أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-12-2021
1942
التاريخ: 17-1-2022
3575
التاريخ: 26-1-2016
4211
التاريخ: 1-2-2022
1783
|
بالرغم من أن فرنسا هي التي فتحت آفاق الشرق الأوسط كمنطقة صراع دولية منذ آخر القرن الثامن عشر، وبالرغم من جهودها النشطة في علاقات وصراعات دول الشرق الأوسط بين روسيا القيصرية وبريطانيا سواء كان ذلك بتأييدها مصرفي عهد محمد علي وإسماعيل، أو تأييدها مسيحيي الدولة العثمانية، أو محاولتها التسلل إلى إيران في أوائل القرن ١٨ فإن نتائج هذه السياسة لم تجلب لها سوى القليل من المكاسب في الشرق الأوسط، تمثل في حصولها على جيب صغير سوريا ولبنان لفترة قصيرة فترة ما بين الحربين العالميتين.
وقد تضافرت مجموعة من الأسباب على فشل السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط خلال النصف الأول من هذا القرن. ومن بين أهم هذه الأسباب ما يلى:
1- فرنسا في مجموعها قوة برية منذ أن أمنت إمبراطوريتها في أفريقيا الشمالية والغربية وجنوب شرق آسيا، ومنذ أن واجهت المشكلة الألمانية ابتداء من عام ١٨٧٠، وهي المشكلة التي استنفدت جهودها العسكرية ثلاث مرات في حوالي نصف قرن.
2- بالرغم من القوة البحرية الفرنسية في البحر المتوسط، إلا أن تغير سياستها من حين إلى آخر نتيجة صراعات الحكم الداخلية لم يكفل لاستراتيجيتها أي نوع من الثبات والاستمرارية في الشرق الأوسط، مما جعلها حليفا غير مأمون، ينتقل من التأييد إلى التردد، ويضيع الوقت بذلك بين الثقة واستعادة الثقة، وفي مواجهة ذلك كان هناك خط ثابت للاستراتيجية البريطانية التي ظلت المنافس الأول لفرنسا طوال القرن التاسع
عشر.
3- نتيجة لنمو التهديد الألماني لفرنسا بحكم علاقات الجوار المكاني تحالفت فرنسا مع بريطانيا منذ أواخر القرن الماضي وطوال النصف الأول من القرن الحالي، وقد دخلت فرنسا بذلك تحت مظلة الاستراتيجية البريطانية بالنسبة لكثير من المشكلات الدولية، وظهر ذلك جليا في الاتفاق ١٩٠٤ ، وبمقتضاه تركت مصر والسودان لبريطانيا،(1) وبقية شمال أفريقيا لفرنسا المغرب على وجه الخصوص وبرغم المنافسة الخفية الإنجليزية الفرنسية، إلا أنه لم يكن في وسع فرنسا بعد نهاية الحرب العالمية الأولى أن تحصل على أكثر من سوريا ولبنان كجزء من أسلاب الإمبراطورية العثمانية، مقابل حصول بريطانيا على المراكز الحساسة من قناة السويس إلى الخليج العربي مرورا بفلسطين والأردن والعراق، محاصرة بذلك مكان فرنسا الجديد في الشرق الأوسط. وفي خلال الخمسينيات ألقت فرنسا بثقلها تأييدا لإسرائيل، شأنها في ذلك شأن الدولة الغربية عامة، وكان لهذا الموقف أسباب خاصة وأخرى عامة، أما الأسباب الخاصة فتنبع من مركز فرنسا المزعزع في دول شمال أفريقيا التي أخذت حركاتها القومية الرامية إلى الاستقلال عن فرنسا أشكالا مختلفة من العنف بلغت أقصى حد لها في ثورة الجزائر الطويلة، وبذلك كان تأييد فرنسا لإسرائيل نوعا من التكتيك والتعويض لضرب القومية العربية النامية في العالم العربي، سواء منه ما هو موجود في الشرق الأوسط، أو امتداده في أفريقيا الشمالية.
وأما الأسباب العامة التي اعتنقتها دول العالم الغربي فقد نبعت عن عدد من المفهومات والمسلمات الاستراتيجية بالنسبة لأمن ذلك العالم في ذلك الوقت، فقد ساد الاعتقاد، فجأة، بأن إسرائيل هي ممثلة الغرب في الشرق الأوسط، وأنها بذلك ستصبح أول دولة غربية تحتل أرضا خالصة لها داخل الشرق الأوسط، فهي إذن البديل الحقيقي للاستعمار والإمبريالية معا، وهي جسر قوي يمكن أن يساعد العالم الغربي على مقاومة وتفتيت الجهود التي كانت تبذلها القوى الوطنية والقومية العربية للتخلص من الاستعمار (مصر– العراق) والتبعية الاقتصادية السياسية للغرب (كل دول الشرق الأوسط بما فيها إيران)، وبذلك تقوم إسرائيل بتحقيق مهمتين: أولاهما الإشراف عن قرب على حرية الملاحة الغربية في قناة السويس (كانت فرنسا لا تزال محتفظة بمستعمراتها في جنوب شرق آسيا ومدغشقر)، وثانيتهما دعم الوضع العام في الشرق الأوسط ضد التيار الاشتراكي أو أفكار تأميم المصالح الغربية (البترول الإيراني وقناة السويس)، وقد كان رد الفعل الفرنسي والبريطاني (والعالم الغربي عامة) عنيفا على الحركة القومية المصرية بعد تأميم قناة السويس، فاشتركت في حرب سافرة مع بريطانيا وإسرائيل ضد مصر عام ١٩٥٦.
وبالرغم من أن تيار مساندة إسرائيل ما زال قويا على المستوى العام في فرنسا إلا أن تغير الجمهورية الفرنسية وتولي الديجوليين الحكم، وتصفية الوجود الفرنسي في الجزائر، قد أدى بفرنسا الرسمية إلى تبني سياسة أخرى أقرب إلى الحياد في مسألة الصراع العربي الإسرائيلي، ولا شك في أن المصالح القومية الفرنسية وصراع القوى بين أمريكا وفرنسا في أوروبا والشرق الأوسط كانا وراء هذا التغير في الاستراتيجية الفرنسية بالنسبة للشرق الأوسط، وبذلك نعود إلى ما سبق أن ذكرناه من قبل، وهو أن الاستراتيجية الفرنسية في الشرق الأوسط متغيرة اعتمادا على ما يطرأ داخل فرنسا من تغيرات في الحكم ومشكلات الاقتصاد، وارتباطا بالمنافسة الخفية أو العلنية مع القوى الغربية الأخرى على الشرق الأوسط، ففرنسا ابتداء من أواسط الستينيات تبحث عن صيغة فرنسية في الشرق الأوسط، ولعلها توفق في تقاربها الاقتصادي من العالم الغربي، لكن إمكاناتها الاقتصادية أقل قدرة على مواجهة منافسة دول أقوى، وعلى الأخص الولايات المتحدة، ولهذا حاولت فرنسا أن تدخل الشرق الأوسط بعد حرب أكتوبر ١٩٧٣ بصيغة أوروبية موحدة، وليست فرنسية فقط، لكن تعدد المصالح الأوروبية وتنافسها، وخاصة الإنجليزية والألمانية بالإضافة إلى النفوذ الأمريكي، قد تسببا في فشل الجهود الفرنسية في توحيد أوروبا بالنسبة للشرق الأوسط.
__________________
(1) لا آخر أشكال الصدام المباشربين بريطانيا وفرنسا كان في فاشودة في أعالي النيل
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|