أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2014
1577
التاريخ: 18-11-2014
1798
التاريخ: 17-10-2014
1455
التاريخ: 15-6-2016
2187
|
قال تعالى : {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا } [مريم : 71] ، والخطاب عامّ يشمل المؤمن والكافر ، وبدليل ما بعد الآية : {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم : 72] ، حيث قوله : ( وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا ) ، أي الجميع يَرِدُونها فيخرج المؤمن ويُترك الظالم بحاله .
الأمر الذي يتنافى وقوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء : 101-102] ، فيكف الوئام ؟!
وقد ذَكَر المفسّرون هنا وجوهاً ، أوجهُها ـ ما عن ابن مسعود والحسن وقتادة واختاره أبو مسلم ـ أنّه بمعنى الإشراف عليها ليَشهدوا ذلك العرض الرهيب ، فالمؤمنون يَجوزونها ويَدنون منها ويَمرّون بها وهي تتأجّج وتتميّز وتتلمّظ ، ويَرَون العتاة ينزعون فيقذفون فيها .
قال تعالى : {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ} [مريم : 68] لن يكونوا لوحدِهم بل ( وَالشَّيَاطِينَ ) الذين هم قادتُهم ، وبينهما صلة التابع والمتبوع والقائد والمَقود ، ( ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً ) [مريم : 68] جاثين على رُكَبِهم في ذلّ وفَزَع ، {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا} [مريم : 69] ، فلا يُؤخذ أحدٌ جُزافاً من تلك الجُموع المتكاثفة ، {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا} [مريم : 70] ليكونوا طليعةَ المقذوفينَ فيها .
وبعد ، فيأتي دور المؤمنينَ الذين سَبَقت لهم مِن اللّه الحُسنى ، فيأتي زَرَافات منهم ، يَمرّون بهذا المشهد الرهيب ، فيُزَحزَحون عنها وفي منجاةٍ منها يَجوزونه { ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا } أي نجعلهم في منجاةٍ منه ( وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً ) [مريم : 72]أي نَدعهم جاثمين على رُكَبِهم على شفا جُرُفٍ هارٍ ؛ لينهار بهم في نار جهنّم .
فقد كان المُراد بالورود هنا هو الإشراف عليها ، كما في قوله تعالى : {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} [القصص : 23] ، وقوله : {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ } [يوسف : 19] ، إذ ليس المُراد من الورود هنا الدخول ، بل الدنوّ والاقتراب ، قال الراغب : الورود ، أصله قَصْدُ الماء ، ثُمّ يُستعمل في غيره (1) قوله : {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ } أي قَصَدَه واقترب منه . والوارد : الذي
يتقدّم القوم ليَرِد الماء ويَسقي لهم ، قوله : ( فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ ) أي ساقيهم من الماء المورود .
قال : ويقال لكلّ مَن يَرِد الماء وارد ، وقوله تعالى : {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم : 71] ، ومنه : وَرَد ماءَ كذا أي حَضَره (2) .
وفي أمثال العرب : ( أنْ تَرِد الماء بماءٍ أكيس ) (3) ، أي من الكياسة والاحتياط أنْ يكون واردُ الماء مُستَصحِباً مع شيء من الماء ، ولعلّه يَرِد الماء فلا يجده .
قال زهير ـ شاعر الجاهليّة ـ :
فـلمّا وَرَدْنَ الـماءَ زُرقـاً iiجِمامُهُ وَضَعنَ عِصِيَّ الحاضِر المُتَخيّمِ (4)
أراد : فلمّا بَلَغْنَ الماء أَقَمْنَ عليه .
قال الزّجاج : والحُجّة القاطعة على أنّهم لا يَدخلونها هي قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء : 101-102].
وللطبرسي هنا كلام مُذيّل ونَقل آراء ، اقتصرنا على الأرجح منها ، فليراجع (5) .
ولابن شهر آشوب توجيهٌ لطيفٌ بإرجاع ضمير الخطاب إلى مُنكري الحشر على طريقة الالتفات (6) .
______________
(1) المفردات ، ص519 .
(2) المصدر .
(3) مجمع الأمثال للميداني ، ج1 ، ص32 ، رقم 129 .
(4) هذا البيت من معلّقته المشهورة ، يقول : فلمّا بلغتْ الضعائن الماءَ وقد اشتدّ صفاءُ ما جُمع منه في الآبار والحياض عَزَمْنَ على الإقامة ، فَوَضَعْنَ العِصيّ وعَمَدن إلى نصبِ الخيام كما في المتحضّر ، والزُرقة : شدّة الصفاء ، والجِمام : جمع جَمَّ الماءَ ، وجمّته ، وَوَضعُ العِصيّ كناية عن الإقامة ؛ لأنّ المسافر إذا عزم على الإقامة بمكانٍ وضع عَصاه ، والتخيّم : نصب الخيام . ( شرح المعلّقات السبع للزوزني ، ص77 ) .
(5) مجمع البيان ، ج6 ، ص525 ـ 526 .
(6) متشابهات القرآن لابن شهر آشوب ، ج2 ، ص107 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|