انما يلاحظ سير الطبيعي وشموله للأفراد بنحو العرضية في مقام التطبيق، بحيث لو عبر عنها تفصيلا لكان يعطف بعضها على بعض بقوله هذا وذاك وذاك الآخر.
بخلافه في العام البدلي، فانه فيه ايضا وان كان يرى في مقام اللحاظ سريان الطبيعي وشموله للأفراد، الا انه لا بنحو العرضية بل على نحو البدلية، كقولك: رجل أي رجل، في قبال قولك: كل الرجال وجميع الرجال، ومن ذلك لو عبر عنه تفصيلا لكان ذلك بمثل قوله: هذا أو ذاك، وعلى ذلك فنفس العام البدلي ايضا قبال الاستيعاب بنحو العرضية من المعاني الواقعية الغير المحتاجة إلى تحقق امر خارجي من حكم أو مصلحة، بل لو لم يكن حكم ايضا كان له الواقعية. وعليه فتقابل العموم البدلي مع ذين العمومين وهما الاستغراقي والمجموعي انما هو بلحاظ تقابل مقسمها معه، لا بلحاظ تقابل كل واحد منهما، حتى يكون ما به الامتياز فيه ايضا من سنخ ما به الامتياز فيهما، كما لا يخفى.
ومما ذكرنا انقدح ايضا فساد ما افيد كما عن بعض الاعلام فيما حكى عنه من ان اطلاق العموم على العام البدلي انما هو باب المسامحة، والا فلا يكون ذلك بعام حقيقة، حيث لا يكون متعلق الحكم فيه الا واحدا وان العمومية فيه انما هي في البدلية، وتوضيح الفساد هو ان البدلية في مثل هذا العام انما كان في مقام التطبيق، والا ففي عالم العموم والشمول كانت الافراد بأجمعها تحت اللحاظ في عرض واحد، كما هو مفاد قولك: جئني برجل أي رجل، حيث ان لفظة أي تدل على استيعاب جميع الافراد عرضا، غايته على نحو يكون التطبيق فيه تبادليا لا عرضيا، كما في العام الاستغراقي والمجموعي، ومن المعلوم ان مجرد كون التطبيق فيه تبادليا لا عرضيا لا يقتضي خروجه عن العمومية والاستيعاب لجميع الافراد، كما لا يخفى.
وعلى كل حال فلا ريب في عدم ارتباط اسامي العدد من مثل العشرة ونحوها بالعموم والشمول، بل مثل هذه المعاني انما هي من الاعتباريات الطارية على مداليل الاعداد وان اسامي العدد من هذه الجهة نظير الطبائع الصرفة في كونها مركز طرو هذه الاعتبارات ومورد هذه الاطوار، غير ان الفرق بينها وبين الطبائع هو ان نسبة الطبائع إلى الآحاد المعروضة للعموم في دائرتها في نحو قوله: اكرم كل عالم من قبيل نسبة الكلي إلى الفرد، بخلافه في اسامي الاعداد فانها لكونها عبارة عن مراتب الكم المنفصل للشيء يكون نسبتها إلى الاحاد المندرجة فيها المعروضة لهذه الطواري في مثل قولك: كل العشرة، من قبيل نسبة الكل إلى الجزء دون الكلي والفرد نعم انما يكون فيما لو كان نظر العموم فيها إلى مصاديق العشرة الراجع إلى افادة كل عشرة عشرة، حيث ان نسبتها حينئذ إلى المصاديق كانت من قبيل نسبة الكلي إلى الفرد، من جهة انها بهذا الاعتبار كأحد الطبائع الصادقة على القليل والكثير، فكان طروا لعموم عليها حينئذ بعين طروه على الطبائع.
ومن ذلك البيان ظهر الكلام في التثنية والجمع ايضا، حيث ان مدلوليهم عبارة عن مرتبة خاصة من الكم القائم بالطبيعي اما بتحديد حديها كما في التثنية وجمع القلة، أو بتحديد حدها الاقل كما في جمع الكثرة، فكانت كأسامي الاعداد في نسبته إلى الآحاد المندرجة فيها المعروضة للعموم والخصوص، وفي مركزيتها لطرو هذه الطواري، حيث كانت قابلة لطرو الخصوص والعموم عليها بنحو المجموعية والاستغراقية والبدلية، من غير فرق في ذلك بين التثنية والجمع. نعم الفرق بينهما انما هو من جهة اخرى وهى ان التثنية لما كان لا ابهام فيها في مرتبة كمها ففي طرو العموم عليها في مثل اكرم كلا من الرجلين أو جميع الرجلين لا يحتاج إلى تعين آخر في مدلولهما.
بخلافه في طروه على الجمع فانه بملاحظة ما فيه من الابهام بين مراتب الجمع المختلفة آحادها لابد من اعتبار تعين بين هذه المراتب حتى يقتضي العموم الاستيعاب في الآحاد المندرجة تحتها، ومن ذلك نحتاج في فرض كون نظر العموم إلى الآحاد المندرجة تحت مصاديق الجمع لا إلى نفس مصاديق الجمع إلى الحمل ولو بقرينة الحكمة على الفرد الاعلى من افراد الجمع والمرتبة القصوى من مراتبه، من جهة ان هذه المرتبة مما لها نحو تعين بالذات بخلاف بقية المراتب الاخر، ولازم ذلك اقتضاء العموم الاستيعاب في الآحاد المندرجة تحت اقصى الافراد واعلى المراتب لا الآحاد المندرجة تحت بقية المراتب، من جهة ان قرينة الحكمة انما تقتضي الحمل على ما لاحد فيها من مراتب الكم، ولا يكون ذلك الا على المصاديق واقصى المراتب، من دون ان يكون ذلك ايضا من باب انسلاخ الجمع عن مدلوله ومعناه، بل من باب ارادة العموم بالنسبة إلى الآحاد المندرجة تحت الفرد الاعلى من افراد الجمع واقصى مراتبه، هذا كله إذا كان العموم ناظرا إلى الآحاد المندرجة تحت مصاديق الجمع، واما لو كان العموم ناظرا إلى نفس مصاديق الجمع لا إلى الآحاد المندرجة تحتها، كما في قوله: اكرم كل جماعة، الناظر إلى كل جماعة جماعة، فان اريد من المصاديق ما هو القابل للتكرر بنحو لا يلزم التداخل في الحكم يؤخذ باقل الافراد القابل للتكرر في جميع الدوائر، فيحمل قوله: اكرم كل جماعة، على كل ثلاثة منها من جهة ان هذا المعنى مما له نحو تعين بالذات، بخلاف بقية المصاديق كالأربعة والخمسة والستة وما فوقها، فأنها ايضا وان كانت قابلة للتكرر الا انه لا تعين في واحد منها حتى يحمل عليها، بخلاف اقل الافراد من الجمع وهو الثلاثة فان له نحو تعين بالذات، واما ان اريد من المصاديق ما هو القابل للتداخل في الحكم ايضا ففي مثله يؤخذ بجميع المراتب من الثلاثة والاربعة والخمسة وما فوقها، ويحكم بالتداخل في الحكم. ومن هذه الجهة ظهر جهة فرق آخر بين التثنية والجمع، حيث انه في التثنية لا يتصور العموم باعتبار الوجه الاخير، بل العموم المتصور فيها كما في اسامي الاعداد يتصور بأحد الوجهين الاولين من الوجوه الثلاثة المتصورة في الجمع، بخلاف الجمع، فان العموم فيه باعتبار كون مفهومه معنى تشكيكيا محفوظا بين جميع المراتب من الاقل والاكثر يتصور على وجوه ثلاثة:
من حيث كون العموم تارة ناظرا إلى الآحاد المندرجة تحت مصاديق الجمع، واخرى إلى نفس مصاديق الجمع، مع كونه على الثاني تارة بإرادته من المصداق ما هو القابل للتكرر كي لا يلزم التداخل، واخرى بإرادته من المصداق ما هو القابل للتداخل والتأكد في الحكم، وان كان مثل هذا الفرض بعيدا في نفسه بل غير واقع من جهة بعده عن اذهان العرف واهل اللسان.
ثم ان هذا كله فيما لو احرز كون نظر العموم إلى الآحاد المندرجة تحت المصاديق، أو إلى نفس مصاديق الجمع، واما ان لم يحرز كون العموم بلحاظ المصاديق، فيحمل على ارادة العموم بلحاظ الآحاد المندرجة تحتها، ويدفع احتمال كونه بلحاظ نفس المصاديق، بشمول اطلاق الجمع لصورة انحصار افراده باقلها وهو الثلاثة، من جهة ان شمول اطلاقه لصورة انحصار الافراد والاحاد بالثلاثة ينافي لا محالة مع احتمال كون العموم بلحاظ نفس المصاديق، حيث انه لا يبقى مجال للعموم الا بلحاظ المندرجة تحت المصاديق، غاية الامر بما ذكرنا يحمل على اقصى الافراد واعلى المراتب اقل كانت ام اكثر من جهة تعينه بالذات، كما هو واضح.
___________
1 ـ ج 1 ص 232.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|