أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-04-2015
4025
التاريخ: 19-10-2015
4078
التاريخ: 19-10-2015
3729
التاريخ: 19-10-2015
3737
|
أجمع المحققون من القدامى والمحدّثين على نقد هذه الشورى وتزييف نظامها وذكروا لها كثيراً من المضاعفات السيّئة التي عادت على المسلمين بالفتن والخلاف وخلقت لهم المصاعب والمشاكل وقد دلّلنا عليها في كتابنا حياة الإمام الحسن (عليه السّلام ولكن ضرورة البحث تقتضي ذكرها وهي :
أوّلاً : إنّ هذا النظام بعيد عن واقع الشورى وقد خلى من جميع العناصر التي تتميّز بها ؛ فإنه لا بد أن تتوفر فيها ما يلي :
أ ـ أن تشترك الاُمّة بجميع قطاعاته في الانتخاب.
ب ـ أن لا تتدخّل الحكومة أيّ تدخّل مباشر أو غير مباشر في شؤون الانتخاب.
ج ـ أن تتوفر الحريات العامة لجميع الناخبين.
وفقدت الشورى العمرية هذه العناصر ولم يعد لها أيّ وجود فيها فقد حَظَر الاُمّة أن تشترك في الانتخاب ولم تمنح لها الحريّة في اختيار مَن ترغب فيه للحكم وإنما فوّض أمرها إلى ستّة أشخاص وجعل آراءهم تعادل آراء بقية الشعوب الإسلاميّة ؛ وهذا لون من ألوان التزكية تفرضه بعض الحكومات التي لا تعني بإرادة شعوبها على أنه أوعز إلى البوليس بالتدخّل في الأمر وعهد إليهم بقتل مَن لا يوافق من أعضاء الشورى على مَن ينتخبه بقية الأعضاء كما عهد إليهم بتحديد مدّة الانتخاب في ثلاثة أيّام وقد ضيّق الوقت على الناخبين خوفاً من تدخّل القطعات الشعبية في الأمر فيفوت غرضه.
ثانياً : إنّ هذه الشورى ضمّت العناصر المعادية للإمام والحاقدة عليه ففيها طلحة التميمي وهو من أسرة أبي بكر الذي نافس الإمام على الخلافة ودفعه عنها وفيها عبد الرحمان بن عوف وهو صهر عثمان ومن أكثر المهاجرين حقداً على الإمام فهو كما يقول المؤرّخون كان من الذين استعان بهم أبو بكر لإرغام الإمام على مبايعته ؛ وضمّت الشورى سعد بن أبي وقاص وكانت نفسه مترعة بالحقد والكراهية للإمام من أجل أخواله الاُمويِّين ؛ فإنّ اُمّه حمنة بنت سفيان بن اُميّة وقد أباد الإمام أعلامهم وصناديدهم في سبيل الدعوة الإسلاميّة ولمّا بايع المسلمون الإمام تخلّف عن بيعته سعد ؛ ومن أعضاء الشورى عثمان بن عفان عميد الاُسرة الاُموية وقد اختار عمر فيما يقول بعض المؤرّخين هذه العناصر المنافسة للإمام والحاقدة عليه ؛ حتّى لا يؤول الأمر إليه , وقد تحدّث الإمام (عليه السّلام) عن المؤثّرات التي لعبت دورها في ميدان الانتخاب قال (عليه السّلام) : لكنّي أسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا فصغى رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره مع هن وهن ؛ وعلى أيّ حال فإن هذه الشورى لم يكن المقصود منها فيما يقول المحققون إلاّ إقصاء الإمام عن الحكم ومنحه للأمويين.
يقول العلائلي : إنّ تعيين الترشيح في ستة مهّد السّبيل لدى الاُمويِّين لاستغلال الموقف وتشييد صرح مجدهم على أكتاف المسلمين وقد وصل إلى هذه النتيجة السّيد مير علي الهندي حيث قال : إنّ حرص عمر على مصلحة المسلمين دفعه إلى اختيار هؤلاء السّتة من خيرة أهل المدينة دون أن يتبع سياسة سلفه وكان للأمويين حزب قوي في المدينة ومن هنا مهّد اختياره السّبيل لمكائد الاُمويِّين ودسائسهم هؤلاء الذين ناصبوا الإسلام العداء ثمّ دخلوا فيه وسيلة لسدّ مطامعهم وتشييد صرح مجدهم على أكتاف المسلمين .
ثالثاً : لقد عمد عمر في هذه الشورى إلى إبعاد الأنصار فلم يجعل لهم أيّ نصيب فيها وهم الذين آووا النبي (صلّى الله عليه وآله) ونصروا الإسلام في أيّام محنته وغربته وقد أوصى بهم النبي (صلّى الله عليه وآله) خيراً كما أنه لم يجعل نصيباً فيها لعمار وأبي ذر وأمثالهما من أعلام الإسلام وأكبر الظن أنه إنما أبعدهم لأنّ لهم هوى وميلاً للإمام (عليه السّلام) ولا ينتخبون غيره ولا يرضون سواه ولهذه الجهة أقصاهم وقصر أعضاء الشورى على العناصر المعادية له.
رابعاً : من غريب أمر هذه الشورى أنّ عمر قد شهد في حقّ أعضائها أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) مات وهو عنهم راضٍ أو أنه شهد لهم بالجنّة وقد عهد إلى الشرطة بضرب أعناقهم إن تأخّروا عن انتخاب أحدهم ؛ ويقول الناقدون لهذه الشورى : إنّ التخلّف عن الانتخاب لم يكن خروجاً عن الدين ولا مروقاً عن الإسلام حتّى تباح دماؤهم؟!
فلم يتفق هذا الحكم مع ما أثر عن الإسلام في حرمة إراقة الدماء ووجوب التحرّج فيها إلاّ في مواضع مخصوصة ذكرها الفقهاء وهذا ليس منها ؛ بقي هنا شيء آخر لا يقل غرابة عن ذلك التناقض وهو أنّ عمر إنما قصر أعضاء الشورى على السّتة بحجّة أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مات وهو عنهم راضٍ وهذه الحجّة لا تصلح دليلاً على التعيين ؛ لأنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مات وهو راضٍ عن كثير من صحابته فتقديم السّتة عليهم غنما هو من باب الترجيح بلا مرجح وهو مما يتّسم بالقبح كما يقول علماء الاُصول.
خامساً : إنّ مما يؤخذ على هذه الشورى أنّ عمر جعل الترجيح للجبهة التي تضمّ عبد الرحمان بن عوف وقدّمها على الجبهة التي تضمّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهو تحيّز ظاهر للقوى القرشية الحاقدة على الإمام والباغية عليه كما أنّا لا نعلم أنّ هناك أيّ مأثرة يمتاز بها ابن عوف يستحقّ بها هذه الإشادة والتكريم! أليس هو وإخوانه من المهاجرين كطلحة والزبير وغيرهم قد استأثروا بأموال المسلمين وفيئهم حتّى ملكوا من الثراء العريض ما لا يحصى وتحيّروا في صرفه وإنفاقه؟ وقد ترك ابن عوف فيما يقول المؤرّخون من الذهب ما يُكسر بالفؤوس لكثرته أمثْل هذا يُقدّم على الإمام (عليه السّلام) وهو صاحب المواهب والعبقريات الذي لا ندّ له في علمه وتقواه وتحرّجه في الدين والله تعالى يقول في كتابه : {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9]؟!
سادساً : إنّ هذه الشورى أوجدت التنافس بين أعضائها ؛ فإنّ كل واحد منهم قد رأى نفسه ندّاً للآخر وكفوأً له ولم يكونوا قبل ذلك على هذا الرأي فقد كان سعد خاضعاً لعبد الرحمان وعبد الرحمان تابع لعثمان ومن خلص أصحابه ومناصريه وبعد الشورى حدث بينهما انشقاق غريب فكان عبد الرحمان يؤلّب على عثمان ويدعو علياً ليحمل كل منهما سيفه ليناجزه , وقد عهد إلى أوليائه بعد موته أن لا يصلّي عليه عثمان وكذلك كان الزبير شيعة للإمام وقد وقف إلى جانبه يوم السقيفة وتحمّل في سبيله ضروباً شاقّة وعسيرة من الجهد والعناء وقد قال في عهد عمر : والله لو مات عمر بايعت علياً ؛ ولكن الشورى قد نفخت فيه روح الطموح فرأى نفسه ندّاً للإمام ففارقه وخرج عليه يوم الجمل وهكذا أوجدت الشورى روح التخاصم والعداء بين أعضائها فقد رأى كل واحد منهم أنه أولى بالأمر وأحقّ به من غيره وقد أدّى التخاصم والنزاع الذي وقع بينهم إلى تصديع كلمة المسلمين وتشتيت شملهم وقد أعلن هذه الظاهرة معاوية بن أبي سفيان في حديث مع أبي الحصين الذي أوفده زياد لمقابلته فقد قال له معاوية : بلغني أنّ عندك ذهناً وعقلاً فأخبرني عن شيء أسألك عنه؟
ـ سلني عمّا بدا لك.
ـ أخبرني ما الذي شتّت شمل أمر المسلمين وملأهم وخالف بينهم؟
ـ قتل الناس عثمان.
ـ ما صنعت شيئاً.
ـ مسير علي إليك وقتاله إيّاك.
ـ ما صنعت شيئاً.
ـ مسير طلحة والزبير وعائشة وقتال علي إيّاهم.
ـ ما صنعت شيئاً.
ـ ما عندي غير هذا.
ـ أنا اُخبرك أنه لم يشتّت بين المسلمين ولا فرّق أهواءهم إلاّ الشورى التي جعلها عمر إلى ستة نفر وذلك أنّ الله بعث محمداً بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون فعمل بما أمره الله به ثمّ قبضه الله إليه وقدّم أبا بكر للصلاة فرضوه لأمر دنياهم إذ رضيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لأمر دينهم فعمل بسنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وسار بسيرته حتّى قبضه الله واستخلف عمر فعمل بمثل سيرته ثمّ جعلها شورى بين ستة نفر فلم يكن رجل منهم إلاّ رجاها لنفسه ورجاها له قومه وتطلّعت إلى ذلك نفسه ولو أنّ عمر استخلف عليهم كما استخلف أبو بكر ما كان في ذلك خلاف .
إنّ من المظاهر الأوّلية لهذه الشورى إشاعة الأطماع والأهواء السياسية بشكل سافر عند بعض أعضائها فاندفعوا إلى خلق الحزبية والتكتلات في المجتمع الإسلامي للوصول إلى كرسي الحكم ممّا أدّى ذلك إلى كثير من المضاعفات السيّئة وقد امتحن بها المسلمون امتحاناً عسيراً ؛ هذه بعض آفات الشورى التي عانى منها المسلمون أقسى ألوان الكوارث والخطوب فقد مهّدت الطريق أمام الطلقاء وأبنائهم للاستيلاء على السلطة والقبض على زمام الحكم وتخطيط سياسة للدولة لم يألفها المسلمون ؛ ومن أبرز برامجها الاستئثار بالفيء ونهب ثروات الاُمّة وخيراتها والإمعان في ظلم الأخيار والتنكيل بعترة النبي (صلّى الله عليه وآله).
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|