المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2749 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

تخزين البامياء
18-1-2022
المفطرات التي توجب القضاء والكفارة
2024-07-18
مذبذبات ملف - متسعة
9-10-2021
رولاند ، هنري اغسطس
10-11-2015
Predictor-Corrector Methods
23-12-2018
زين العابدين الطباطبائي.
20-7-2016


التمييز  
  
4811   06:21 مساءاً   التاريخ: 9-07-2015
المؤلف : الشيخ مصطفى الغلاييني
الكتاب أو المصدر : جامع الدروس العربية
الجزء والصفحة : ج2/ ص465- 474
القسم : علوم اللغة العربية / النحو / التمييز /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-12-2014 12060
التاريخ: 9-07-2015 4812
التاريخ: 20-10-2014 3333
التاريخ: 20-10-2014 3843

التَّمييزُ اسمٌ نكرةٌ يذكرُ تفسيراً للمُبهَم من ذاتٍ أو نِسبةٍ. فالأوّلُ نحو "اشتريتُ عشرينَ كتاباً"، والثاني نحو "طابَ المجتهدُ نفساً".

والمُفسّرُ للمُبهَمِ يُسمّى تمييزاً ومُميّزاً، وتفسيراً ومُفسّراً، وتبييناً ومُبيّناً، والمُفَسّرُ يُسمّى مُميّزاً ومُفسّراً ومُبيّناً.
والتّمييزُ يكونُ على معنى "مِنْ"، كما أنَّ الحال تكون على معنى "في". فإذا قلتَ "اشتريتُ عشرين كتاباً"، فالمعنى أنكَ اشتريتَ عشرين من الكتُب، وإذا قلتَ "طابَ المجتهدُ نفساً"، فالمعنى أنهُ طابَ من جِهة نفسهِ.
والتَّمييزُ قسمانِ تمييزُ ذاتٍ (ويسمّى تمييزَ مُفرَدٍ أيضاً)، وتمييزُ نِسبةٍ (ويُسَمّى أيضاً تمييزَ جملةٍ).
وفي هذا المَبحث ثمانيةُ مَباحثَ:
تَمْيِيزُ الذَّاتِ وحُكْمُهُ
تمييزُ الذاتِ ما كان مُفسّراً لاسمٍ مُبهمٍ ملفوظٍ، نحو "عندي رِطلٌ زَيتاً".
والاسمُ المُبهَمُ على خمسة أنواع
1- العَدَدُ، نحو "اشتريتُ أحدَ عشرَ كتاباً".
ولا فرقَ بينَ أن يكونَ العدَدُ صريحاً، كما رأيتَ، أو مُبهَماً، نحو "كم كتاباً عندكَ؟".

ص465

والعددُ قسمانِ صريحٌ ومُبهمٌ.
فالعدَدُ الصريحُ ما كان معروفَ الكميّةِ كالواحد والعشرةِ والأحدَ عشرَ والعشرينَ ونحوِها.
والعدَدُ المُبهَمُ ما كانَ كنايةً عن عَدَدٍ مجهولٍ الكميّةِ وألفاظهُ "كَمْ وكأيِّنْ وكذا"، وسيأتي الكلام عليه.
2- ما دلَّ على مِقدارٍ (اي شيءٍ يُقدَّرُ بآلة). وهو إمّا مِساحةٌ نحو "عندي قَصبَةٌ أرضاً"، أو وزنٌ، نحو "لك قِنطارٌ عَسَلاً، أو كيلٌ، نحو "أعطِ الفقيرَ صاعاً قمحاً"، أو مِقياسٌ نحو "عندي ذراعٌ جوخاً".
3- ما دلَّ على ما يُشبهُ المقدارَ - مما يَدُلُّ على غيرِ مُعيّنٍ - لأنهُ غيرُ مُقدَّر بالآلة الخاصّة. وهو إمّا إن يُشبهَ المِساحةَ، نحو "عندي مَدُّ البصرِ أرضاً. وما في السماء قَدْرُ راحةٍ سَحاباً"، أو الوزن كقوله تعالى {فمن يعمَلْ مِثقالَ ذَرَّةٍ خيراً يَرَهُ، ومَنْ يعملْ مِثقالَ ذَرَّةٍ شرًّا يَرَهُ}، أو الكيلُ - كالأوعيةِ - نحو "عندي جَرَّةٌ ماءً، وكيسٌ قمحاً، وراقودٌ خَلاًّ، ونِحْيٌ سَمناً، وحُبٌّ عسلاً"، وما أشبه ذلك، أو المِقياسَ، نحو "عندي مَدُّ يَدِكَ حبلاً".
4- ما أُجرِيَ مُجرَى المقادير - من كل اسمٍ مُبهَمٍ مُفتقرٍ إلى التّمييز والتّفسير، نحو "لنا مِثلُ ما لَكم خيلاً. وعندنا غيرُ ذلك غَنَماً"، ومنه قولهُ تعالى {ولو جئْنا بِمثلهِ مَدَداً}.
5- ما كان فرعاً للتّمييز، نحو "عندي خاتمٌ فِضّةً، وساعةٌ ذهباً، وثوبٌ صوفاً، ومِعطفٌ جوخاً".
وحكمُ تمييز الذاتِ أنه يجوز نصبُهُ، كما رأيتَ، ويجوزُ جرُّه بمن، نحو "عندي رِطلٌ من زيتٍ، ومِلْءُ الصّندوقِ من كتب"، وبالإضافة، نحو "لنا قَصَبةُ أرضٍ، وقِنطارُ عَسَلٍ"، إلا إذا اقتضت إضافتُهُ إضافتْين - بأن كانَ المُمَيّزُ مضافاً - فتمتنعُ الإضافةُ، ويتَعيَّنُ نصبُهُ أو جَرُّهُ بِمِن، نحو "ما في السّماءِ قدَرُ راحةٍ سَحاباً، أو من سَحابٍ". ويُستثنى منه تمييزُ العدَدِ، فإن له أحكاماً ستُذكر.
 تَمْيِيزُ النِّسْبَةِ وحُكمُهُ
تمييزُ النّسبةِ ما كان مُفسّراً لجملةٍ مُبهَمةِ النسبةِ، نحو "حَسُنَ علي خُلُقاً. ومَلأ الله قَلبَكَ سُروراً". فإنَّ نسبةَ الحُسنِ إلى عليٍّ مُبهَمةٌ تحتملُ أشياءَ كثيرة، فأزلتَ إبهامَها بقولك "خلُقاً".

ص466

وكذا نسبةُ مَلْءِ اللهِ القلبَ قد زال إبهامُها بقولك "سروراً".
ومن تمييزِ النسبةِ الاسمُ الواقعُ بعدَ ما يُفيدُ التَّعجُّبَ، نحو "ما أشجعَهُ رجلاً. أكرمْ بهِ تلميذاً. يا لهُ رجلاً. للهِ درُّهُ بَطلاً. وَيحَهُ رجلاً. حَسبُكَ بخالدٍ شُجاعاً. كفى بالشَّيبِ واعظاً. عَظُمَ عليٌّ مَقاماً، وارتفعَ رُبتةً".
وهو على قسمين مُحَوَّلٍ وغير مُحوَّل.
فالمحوَّلُ ما كانَ أصلُهُ فاعلاً؛ كقوله تعالى {واشتعلَ الرأسُ شيباً}، ونحو "ما أحسنَ خالداً أدباً!"، أو مفعولاً، كقوله سبحانهُ {وفجَّرنا الأرضَ عُيوناً}، ونحو "زَرَعتُ الحديقةَ شجراً"، أو مُبتدأ، كقوله عزَّ وجلَّ "أنا أكثرُ منكَ مالاً وأعزُّ نفراً"، ونحو "خليلٌ أوفرُ علماً وأكبرُ عقلاً".
وحُكمهُ أنهُ منصوبٌ دائماً. ولا يجوزُ جرُّهُ بِمن أو بالإضافة، كما رأيتَ. وغيرُ المحول ما كان غير محوّل عن شيء، نحو "أكرمْ بسليم رجلاً. سَمَوتَ أديباً. عظُمت شجاعاً، لله دَرُّهُ فارساً, ملأتُ خزائني كُتُباً. ما أكرَمكَ رجلاً".
وحُكمُهُ أنهُ يجوز نصبُهُ، كما رأيتَ، ويجوزُ جَرهُ بِمن، نحو "لله دَرُّهُ من فارس. أكرِمْ به من رجل. سَمَوتَ من أديب".
واعلم أنَّ ما بعدَ اسم التفضيل ينصَبُ وجوباً على التَّمييزِ، إن لم يكن من حنس ما قبلَهُ، نحو "أنتَ أعلى منزلاً".

فإن كان من جنس ما قبلهُ وجبَ جَرُّهُ بإضافتهِ، إلى "أفعل"، نحو "أنتَ أفضلُ رجلٍ". إلاّ إذا كانَ "أفعَلُ" مضافاً لغير التَّمييز، فيجبُ نصبُ التمييز حينئذٍ، لتعذُّرِ الإضافة مَرتينِ، نحو "أنتَ أفضلُ الناسِ رجلاً".

حُكمُ تَمْيِيزِ العَدَدِ الصَّريح
تمييزُ العددِ الصَّريحِ مجموعٌ مجرورٌ بالإضافة وجوباً، منَ الثلاثةِ إلى العشرة، نحو "جاءَ

ص467

ثلاثةُ رجالٍ، وعشرُ نِسوةٍ"، ما لم يكن التمييزُ لفظَ مِئَةٍ، فيكون مفرداً غالباً، نحو "ثلاث مِئَةٍ". وقد يُجمعُ نحو "ثلاثِ مئينَ، أو مِئاتٍ". أما الألفُ فمجموع البتةَ، نحو "ثلاثة آلافٍ".
واعلم أنَّ مُميَّزَ الثلاثةِ إلى العشرة، إنما يُجرُّ بالإضافة إن كان جمعاً كعشرةِ رجالٍ. فإن كان اسمَ جمعٍ أو اسمَ جنس، جُرَّ بمن. فالأولُ كثلاثةٍ من القوم، وأَربعةٍ من الإبل، والثاني كستَّةٍ من الطَّيرِ، وسَبعٍ من النَّخلِ. قال تعالى {فَخُذْ أَربعةً من الطَّير}. وقد يُجرُّ بالإضافة كقوله تعالى {وكان في المدينةِ تسعةُ رَهْطٍ}. وفي الحديثِ "ليس فيما دونَ خَمسٍ ذَوْدٍ صَدَقةٌ"، وقال الشاعر
*ثَلاثَةُ أَنفُسٍ، وثَلاَثُ ذَوْدٍ * لَقَدْ جارَ الزَّمانُ على عِيالي*
وأما معَ أحدَ عشرَ إلى تسعةٍ وتسعينَ، فالتمييزُ مفردٌ منصوبٌ، نحو "جاء أحدَ عشرَ تلميذاً، وتسعٌ وتسعونَ تلميذةً". وأما قوله تعالى {وقَطَّعناهمُ اثنتيْ عشَرةَ أسباطاً}، فأسباطاً ليس تمييزاً لاثنتيْ عَشرةَ، بل بدلٌ منه والتمييزُ مُقدَّر، أي قطعناهم اثنتي عشرةَ فِرقةً، لأنَّ التمييزَ هنا لا يكونُ إلا مفرداً. ولو جازَ أن يكون مجموعاً - كما هو مذهبُ بعض العلماءِ - لَمَا جازَ هنا جعلُ "أَسباطاً تمييزاً، لأن الأسباطَ جمعُ سِبطٍ، وهو مُذكَّر، فكان ينبغي أن يُقالَ وقطَّعناهم اثنتيْ عشرَ أسباطاً، لأنَّ الإثنين تُوافِقُ المعدودَ، والعشرةَ، وهي مركبةٌ، كذلك، كما مرَّ بك في بحث المركبات.
وأما معَ المئَةِ والألفِ ومُثنَّاهما وجمعِهما، فهو مفردٌ مجرورٌ بالإضافة وجوباً، نحو "جاءَ مِئَةُ رجلٍ؛ ومِئَتا امرأَةٍ، ومِئاتُ غُلامٍ، والفُ رجلٍ، وأَلفا امرأَةٍ، وثلاثةُ آلافِ غلامٍ". وقد شذَّ تمييزُ المِئَة منصوباً في قوله:

ص468

*إذا عاشَ الْفَتى مِئَتَيْنِ عاماً * فَقَدْ ذّهَبَ الْمَسَرَّةُ وَالفَتاءُ*
"كم" الاستِفْهامِيَّة وتَمْيِيزُها
كم على قسمينِ استفهاميّة وخَبَريّة.
فكَمِ الاستفهاميةُ ما يُستفهَمُ بها عن عددٍ مُبهَمٍ يُراد تَعيينُهُ، نحو "كم رجلاً سافرً؟". ولا تقعُ إلاّ في صدر الكلامِ، كجميع أَدواتِ الاستفهام.
ومُميّزُها مفردٌ منصوبٌ، كما رأَيتَ. وإن سبقها حرفُ جرّ جاز جره - على ضَعفٍ - بِمنْ مُقدَّرةً، نحو "بكمْ درهم اشتريتَ هذا الكتابَ؟" أَي بكم من درهم اشتريته؟ ونصبُهُ أَولى على كلِّ حالٍ. وجرُّهُ ضعيفٌ. وأَضعفُ منه إظهارُ "مِنْ".
ويجوزُ الفصلُ بينها وبينَ مُميِّزها. ويكثرُ وقوعُ الفصل بالظّرف والجارِّ والمجرور، ونحو "كم عندَك كتاباً؟* كم في الدار رجلاً؟". ويَقِلُّ الفصلُ بينهما بخبرها، نحو "كم جاءَني رجلاً؟"، أو بالعامل فيها نحو "كمن اشتريتَ كتاباً؟".
ويجوزُ حذفُ تمييزِها، مثل "كم مالُكَ؟" أي كم درهماً، أو ديناراً، هُو؟.
وحُكمُها، في الإعرابِ، أَن تكونَ في محلِّ جرٍّ، إن سبقَها حرفُ جرٍّ، أو مضافٌ، نحو "في كم ساعة بلغتَ دمَشقَ؟"، ونحو "رأيَ كم رجلاً أّخذتَ؟"، وأن تكونَ في محل نصب إن كانت استفهاماً عن المصدر، لأنها تكونُ مفعولاً مطلقاً، نحو "كم إحساناً أحسنت؟"، أو عن الظّرفِ، لأنها تكونُ مفعولاً فيه، نحو كم يوماً غِبْتَ؟ وكم ميلاً سِرتَ؟"، أَو عن المفعول به، نحو "كم جائزةً نِلْتَ؟" أَو عن خبر الفعلِ الناقصِ، نحو "كم إخوتُكَ؟".
فإن لم تكن استفهاماً عن واحدٍ مما ذُكرَ، كانت في محل رفعٍ على أنها مبتدأ أو خبرٌ. فالأولُ نحو "كم كتاباً عندَكَ؟"، والثاني نحو "كم كتُبكَ؟". ولك في هذا أيضاً أن تجعل "كم" مبتدأ وما بعدَها خبراً. والأول أولى.
"كم" الخَبَرِيَّة وتَمْيِيزُها
كم الخبريّةُ هي التي تكون بمعنى "كثيرٍ" وتكونُ إخباراً عن عدَد كثير مُبهَمِ الكميّةِ، نحو "كم عالمٍ رأيتُ!"، أي رأيتُ كثيراً من العلماء ولا تقعُ إلاّ في صدر الكلامِ، ويجوز حذفُ مُميّزها، إن دلَّ عليه دليلٌ، نحو "كم عَصَيتَ أمري!"، أي "كم مَرَّةٍ عصيتَهُ!".
وحكمُ مُميّزها أن يكونَ مفرداً، نكرةً، مجروراً بالإضافةِ إليها أو بِمن، نحو "كم علمٍ قرأتُ!" ونحو "كم من كريم أكرمتُ!". ويجوزُ أن يكون مجموعاً، نحو "كم عُلومٍ أعرِفُ!". وإفرادُهُ أَولى.

ص469

ويجوزُ الفصلُ بينها وبينَ مُميّزها. فإن فُصِلَ بينهما وجبَ نصبُهُ على التَّمييز، لامتناعِ الإضافةِ معَ الفصلِ، نحو "كم عندكَ درهماً!"، ونحو "كم لك يا فتى فضلاً!" أو جرُّه بِمنْ ظاهرةً، نحو "كم عندكَ من درهم!". ونحو "كم لك يا فتى من فضل!". إلاّ إذا كان الفاصل فعلاً مُتعدّياً متسلّطاً على "كم"، فيجبُ جرُّهُ بمن، نحو "كم قَرأتُ من كتابٍ"، كيلا يلتبسَ بالمفعول به فيما لو قلت "كم قَرأتُ كتاباً".
(وذلك لأن الجملة الأولى تدل على كثرة الكتب التي قرأتها، والجملة الأخرى تدلّ على كثرة المرّات التي قرأت فيها كتاباً. فكم في الصورة الأولى في موضع نصب على أنها مفعول به مقدم لقرأت، وفي الصورة الأخرى في موضع نصب على أنها مفعول مطلق له. لأنها كناية عن المصدر، والتقدير كم قراءة قرأت كتاباً فيكون تمييزها محذوفاً).
ويجوز في نحوِ "كم نالني منك معروفٌ!"، أن تَرفعَهُ على أنه فاعل "نالَ"، فيكون تمييزُ "كم" مقدَّراً، أي "كم مرَّةٍ!". ويجوز أن تنصبَهُ على التمييز، فيكون فاعلُ "نال" ضميراً مستتراً يعود إلى "كم.
وحكمُ "كم" الخبريّةِ، في الإعراب، كحُكم "كم" الاستفهامية تماماً، والأمثلةُ لا تخفى.
واعلم أنَّ "كم" الاستفهاميةَ مو "كم" الخبريَّةَ، لا يَتقدَّمُ عليهما شيءٌ من متعلَّقاتِ جُملَتيهما، إلا حرفُ الجرّ والمضاف، فهما يَعملانِ فيهما الجرَّ. فالأولى نحو "بكم درهماً اشتريتَ هذا الكتاب؟" ونحو "ديوانَ كم شاعراً قرأتَ؟"، والثانيةُ نحو "إلى كم بلدٍ سافرتُ!" ونحو "خطبةَ كم خَطيبٍ سَمِعتُ فَوَعيتُ!".
وتشترِكُ "كم" الاستفهاميةُ و "كم" الخبريّة في خمسةِ أمور كونُهما كنايتَينِ عن عددٍ مُبهَمٍ مجهولِ الجنس والمِقدارِ، وكونُهما مُبنيَّتينِ، وكون النباءِ على السكونِ، ولُزومُ التصديرِ، والاحتياجُ إلى التَّمييز.
ويفترقانِ في خمسة أُمور أيضاً
1- أنَّ مُميزيهما مختلفانِ إعراباً. وقد تقدَّم شرحُ ذلك.
2- أنَّ الخبريّة تختصُّ بالماضي، كَرُبَّ، فلا يجوزُ أن تقول "كم كتُبٍ سأشتري!"، كما لا تقولُ "رُبَّ دارٍ سأبني". ويجوز أن تقول "كم كتاباً ستشتري؟".
3- أن المتكلَم بالخبرية لا يستدعي جواباً، لأنه مخبِرٌ، وليس بُمستفهِم.
4- أنَّ التصديقَ أو التكذيب يتوجَّهُ على الخبرية، ولا يتوجّه على الاستفهاميّة، لأنَّ الكلامَ الخبريّ يحتملُ الصدقَ والكذبَ. ولا يحتملُهما الاستفهاميُّ، لأنه إنشائي.
5- أنَّ المُبدَل من الخبريةِ لا يقترِنُ بهمزة الاستفهاميّة، تقولُ "كم رجلٍ في الدار! عَشَرةٌ،

ص470

بل عشرونَ". وتقولُ "كم كتابٍ اشتريتَ! عَشَرةً، بل عشرينَ"، أما المُبدَلُ من الاستفهاميةِ فيقترن بها، نحو "كم كتُبُكَ؟ أعشرَةٌ أم عشرون؟" ونحو "كم كتاباً اشتريتَ؟ أَعشرةً، أَم عشرين؟".

 "كأَيِّنْ" وتَمْيِيزُها
كأيّنْ (وتُكتَبُ كأيٍّ أيضاً) مثل "كم" الخبريّة معنًى. فهي تُوافقُها في الإبهام، والافتقارِ إلى التمييز، والبناءِ على السكون، وإفادةِ التّكثير، ولُزومِ أن تكونَ في صدر الكلام، والاختصاصِ بالماضي.
وحكمُ مُميزها أن يكون مفرداً مجروراً بِمِنْ، كقوله تعالى {وكأيّنْ من نَبيّ قاتلَ معَهُ رِبَيُّونَ كثير}، وقولهِ {وكأيّنْ من دابّة لا تَحمِلُ رزقَها، اللهُ يَرزقُها وإياكم} وقولِ الشاعر
*وَكائِنْ تَرَى مِنْ صَامِتٍ، لكَ مُعجبٍ * زِيادَتُهُ، أَو نَقْصُهُ، في التَّكَلُّمِ!*
وقد يُنصبُ على قِلَّة، كقولِ الآخر
*وَكائِنْ لَنا فَضْلاً عَلَيْكُمْ ومِنَّةً * قَديماً! ولا تَدْرُونَ ما مَنُّ مُنْعِمِ؟*
وقول غيره
*أُطْرُدِ الْيأْسَ بالرَّجا، فَكَأيِّنْ * آلِماً حُمَّ يُسْرُهُ بَعْدَ عُسْرٍ!*
وحكمها في الإعراب، كحكم أُختها "كم" الخبرية، إلا انها إن وقعت مبتدأ لا يُخبَر عنها إلا بجملةٍ أو شبهها (أي الظَّرفِ والجارّ والمجرور)، كما رأيتَ ولا يُخبَرُ عنها بمفردٍ، فلا يقالُ "كأينْ من رجلٍ جاهلٌ طريق الخير!"، بخلاف "كم".
 "كَذا" وتَمْيِيزُها
تكونُ "كذا" كنايةً عن العددِ المبهَمِ، قليلاً كان أو كثيراً، نحو "جاءني كذا وكذا رجلاً"، وعن الجملةِ، نحو قلتُ "كذا وكذا حديثاً" والغالب أن تكونَ مُكرَّرةً بالعطفِ، كما رأيت. وقد تُستعمَلُ مُفردَةً أو مكرَّرةً بلا عَطف.
وحكمُ مُميّزها أنه مفردٌ منصوبٌ دائماً، كما رأيت. ولا يجوزُ جرهُ. قال الشاعر:

ص471

*عِدِ النَّفْس نُعْمى، بَعدَ بُؤْساكَ، ذاكراً * كَذا وكَذا لُطْفاً بهِ نُسِيَ الجَهْدُ*
وحُكمُها في الإعراب أنها مبنيّةٌ على السكون. وهي تقع فاعلاً، نحو "سافر كذا وكذا رجلاً"، ونائب فاعل، نحو "أُكرِمَ كذا وكذا مجتهداً"، ومفعولاً به نحو "أكرمتُ كذا وكذَا عالماً"، ومفعولاً فيه، نحو "سافرتُ كذا وكذا يوماً. وسرت كذا وكذا ميلاً"، ومفعولاً مطلقاً، نحو "ضربتُ اللصَّ كذا وكذا ضَربةً"، ومبتدأ، نحو "عندي كذا وكذا كتاباً"، وخبراً، نحو "المسافرونَ كذا وكذا رجلاً".
 بعضُ أَحكامٍ للتَّمْيِيز
1- عاملُ النّصبِ في تمييزِ الذاتِ هو الاسمُ المُبهَمُ المميَّزُ، وفي تمييزِ الجملةِ هو ما فيها من فعل أو شِبههِ.
2- لا يَتَقدَّمُ التمييزُ على عامله إن كان ذاتاً "كرطل زيتاً"، أو فعلاً جامداً، نحو "ما أحسنَهُ رجلاً. نِعمَ زيدٌ رجلاً. بِئس عَمرٌو امرأً". ونَدَر تَقدُّمُهُ على عاملهِ المتصرّفِ، كقولهِ
*أَنَفْساً تَطِيبُ بِنَيْلِ المُنى؟ * وداعِي المْمَنُونِ يُنادي جِهارا!*.
أمّا تَوسُّطُهُ بينَ العاملِ ومرفوعهِ فجائزٌ، نحو "طابَ نفساً علي".
3- لا يكونُ التمييزُ إلاّ اسماً صريحاً، فلا يكونُ جملةً ولا شِبهَها.
4- لا يجوز تعدُّدُهُ.
5- الأصلُ فيه أن يكونَ اسماً جامداً. وقد يكونُ مشتقاً، إن كان وصفاً نابَ عن موصوفهِ، نحو "للهِ دَرُّهُ فارساً!. ما أحسنَهُ عالماً!. مررت بعشرينَ راكباً".
(لأن الأصل "لله درّهُ رجلاً فارساً، وما أحسنه رجلاً عالماً، ومررت بعشرين رجلاً راكباً". فالتمييز، في الحقيقة، انما هو الموصوف المحذوف).
6- الأصلُ فيه أن يكونَ نكرةً. وقد يأتي معرفةً لفظاً، وهو في المعنى نكرةٌ، كقول الشاعر
*رَأَيتُكَ لَمَّا أَنْ عَرَفْتَ وُجوهَنا * صَدَدْتَ، وَطِبْتَ النَّفْسَ يَا قَيْسُ عَنْ عَمْرِو*
وقول الآخر
* عَلاَمَ مُلِئْتَ الرُّعبَ؟ وَالحَرْبُ لم تَقِدْ".*
فإن "أل" زائدةٌ، والأصل "طِبتَ نفساً، ومُلِئتَ رعباً"، كما قال تعالى {لَوَلْيتَ منهم فراراً،، ولُمُلئتَ منهم رُعباً}. وكذا قولهم "ألِمَ فلانٌ رأسَهُ" أي "ألِمَ رأساً". قال تعالى {إلاّ مَنْ سَفِه نَفسَه}، وقال {وكم أهلكنا من قرية بَطِرَتْ مَعيشَتها}،

ص472

أي "سَفِهَ نفساً، وبَطِرَت مَعيشةً". فالمعرفةُ هنا، كما ترى، في معنى النكرة.
(وكثير من النحاة ينصبون الاسم في نحو "ألم رأيه، وسفه نفسه، وبطرت معيشتها" على التشبيه بالمفعول به. ومنهم من لم يشترط تنكير التمييز، بل يجيز تعريفه مستشهداً بما مرّ من الأمثلة. والحق أن المعرفة لا تكون تمييزاً إلا اذا كانت في معنى التنكير، كما قدمنا).
7- قد يأتي التمييزُ مؤكّداً، خلافاً لكثير من العُلماءِ، كقوله تعالى {إنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عندَ اللهِ اثنا عشرَ شهراً} ونحو "اشتريتُ من الكتبِ عشرينَ كتاباً"، فشهراً وكتاباً لم يذكرا للبيانِ، لأنَّ الذات معروفة، وإنما ذُكرا للتأكيد. ومن ذلك قول الشاعر
*وَ التَّغْلِبِيُّونَ بِئْسَ الفَحْلُ فَحْلُهُم * فَحْلاً، وأُمُّهُمُ زَلاَّءُ مِنْطِيقُ*
8- لا يجوزُ الفصلُ بينَ التمييزِ والعدَدِ إلاّ ضرورة في الشعر كقوله
*"في خَمْسَ عَشْرَةَ من جُمادَى لَيْلَةً"*
يريدُ في خَمسَ عَشرَةَ ليلةً من جُمادى.
9- إذا جئتَ بعد تمييز العَددِ - كأحدَ عشرَ وأخواتها، وعشرين وأخواتها - بِنعتٍ، صَحّ أن تُفردهُ منصوباً باعتبارِ لفظِ التمييز، نحو "عندي ثلاثةَ عشرَ، أو ثلاثون، رجلاً كريماً"، وصَحَّ أن تجمعهُ جمعَ تكسيرٍ منصوباً، باعتبار معنى التمييز، نحو "عندي ثلاثة عَشر، أو ثلاثون رجلاً كِراماً، لأن رجلاً هُنا في معنى الرجال، ألا ترى أنَّ المعنى ثلاثةَ عشرَ، أو ثلاثون من الرجال".
ولكَ في هذا الجمعِ المنعوتِ به أن تحمِلَهُ، في الإعراب، على العَدَد نفسه، فتَجعلهُ نعتاً لهُ، نحو "عندي ثلاثةَ عشرَ، أو ثلاثون رجلاً كِراماً". ولكَ أن تقولَ "عندي أَربعونَ درهماً عربياً أَو عربيّةً"، فالتذكير باعتبار لفظٍ الدرهم، والتأنيث باعتبار معناهُ، لأنه في معنى الجمع، كما تقدمَ.
فإن جمعتَ نعتَ هذا التمييز جمعَ تصحيحٍ، وجبَ حملُهُ على نفسه، وجعلُهُ نعتاً لهُ لا للتمييز، نحو "عندي أَربعةَ عشرَ، أو أَربعونَ، رجلاً صالحونَ".
10- قد يضافُ العددُ فيستغنى عن التّمييز، نحو "هذه عَشَرَتُكَ، وعِشرُو أبيك، وأحدَ عشرَ أَخيكَ"، لأنك لم تُضِف إِلاَّ والمُميّزُ معلومُ الجنس عند السامع. ويستثنى من ذلك "اثنا عشرَ واثنتا عَشْرةَ"، فلم يُجيزُوا إضافتها، فلا يقال "خُذِ اثنيْ عشرَكَ"، لأنَّ عَشْرَ هنا بمنزلةِ نون الاثنين، ونونُ الاثنينِ لا تجتمعُ هي والإضافة، لأنها في حكم التنوينِ، فكذلك ما كان في حكمها.
واعلم أنَّ العددَ المركبَ، إذا اضيفَ، لا تُخِلُّ إِضافته ببنائه، فيبقى مبنيّ الجزأين على

ص473

الفتحِ، كما كان قبلَ إضافتهِ، نحو "جاءَ ثلاثةَ عشرَكَ".
ويرى الكوفيّون أنَّ العددَ المركّب إذا اضيفَ اعربَ صدرُهُ بما تقتضيهِ العواملُ، وجرَّ عَجزُهُ بالإضافةِ نحو "هذه خمسةُ عشَركِ. خُذْ خمسةَ عشرِكَ. أعطِ من خمسةِ عشرِكَ" والمختارُ عند النُّحاة أنَّ هذا العددَ يلزم بناءَ الجزءين، كما قدَّمنا.

ص474




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.