أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2016
476
التاريخ: 3-8-2016
650
التاريخ: 26-8-2016
588
التاريخ: 3-8-2016
541
|
... وتظهر[ثمرة القول بالمقدّمة الموصلة] في تصحيح العبادة ، بناءً على أنّ ترك الضدّ مقدّمة لفعل الضدّ الآخر ، فعلى القول بالمقدّمة المطلقة تقع العبادة منهياً عنها ، فتفسد لو أتى بها ، وأمّا على الموصلة فبما أنّ الواجب هو الترك الموصل فلا يقع حراماً إلاّ إذا ترتّب عليه الواجب ، فلو تخلّف لا يكون تركه واجباً ، فلا يكون فعله حراماً حتّى يفسد .
وأورد عليه الشيخ الأعظم : بأنّ فعل الضدّ وإن لم يكن نقيضاً للترك الواجب مقدّمـة ـ بناءً على المقدّمـة الموصلـة ـ إلاّ أنّه لازم لما هـو مـن أفراد النقيض ; حيث إنّ نقيض ذاك الترك الخاصّ رفعه ، وهـو أعمّ مـن الفعل والترك المجرّد ، وهـذا يكفي في إثبات الحرمة ، وإلاّ لم يكن فاسداً فيما إذا كان الترك المطلق واجباً ; لأنّ الأمر الوجودي لا يكون نقيضاً ; لأنّ نقيض الترك رفعه نعم هو يلازم ذلك(1) ، انتهى .
ويمكن أن يورد عليه : بأنّا لا نسلّم أنّ ميزان النقيض ما ذكره ، بل النقيضان هما المتقابلان إيجاباً وسلباً أو نقيض الشيء أعمّ من رفعه أو كونه مرفوعاً به ، فحينئذ نقيض تـرك الصلاة هـو فعل الصلاة ، فإذا وجب الترك حرمت الصلاة ، فتصير باطلة .
وأمّا نقيض الترك الموصل فلا يمكن أن يكون الفعل والترك المجرّد ; لأنّ نقيض الواحد واحد ، وإلاّ لزم إمكان اجتماع النقيضين وارتفاعهما ، فلا محالة يكون نقيض الترك الموصل ترك هذا الترك المقيّد ، وهو منطبق على الفعل بالعرض ; لعدم إمكان انطباقه عليه ذاتاً ; للزوم كون الحيثية الوجودية عين الحيثية العدمية ، والانطباق العرضي لا يوجب سراية الحرمة ، فتقع صحيحة .
وخلاصة الفرق بين المقامين : أنّ الفعل يمكن أن يكون نقيضاً للترك المطلق ; لأنّ الميزان هو التقابل سلباً وإيجاباً لا رفعه فقط ، وأمّا الفعل في الترك الخاصّ فلازم للنقيض ; أعني ترك الترك الخاصّ . وليس النقيض هو الأعمّ من الفعل والترك المجرّد ; لاستلزامه كون نقيض الواحد اثنين ، وهو يساوق إمكان اجتماع النقيضين وارتفاعهما ; إذ نفس الفعل والترك المجرّد في مرتبة واحدة ، فلا مناص عن جعلهما لازمي النقيض ; دفعاً للمحذور المتقدّم . فإذا كان النقيض بالبرهان المذكور هو ترك الترك الخاصّ فانطباقه على الفعل عرضي لا ذاتي ، وإلاّ يلزم كون الحيثية الوجودية عين العدمية .
وبذلك يظهر النظر فيما أورده المحقّق الخراساني ; ردّاً على الشيخ الأعظم ، بأنّ الفعل وإن لم يكن عين ما يناقض الترك المطلق مفهوماً لكنّه متّحد معه عيناً وخارجاً ، فيعانده وينافيه ، وأمّا الفعل في الترك الموصل فلا يكون إلاّ مقارناً لما هو النقيض من رفع الترك المجامع معه أحياناً بنحو المقارنة ، وفي مثله لا يوجب السراية(2) ، انتهى .
قلت : لا أدري بماذا اعتمد ـ قدس سره ـ في تعيين النقيض ؟ ! فإن قال : إنّ النقيضين ما يتحقّق بينهما تقابل الإيجاب والسلب ، من دون التزام بأنّ نقيض كلّ شيء رفعه ، بل التزم بكونه أعمّ من رفعه أو مرفوعه فحينئذ فالفعل عين النقيض في الترك المطلق ; لتحقّق الإيجاب والسلب بينهما ، فلا معنى إذن لقوله إنّ الفعل وإن لم يكن عين ما يناقض الترك المطلق .
وإن اختار : أنّ نقيض الشيء رفعه فقط ونقيض الترك هو رفعه لا مرفوعه فلا معنى لقوله ، لكنّه متّحد معه عيناً وخارجاً فيعانده ; إذ ترك الترك أو رفع الترك لايمكن أن يتّحد مع الفعل خارجاً ; اتّحاداً ذاتياً ; لأنّ حيثية الوجود يمتنع أن يتّحد ذاتاً مع الرفع . ولو كفى الاتّحاد غير الذاتي في سراية الحكم يكون متحقّقاً في الترك الموصل بالنسبة إلى الفعل ; فإنّه أيضاً منطبق عليه بالعرض .
وأعجب منه قوله : إنّه من قبيل المقارن المجامع معه أحياناً ; إذ الفعل مصداق الترك الموصل بالعرض دائماً ومنطبق عليه كذلك دائماً ، من غير انفكاك بينهما .
نعم ، قد لا يكون المصداق ـ أعني الصلاة ـ متحقّقاً ، وعدم انطباق النقيض ـ أي رفع الترك ـ عليه إنّما هو بعدم الموضوع ، ومثل ذلك لا يوجب المقارنة ; إذ العناوين لا تنطبق على مصاديقها الذاتية أيضاً حال عدمها ، فما الظنّ بالمصاديق العرضية ؟ !
وتوضيح الحال مع تحقيقها : أ نّه قرّر في محلّه أنّ حقيقة الوجود هي عين حيثية الإباء عن العدم ، وأنّ الجهة الثبوتية لا يعقل أن يكون ـ بما هي جهة وجودية ـ منشأ لانتزاع الأعدام(3). وما شاع في ألسنة المحصّلين من أنّ وجود أحد الضدّين عين عدم الآخر أو راسمه(4) فلابدّ أن يحمل على التشبيه والمجاز .
فحينئذ إمّا أن نقول : إنّ نقيض كلّ شيء رفعه ; بمعنى أنّ نقيض الفعل هو الترك ، ولكن نقيض الترك ليس الفعل بل هو ترك الترك ، وقس عليه العدم .
وإمّا أن نقول : بأنّـه أعمّ مـن رفعه أو مرفوعة ; فنقيض الترك ـ حينئذ ـ هـو الفعل .
أمّا على الأوّل : فإن قلنا إنّه يشترط في فساد العبادة كونها مصداقاً بالذات للمحرّم لا ملازماً لما هو حرام فتصحّ الصلاة على كلا الرأيين في باب وجوب المقدّمة ; إذ الحيثية الوجودية الصلاتية لا يعقل أن تكون نفس العدمية ـ أعني ترك الترك ـ الذي هو نقيض لترك الفعل المفروض وجوبه ، بناءً على المقدّمية .
وإن قلنا بكفاية الانطباق في الجملة فلا يصحّ على القولين :
أمّا على وجوب المقدّمة المطلقة فلملازمتها لترك الترك دائماً ، وقد فرضنا عدم اشتراط المصداقية وكفاية التلازم الوجودي .
وأمّا على وجوب المقدّمة الموصلة : فلأنّ المقارن لترك الترك المقيّد وإن كان أعمّ من الفعل أو الترك المجرّد إلاّ أنّ الفعل مهما قارن النقيض يصير محرّماً للانطباق العرضي ، وعدم اتّصافه بالحرمة فيما إذا قارن الترك المجرّد ليس إلاّ لفقدان الموضوع ، فلا يضرّ بما إذا كان موجوداً .
نعم ، لنا كلام في باب الضدّ ; وهو أنّ العدم لا ينطبق على الوجود بنحو من الأنحاء ولا يقارنه ولا يلازمه ، وما ذكر هنا مبني على الغضّ عنه .
وأمّا على القول الثاني في أخذ النقيض ـ وهو كفاية تحقّق الإيجاب والسلب بين الشيئين ـ فإن قلنا بأنّه يشترط في فساد العبادة كونها نقيضاً للواجب فلابدّ أن يفصّل بين القولين ; إذ الصلاة على قول المشهور تكون نقيضاً حقيقياً لترك الصلاة الذي هو واجب من باب المقدّمة على الإطلاق ، بخلافها على القول بوجوب ترك الصلاة الموصل ، فإنّها لا تكون نقيضاً ; إذ الوجود المطلق لا يكون نقيضاً للترك المقيّـد بل نقيضه لابدّ أن يكون شيئاً آخر ; وهو رفع هذا الترك المقيّد ، وعليه لا وجه لفسادها .
وأمّا إذا اكتفينا بالمقارنة والملازمة ـ مع الغضّ عمّا سيأتي ـ فتفسد وتحرم على كلا الرأيين .
نعم ، هنا كلام لبعض الأعيان من المحقّقين في تعليقته الشريفة ، وحاصله : أنّ المراد من المقدّمة الموصلة : إمّا العلّة التامّة ، وإمّا المقدّمة التي لا تنفكّ عن ذيها :
فعلى الأوّل تكون المقدّمة الموصلة للإزالة ترك الصلاة ووجود الإرادة ونقيض المجموع من الأمرين مجموع النقيضين ، وإلاّ فليس لهما معاً نقيض ; لأنّ المجموع ليس موجوداً على حدة حتّى تكون له نقيض ، فحينئذ يكون نقيض ترك الصلاة فعلها ، ونقيض إرادة ذي المقدّمة عدمها. فإذا وجب مجموع العينين بوجوب واحد حرم مجموع النقيضين بحرمة واحدة ، ومن الواضح تحقّق مجموع الفعل وعدم الإرادة عند إيجاد الصلاة .
وعلى الثاني : فالمقدّمـة هـو الترك الخاصّ ; وحيث إنّ الخصوصية ثبوتيـة فالترك الخاصّ لا رفـع لشيء ولا مرفـوع بشيء ، فلا نقيض له بما هـو ، بل نقيض الترك هـو الفعل ونقيض الخصوصيـة عدمها ، فيكون الفعل محـرّماً بوجوب نقيضـه . ومـن الواضـح أنّ الفعل مقترن بنقيض الخصوصيـة المأخـوذة في طـرف الترك(5) ، انتهى .
وأنت خبير بما فيه من الضعف :
أمّا أوّلا : فلما مرّ(6) من أنّ المناط عند العقل هو حيثية الإيصال ، لا العلّة التامّة ولا المقدّمة الفعلية غير المنفكّة .
وثانياً : أنّ وحدة الإرادة كاشفة عن وحدة المراد ; لأنّ تشخّصها به ، وتكثّرها تابع لتكثّره ، كما مرّ غير مرّة(7) . وعليه فلا يقع المركّب الاعتباري موضوعاً للحكم بنعت الكثرة ، بل لابدّ من وجود وحدة حرفية فانية في متعلّقها تجمع شتاته وتجعلها موضوعاً واحداً ، ويصير ـ حينئذ ـ نقيضه رفع هذا الموضوع الوُحداني الاعتباري ، لا رفع كلّ جزء .
وبعبارة أوضح : الموضوع الواحد الاعتباري نقيضه رفع ذاك ، لافعل الصلاة وعدم الإرادة مثلا ; ضرورة أنّ نقيض كلّ شيء رفعه أو كونه مرفوعاً به ، وليست الصلاة رفع هذا الواحد الاعتباري ولا مرفوعة به ; أ مّا عدم كونها رفعاً فواضح ، وأمّا عدم كونها مرفوعة به فلأنّ الترك الخاصّ أمر وجودي ـ مثل الصلاة ـ فلا يصير رفعاً لها .
وقس عليه الحال في المقدّمة الخاصّة ـ أي الترك غير المنفكّ ـ فإنّه في مقام الموضوعية للإرادة الواحدة غير متكثّر ونقيضه عدم هذا الواحد ، والمفردات في مقام الموضوعية غير ملحوظة بحيالها حتّى تلاحظ نقائضها .
نعم ، مع قطع النظر عن الوحدة الاعتبارية يكون نقيض الترك هـو الفعل ونقيض الخصوصيـة عدمها ، ولكـن لم يكن للخاصّ ـ حينئذ ـ وجـود حتّى يكون له رفع .
فظهر بما ذكرنا بطلان ما رتّب عليه من حرمة الصلاة وفسادها ; حتّى على القول بالمقدّمة الموصلة ; لأنّ وجود الصلاة على هذا المبنى ليس نقيضاً للواحد الاعتباري ; لما عرفت من أنّ نقيضه رفع الواحد الاعتباري ، بل مقارن للنقيض ; بمعنى أنّ رفعه ينطبق على الصلاة عرضاً وعلى الترك المجرّد ، فلا تفسد لولم نكتف بالمقارنة في البطلان .
وهذا بخلاف ما إذا قلنا بوجوب مطلق المقدّمة ; لأنّ الإيجاب ـ أعني فعل الصلاة ـ نقيض لمطلق تركها ، فتدبّر حول ما ذكرنا ; إذ به يتّضح أيضاً إشكال ما في تقريرات بعض المحقّقين ـ قدس سره ـ (8) .
____________
1 ـ مطارح الأنظار : 78 / السطر26 .
2 ـ كفاية الاُصول : 151 ـ 152 .
3 ـ راجع الحكمة المتعالية 1 : 38 ، شرح المنظومة ، قسم الحكمة : 10 ـ 15 .
4 ـ راجع الحكمة المتعالية 2 : 11 و 4 : 147 .
5 ـ نهاية الدراية 2 : 150 ـ 152 .
6 ـ تقدّم في الصفحة 382 .
7 ـ تقدّم في الصفحة 227 و 330 .
8 ـ بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 395 ـ 396 ، نهاية الأفكار 1 : 345 ـ 346 .
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|