أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2015
3203
التاريخ: 10-1-2016
9726
التاريخ: 10-12-2015
13038
التاريخ: 7-1-2023
1602
|
يبيّن تعالى أن يوم التلاقي، هو: { يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ} [غافر: 16]... إنّه اليوم الذي تزول فيه جميع الحجب والأستار، وكتوطئة له ستزول الموانع المادية كالجبال الراسيات مثلا، وتصبح الأرض (قاعاً صفصفاً) كما يصفها القرآن في الآية (106) من سورة طه».
ومن جانب آخر سيخرج الناس من قبورهم، ثمّ تنكشف الأسرار الباطنية والمخفية : { يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق : 9].
ويوم تخرج الأرض ما تطويه في بطونها : { وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا } [الزلزلة : 2].
ويوم تنشر صحف الأعمال وينكشف محتواها : {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} [التكوير: 10].
في يوم التلاق تتجسّد الأعمال التي اقترفها الإنسان وتبدو حاضرة أمامه : {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} [النبأ : 40].
وفي ذلك اليوم تنكشف الأسرار التي كان يطويها الإنسان بداخله ويتكتم عليها : {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ} [الأنعام : 28].
وفي ذلك اليوم المهول ستشهد الأعضاء على أعمال الإنسان ، وستشهد ـ أيضاًـ الأرض وتكشف ما ارتكب عليها : {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة : 4].
في ذلك اليوم سيطوى الكون ، وسيظهر الإنسان بكل وجوده، ويبرز الكون وما عليه ، ولا تبقى من خافية : {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا} [إبراهيم : 21].
إنّهُ منظر مهول ومشهد موحش!!
وَيكفينا لتصور هول ذلك اليوم نتخيّل ... وَ لو للحظة واحدة... منظر هَذِهِ الدنيا وقد حلّت بها شرائط القيامة؟ لنرى أيّ فزع سينتاب البشرية وتحل بها! وكيف تتقطع العلائق والروابط في ذلك اليوم لذلك على الإنسان أن يستعد، وأن يعيش بشكل لا يخشى فيه انكشاف المستور من أوضاعه، و أن تكون أعماله وأفعاله بحيث لا يقلق منها لو ظهرت وانكشفت أمام الملأ.
الوصف الثّاني لذلك اليوم المهول، هو انكشاف أمر الناس بحيث لا يخفى شيء منها على الله تعالى : {لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ} [غافر: 16].
بالطبع ... في هذه الحياة لا يخفى من أمر الإنسان شيء على الله العالم المطلق، إذ يتساوى لذى ذاته المطلقة غير المتناهية المخفي والظاهر، والشاهد والغائب. فلماذاـ إذاًـ ذكر القرآن الجملة أعلاه على أنّها تفسير لجملة { يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ} [غافر: 16] ؟
إن سبب ذلك يعود إلى أنّ «البروز» في ذلك اليوم يكون مؤكّداً أكثر، بحيث أنّ الآخرين سيطّلعون على أسرار بعضهم البعض. أمّا بالنسبة لله فالمسألة لا تحتاج إلى بحث أو كلام.
الخصوصية الثّالثة ليوم التلاقي هو انبساط الحاكمية المطلقة لله تعالى، ويظهر ذلك من خلال نفس الآية التي تسأل عن الحكم والملك في ذلك اليوم: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ } [غافر: 16] ؟
يأتي الجواب: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16].
مَن الذي يطرح السؤال، وَ مَن الذي يجيب عليه؟
الآية لا تتحدّث عن ذلك، والتفاسير مختلفة في هذا الصدد.
ذهب البعض الى أنّ السؤال يطرح من قبل الله جلّ وعلا، أمّا الجواب فيأتي من الجميع، مؤمنين وكافرين (1).
وذهب آخرون الى أن السؤال والجواب كلاهما من قبل الخالق عزّ وجلّ (2).
قسم ثالث يعتقد أنّ «المنادي الإلهي» هو الذي يطرح السؤال، وهو الذي يجيب عليه.
ولكن يبدو من الظاهر أنّ هذا السؤال وجوابه لا يطرحان من قبل فرد معين، بل هو سؤال يطرحه الخالق والمخلوق، الملائكة والإنسان، المؤمن والكافر تطرحه جميع ذرات الوجود، وكلّهم يجيبون عليه بلسان حالهم، بمعنى أنّك أينما تنظر تشاهد آثار حاكميته، وأينما تدقق ترى علائم قاهريته واضحه.
فلو أصحت السمع إلى أي ذرة من ذرات الوجود، لسمعتها تقول : {لِمَنِ الْمُلْكُ} وفي الجواب تسمعها نفسها تقول : {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.
وقد نرى في هذه الدنيا نموذجاً مصغراً لذلك، فعندما ندخل إلى بيت أو مدينة أو بلد معين، فإنّنا نحس بقدرة شخص معين، وبانبساط حاكميته، وكأنّ الجميع يقولون ـ كلّ بلسان حاله ـ: إنّ المالك أو الحاكم هو فلان، وتشهد على ذلك حتى الجدران!!
وبالطبع، في هذا اليوم أيضاً تطغى الحاكمية الإلهية على كلّ شيء، وتبسط قدرتها في كلّ الأرجاء، لكن في يوم القيامة سيكون لها ظهور وبروز من نوع جديد، فهناك لا يوجد كلام عن حكومة الجبارين، ولا نسمع ضجيج الطواغيت السكارى، ولا نرى أثراً لإبليس وجنوده وجيوشه من الإنس و الجن.
الخصوصية الرابعة لذلك اليوم، هو كونه يوم جزاء: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [غافر: 17]. أجل، إن ظهور وبروز الاحاطة العلمية لله تعالى وحاكميته ومالكيته وقهاريته كلها أدلة واضحة على هذه الحقيقة العظيمة المخيفة من جهة، والمفرحة من جهة اُخرى.
أمّا الخصوصية الخامسة لذلك اليوم، فهي ما يختصره قوله تعالى: {لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر: 17].
وكيف يمكن أن يحصل الظلم، في حين أن الظلم إمّا أن يكون عن جهل، والله عز وجل قد أحاط بكل شيء علماً.
وسرعة الحساب بالنسبة لله تعالى تجري كلمح البصر، وهي بدرجة بحيث نقرأ عنها في حديث: «إنّ الله تعالى يحاسب الخلائق كلّهم في مقدار لمح البصر»(3).
وأساساً فإنّه مع القبول بمسألة تجسّم الاعمال و بقاء آثار الخير و الشر فإن مسألة الحساب مسألة محلولة؟ فهل أنّ الأجهزة المتطورة في هذه الدنيا التي تحسب مقدار العمل في اثناء العمل بجاجة الى زمان؟!
وقد يكون الغرض من تكرار (سَرِيعُ الْحِسَابِ) في مواضع مختلفة من القرآن الكريم هو عدم انخداع الناس العاديين بوساوس الشيطان وإغواءاته ، ومن يتبعه من الذين يثيرون الشكوك بإمكانية محاسبة الخلائق على أعمالهم التي قاموا بها خلال آلاف سحيقة من السنين وعصور التأريخ.
إضافة إلى أنّ هذا التعبير يستبطن معنى التحذير لجميع الناس بأنّ ذلك اليوم لا مجال فيه للمجرمين والظالمين والقتلة، ولا تعطى لهم الفرصة كما يحصل في هذه الدنيا، حيث يترك ملف الظلمة والقتلة لشهور وسنين.
__________________________________
1- تفسير مجمع البيان ، ج8 ، ص85 ، ذيل الآية مورد البحث .
2- تفسير الميزان ، ج17 ، ص319 ، وتفسير مجمع البيان ، ج8 ، ص805 ، ذيل الآية مورد البحث.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|