أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-3-2016
2085
التاريخ: 27-6-2019
2799
التاريخ: 24-3-2016
7523
التاريخ: 18-4-2017
2341
|
إذا كان جوهر مسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة يقوم على السببية الملائمة المتجسد بالاحتمال(1). فمن الطبيعي أن يكون معيار الاحتمال من الطبيعة نفسها، فالسببية ذات طبيعة مادية أو موضوعية بحتة، فيجب والحال هذه عدم الخلط بين النتيجة المحتملة والقصد الاحتمالي، فالأول منهما ذو طبيعة موضوعية أو مادية والثاني ذو طبيعة نفسية ذاتية(2). فالنتيجة المحتملة وفقا لما أستقر عليه الفقه والقضاء، بأنها النتيجة التي يكون من المفروض عقلا توقعها بحسب المجرى العادي للأمور، باعتبارها نتيجة للجريمة التي قصد الجاني المساهمة فيها أبتداء حتى ولو لم يكن قد توقعها بالفعل، وعلى ذلك فالشريك يكون مسؤولا عن الجريمة المحتملة للجريمة التي قصد الاشتراك فيها سواء كان قد توقع حصولها، ام لم يتوقع ذلك، ما دامت هي متوقعة في ذاتها(3). فيكفي أذن أمكان التوقع وليس التوقع الفعلي لدى الشريك، مفاده الشخص المعتاد، أي ان النتيجة تعد محتملة إذا كان بأمكان الجاني أو كان من واجبه أن يتوقع حصولها وفق المجرى العادي للأمور باعتبارها نتيجة تترتب على الجريمة التي اراد الاشتراك فيها. وعلى هذا الأساس فأن معيار الاحتمال ليس معيارا شخصيا يرجع في تحديده للشريك نفسه لبيان ما لو كان قد توقع النتيجة فعلا أم لم يتوقعها، وأنما هو معيار موضوعي يرجع فيه إلى الشخص المعتاد لبيان ما لو كان يمكنه في الظروف التي أرتكب فيها الجاني الجريمة المغايرة ان يتوقع حدوثها أو لا يمكنه ذلك(4). وهذا يعني ان معيار الاحتمال يعد أمرا مرتبطا بالجريمة التي قصدها الشريك وما يحتمل ان ينتج عنها وفقا للمجرى العادي للأمور. فلو ان شخصا ساعد آخر على سرقة منزل، وعند شروع هذا الشخص بالسرقة اعترضه صاحب المنزل فما كان من الفاعل الا ان سحب مسدسا وأطلق عليه النار فارداه قتيلا في الحال. فأن الشريك يسأل عن جريمتين، الأولى هي الاشتراك في جريمة شروع بالسرقة، والثانية هي الاشتراك في جريمة القتل، ومسؤوليته عن الجريمة الأخيرة كونها تعد بحسب المجرى العادي للأمور نتيجة محتملة لجريمة السرقة التي قصد الاشتراك فيها. أما إذا كانت الجريمة التي وقعت لا يتوقع حدوثها عادة وفقا للمجرى العادي للأمور، فأن الشريك لا يسأل عنها، وتبرير ذلك أنه ليس من العدالة في شيء مؤاخذة الشخص عن كل جريمة تحدث، وبالأخص إذا كانت هذه الجريمة بعيدة كل البعد عن قصده وتوقعه وغير مألوفة وفقا للمجرى العادي للأمور(5). نستنتج مما تقدم أن طبيعة معيار الاحتمال تنصب في الطبيعة الموضوعية، الا أن هذا المعيار ليس موضوعيا خالصا، وأنما تدخل في تكوينه عناصر شخصية، لأننا لابد أن نقف على ظروف الفاعل لأمكان القول باستطاعة التوقع أو وجوبه(6). كما انه ليس معيارا مطلقا بل هو معيار نسبي يختلف تطبيقه بأختلاف ظروف كل واقعة، ومثال ذلك الشخص في المثال المتقدم الذي كان يروم السرقة أصلا، لو لم يقتل صاحب المنزل، بل قتل لصا آخر صادف وجوده في ذلك المنزل للسرقة أيضا، فهنا لا يكون القتل نتيجة محتملة للسرقة التي قصدها الشريك، لأنه ليس من المتوقع وفقا للسير العادي للأمور أن يقتل اللص لصا آخر يصادفه في أثناء وجوده في مكان السرقة(7). وتقدير وجود الاحتمال من عدمه من الناحية الواقعية مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع وذلك بالقدر الذي تمليه الظروف الأعتيادية على مسار القضية(8). أما نص (م53) من قانون العقوبات العراقي فيشكل بحد ذاته قاعدة قانونية عامة يسأل المساهمون في الجريمة بموجبها عن النتيجة المحتملة، وتكون النتيجة محتملة للجريمة التي تعمد المساهمون ارتكابها، إذا كان من الممكن حدوثها بناء على الفعل والوسيلة المبذولين من قبل المساهمين، وهذا يعني ان تقدير ما لو كانت الجريمة التي وقعت بالفعل سواء عدت نتيجة محتملة أم لا، نجده مرتبط بالجريمة التي تعمدها الشريك بأعتباره مساهما في الجريمة أبتداء وما يحتمل ان ينتج عنها عقلا وحسب المجرى العادي للأمور، أي أنه لا ينظر إلى الشريك نفسه وما توقعه هو شخصيا بالفعل، فمقياس الاحتمال وفقا لما نصت عليه (م53) من قانون العقوبات العراقي هو مقياس موضوعي وليس شخصيا، فالجريمة تعتبر محتملة إذا كان بوسع الشريك أن يتوقع حدوثها أو كان واجبا عليه توقعها وفق طبيعة الأمور ومسارها(9). وان ما استقر عليه القضاء العراقي في التعامل مع معيار الاحتمال الوارد في (م53) من قانون العقوبات كونه معيارا موضوعيا إذ جاء في قرار لمحكمة التمييز في العراق (…..بأن المتهمين (…) كانوا قد هاجموا القتيل والمجني عليهم بالأسلحة النارية وأطلقوا النار عليهم منها لذلك فأنهم يكونون مسؤولين بطبيعة الحال عن النتيجة المقصودة وعن أية نتيجة أخرى محتملة حصلت جراء أطلاقهم العيارات النارية وأصابة المجني عليهم وليس صحيحا قياس هذه الحادثة بالحادثة التي يكون سبب حصولها آنيا ووقتيا التي لا تحصل عادة نتيجة الاتفاق الجماعي على القيام بالأعتداء مما ينبغي معه مساءلة كافة المتهمين المذكورين وأدانتهم بموجب (م406/ ف1/ ز) عقوبات بدلالة المادتين (47 و53) عقوبات……)(10). وفي قرار آخر لمحكمة التمييز (قررت فيه نقض قرار محكمة الجنايات الذي يقرر ادانة المتهم بموجب المادة (411) من قانون العقوبات عن جريمة القتل الخطأ. ومفاد القضية أن المتهم أطلق عدة عيارات نارية نحو المجني عليه بقصد تهديده وأيقافه للقبض عليه، وقالت الهيئة الموسعة الثانية في محكمة التمييز بأن المتهم المذكور ينبغي مساءلته عن جريمة القتل العمد للمجني عليه لأنها نتيجة محتملة للفعل الذي قام به المتهم. لذا قررت محكمة التمييز نقض كافة القرارت الصادرة من محكمة الجنايات وأعادة الدعوى إلى محكمتها لأجراء المحاكمة مجددا بغية ادانته بموجب المادة (405) عقوبات)(11).
_____________________
1- ينظر في ذلك: ص92 من الرسالة.
2- وقد حاولت محكمة النقض المصرية في بعض أحكامها ان تربط بين العلاقة السببية والنتيجة المحتملة وان تستمد من فكرة الاحتمال معيار هذه العلاقة فقالت (متى ثبـت ان الضـرب الذي وقع من المتهم هو السـبب المحرك لعوامل أخرى تعاونت وان تنوعت على أحـداث وفاة المجني عليـه سواء أكان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر، فالمتهم مسؤول جنائيا عن النتائج التي ترتبت على فعله مأخوذا في ذلك بالقصد الاحتمالي إذ كان عليـه ان يتـوقع كـل هذه النتـائج الجائزة الحصـول) . ينظر في تفصيل ذلك: الطعن رقم 2090 في 31/ 12/ 1986، س32، ص196.، الطعن رقم 2101 لسنة50 في 2/ 4/ 1981، س32 ، ص315.، الطعن رقم 89 لسنة 55 في 7/ 3/ 1985.، وهذه الأحكام تدل على ان المحكمة قد ربطت بين فكرة النتيجة المحتملة ومعيار العلاقة السببية وهو ربط يكاد يصل الى درجة الدمج. ينظر في تفصيل ذلك: د.محمود نجيب حسني، علاقة السببية في قانون العقوبات، مطبعة جامعة دار القاهرة والكتاب الجامعي، القاهرة، 1983، ص311.
3- عوض محمد، المصدر السابق، ص400. وفي هذا تقول محكمة النقض المصرية (ان الشريك مفروض عليه قانونا ان يتوقع كافة النتائج التي يحتمل عقلا وبحكم المجرى العادي للأمور ان تنتج عن الجريمة التي أراد المساهمة فيها). نقض مصري 8 يناير 1934، مجموعة القواعد القانونية،ج3، رقم180، ص234.
4- ينظر في ذلك: د.رؤوف عبيد، مناط مسؤولية المتهم عن النتائج المحتملة، المجلة الجنائية القومية، ع2، ص127.، د.مأمون سلامة، مسؤولية الفاعل عن النتيجة المحتملة، مجلة القانون والأقتصاد، س36، 1966، ص45.
5- د. علي راشد، المصدر السابق، ص483-484.
6- د.محمود نجيب حسني، المساهمة الجنائية، المصدر السابق، ص433.
7- د. علي راشد، المصدر السابق، ص483-484.
8- ينظر في ذلك: د.محمود نجيب حسني، المساهمة الجنائية، المصدر السابق، ص433.، د. علي حسين الخلف، المصدر السابق، ص718.
9- ينظر في ذلك: د.فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون العقوبات (القسم العام) ، المصدر السابق، ص262-263.، د.سليم حربة، المصدر السابق، ص 94-95.، د.سامي النصراوي، المصدر السابق، ص780.
10- ينظر قرار محكمة التمييز 46/ هيئة عامة/ 2001 في 16/ 1/ 2001. (غير منشور)
11- ينظر قرار محكمة التمييز260/ هيئة عامة / 2000 في 18/4 / 2001.(غير منشور)
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|