أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-5-2020
2419
التاريخ: 2024-11-23
287
التاريخ: 12-7-2018
1924
التاريخ: 24-2-2022
3525
|
بسبب الفهم المغلوط للعلاقات الرحمية يقوم البعض بالتعصب الأعمى لأرحامهم نتيجة للإلفة والمحبة بينهم , فإذا وقع إشكال بين أحد أرحامهم وبين شخص آخر وكان هذا الآخر على حق فإنهم مع كونهم متدينين يتعصبون لرحمهم, بل ما يزعج ويؤذي هو اصطفافهم الى جانب ارحامهم أمام القضاء الشرعي وهو يعرف أنه يزور بمعنى أنه يشهد شهادة زور يهدف من وراء ذلك أن يساعد رحمه ولو على حساب الدين وهو بذلك يرتكب حرمة شرعية كبيرة لأنه جعل محبته لرحمه أهم عنده من محبته لله وخوفه منه , وهذا ما حذر منه الله سبحانه وتعال في كتابه الكريم حيث قال:{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }[التوبة: 24]. فإن الآية الكريمة تحذر من يكون أهله وأرحامه أحب إليه من الله سبحانه وتعالى ورسوله أن مصيره هو عقاب الله عز وجل في الآخرة وتطلب منه التربص الى ذلك الوقت ووصفه بالفاسق الذي لا يهديه الله .
فيجب علينا التنبه لعواطفنا وأن يكون ارتباطنا بالدين أقوى من ارتباطنا بالعشيرة والأهل فنستحق ان نكون بذلك مؤمنين حقيقيين. ويجب أن نتذكر دائما أن هذه الأنساب مؤقتة بالحياة الدنيا , أما يوم القيامة فلا أنساب بيننا ولا يتعرف من تعصبنا له وخالفنا الشرع لأجله علينا في ذلك اليوم المشهود وهذا ما عبر عنه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بقوله:{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}[المؤمنون:101]. فيوم القيامة لن يتعرف أحد على أحد , بل كل منا مشغول بنفسه يسأل الله عز وجل أن ينجيه ولا يمتلك في تلك اللحظة الحرجة أن يتعرف على أحد.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الصلة لأرحامنا تكون بنهيهم عن المنكر الذي يرتكبون لا بتشجيعهم عليه لأنك إن شجعته دفعته للنار في حين أنك بنهيك إياه ترشده الى طريق الجنة .
وقد أفرد الله سبحانه وتعالى سورة خاصة لمن يود رحمه على حساب أمته ودينه هي سورة الممتحنة التي يصور فيها الله عز وجل قضية حاطب بن بلتعة الذي أراد ان يبلغ أهله في مكة بنية الرسول(صلى الله عليه واله)غزوها حبا لهم وخوفا عليهم فضيع بذلك دينه وقال الله سبحانه وتعالى عن ذلك أنه لن تنفع هذا الشخص أرحامه فقال:{لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[الممتحنة: 3].ونحن لا نمنع هنا من أن يحب أهله فهذا الأمر مطلوب ومحبوب من الله سبحانه وتعالى, ولكن الذي نمنع عنه هو التعصب الأعمى ومشاركتهم بالظلم, فقد ورد أن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) سئل عن العصبية فأجاب:(العصبية التي يأثم عليها صاحبها ان يرى الرجل شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين , وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه , ولكن من العصبية أن يعين قومه على الظلم)(1) .
باختصار تعتبر صلة الرحم من الأحكام الشرعية التي فرضها الله سبحانه وتعالى لتأمين مجتمع إسلامي متماسك يساعد بعضه البعض ويهتم بعضه بالبعض فإذا ما قام كل أفراد المجتمع الإسلامي بهذا الواجب فإن هذا المجتمع سيكون مجتمعا قويا لا يستطيع الأعداء ان يهزموه, أو أن يوقعوا الفرقة بين صفوفه .
ولصلة الرحم انعكاسات إيجابية على الصعيد الفردي كما لها على الصعيد العام , إذ تؤدي صلة الرحم الى إطالة العمر وتأجيل الأجل وكذلك الى زيادة الرزق وتخفيف وطأة الموت وكثير من المسائل المشابهة .
ولا يجوز من الناحية الشرعية التذرع بأي شيء لقطع الرحم لأن الرحم كما ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام):لا يقطعه شيء فيجب صلة رحمنا حتى الذي يخالفنا في الرأي والمذهب بل والدين , وكذلك من يكون منهم غير متدين , ولعل صلتنا لهم تساعد في هدايتهم الى دين الحق ومذهب الحق وجماعة الحق .
وقد حذر الشرع الكريم من الوقوع في قطيعة الرحم لما لها من تأثيرات سلبية على المجتمع أولا إذ نكون سببا في ضعفه وتفككه ما يؤدي الى سهولة ضربه والسيطرة عليه وعلى الصعيد الفردي فإن قاطع رحمه يبتلى بقلة الرزق وتقريب الأجل وقطع الرحمة عن القوم والمجتمع الذي يوجد فيه من يقطع رحمه .
ويجب الالتفات أخيرا الى أنه كما امرنا الله سبحانه وتعالى بصلة رحمنا ونهانا عن قطعها أمرنا أن نحافظ على الدين وأحكامه بحيث لو تعارض أي تصرف مع حكم من أحكام الشرع الحنيف فإن الأولوية دائما ستكون للدين لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وعليه يجب الالتفات الى ان نمتنع عن التعصب لأرحامنا في ظلمهم والمحرمات التي يرتكبونها . وأن نفهم أن الصلة الحقيقية لهم تكون في دعوتهم للسلوك الحق القويم والانتهاء عن الظلم والعصيان .
______________
1ـ الكافي ج 2 ص 308 – 309 .
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل: شراكتنا مع المؤسّسات الرائدة تفتح آفاقًا جديدة للارتقاء بجودة التعليم الطبّي في العراق
|
|
|