أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-10
1054
التاريخ: 2023-05-10
1659
التاريخ: 22-5-2017
3423
التاريخ: 2023-05-08
1108
|
ينقسم الطلاق بصورة عامة الى طلاق رجعي وطلاق بائن والمطلقة طلاقاً رجعياً هي التي يستحق زوجها عليها الرجعة في اثناء عدتها بدون رضائها ومن غير عقد ولا مهر فهو لايزيل الحل ولا يقطع الزوجية(1). اما المطلقة طلاقاً بائناً (المبتوتة) فهي التي لا يستحق زوجها عليها الرجعة كالمطلقة ثلاثاً والمخالعة ومن طلقها القاضي ومن فسخ عقد نكاحها(2). وفي كل حالات الطلاق فأن للزوج المطلق حق العدة على زوجته ولا تستطيع نكاح زوج غيره قبل انقضائها وما يهمنا في هذا الصدد هو معرفة ما اذا كان للمطلقة رجعيا او بائنا حق السكنى على زوجها ام لا ؟ وهذا ماسنتعرف عليه تباعاً من خلال عرض اراء الفقهاء وبيان موقف القوانين العربية المقارنة وعلى النحو الاتي.
أولاً- أراء الفقهاء في سكنى المعتدة من طلاق :
بالنسبة الى المطلقة طلاقاً رجعياً فقد اجمع الفقهاء(3) على انها تعتبر زوجة حكماً ولها من الحقوق ما للزوجة حقيقة ومنها النفقة بانواعها الطعام والكسوة والسكنى وغيرها ، وذلك لصراحة قوله تعالى ( ياايها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ، واحصوا العدة ، اتقوا الله ربكم ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا ان ياتين بفاحشة ، مبينة وتلك حدود الله ، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك امرا فاذا بلغن اجلهن فأمسكوهن بمعروف او فارقوهن بمعروف ..)(4). اما بالنسبة الى المطلقة البائن فان استحقاقها للسكنى يتوقف على ما اذا كانت حاملاً ام حائلاً . فالمطلقة البائن الحامل اجمع الفقهاء، على ان لها السكنى على زوجها فضلاً عن بقية النفقات الاخرى لصريح قوله تعالى ( وان كن اولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن)(5)، ولان الحمل ولده فيلزمه الانفاق عليه ولايمكنه ذلك الا بالانفاق عليها ، ولانها مشغولة بمائه فهو مستمتع برحمها فصار كالمستمتع بها حال الزوجية(6) فيكون لها السكنى تبعاً لذلك . اما بالنسبة الى البائن الحائل فللفقهاء اتجاهان في شأن سكناها . الاول قال : لها السكنى ، والثاني قال : ليس لها السكنى على مطلقها ، وسنبين فيما يأتي اصحاب كل اتجاه وادلته وذلك على النحو الاتي :
الاتجاه الاول - للبائن الحائل السكنى : واصحاب هذا الاتجاه هم الحنفية والمالكية والشافعية مستدلين في ذلك بما يأتي :
أولاً- قوله تعالى ( يا أيها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن)(7) يشمل المطلقة طلاقاً رجعياً والمطلقة طلاقاً بائناً وقوله تعالى بعد هذه الاية الكريمة (اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم )(8) امر بالاسكان ، فيجب ان يرجع هذا الامر ايضاً الى المطلقات رجعياً او بائناً (9). ثانياً - قوله تعالى ( لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا ان يأتين بفاحشة مبينة)(10)، وهذا عام في الرجعيات والبوائن الحوامل منهن والحوائل (11).
ثالثاً- قوله تعالى ( لينفق ذو سعة من سعته ، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما اتاه الله)(12)، ولم يفرق ما بين قبل الطلاق او بعده في العدة (13).
رابعاً- عن ابي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( المطلقة ثلاثا لها النفقة والسكنى )(14). وعن ابن مسعود ...قال ( المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة )(15).
خامساً- لان السكنى والنفقة من الحقوق المالية للزوجة بسبب النكاح والعدة هي من اثار النكاح فتجب السكنى والنفقة للمطلقة وان كانت في العدة ، لان العدة من متطلبات النكاح (16).
سادساً- ان النفقة (ومنها السكنى) تجب لاحتباس الزوجة على الزوج ، والمبتوتة محتبسة لحق الولد بمعنى ان العدة انما وجبت عليها لتبين خلو رحمها من ولد مطلقها ام شغلها به (17).
سابعاً- ولان المحبوسة ممنوعة عن الخروج ، لا تقدر على اكتساب النفقة ، فلو لم تكن نفقتها على الزوج ولا مال لها لهلكت وضاق الامر عليها وعسر ، وهذا لا يجوز(18). ومما تجدر الاشارة اليه هو ان وجوب السكنى عند اصحاب هذا الاتجاه تثبت للمعتدة من طلاق بائن سواء أكانت صغيرة أم كبيرة مسلمة أم كتابية ويعللون هذا الشمول او العموم بأن الدلائل الدالة على وجوب النفقة ومنها السكنى للمعتدة من طلاق بائن لا توجب الفصل والتفريق بين هؤلاء المذكورات من المطلقات بائناً.
الاتجاه الثاني - ليس للبائن الحائل السكنى :
وهو ما قال به فقهاء الحنابلة وابن حزم الظاهري والمشهور لدى الشيعة الامامية(19) مستدلين بما يأتي :-
أولاً - قوله تعالى ( وان كن اولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن(20) ). فقد دلت هذه الاية الكريمة على سقوط النفقة ومنها السكنى عن البائن الحائل من ثلاثة اوجه :
1)ان الله سبحانه وتعالى قد شرط الامر بالانفاق بالحمل فإذا اختلف الشرط تخلف المشروط ضرورة والمبتوتة الحائل قد تخلف فيها شرط الحمل فيتخلف المشروط وهو وجوب النفقة ( ومنها السكنى ) تبعاً لذلك .
2)ان الله سبحانه وتعالى أمر بالإنفاق على الحوامل ومفهومه ان غير الحوامل ليس لهن نفقة ( ومنها السكنى ) .
3)ان ذكر الحمل في الاية الكريمة لا بد من ان يكون له فائدة وهي هنا تخصيص الحوامل بوجوب الانفاق ، والقول ان الحوائل في ذلك كالحوامل يفرغ هذا القيد من محتواه ويكون ذكر الحوامل على وفق هذا الاعتبار عبثاً يتنزه عنه الله عز وجلّ (21).
ثانياً - قوله تعالى ( اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم )(22). اوجب ان يكون المسكن حيث وجود الزوج وذلك لايكون في البائنة (23).
ثالثاً - حديث فاطمة بنت قيس بمختلف رواياته(24) ، فقد روي عنها ان زوجها طلقها في عهد رسول الله صلى الله عليه والة وسلم وكان انفق عليها نفقة دونٍ ، فلما رأت ذلك قالت والله لأعُلمن ذلك رسول الله ( صلى الله عليه والة وسلم ) فان كانت لي نفقة اخذت الذي يصلحني وان لم تكن لي نفقة لم اخذ منه شيئا ، قالت فذكرت ذلك لرسول الله ( صلى الله عليه والة وسلم ) فقال : (لا نفقة لك ولا سكنى).
رابعاً- ان الزوجة بالطلاق البات تصبح اجنبية فتأخذ حكم سائر الاجنبيات واعتدادها لا يوجب لها سكنى او نفقة كالموطؤة بشبهة او زنا (25).
خامساً- ان النفقة والسكنى انما تجبان مقابل التمكن من الاستمتاع واستمتاعه بها غير ممكن بعد بينونتها (26).
وبعد استعراض كلا الاتجاهين فاننا نميل الى ترجيح الاتجاه الاول القائل بحق المطلقة البائن الحائل في السكنى ، وذلك لقوة ادلته وحججه كما انه يراعي الاعتبارات الاجتماعية والانسانية ، فقد تكون المطلقة معسرة وليس لها من يعيلها او ينفق عليها في اثناء عدتها ، وهذا الامر يفرض على الزوج اسكانها والانفاق عليها وذلك بحكم ما كان يربطه بها من روابط روحية وانسانية كما انها لا تستطيع الزواج بشخص اخر يتولى اسكانها والانفاق عليها .
ثانياً- موقف القوانين العربية المقارنة من سكنى المعتدة من طلاق :
بعد ان بينا اراء الفقهاء في مسألة سكنى المعتدة لا بد من بيان موقف قانون الاحوال الشخصية العراقي والقوانين العربية المقارنة . فبالنسبة الى موقف قانون الاحوال الشخصية العراقي من سكنى المعتدة نستشفه من خلال نص المادة (50)، التي نصت على انه ( تجب نفقت العدة للمطلقة على زوجها الحي ولو كانت ناشزاً ولا نفقة لعدة الوفاة ) إذ أوجبة هذه المادة نفقة العدة ومنها السكنى للمطلقة بشكل مطلق، دون تمييز بين المطلقة طلاقاً رجعياً او بائناً ، سواء أكانت حاملاً ام حائلاً وهو ما يعني ضمناً ان المطلقة البائن تستحق على مطلقها النفقة ومنها السكنى سواء أكانت حاملاً أم حائلاً وهو موقف جدير بالتأييد ، وعليه فقد قضت محكمة التمييز بان (المطلقة طلاقاً بأناً بينونة كبرى تستحق نفقة العدة)(27). كما نصت المادة (83) من قانون الاحوال الشخصية السوري على انه (تجب على الرجل نفقة معتدته من طلاق او تفريق او فسخ ) ونصت المادة (69) من قانون الاحوال الشخصية الاردني على انه (تجب على الرجل نفقة معتدته من طلاق او تفريق او فسخ) كما نصت المادة (2) من قانون الاحوال الشخصية المصري على انه (المطلقة التي تستحق النفقة تعتبر نفقتها بين (في ذمة زوجها) من تاريخ الطلاق) ، كما نصت المادة (55) من مشروع القانون العربي الموحد للاحوال الشخصية على انه (تجب على الزوج نفقة معتدته من طلاق او تطليق او فسخ ما لم تكن ناشزة) . ويستشف من جميع النصوص المتقدمة ان المعتدة تستحق النفقة ومنها السكنى سواء أكانت حاملاً أم حائلاً ومطلقة طلاقاً رجعياً أم بائناً . كما قضت بذلك محكمة النقض السورية بأن (المعتدة مجبرة على قضاء عدتها في بيت الزوجية)(28). و (ان المدة التي قضتها المعتدة في بيت الزوجية بعد الطلاق تنزل من نفقة عدتها)(29). كما قضت محكمة النقض المصرية بأن (نفقة المعتدة واجبة على مطلقها ما دامت في العدة)(30) و(شغل المسكن الذي كان مضافاً الى الزوجية وقت الطلاق والمملوك للمطلق لا يمنع الزوجة من الاعتداد به فان لم يسع سكانها او كان المطلق فاسقاً في الطلاق البائن فخروج الزوجة منه أولى)(31). مما يعني ان للمطلقة البائن السكنى على مطلقها وفقاً للقضاء المصري والسوري .
____________________
[1]- محمد زيدان الابياني ، شرح الاحكام الشرعية في الاحوال الشخصية ، ج1 ، منشورات مكتبة النهضة ، بيروت ، بغداد ، دون سنة طبع ، ص 320 .
2- عبدالمجيد صلاحين ، نفقة المبتوتة بين الفقه وقانون الاحوال الشخصية الاردني ، بحث منشور في مجلة دراسات ، المجلد 25، علوم الشريعة والقانون ، العدد (1) تموز 1998 ، ص 132 .
3- الشربيني ، مغنى المحتاج ، مصدر سابق ، ج3 ، ص 440 ؛ والكاساني ، بدائع الصنائع ، مصدر سابق، ج4 ، ص 16 . ابن حزم ، المحلى ، ج 10 ، ص 343 ، الحلي ، شرائع الاسلام ، ق2 ، ص 202 ، ابن رشد ، بداية المجتهد ، ج 2 ، ص 95 .
4- سورة الطلاق ، اية (1-2) .
5- سورة الطلاق ، الاية (6) .
6- الكاساني ، بدائع الصنائع ، المصدر السابق ، ج3 ، ص 209 ؛ ابن قدامة ، المغني ، ويليه ابن قدامة ، الشرح الكبير ، مصدر سابق ، ج9 ، ص 179 ؛ الشربيني ، مغني المحتاج ، المصدر السابق ، ج3 ، ص440 .
7- سورة الطلاق ، الاية (1) .
8- سورة الطلاق ، الاية (6) .
9- الكاساني ، بدائع الصنائع ، مصدر سابق ، ج3 ، ص ص 209-210 . ابن قدامة ، المغني ، ج7 ، ص606 ، ابن رشد ، بداية المجتهد ، ج2 ، ص95 .
0[1]- سورة الطلاق ، الاية (1).
1[1]- الشافعي ، كتاب الام ، مصدر سابق ، ج5 ، ص109 .
2[1]- سورة الطلاق ، الاية (7) .
3[1]- عبد المجيد صلاحين، نفقة المبتوتة بين الفقه وقانون الاحوال الشخصية الاردني، مصدر سابق ، ص134.
4[1]- حديث جابر اخرجه الدار قطني في سننه ، كتاب الطلاق ، باب ، رقم (62) (4/22) .
5[1]- اخرجه الطبراني في المعجم الكبير برقم 97001 ، 9/ 399 . تحقيق عبد المجيد السلفي .
6[1]- شمس الدين السرخسي ، المبسوط ، مصدر سابق ، ج5 ، ص 302.
7[1]- عبد المجيد صلاحين، نفقة المبتوتة بين الفقه وقانون الاحوال الشخصية الاردني، مصدر سابق ، ص134.
8[1]- عبد المجيد صلاحين ، المصدر السابق ، ص134.
19- ابن قدامة،المغني،ج8،ص 232، ابن حزم،المحلى،ج10، ص291،العاملي،وسائل الشيعة،ج10 ، ص ص 230 ، 232
20- سورة الطلاق ، أية (6)
[1]2- عبد المجيد صلاحين ، نفقة المبتوتة بين الفقه وقانون الاحوال الشخصية الاردني ، مصدر سابق ، ص134.
22- سورة الطلاق ، الاية (6) .
23-ليلى حسن الزوبعي ، احكام العدة في الشريعة الاسلامية ، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية العلوم الاسلامية ، جامعة بغداد ، 1995 ، ص ص 112- 113 .
24- اخرجه السيوطي في جامعه الصغير وعزاه للنسائي في السنن ورمز له بالصحة ، الجامع الصغير ، 2/192 ، ص89 .
25- عبد المجيد صلاحين ، نفقة المبتوتة بين الفقه وقانون الاحوال الشخصية الاردني ، المصدر السابق ، ص136.
26- عبد المجيد صلاحين ، المصدر السابق ، ص136 .
27- قرار رقم 1102 / شخصية 77 في 20/6/1977 مجموعة الاحكام العدلية ، العدد الثاني ، السنة الثامنة،1977،ص74 .
28- اديب استانبولي ، وسعدي ابو حبيب ، المرشد في قانون الاحوال الشخصية السوري ، مصدر سابق ، ص 307 .
29- اديب استانبولي ، وسعدي ابو حبيب ، المصدر السابق ، ص 307 .
30- احمد نصر الجندي ، مبادئ القضاء الشرعي في خمسين عاماً ، ط1 ، مصدر سابق ، ص 1048 .
[1]3- احمد نصر الجندي ، مبادئ القضاء الشرعي في خمسين عاماً ، ط2 ، مصدر سابق ، ص 782 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|