أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2021
5113
التاريخ: 2023-03-05
1843
التاريخ: 6-10-2021
2211
التاريخ: 19-11-2020
3582
|
إن موقع سوريا الجغرافي جعلها في موقف محرج مع الجارة الشمالية تركيا، ومع الجار الشرقي العراق، فهي دولة المجرى الأدنى بالنسبة لتركيا، ودولة المجرى العليا بالنسبة للعراق، ولهذا نرى في بعض الأحيان نوعا من الازدواجية في طروحاتها تجاه تركيا والعراق بالنسبة لسياستها المائية، لاسيما أن العلاقات السياسية متوترة بين العراق وسوريا في معظم الأحيان. كما وأن الملجأ الرئيسي لحزب العمال الكردستاني التركي كان سوريا مما جعلها في وضع تستطيع الضغط فيه على تركيا، والعكس صحيح. ولكن عندما تستخدم تركيا سلاح الماء في الضغط على سوريا، فإنها في نفس الوقت تؤثر على العراق.
على العموم تتشابه السياسة المائية السورية جداً مع موقف العراق بما يتعلق بالموقف من تركيا، وفيما يلي أبرز ملامحها:
1_ تؤكد سوريا بأن دجلة والفرات مجار مائية دولية، وعليه تنطبق عليهما مبادئ القانون الدولي من حيث تقاسم المياه. إضافة لذلك فإن نهر دجلة يشكل حدوداً مشتركة لكل من سوريا وتركيا، وكذلك سوريا والعراق. كذلك فإن بعض روافد دجلة، مثل الخابور، والزاب الكبير، فإنهما أيضاً يشكلان قسما من الحدود بين العراق وتركيا، لهذا فإن المفهوم التركي للأنهار الدولية يمكن أن يطبق أيضاً في مثل هذه الحالات، رغم رفض العراق وسوريا لهذا المفهوم.
2_ إن حوض الفرات مستقل عن حوض دجلة، وكونهما يلتقيان في شط العرب، لا يجعل منهما حوضاً واحداً. باعتقادي أن تأكيد تركيا على أن حوضي الفرات ودجلة هما حوض واحد، مع ذكرها موضوع إيصال دجلة بالفرات من خلال الثرثار ـ وكما ذكرنا يخدم غرضين. الأول يعطيها حرية للحركة أكثر بالنسبة لتحويل مجرى مياه أحد النهرين إلى مناطق حوض النهر الآخر. والغرض الثاني أنه سيمكنها التحاسب من على مجمل المياه الواصلة إل سوريا والعراق سواء تم تزويد المياه من دجلة أو من الفرات. إن هذا الأمر قد يفيد العراق في حالة وجود اتصال فعلي بين دجلة والفرات، مثلاً من خلال الثرثار (بعد تحليته). ولكن هذا الأمر لا يفيد سوريا، إذ أن الاتصال سيكون داخل العراق، كما وأن لسوريا مشاريعها الخاصة بالنسبة لدجلة.
3_ تؤكد سوريا على مبدأ تقسيم مياه دجلة والفرات، وأن هذا الأمر حق من الحقوق، ويجب أن يتم ذلك من خلال اتفاقيات ثنائية أو ثلاثية، كما وأن ما يصل حدودها أو حدود العراق من مياه دجلة و الفرات ، ليس منّة من أحد، بل حق شرعي وفق الأعراف الدولية، ووفق بروتوكول عام 1987 الموقع بين تركيا وسوريا.
هذا وأن سوريا كانت قد وقعت بروتوكولاً مع تركيا، في تموز 1987 يتعهد فيه الجانب التركي بتوفير (500)م3/الثانية من مياه الفرات على الحدود التركية/السورية لتوزيعها بين القطرين العراق وسوريا، وفي الحالات التي يكون فيها الجريان الشهري دون مستوى (500)م3/الثانية، فإن الجانب التركي يوافق على أن يعوض الفرق خلال الشهر التالي. كما وأن الجانبين سيعملان مع الجانب العراقي لتوزيع مياه نهري دجلة والفرات في أقرب وقت ممكن. وهذا البروتوكول خطوة متقدمة، إذ لأول مرة يوافق الجانب التركي على مبدأ توزيع مياه دجلة والفرات، وتحديد حصة للفرات. علماً أن البروتوكول لم يحدد الحد الأدنى للحصة في الفرات، ولكن وعد الجانب التركي بتعويضها في الأشهر القادمة، في حالة نقصانها عن 500 م3/الثانية، يشكل مشكلة كبيرة في حالة عدم وجود سدود أو خزانات كافية في العراق أو سوريا.
هذا ولقد تم اتفاق سوري ـ عراقي في نيسان 1988، اتفق فيه الجانبان أن تكون حصة العراق 58% من مجمل مياه الفرات الممررة إلى سوريا، و42% إلى وسوريا.
لقد طالب الجانبان العراقي والسوري من تركيا زيادة التصريف السنوي لاحقا من (500) إلى (700)م3/الثانية لعدم كفاية المياه لتلبية احتياجاتهما، وقد رفض الأتراك الطلب، ورأي سليمان ديميريل أن كمية (500)م3/الثانية هي كمية عالية بحد ذاتها، وتعتبر رقماً عشوائياً وافق عليه توركت أوزال، وهي تفيض عن حاجة سوريا والعراق، إلاّ أنه لا يمكن أن يتراجع عنها نظراً لوجود بروتوكول 1987 الذي يحكم العلاقة المائية بين البلدين.
علماً أن معظم الدلائل تشير إلى أن بروتوكول 1987، هو نتيجة جهود سياسية تركية لوضع حد لأنشطة حزب العمال الكردستاني. إذ سبق وأن أعلنت تركيا في أواخر سنة 1986، بأنها اكتشفت مخططاً لتدمير سد أتاتورك من قبل مجموعة مؤلفة من (12) عنصراً من حزب العمال الكردستاني وبدعم سوري، الأمر الذي جعل الأتراك يفكرون في طريقة لوضع حد لنشاط هذا الحزب من داخل سوريا. لهذا زار توركت أوزال، رئيس الوزراء التركي ألأسبق، سوريا في تموز 1987، وأبرم البروتوكول المذكور أعلاه، كما أبرم اتفاقية أمنية تعهدت سوريا فيها بوضع حد لأنشطة حزب العمال الكردستاني المسلحة ضد تركيا عن طريق الأراضي السورية. إضافة لذلك فإن البنك الدولي لم يكن ليوافق على منح قروض لتركيا لإكمال سدودها، إلاّ بشرط قيام تركيا بتزويد العراق وسوريا بكمية مياه من نهر الفرات لا تقل عن (500)م3/الثانية ، و هذا الامر لم تكن تعرفه سوريا عندما وقعت اتفاقيتها مع تركيا في 1987 ، او يعرفه العراق عندما وقع اتفاقيته مع سوريا في 1988 ، و المشار اليه في كل من الاتفاقيتين سابقا .
4_ على أثر تحديد حصة سوريا والعراق من الفرات، وعدم التمكن من الضغط على تركيا لزيادة الحصة، وأيضاً على أثر الطلب المتزايد على الماء في حوض الفرات في العراق، مما يزيد من الضغط على سوريا لإطلاق مياه الفرات للعراق، بدأت سوريا بمشاريع للري على دجلة سواء باستغلال المناطق القريبة من حوض دجلة، وخصوصاً تلك المناطق الواقعة بين مجرى دجلة وروافد الخابور، أو محاولة تحويل جزء من مياه دجلة إلى المجرى الرئيسي للفرات أو إلى رافده في سوريا الخابور، كذلك نقل بعض مياه الفرات إلى حوض دمشق.
إن المشروع السوري الوحيد "المنفذ" على دجلة لحد سنة 2007، هو "مشروع ري دجلة الكبير"، حيث اقيمت محطة على نهر دجلة، بسعة (48)م3/الثانية (أي 1.5)كم3/السنة، لتضخ المياه إلى قناة عين ديوار الموجودة حالياً، ثم شق قناة جديدة تمتد من قناة عين ديوار بطول (25)كم لإرواء حوالي (15) ألف هكتار في محطة المالكية، علماً يوجد سد في المالكية لاستقبال مياه دجلة بسعة (718) مليون متر مكعب، (منها فقط 7 مليون متر مكعب في مرحلته الأولى)، ولا توجد معلومات لدي عن مدى استكمال المشروع واستغلاله.
هذا و كانت سوريا قد أجرت دراسات في منتصف الثمانينات بمساعدة شركة بلغارية لدراسة مدى إمكانية استفادة سوريا من مياه دجلة، ودراسة إمكانية وجود الأراضي الزراعية الملائمة. غطت الدراسة ما يعادل (532) ألف هكتار، وأدت إلى نتيجة مفادها أن مجمل الأراضي القابلة للزراعة تبلغ (482) ألف هكتار، منها (444) ألف هكتار ضمن تصنيف الدرجتين الأولى والثانية حسب التصنيف الأميركي. ثم أجريت دراسة نهائية تفصيلية لمساحة (150) ألف هكتار. ولكن وجود المجرى الصعب لدجلة في تلك المنطقة ، والتعقيد الكبير في محطات الضخ والأنفاق اللازمة، وصغر حجم إمكانية التخزين في المنطقة والكلف المالية الضخمة المتوقعة، كل هذه الأمور أخرت خطط سوريا لاستكمال حتى مشروع دجلة الكبير.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|