أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-3-2016
2078
التاريخ: 2-5-2017
4959
التاريخ: 14-3-2016
47258
التاريخ: 14-3-2016
21706
|
الأعمال التجارية المنفردة هي تلك الأعمال التي تعتبر تجارية ولو وقعت لمرة واحدة أو عرضا سواءاً وقعت من قبل أشخاص يتمتعون بالصفة التجارية أم لم يكتسبوا هذه الصفة . وانطلاقاً من مضمون نص المادتين الخامسة والسادسة من قانون التجارة فإنه يمكن تحديد هذه الأعمال بما يلي :
- شراء المنقول أو العقار لأجل البيع أو التأجير بقصد الربح .
- التعامل في أسهم الشركات وسنداتها .
- إنشاء الأوراق التجارية والعمليات المتعلقة بها .
أولاً : شراء المنقول أو العقار لأجل البيع أو التأجير بقصد الربح .
يعتبر شراء المنقول لأجل البيع أو التأجير من أكثر الأعمال التجارية وقوعاً في الحياة العملية ومن أهم أوجه النشاط التجاري الذي يهدف الى تحقيق ربح عن طريق المضاربة ويلحق بشراء المنقول لأجل بيعه ، شراء العقار بقصد البيع ، فقانون التجارة لم يحصر في الواقع الشراء ذا الصفة التجارية بالمنقول فقط بل أضاف إليه شراء العقار الذي يتم لأغراض تجارية . وسبب ذلك في رأينا أن ملكية العقار أصبحت تنتقل بين الأشخاص بسهولة بفضل القوانين العقارية الحديثة وإنشاء السجلات العقارية لدى معظم الدول وأصبحت المضاربة على الأموال غير المنقولة أمراً اعتيادياً يتم بصورة تجارية بين الأشخاص (1). ويستشف من مضمون نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة أن القانون يشترط لأعتبار شراء المنقول أو العقار لأجل البيع أو التأخير عملاً تجارياً شروطاً ثلاثة هي :
1. أن يكون هناك شراء للمنقول أو العقار لأجل البيع أو الإيجار .
2. أن ينصب الشراء على مال منقول أو عقار .
3. أن تكون الغاية المتوخاة من الشراء لأجل البيع أو التأخير هي تحقيق مردود إيجابي (ربح).
ونتعرض بالتتابع لكل شرط من هذه الشروط .
الشرط الأول :
أن يكون هناك شراء للمنقول أو العقار لأجل البيع أو الإيجار .
يتكون هذا الشرط من عمليتين مترابطتين هما : أن يكون هناك أولاً عملية شراء يتبعها بعد ذلك عملية بيع .
أولاً : عملية الشراء : L, achat
تعتبر عملية الشراء ركنا جوهرياً لاعتبار العمل تجارياً . ونعني بعملية الشراء هنا أن يكون الحصول على المنقول أو العقار بمقابل أو بعوض (2) أو بعبارة أخرى اقتناء الشيء بمقابل متفق عليه بين البائع والمشتري (3) على أن يفهم ذلك المقابل بالمعنى الواسع ، أي سواء كان نقوداً أم عينا كما هو الأمر بالنسبة للمقايضة أو العقود الناقلة للملكية بعوض كالشركة (4) . وتأسيساً على ذلك إذا باع شخص مالاً لم يحصل عليه بالشراء بل تلقاه دون مقابل فلا يعد عمله تجارياً لانتفاء عنصر المضاربة . وتنتفي عملية شراء المال ، بصورة عامة في حالات الإرث والهبة والوصية أو إذا كان البيع ينصب على الإنتاج الأول ، لذا يجب أن يستبعد من ميدان النشاط التجاري كل بيع لمنقول أو لعقار آل الشخص عن طريق الإرث او الهبة او الوصية فالإرث والهبة والوصية عبارة عن تصرفات قانونية يكتسب الشخص بموجبها ملكية شيء بدون عوض . عليه لو باع شخص عقاراً أو منقولاً آل إليه بالإرث أو عن طريق الهبة أو الإيصاء فلا يعتبر عمله تجارياً لأن البائع لم يحصل على ذلك المال بالشراء . ويؤخذ بالحكم نفسه حتى ولو قصد من البيع اجتناء الربح أو تحقق الربح فعلاً من وراء البيع . أما الإنتاج الأول فيتمثل حسب تقديرنا بعمليات الزراعة وأعمال ذوي المهن الحرة والإنتاج الذهني (5) فعمليات الزراعة اعتبرت ومنذ القدم أعمالاً مدنية بطبيعتها واخضعت ابتداءً للقانون المدني ؛ لأن استغلال الزراعي أسبق تاريخاً من الاستغلال التجاري ومن أجله نشأ القانون المدني ، فلا يمكن أن ينتزع من هذا القانون ميدانه (6) وعمليات الزراعة ، تنصب من جانب آخر على استغلال الطبيعة استغلالا مباشراً فمصدر الانتاج المتأتي من هذه الاعمال هو اذن الطبيعة وليس نتيجة شراء سابق . فالمزارع الذي يبيع انتاج ارضه التي يملكها او انتاج الارض المنتفع بها يعد عمله والحالة هذه مدنياً (7) . ويعتبر مدنيا أيضاً كل عمل يتعلق بتسهيل عملية الاستغلال الزراعي كشراء الآلات والأدوات والبذور والأسمدة فلا يغير من طبيعة العمل شراء تلك اللوازم اذ ان ما يقوم المزارع ببيعه بعد ذلك ليس هو ما اشتراه بعينه فشراء البذور او المهمات او الاسمدة لا يقترن بنية بيعها ، بل قصد به الانتفاع بها في تسهيل أعمال الزراعة والحصول على الإنتاج الزراعي ومع ذلك فإن الحكم يختلف اذا ما اقترن الاستغلال الزراعي بعمليات تحويل الإنتاج الزراعي صناعياً . إذ ان التحول هنا يدخل في مفهوم الصناعة والصناعة عمل تجاري بحكم القانون (8) . عليه لو حول المزارع قمح أرضه صناعياً الى دقيق أو قصب السكر الى سكر او استخراج صناعياً الزيوت من أشجار مزارعه واستخدام لهذا الغرض آلات ومهمات وغير ذلك من القوى الصناعية والأيدي العاملة (قوة العمل) فإن عمله يعتبر تجارياً اذ اننا امام مشروع تجاري هو مشروع الصناعة (9) ويؤخذ بنفس الحكم فيما اذ قام المزارع بتربية الدواجن أو الماشية على ارضه بقصد بيعها أو بيع انتاجها فلو اشترى شخص ارضا بقصد زراعتها ثم عدل عن قصده هذا الى تربية الماشية والدواجن وبيع انتاجها فان العمل يعد تجارياً .أما الانتاج الذهني فإنه يخرج بدوره من دائرة العمل التجاري . ويقصد بهذه الأعمال تلك التي تنتج من اعمال الفكر والذهن . وهذا الانتاج كما هو واضح غير مسبوق بعملية شراء . فمن يؤلف كتاباً ثم يقوم بطبعه بنفسه او عن طريق ناشر لا يعتبر عمله تجارياً ولو حقق ربح من وراء ذلك ، لكون ما يقوم ببيعه ليس إلا ثمرة انتاجه الذهني ، فهو بيع لم يقترن بشراء غير ان عمل الناشر او المتعهد بالطبع (الطباعة) يعد عملاً تجارياً . فالناشر أو من يشتري حق الطبع يقوم بالمضاربة على فرق سعر طبع الكتاب والإعلان عنه أو حفظه وبين سعر بيعه . ويعد عملاً تجارياً أيضاً عمل الكتبي الذي يشتري المؤلفات والكتب ثم يقوم ببيعها طالما أنه يضارب على فرق سعر الشراء والبيع . بينما يعد مدنيا عمل الفنان الذي يقوم ببيع لوحة من انتاجه او بيع تمثال نحته او لحن ألفه على اساس ان ما يقوم به ما هو إلا نتاج موهبة شخصية لم تقرن بعملية شراء . ولو نظرنا الى أعمال ذوي المهن الحرة فإنه يمكن ملاحظة أن هذه الاعمال تقوم على استثمار واستغلال ما اكتسب من علم وفن وخبرة ويدخل ضمن مفهوم المهن الحرة والمحاماة والطب والهندسة والمحاسبة وغيرها (10) . فكل من المحامي والطبيب والمهندس والمحاسب يقوم بتقديم خدمات أساسها الخبرة للجمهور دون أن تدخل عملية شراء سابق لهذه الخبرات ، من هنا تعتبر هذه الأعمال مدنية . ومع ذلك فإن أعمال هذه المهن قد تفقد صفتها المدنية وتتحول الى أعمال تجارية عند تجاوز العمل أو النشاط الجانب العلمي أو القدر اللازم لممارسة المهنة . فالطبيب الذي يعمد الى بيع الأدوية والأجهزة الطبية الى مرضاه يعتبر عمله مدنيا حيث نكون في هذه الحالة أمام عمل ثانوي تابع لعمله الرئيسي وهو معالجة المرضى . أما إذا تعدى مرضاه الى غيرهم في بيع الأدوية والأجهزة أو أنشأ مصحاً أو مستشفى بحيث يطغى هذا العمل على الجانب العلمي المهني ففي مثل هذا التطور يكون العمل تجارياً ويأخذ صيغة المشروع القائم على شراء المنقول بقصد بيعه وتوريد الخدمات (11) . ويؤخذ بنفس الحكم بالنسبة لعمل المهندس الذي يعتدى ضرورات المهنة الى التعهد بإنشاء المرافق وتوريد المهمات إضافة لوضع التصاميم والإشراف على العمل . ويناقش الفقه تكييف طبيعة عمل الصيدلي . فمهنة الصيدلي تستلزم بالضرورة خبرة علمية وفنية للقيام بتحضير الأدوية . ومن هذا المنطلق اعتبرت أعمال المهنة المذكورة مدنية . بيد أن هذا التصور أصبح محل نظر سيما وأن تصنيع الدواء وتجهيزه أصبح يتم من قبل هيئات ومؤسسات وشركات متخصصة بحيث اقتصر دور الصيدلي على شراء الدواء وبيعه وتحقيق ربح من فرق السعر والعمولة . من جانب آخر فإن محلات الصيادلة تتخذ حالياً والى حد كبير صورة المحلات التجارية . لهذا يرى البعض أن عمل الصيادلة يعد عملا تجارياً وليس مدنياً (12) .
ثانياً : عملية البيع أو الإجارة : revente ou Location
إلا أن عملية الشراء لوحدها لا تكفي لإضفاء الصفة التجارية على شراء المنقول أو العقار ، بل يجب أن تتبع هذه العملية عملية أخرى هي بيع المنقول أو العقار أو تأجيرهما فإذا تم الشراء لا لغرض البيع وإنما للاستعمال والاستهلاك فإن العمل لا يعد تجارياً بل مدنياً . فيجب والحالة هذه إذن أن تتوافر نية البيع أو الإجارة عند الشراء . لذا فإن من يشتري واسطة نقل بنية بيعها ثم يعدل عن ذلك ويستبقيها لاستعماله الخاص ثم يتولى بعد مدة بيعها ويحقق ربحاً من هذا البيع فإن عمله يبقى محتفئاً بالصفة التجارية . إذ لا يتطلب القانون وقوع البيع بالفعل ومباشرة بعد الشراء . وترتيباً على ذلك إذا اشترى شخص شيئاً لاستعماله الخاص ثم عدل عن ذلك فباعه وحقق ربحاً من وراء هذا البيع فإن عمله يعد مدنياً لانتفاء نية البيع وقت الشراء ويقع عبء الإثبات على عاتق من يدعي تجارية العمل بكافة طرق الإثبات . بيد أنه لا يشترط أن يكون البيع لاحقاً على الشراء ، فقد يكون سابقاً عليه إذ أنه من الممكن أن يتعاقد شخص على بيع بضاعة قبل شرائها فعلاً ثم يلي هذا الشراء البيع . ويقع هذا التصور عموماً في عمليات البيوع الآجلة (13) . وقد تعقب عملية شراء المنقول أو العقار عملية إيجار المنقول أو العقار بدلا من بيعه . ومثل هذه الأعمال تقع كثيراً في الواقع العملي . مثال ذلك شراء وسائط النقل والأثاث والملابس والرقوق السينمائية وغيرها لأجل إجارتها بعد شرائها . أو شراء العقارات بقصد إجارتها لا بيعها . كإجارة الدور والشقق والغرف المؤثثة أو غير المؤثثة . فمن يشتري منقولاً أو عقاراً لأجل إيجاره يعتبر عمله تجارياً وعلى هذا فإنه يشترط قيام عمل مزدوج " شراء + تأجير " لكي يعتبر العمل تجارياً وتشير الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون التجارة الى تجارية هذا الأعمال بصراحة .
الشرط الثاني :
أن يرد الشراء أو الإجارة على مال منقول أو عقار :
ويشترط لكي يعتبر العمل تجارياً ان يرد الشراء على مال منقول او عقار والمال المنقول قد يكون مادياً او معنوياً . ويتمثل المال المنقول المادي عموماً بالبضائع والسلع على اختلاف انواعها سواء أكانت على شكل مواد اولية او مواد نصف مصنعة أو مواد تامة الصنع . أما الأموال المنقول المعنوية فقد يكون بعضها " حسياً " فتتمثل بالأسهم والسندات وحقوق الملكية الصناعية والفنية ، كبراءات الاختراع والرسوم والنماذج والمحل التجاري Fond de Commerce وحقوق الملكية الأدبية . وقد يكون المال منقولاً حسب المال كمن يشتري العقار بقصد هدمه وبيعه أنقاضاً . وينصرف مفهوم العقار الى كل ما هو مستقر ثابت ، كالأرض والبناء والغراس (14) . فكل شراء لهذه الأموال منقولة كانت وغير منقولة لأجل بيعها او إجارتها يعتبر بحكم القانون من الأعمال التجارية .
الشرط الثالث : توافر قصد الربح :
ينصرف مفهوم هذا الشرط كما نرى للباعث التجاري والباعث التجاري كمعنى قانوني يتجسد بنية المضاربة المقرونة بتحقيق ربح (15) . ولا يمكن في الواقع تصور تجارية شراء المنقول والعقار لأجل البيع أو الإجارة دون توفر هذا الباعث فهو عنصره الجوهري وبانتفائه تنعدم الصفة التجارية للعمل المذكور وتأسيساً على ذلك يعتبر مدنياً شراء الجمعيات التعاونية والنقابات للبضائع والسلع وبيعها بسعر الكلفة على أعضائها ، أو شراء الدولة للمحاصيل الأساسية وبيعها للمواطنين بسعر منخفض لانتفاء نية المضاربة وتحقيق الربح . ولا يختلف الحكم إذا ورد العمل على العقار وغير المنقول ، فلا يكفي إذن أن تكون لدى المشتري نية البيع مجردة ليكون شراؤه تجارياً بل يلزم أيضاً أن يكون " الباعث على العمل تجارياً " . بيد أنه لا يشترط أن يتحقق الربح فعلاً كي يعتبر تجارياً . فقد تهبط الأسعار بعد الشراء لظروف اقتصادية معينة فتتحقق خسارة ، فلا يفقد العمل تجاريته لهذا السبب طالما وجد الباعث التجاري ابتداء عند الشراء . وقد يقع أيضاً أن يتم الشراء بنية تحقيق خسارة دون أن يفقد العمل صفته التجارية . ولعل في قيام المؤسسات التجارية بين آونة وأخرى بيع بعض السلع للجمهور بثمن أقل من ثمن الشراء أو تقديم بعض الهدايا العينية بدون مقابل مثلاً على ذلك . إذ تبقى هذه الأعمال تجارية رغم تحقق الخسارة وذلك لتوافر الباعث التجاري فيها . فجلب العملاء وزيادة قيمة المحل التجاري يعتبر بدون شك مردوداً إيجابياً يتمثل بما يسمى بالربح الآجل وهو صورة أخرى للمضاربة بقصد تحقيق الربح . ومهما يكن من أمر فإن المشرع العراقي يشترط صراحة ومن خلال نص المادة الخامسة من قانون التجارة أن تكون الغاية المتوخاة من الشراء هي تحقيق الربح .
ثانياً : الاستئجار لأجل التأجير ثانية بربح :
استئجار الأموال المنقولة أو العقار لأجل إيجارها ثانية بربح يخضع لأحكام الشراء لأجل البيع أو الإيجارة التي تقدم بيانها إلا أنه يجب أن يلاحظ أن الشيء المستأجر لا يخرج عن كونه حقاً عينياً وإجارة لهذا الحق من الباطن فالمستأجر يقوم في الواقع بعملية شراء لمنفعة عند استئجار المال المنقول أو العقار . والمنفعة حق عيني يمكن أن يكون محلاً للإجارة ثانية ومثل الاستئجار لأجل التأجير، مستأجر الفنادق وما شابهها، أو استئجار وسائط النقل أو الرقوق السينمائية بقصد تأجيرها ثانية. ومع ذلك فإنه من الضروري أن تتوافر في مثل هذا العمل لكي يعتبر تجارياً الشروط التالية :
1- أن يكون هناك عقد أجارة.
2- أن يقع الإيجار على مال منقول أو عقار "منفعة ".
3- أن تتوافر لدى المستأجر الأول نية المضاربة عن طريق إعادة التأجير بقصد تحقيق ربح من جراء العملية وسواء تحقق هذا الربح أم لم يتحقق ويمكن أن يمثل لهذا العمل بالمخطط التالي :