أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-03-2015
8343
التاريخ: 14-08-2015
8344
التاريخ: 14-08-2015
64151
التاريخ: 4-6-2017
18086
|
قدامة في كتابه هذا قد وضع منهجا نقديا جديدا لنقد الشعر، وهو منهج عقلي بحت بعيد كل البعد عن روح التذوق التي هي الأساس في تفسير الشعر وفي فهمه ونقده.
يقول الدكتور مندور: " وأما قدامة فعقليته شكلية صرفة، وهو لا يبدأ بالنظر في الشعر بل يكون أولاً هيكلا لدراسته ويحدد تقاسيمه، أو إن شئت فقل: إنه يصنع قطعة أثاث هندسية التركيب ثم يأخذ في ملء أدراجها" (1). ومرد ذلك الى ثقافة قدامة التي غلب عليها الطابع اليوناني الفلسفي أكثر من طابع الثقافة العربية التي تلقها في صدر حياته، " فقد وقف على كتابي ارسطو – الشعر- والخطابة- وأخذ عنهما أخذاً مباشراً في بحوثه وموضوعاته"(2).
ومهما يكن فإن قدامة قد تأثر تأثراً واضحاً بمنطق أرسطو وفلسفته في نقده، وبدأ ذلك في محاولته تنظيم بحوث النقد والقدرة على الترتب والتحديد والتقسيم ورسم منهج متكامل ساعده عليه اشتغاله بالمنطق والحساب الى جانب دراسة الفلسفة(3).
يقول محقق كتابه: " وظهور قدامة في أول القرن الرابع ورجوعه الى البيان اليوناني و مافيه من موازين للنقد، ومناهج لبيان يلقح بها البيان العربي ويضع بها أسس النقد الأدبي كان تطوراً جديداً في بحوث النقد والبيان، وكان عقل قدامة المنطقي يغلب ذوقه الأدبي فزل أحياناً في نقده من حيث قوم ذوق ابن العميد والصاحب ابن عباد وأبي هلال العسكري أحكام عقولهم في النقد وأن تبعوا منهج قدامة وجروا في فهم الشعر وتذوقه ونقده مجراه الذي أوضح في كتاب نقد الشعر (4).
الأقسام الأساسية لكتاب نقد الشعر:
كتاب نقد الشعر: فيه ثلاثة أقسام:
القسم الأول: تناول فيه قدامة حد الشعر، وفصل القول في عناصره الأربعة (اللفظ والوزن والقافية والمعنى) مفردة ومؤتلفة، ولكل منها صفات ونعوت: فنعت اللفظ سهولة مخرجه من موضعه وأن يكون عليه رونق الفصاحة وأن يخلو من البشاعة، ونعت الوزن " عروضه" ونعت القافية عذوبة حرفها وسلاسة مخرجها، ونعت المعنى أن تأتي به أغراضه، وهذه الأغراض: مديح أو هجاء أو رثاء أو نسيب أو وصف أو تشبيه، والمديح يتوجه الى فضائل الرجال وهي عنده أربع: العقل والعفة والعدل والشجاعة، والهجاء عند قدامة ضد المديح فهو يتوجه الى رذائل الناس، والرثاء عنده مديح للميت، والنسيب ذكر خلق النساء أخلاقهن وتصرف أحوال الهوى به معهن، والصوف ذكر أحوال الشيء و هيآته ويكون أجود باستيفاء المعاني المركب منها الموصوف، والتشبيه يقع اذا كان بين الشيئين اشتراك في معان تعمهما ويوصفان بها وافتراق في أشياء ينفرد بها كل منهما وكلما كثرت المعاني المشتركة بينها دنا التشبيه الى حال الاتحاد.
القسم الثاني –فصل فيه قدامة وجوه الحسن في المعاني الشعرية، وجماعها سبعة أمور: التقسيم وصحة المقابلة وصحة التفسير، والتتميم، والمبالغة والتكافؤ (الطباق)، والالتفات.
القسم الثالث –فصل فيه قدامة عيوب المعاني، وتجتمع أساساً في: فساد الأقسام وفساد المقابلات، وفساد التفسير، والاستحالة، والتناقض، ومخالفة العرف، والاتيان بما ليس في العادة والطبع، ونسبة الشيء الى ما ليس له وهناك عيوب تنتج عند الائتلاف مثل: الإخلال، والحشو والبتر والتكلف (5) ومثل التبويب لا يمكن إلا أن يكون صدى للثقافة اليونانية بخاصة، فضلا عن أن اسلوب قدامة فيه هو أسلوب المنطقيين بحدودهم ورسومهم وأجناسهم وفصولهم وتعريفاتهم وتقسيماتهم، بل إن أكثر مادة الكتاب مستمدة من أصول يونانية أرسطية إما فلسفية وأما متأثره بكتاب الخطابة لأرسطو (6).
أهمية الكتاب في ميداني البلاغة والنقد الأدبي:
يعتبر كتاب قدامة قاعدة للدراسات البلاغية التي جاءت بعده، والتي أصلت الاهتمام بالشكل الأدبي باعتباره مظهر للمضمون, وكان منهجه الجديد خطوة لتدوين علوم البلاغة العربية وأصول النقد الأدبي، صونا لهما من أن يذابا في التيار الفلسفي الدافق، الذي فتن به من كان على شاكلة قدامة من النقاد والبلاغيين، والإبقاء على عروبة النقد وصفاته وحفظه من الانقياد لحدود المنطق وتشريعات الفلسفة.
كان لكتاب نقد الشعر نفوذ واسع الانتشار بين المؤلفين في النقد والبلاغة منذ أبي هلال العسكري وابن سنان الخفاجي الى ضياء الدين ابن الاثير وابن أبي الأصبع في القرن السابع، وكان الكتاب مثار جدل ومناقشات صاخبة بين علماء النقد، فلقد ألف الآمدي كتبا في "تبيين غلط قدامة في نقد الشعر"، وصنف ابن رشيق" كتاب تزييف نقد قدامة" ولابن أبي الأصبع المصري كتاب" الميزان في الترجيح بين كلام قدامة وخصومه"، وألف عبد اللطيف البغدادي- شرح قواعد الشعر لقدامة- وسماه "التكملة في شرح نقد قدامة" وله كتاب آخر بعنوان: " كشف الظلامة عن قدامة"(7).
نموذج من كتاب نقد الشعر:
يقول قدامة في تعريف الشعر: "إنه قول موزون مقفى يدل على معنى، فقولنا قول دال على أصل الكلام الذي هو بمنزلة الجنس للشعر، وقولنا " موزون"، يفصله مما ليس بموزون، إذا كان من القول موزون وغير موزون، وقولنا "مقفى" فصل بين ماله من الكلام الموزون قواف وبين من لا قوافي له ولا مقاطع، وقولنا "يدل على معنى" يفصل ما جرى من القول على قافية ووزن مع دلالة على معنى مما جرى على ذلك من غير دلالة على المعنى... فإذا قد تبين أن الشعر هو ما قدمناه فليس من الاضطرار اذن أن يكون ما هذه سبيله جيدا أبداً ولا رديئا أبداً، بل يحتمل أن يتعاقبه الأمران: مرة هذه وأخرى هذه على حسب ما يتفق" (8).
بهذا الاسلوب المنطقي يعرف قدامة الشعر وينفي محترزاته، لتخلص له عناصر الشعر الأربعة (اللفظ والوزن والقافية والمعنى) وهي عناصر أساسية لابد منها ولابد من اجتماعها ليقال فيما يتألف منا مجتمعة: إنه شعر.
وتنبه قدامة الى أن اجتماع العناصر الأربعة لا يعني بالضرورة قيام شعر جيد، " فليس من الاضطرار إذن أن يكون ما هذه سبيله جيداً أبداً ولا رديئا أبداً، بل يحتمل أن يتعاقبه الأمران مرة هذه وأخرى هذه، على حسب ما يتفق"، ولهذا انطلق قدامة يبحث في الوسائط التي ترقى لصناعة الشعر وتتجافى به عن الاسفاف، وجعل ينعت العناصر الأربعة منفردة ومؤتلفة بنعوتها المثالية في تقديره (9).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1)النقد المنهجي عند العرب د/ محمد مندور ص 68، 69.
2)البلاغة تطور وتاريخ. د/ شوقي ضيف ص81 ط دار المعارف.
3)تاريخ النقد الأدبي والبلاغة د/ محمد زغلول سلام ص197.
4)مقدمة نقد الشعر ص45 تحقيق وتعليق د/ محمد عبد المنعم خفاجي.
5)نصوص نقدية لأعلام النقاد العرب د/ محمد السعدي فرهود ص47، 48.
6)راجع نقد الشعر بين ابن قتيبة وابن طباطبا د/ عبد السلام عبد الحفيظ ص88 ط دار الفكر العربي بالقاهرة.
7)عن مقدمة نقد الشعر ص49.
8)نقد الشعر تحقيق الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي ص64 ط مكتبة الكليات الأزهرية.
9)نصوص نقدية لأعلام النقاد العرب د/ محمد السعدي فرهود ص50.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|