أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-3-2016
21179
التاريخ: 16-11-2014
2408
التاريخ: 16-10-2014
1701
التاريخ: 16-10-2014
3375
|
التوحيد الأفعالي وانتساب جميع والحركات والتأثيرات الى الله تعالى ، ومسألة تؤكدها الآيات القرآنية ، كما يثبتها العقل الانساني .
فكل فعل سواء صدر من الانسان أو غير الانسان ، ينشأ من قدرة الله ، لأنه الخالق لكل شيء {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } [الزمر : 62] ؛ لأنه لا مؤثر في الوجود حقيقة إلا الله كما قال سبحانه : {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [غافر : 62] ولأجل انحصار الأفعال والحركات بالله ، نجد كثيراً من الآيات تسند الى الله ما يفعله الناس مثل الزراعة والرمي ، كما تسند إيجاد بعض الحالات الحاصلة للإنسان مثل : الضحك والبكاء وغيرها إليه تعالى .
ومن جانب آخر آيات كثيرة تسند أفعال الأنسان الى الانسان نفسه ، وتجعل مسؤولية عمله في عنقه ، فيجازيه الله بالثواب على ما فعل من الحسنات والعذاب على ارتكاب المقبحات .
وقد وقع بعض في الجبر المطلق ، وأولوا آيات الاختيار ، ووقع بعض في الاختيار المطلق ، وأولوا آيات الجبر ، أما الإمامية فإنهم طبقاً لإرشادات أهل البيت (عليه السلام) لم يدخلوا في الجبر المطلق ولا في الاختيار المطلق ، بل ذكروا أمراً وسطاً وقالوا : لا جبر ولا تفويض ، بل أمر بين أمرين ، فكل فعل من الانسان له نسبة واستناد الى الانسان ونسبة واستناد الى الله تعالى ، وتوضيح ذلك :
كل فعل صدر من الانسان يستند إليه ؛ لأنه أوجد شرائط وجود الفعل باختياره وقصده ، ولولا ذلك لما وجد الفعل ؛ فإن الزارع إنما عمد الى الحرث والزرع بمحاولته الخاصة للحصول على الثمرة ، ومن حيث تقع تبعات كل عمل اختياري على عاتق العامل ، يكون هو المسؤول عنها مدحاً أو ذماً ، مثوبة أو عقوبة .
وأما وجه انتساب الأفعال الى الله ، فمن جهة أن القوى العاملة في تكوين الأشياء ، كلها مخلوقة ومقدرة بقدرة الله ، وهو الذي أكسبها تلك الخاصيات ، بحيث أذا تقاربت من بعضها تفاعلت في الإيجاد والتكوين ، وهذا هو الذي يعبر عنه بـ " إذن الله " في القرآن ، والانتساب الى الله يكون مع فعل العبد دائماً ، فهو تعالى كما أفاض الخصوصيات لكل الأفعال والأشياء حدوثاً ، يفيض عليها بقاءً أيضاً ، فلا تزال القوى العاملة تستمد تأثيراتها المتواصلة طول وجودها من فيوض الله المتواصلة (1).
فعلى هذا يعد الانسان علة ناقصة لأفعاله ، ويكون جزء من العلل التامة للفعل ، فبما أنه لا يصدر فعله إلا بإرادته ، فهو فاعل لفعله ، ولكن لا يفعل ما يفعل إلا مع كثير من الشروط والظروف التي هيأها الله ، فالأفعال بهذا الاعتبار مستندة الى الله (2).
والى هذه الحقيقة أشارت الآيات القرآنية حينما تقول : {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا } [الفرقان : 2] أو {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه : 50].
فالحدود الكلية للأشياء والأفعال تكون من الله ، كما أن الانسان مع خواصه الخلقية وإمكاناته واستعداداته ، يكون مخلوقاً لله .
فالقول بالجبر باطل عند الشيعة بإجماعهم ، وهم يفسرون القرآن دون أن يفهموا الجبر من الآيات ، ولأجل ذلك نرى الطوسي يهاجم المجبرة غير مرة في آية مناسبة يجدها ، ففي ذيل الآية 185 من البقرة يقول : وفي الآية دلالة على فساد قول المجبرة من ثلاثة أوجه :
أحدهما : قوله {هدى الناس} ، فعم بذلك كل انسان مكلف ، وهم يقولون : ليس يهدي الكفار.
الثاني : قوله تعالى : {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة : 185] ، والمجبرة تقول : قد أراد تكليف العبد ما لا يطيق ، مما يعطه عليه قدرة ولا يعطيه ، و لا عسر أعسر من ذلك.
الثالث : لو أن انساناً حمل نفسه على المشقة الشديدة التي يحصل بها التلف كالصوم مع المرض الشديد لكان عاصياً ، لكونه قد حمل نفسه على العسر الذي أخبر الله أنه لا يريده بالعبد والمجبرة تزعم أن كل ما يكون من العبد من كفر أو عسر وغير ذلك من أنواع الفعل يريده الله (3).
_____________________
1- راجع : التمهيد في علوم القرآن ، لمحمد هادي معرفة 3 : 177-178 ، والميزان 1 : 96-98 ، وعلوم قرآني لمحمد هادي معرفة : 307 (فارسي).
2- راجع : الميزان في تفسير الميزان 1 : 111، ذيل الآية 27 من سورة البقرة .
3- تفسير التبيان : للشيخ الطوسي 2 : 125-126 ، ذيل الآية 185 من سورة البقرة .
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|