المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تعريف الإقناع
29-7-2022
Introduction to Plant Biotechnology
10-12-2020
يفرق التحليل الحركي التثبيط التنافسي عن غير التنافسي
13-6-2021
نفاذ القرار الإداري
9-4-2017
المبيدات الفطرية الجهازية
25-5-2022
حدود الاحوال الجوية - تنفيذ طبقة الاساس المعالجة بالاسمنت
2023-09-25


العلاقة بين التربية والبيئة  
  
7098   10:47 صباحاً   التاريخ: 20-1-2016
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص97-100
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / البيئة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-1-2016 4362
التاريخ: 4-10-2017 2046
التاريخ: 2023-08-13 1044
التاريخ: 20-1-2016 26343

إن البيئة بقسميها الصالح والطالح ، تلعب دورا رئيسياً في مصير الطفل ، فالبيئة الصالحة تقوده إلى الخير والصلاح والاستقامة والكمال واما البيئة السيئة فهي على العكس تماما من البيئة الصالحة لأنها فعلا تقود الطفل إلى الانحراف والرذيلة، وسوء السلوك والعاقبة.

فالطفل المولود من ابوين صالحين ويعيش في اسرة متماسكة، تسودها الفضيلة واجواء الرحمة والايمان فهو يملك تربة صالحة لنشوء السجايا الحميدة والشمائل النبيلة في نفسه واما اذا ترك الطفل في بيئة فاسدة، او انتقل إلى اسرة اخرى خبيثة في طباعها سيئة في اخلاقها منحرفة في سلوكها فان النتيجة ستكشف عن انسان منحرف فاسد شرير لان ما اكتسبه او ورثه من ابويه، من صفات حميدة لم تستطع الصمود والمقاومة اما قوة التربية التي تلقاها من البيئة الفاسدة او الاسرة الخبيثة السيئة التي عاش في وسطها.

وكمثال حي على صدق ما نقول هو ابن نوح (عليه السلام) الذي عاش فترة طفولته مع ابيه وورث منه الفضائل والسلوك السوي ، الا انه خالط الاشرار والمنحرفين، من مشركين وكافرين فافسدوا حياته وسمموا افكاره فاختفت منه تلك الفضائل الموروثة من ابيه فكان من الهالكين غرقاً مع القوم الظالمين والملحدين.

وقد حكى عنه القرآن الكريم واصفا فعله بقوله:{إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}[هود: 46] حيث كان يقول:{سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ}[هود: 43]. وابوه نوح يقول له:{لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}[هود: 43]، الا انه بفعل رفاق السوء والبيئة السيئة والعقيدة المنحرفة ترك اباه نوحاً (عليه السلام) وفضل البقاء مع الكافرين والهالكين.

وفي المقابل من ذلك, ان كثيرا من الاطفال يولدون من والدين منحرفين فاسدين ويملكون الارضية التي تساعدهم على الشذوذ والانحراف والفساد. لو نقلوا إلى بيئة صالحة وتعهدهم مربون صالحون فلا ريب البتة ان الاخلاق الذميمة والعادات السيئة التي تعودوا عليها ستختفي من حياتهم وسلوكهم وينشؤون افرداً اسوياء صالحين يتسمون بالفضيلة والإيمان والخلق الكريم.

يقول العالم الغربي (الكسيس كارل) المعروف بعلم الاجنة والانسجة في العالم بهذا الصدد ما نصه:(تؤثر العوامل السيكولوجية تأثيراً أكبر على الفرد، فهي التي تكسب حياتنا شكلها العقلي والادبي اذا انها تولد النظام او التفرق وهي التي تدفعنا إلى اهمال انفسنا او السيطرة على الدورة الدموية والتغيرات الغددية فان لنظام العقل والاستعداد الفسيولوجي تأثيراً قاطعا ليس على حالة الفرد السيكولوجي فقط بل ايضاً على تكوينه العضوي والاخلاقي ومع اننا لا نعلم إلى أي مدى تستطيع التأثيرات العقلية التي تنشا من البيئة ان تحسن او تقضي على الميول المستمدة من الاسلاف فان لا شك في انها تلعب دورا رئيسيا في مصير الفرد فهي احيانا تبدد اسمى الصفات العقلية وتجعل افرادا معينين ينمون بدرجة لم تكن متوقعة على الاطلاق.... وهي تساعد الضعيف وتجعل القوي اكثر قوة).

ويقول ايضا:(انه مهما يمكن من امر ميول الاسلاف فان كل فرد يدفع بتأثير احوال النمو في طريق يقوده اما إلى العزلة في الجبال او إلى جمال التلال او إلى حال المستنقعات حيث يطيب للسواد الاعظم من الرجال المحتضرين ان يعيشوا)(1).

وبناء على ما تقدم يجب الاهتمام بالطفل وتوفير البيئة الصالحة لنموه، والمربي الصالح لتربيته والفكر الجيد لتغذيته، والعقيدة الصحيحة لاعتقاده كعقيدة الاسلام النزيه الواقعي عقيدة محمد (صلى الله عليه واله) واهل بيته المعصومين، (سلام الله عليهم اجمعين) لينشأ انسانا سويا صالحا متكاملا يفعل الخير لنفسه، ولأبناء جنسه وامته.

ومن هنا نفهم السر من دعوة النبي نوح (عليه السلام) بالهلاك على قومه، الذين ركبوا رؤوسهم واصروا على عنجهيتهم، واثروا الفكر والضلال على الايمان والهداية بعدما يئس من هدايتهم طيلة الف الا خمسين عاماً.

{رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا}[نوح: 26، 27].

نعم، انهم يستحقون الهلاك والعذاب لأنهم كافرون فاسدون ومفسدون في الارض افسدوا البيئة ولا يلدوا الا ابناء فاسدين بالوراثة والتربية الفاسدة.

_________________

1ـ الإنسان ذلك المجهول : 198.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.