المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



انتقال الامام الى يثرب  
  
2991   12:57 صباحاً   التاريخ: 5-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسن دراسة وتحليل
الجزء والصفحة : ج2، ص281-284
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / قضايا عامة /

بقي الإمام (عليه السلام) فى الكوفة أياما وهو مكلوم القلب قد طافت به الهموم والآلام يتلقى من شيعته مرارة الكلام وقسوة القول ومن معاوية وحزبه الاستهانة بمركزه الرفيع وهو مع ذلك صابر محتسب قد كظم غيظه وأوكل أمره الى الله وقد عزم على مغادرة العراق البلد الذي غدر به وبأبيه من قبل والشخوص الى مدينة جده وقد أظهر عزمه ونيته الى أصحابه ولما أذيع ذلك دخل عليه المسيب بن نجبة الفزاري وظبيان ابن عمارة التميمي ليودّعاه فالتفت لهما ونفسه الشريفة مترعة بالألم والحزن على ما آل إليه أمر المسلمين قائلا : الحمد لله الغالب على أمره لو أجمع الخلق جميعا على أن لا يكون ما هو كائن ما استطاعوا ؛ ويلمس في كلامه التسليم لقضاء الله وقدره والحزن واللوعة على ضياع حقه الشرعي ولما رأى المسيب الشجا قد بدا على غصني النبوة وفرعي الإمامة وذلك لخوفهم على شيعتهم من أن يضاموا في عهد هذا الطاغية التفت لهما مهدئا روعهما قائلا : إنه والله ما يكبر علينا هذا الأمر إلا أن تضاموا وتنتقصوا فأما نحن فإنهم سيطلبون مودتنا بكل ما قدروا عليه.

فانبرى إليه الإمام الحسين (عليه السلام) يشكره على ولائه وإخلاصه قائلا : يا مسيب نحن نعلم أنك تحبنا .

والتفت إليه الإمام الحسن (عليه السلام) فبشره بحبه لهم قائلا : سمعت أبي يقول : سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : من أحب قوما كان معهم .

وطلب منه المسيب وظبيان المكث في الكوفة فأمتنع (عليه السلام) من اجابتهم وقال : ليس الى ذلك من سبيل ؛ وأخذ (عليه السلام) يعمل في تهيئة سفره وبعدها توجه هو وأهل بيته الى عاصمة جده وقد خرج أهل الكوفة بجميع طبقاتهم الى توديعه وهم ما بين باك وآسف , يندبون حظهم التعيس وسعادتهم التي حطموها بأيديهم فقد نقلت الخلافة ومعها بيت المال من بلدهم الى دمشق وقد أقض ذلك مضاجعهم ولكن بعد أن سبق السيف العذل فقد كانوا أصحاب الدولة وإذا ببلدهم بعد غدرهم بالامام وعدم مناصرته قد أصبحت مصرا من الأمصار وإذا القطع السورية من الجيش تدخل مصرهم وتسيطر عليهم ويقام في بلدهم حكم ارهابي عنيف لا يعرف الرحمة والرأفة.

لقد رحل (عليه السلام) عن الكوفة هو وأهل بيته ومعه أبو رافع خازن بيت المال وقد غشيتها الكابة وخيم عليها الحزن وحل بها الشقاء والوبال والدمار فلقد صبّ الله عليها بعد خروج الامام الطاعون فقضى على كثير من أبنائها وفرّ منها المغيرة بن شعبة وإليها ثم بعد مدة عاد إليها فلما وصل جرفه الطاعون فمات به وسارت قافلة الامام تطوي البيداء فلما انتهت الى دير هند القى الامام (عليه السلام) على عاصمته نظرة ملؤها الأسى واللوعة ثم تمثل ببيت من الشعر يلمس فيه مدى استيائه وحزنه قائلا :

ولا عن قلى فارقت دار معاشري           هم المانعون حوزتي وذماري

لقد ودع الامام الكوفة بالأسى والحسرات ولم يذكر ما لاقاه من الغدر والخيانة به فأي نفس ملائكية هذه التي لقيت من نشوز هذه الحاضرة ومن بوائقها ما لقيت ثم هي تودعها بهذا البيت من الشعر فلا تذكر من تاريخها الطويل العريض إلا وفاء الأوفياء المانعين الحوزة والذمار وهم الذين منعوا عنه من أراده في المدائن والذين ثبتوا على طاعته يوم العسرة في مسكن فكانوا اخوان صدق وخيرة الأنصار على قلتهم وسار موكب الامام ولكنه لم يبعد كثيرا حتى أدركه رسول معاوية يريد أن يرده الى الكوفة ليقاتل طائفة من الخوارج خرجت عليه فأبى (عليه السلام) أن يعود وكتب الى معاوية : لو آثرت أن أقاتل أحدا من أهل القبلة لبدأت بقتالك فإني تركتك لصلاح الأمّة وحقن دمائها ؛ ثم مضى (عليه السلام) ولم يعتن بمعاوية وما اجتاز موكبه على حي أو قرية إلا وخف من فيهما الى استقباله والتشرف بمقابلته وكان أول حديث يبدؤون به السؤال عما صار إليه أمره مع معاوية فيخبرهم (عليه السلام) بالحال فيظاهرون له الاستياء والتذمر وعدم الرضا وذلك لخوفهم من سلطة معاوية ولكنه (عليه السلام) ما يصنع وقد مني جيشه وشعبه بالتمرد والخذلان حتى التجأ الى الصلح والمسالمة , وانتهت قافلة الامام الى يثرب فلما علم أهلها بتشريفه (عليه السلام) خفوا جميعا لاستقباله فقد أقبل إليهم الخير وحلت في ديارهم السعادة والرحمة وعاودهم الخير الذي انقطع عنهم منذ نزح أمير المؤمنين عنهم جاء الى يثرب فاستقام فيها عشر سنين فملأ رباعها بعطفه المستفيض ورقيق حنانه وحلمه .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.