أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-27
967
التاريخ: 2024-05-30
648
التاريخ: 9-7-2021
2358
التاريخ: 2024-07-30
456
|
اختلف الباحثون في تحديد الزمن الّذي بدأ فيه الوضع ، فذهب بعضهم كأحمد أمين وغيره إلى أنّ الحديث المذكور يدلّ على وقوع الوضع زمن رسول اللّه (صلى الله عليه والهم) .
فيما ذهب آخرون إلى نفي وقوع الوضع زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله) : «لأن صحابة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) كلّهم عدول وثقات ، ولا يمكن أن يكذبوا على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، بل لا يفكروا في ذلك بحال من الأحوال . . . وكذلك لم يحصل الوضع في أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) زمن أبي بكر ولا زمن عمر . . .» إنّما الوضع بدأ في عهد عثمان بسبب سياسته «الّتي جعلت أهل الأهواء والبدع ينشطون فيما يرومون» «1» .
وبين يدينا نص صريح من الإمام علي (عليه السلام) على وقوع الكذب في حياة رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم)؛ إذ سأله سائل عن أحاديث البدع وعمّا في أيدي الناس من اختلاف الخبر ، فأجاب ببيان عظيم وصف فيه حال الرّواة وأصنافهم ، وأفاد فيه أنّ الصّحبة لا تمنع من النفاق والكذب على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، كما أوضح فيه أسباب اختلاف الروايات ، وأنواع الوضع الذي تعرّضت له ، قال (عليه السلام) : «إنّ في أيدي الناس حقّا وباطلا وصدقا وكذبا وناسخا منسوخا ، وعامّا وخاصّا ، ومحكما ومتشابها ، وحفظا ووهما ، ولقد كذب على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على عهده حتّى قام خطيبا فقال : (من كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار) ، وإنّما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس :
رجل منافق مظهر للإيمان ، متصنّع بالاسلام ، لا يتأثّم ولا يتحرّج ، يكذب على رسول اللّه متعمّدا ، فلو علم الناس أنّه منافق كاذب لم يقبلوا منه ، ولم يصدّقوا قوله ، ولكنّهم قالوا : صاحب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) رآه وسمع منه ، ولقف عنه فيأخذون بقوله .
وقد أخبرك اللّه عن المنافقين بما أخبرك ، ووصفهم به لك ، ثمّ بقوا بعده ، فتقرّبوا إلى أئمّة الضلال ، والدّعاة إلى النار بالزّور والبهتان ، فولّوهم الأعمال ، وجعلوهم حكّاما على رقاب الناس فأكلوا بهم الدّنيا ، وإنّما الناس مع الملوك والدّنيا ، إلّا من عصم اللّه ، فهذا أحد الأربعة .
ورجل سمع من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) شيئا لم يحفظه على وجهه فوهم فيه ، ولم يتعمّد كذبا ، فهو في يديه ، ويرويه ويعمل به ، ويقول : أنا سمعته من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، فلو علم المسلمون أنّه وهم فيه لم يقبلوه منه ، ولو علم هو أنّه كذلك لرفضه .
ورجل ثالث ، سمع من رسول اللّه شيئا يأمر به ، ثمّ إنّه نهى عنه ، وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ، ثمّ أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ ، فلو علم أنّه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه .
وآخر رابع ، لم يكذب على اللّه ، ولا على رسوله ، مبغض للكذب خوفا من اللّه ، وتعظيما لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، ولم يهم ، بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به على ما سمعه ، لم يزد فيه ولم ينقص منه ، فهو حفظ الناسخ فعمل به ، وحفظ المنسوخ فتجنّب عنه ، وعرف الخاصّ والعام ، والمحكم والمتشابه ، فوضع كلّ شيء موضعه . .
وقد كان يكون من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الكلام له وجهان : فكلام خاص وكلام عام ، فيسمعه من لا يعرف ما عني اللّه- سبحانه- به ، ولا ما عنى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة بمعناه وما قصد به ، وما خرج من أجله .
وليس كل أصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من كان يسأله ويستفهمه ، حتّى إن كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابيّ والطارئ ، فيسأله (عليه السلام) حتّى يسمعوا ، وكان لا يمرّ بي من ذلك شيء إلّا سألته عنه وحفظته .
فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم» «2» .
وهذا ينفي ما ذهب إليه البعض من أنّ «الحدّ الفاصل بين نقاء الشريعة وظهور الوضع في الحديث ، هو سنة إحدى وأربعين فما بعدها ، حيث انتشر الوضع وازداد وتجرّأ الناس عليه فوضع أهل العراق أحاديث في ذمّ معاوية ، وكذلك فعل جهّال الشام حيث وضعوا أحاديث ذموا فيها أهل العراق . . .» «3» .
نعم ، ربّما كانت حركة الوضع أقلّ ظهورا فيما قبل ظهور التحزّب الأموي في الشام ، ثمّ إنّه نشطت هذه الحركة ونمت واتّسعت بفعل السياسة الأموية عموما وعلى يد معاوية بشكل خاص ، كما سيأتي تفصيله .
وكان من الأسباب الّتي هيأت الأجواء للوضع في الحديث ، سياسة المنع من تدوينه ، والّتي سار عليها الخلفاء بعد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) واستمرت إلى أن رجعت الخلافة إلى علي (عليه السلام)؛ إذ كان يحثّ كثيرا على الكتابة وتدوين العلم ، وكان هو السبّاق إلى ذلك ، إذ صنّف كتبا عدّة ، بعضها من إملاء رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، ومنها ممّا علمه في علوم القرآن ، ومختلف أبواب العلم وفقه الشريعة «4» .
فقد ذهب عدد من الباحثين إلى أنّ المنع من تدوين الحديث الصحيح ، قد فتح الأبواب أمام الدس والوضع في الحديث ، إذ لو كان الحديث قد دوّن بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) مباشرة وعمل على تدقيقه وتحقيقه وضبطه ، فإنّ ذلك كان سيسدّ الأبواب أمام المنحرفين ، كما هو الحال بالنسبة للقرآن الكريم .
قال أبو رية : «كان من آثار تأخير تدوين الحديث ، وربط ألفاظه بالكتابة إلى ما بعد المائة الاولى من الهجرة وصدر كبير من المائة الثانية أن اتّسعت أبواب الرواية ، وفاضت أنهار الوضع بغير ما ضابط ولا قيد» «5» .
_______________
(1)- مباحث في تدوين السنّة/ ص 10- 13 .
(2)- نهج البلاغة/ الكتاب/ 210 .
(3)- مباحث في تدوين السنّة/ ص 15 .
(4)- راجع للمزيد : تدوين السنّة النبويّة/ السيّد محمّد رضا الجلالي/ ص 134 فما بعدها .
(5)- م . ن/ ص 495 ، نقلا عن : أضواء على السنّة المحمّدية/ ص 188 ، 268 و285 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|