أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-10-2014
3659
التاريخ: 15-10-2014
2583
التاريخ: 14-3-2016
2254
التاريخ: 22-3-2016
5206
|
أنزل اللّه تعالى القرآن لكافّة الناس ، فقال جلّ وعلا : {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ } [آل عمران : 138] ، وتكفّل هو ببيان القرآن قائلا : { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة : 19] ، وبيّن أنّ ما جاء به في القرآن هو أفضل البيان وأحسنه ، فقال : {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان : 33] .
ولمّا كان القرآن {بْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل : 89] ، كان من الطبيعيّ أيضا أن يكون مبيّنا لنفسه ، إذ لا يعقل أن يكون المبيّن لغيره يحتاج إلى الغير في بيان نفسه ، إذ إنّه «ينطق بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض ، ولا يختلف في اللّه ولا يخالف بصاحبه عن اللّه» «1» .
ولمّا كانت القاعدة في الرسالات أنّ اللّه تعالى إذا خاطب أمّة خاطبها بلغتها ، { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم : 4] ، لذا أنزل اللّه تعالى القرآن بلسان عربي ، ولحكمة بالغة جعل كتاب اللّه الخالد لكافّة الشعوب والأزمان بهذه اللّغة العظيمة ذات القدرات الهائلة في البلاغة والتعبير واستيعاب المعاني الحاضرة والمستقبلة .
وإذ نزل القرآن بلسان عربيّ مبين في زمن أفصح العرب وعلى أساليب بلاغتهم ، فإنّهم كانوا يفهمونه ويعلمون ظواهره وأحكامه «2» .
«فالواجب أن تكون معاني كتاب اللّه المنزل على نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) ، لمعاني كلام العرب موافقة ، وظاهره لظاهر كلامها ملائما ، وإن باينه كتاب اللّه بالفضيلة ، التي فضّل بها سائر الكلام والبيان . . .» «3» .
فإنّ القرآن الكريم يخاطب الكل ويرشدهم إلى مقاصده ، وقد تحدّى في كثير من آياته الاتيان بمثله واحتجّ بذلك على الناس ووصف نفسه بأنّه النور والضّياء لكل شيء ، فلا يكون مثل هذا الكتاب محتاجا إلى شيء آخر «4» .
ويتّفق المفسّرون في «أنّ أحسن طريق التفسير أن يفسّر القرآن بالقرآن ، فما اجمل في مكان فقد فصّل في موضع آخر ، وما اختصر في مكان فإنّه بسط في آخر» «5» ، إذ «القرآن يفسّر بعضه بعضا» كما قال الزمخشري «6» .
لذا فمن «أراد تفسير الكتاب العزيز طلبه أوّلا من القرآن» «7» .
وقال الطبري : «إنّ أبين البيان بيانه ، وأفضل الكلام كلامه ، وإن قدر فضل بيانه- جلّ ذكره- على بيان جميع خلقه كفضله على جميع عباده» «8» .
واعتبره آخرون أصحّ الطرق ، قال ابن كثير : «إنّ أصحّ الطريق في ذلك- التفسير- أن يفسّر القرآن بالقرآن ، فما اجمل في مكان فإنّه قد بسط في موضع آخر» «9» .
وهو مقدّم على غيره ، قال الكلبي : «إذا دلّ موضع من القرآن على المراد بموضع آخر حملناه عليه ورجّحنا القول بذلك على غيره من الأقوال» «10» .
نعم ، قد ذهب بعض الباحثين إلى أنّ نزول القرآن بلغة العرب لا يقتضي أنّ العرب- المخاطبين به- كلّهم كانوا يفهمونه في مفرداته وتراكيبه ، واستدلّ على ذلك بكثرة الكتب المؤلّفة في اختلاف اللّغات ، وعجز كثير من أبناء هذه اللّغات عن فهم كثير ممّا جاء فيها بلغتهم ، إذ الفهم لا يتوقّف على معرفة اللّغة وحدها ، بل لا بدّ لمن يفتّش عن المعاني ويبحث عنها من أن يكون له موهبة عقلية خاصّة ، تتناسب مع درجة الكتاب وقوّة تأليفه «11» .
فيما ذهب آخرون إلى أنّ العرب المعاصرين لنزول القرآن كانوا يفهمون القرآن فهما إجماليّا ، ولكن هذا الفهم لا يستوعب كل معاني القرآن وتفسيره وتأويله ، فهم لم يكونوا على وجه العموم يفهمونه بصورة تلقائيّة ، فهما تفصيليّا يستوعب مفرداته وتراكيبه «12» .
على أنّ أقوى الأدلّة على توفّر الفهم الاجمالي العام لألفاظ القرآن ومعانيها اللّغويّة وعدم وجود الإبهام والغموض فيها ، هو أنّ اللّه تعالى تحدّى العرب- وهم البلغاء آنذاك والمشهورون في اللّغة والبيان- على أن يأتوا بمثل القرآن ، ولو كان هناك غموض أو إبهام في ألفاظه ومعانيه اللّغويّة عليهم لكان ذلك من أقرب السّبل إليهم للردّ عليه والطّعن فيه ، وقد بذلوا الأموال والأنفس في مواجهته ، ومع ذلك فلم يجدوا سبيلا للتعرّض له والطّعن فيه .
كما إنّنا من خلال نظرة عامّة في مجمل ما روي من التفسير عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم)
قلّما نجد فيه من التفسير اللّغوي «13» ، والذي اشتدّت الحاجة إليه بعد ما اختلط العرب المسلمون بغيرهم وازدحمت الأفكار والآراء عندهم .
وعلى أيّ حال ، فإنّ الامّة بجميع طوائفها قد اجتمعت على أنّ أوّل مصادر التفسير هو القرآن الكريم ، إذ يرجع إليه أوّلا في فهم الآيات ، ويقدّم تفسيره على سائر المصادر الاخرى .
___________________
(1)- نهج البلاغة/ الإمام عليّ (ع)/ الخطبة 133 .
(2)- مقدّمة ابن خلدون/ ص 489 ، البرهان في علوم القرآن/ ج 1/ ص 14 .
(3)- تفسير الطبري/ ج 1/ ص 7/ خطبة الكتاب .
(4)- القرآن في الاسلام/ العلّامة الطباطبائي/ ص 80 .
(5)- البرهان/ ج 2/ ص 175 .
(6)- الكشّاف/ ج 1/ ص 406 .
(7)- الإتقان/ السيوطي/ ج 2/ ص 1197 .
(8)- تفسير الطبريّ/ ج 1/ ص 7 .
(9)- تفسير ابن كثير/ ج 1/ ص 7 .
(10)- التسهيل لعلوم التنزيل/ الكلبي/ ج 1/ ص 9 .
(11)- التفسير والمفسّرون/ الذّهبيّ/ ج 1/ ص 36 .
(12)- علوم القرآن/ الشهيد الصّدر/ ص 248 .
(13)- راجع الإتقان/ السيوطي/ ج 2/ ص 1236 فما بعد .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|