أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-4-2020
864
التاريخ: 23-4-2018
1085
التاريخ: 22-12-2020
1441
التاريخ: 15-1-2021
881
|
دور التقانة الحيوية في تنمية الثروة الحيوانية
يؤدي نمو السكان زيادة الدخل والتوسع العمراني الى زيادة هائلة في الطلب على الاغذية ذات المنشأ الحيواني في البلدان النامية – وهو ما يعرف باسم " ثورة الثروة الحيوانية " . وفي الماضي ، كانت البلدان النامية تواجه زيادة الطلب على المنتجات الحيوانية بالتوسع في انتاج الحيوانات المزرعية . غير ان نقص مساحة الاراضي الزراعية في البلدان النامية يرغمها على تكثيف انتاج الحيوانات المزرعية ، وتعد الحيوانات وحيدة المعدة ، مثل الدواجن من اهم مصادر نمو قطاع الثروة الحيوانية .
وعلى مدى القرون الماضية ، وفرت الابتكارات البيولوجية والكيميائية والميكانيكية اساسا لتنمية قطاع الثروة الحيوانية عن طريق احتواء التأثيرات الضارة لأمراض الحيوان ، وزيادة الانتاج ، وخفض الاحتياجات الى العمالة . واليوم ، تعد التكنولوجيا الحيوية مصدرا جديدا للابتكارات التي يمكنها اعادة تشكيل الزراعة بصورة عميقة كأي من المجالات السابقة للابتكار التكنولوجي . ويخشى ان يؤدي تكثيف الانتاج الحيواني الى خفض التنوع الوراثي بصورة غير مباشرة عن طريق استبعاد السلالات البرية والمحلية وما تنطوي علية من تنوع مع اعتماد المزارعين على السلالات الاوربية والحيوانات المحورة وراثيا . وتعد التقانات الحيوية مثل حفظ اللقاحات والاجنة بالتجميد الى جانب التلقيح الاصطناعي ونقل الاجنة وكذلك الاستنساخ بمثابة ادوات حقيقية مهمة وقادرة على حفظ التنوع البيولوجي الحيواني .
ولا يبدو محتملا ان تلعب الحيوانات المحورة وراثيا دورا رئيسا في الانتاج الحيواني بالبلدان النامية في المستقبل القريب . وتتمثل الامكانية الكبرى في المدى القصير لاستخدام التكنولوجيات الحيوية في قطاع الثروة الحيوانية بالبلدان النامية في استخدام مدخلات الهندسة الحيوية التي تشمل سلسلة انتاج الاغذية بأكملها ابتداء من الاعلاف الحيوانية الى تجهيز المنتجات . وخلال المدى القصير الى المدى المتوسط ( من خمس الى عشر سنوات ) ستحدث التكنولوجيا الحيوية زيادة نوعية في الاعلاف الحيوانية عن طريق تحسين محتواها الغذائي وزيادة قدرة الحيوان على هضم الاعلاف التي تحتوي على نسبة عالية من الياف اللجنين وتعزيز مكافحة الامراض . الا ان الاوبئة والامراض الحيوانية تمثل عائق في زيادة القدرة الحيوانية للحيوان مع تكثيف الانتاج الحيواني ومع زيادة اعداد الحيوانات في المناطق الاكثر دفئا ورطوبة . ويمكن ان تسهم تكنولوجيا الحمض النووي في مكافحة امراض الحيوان عن طريق انتاج امصال اكثر فعالية واقل كلفة وتوفير ادوات تشخيصية اكثر دقة مما يزيد الانتاج المحلي ويدعم مشاركة هذه المناطق في تجارة الحيوان العالمية . ومن غير الوراد ان تكون الزراعة التقليدية في كثير من البلدان النامية قادرة على الوصول الى معظم هذه التقانات والتي ستتاح بدرجة اكبر للقطاع التجاري والصناعي الناشئ في مجال تحسين التجهيز الصناعي الزراعي ليصبح اكثر ملائمة واكفا استخداما للطاقة . في البلدان المتطورة تهيمن شركات خاصة على معظم انشطة البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا الحيوية ( اكثر من 80 %) وذلك تلبية لاحتياجات السوق وتحيق ارباح مالية . وهي بذلك قد لا تكون ملائمة جدا لأوضاع صغار المزارعين في العالم ما يؤدي الى اتساع الهوة في الدخل والثروة داخل البلدان ( كبار المزارعين في مواجهة صغار المزارعين ) وبين البلدان ( المتقدمة في مواجهة النامية ) . ونظرا لان الاعتبارات التجارية ربما لا تعبر بالضرورة عن الاحتياجات الاجتماعية، يبقى هناك دور رئيسي لبحوث القطاع العام ومشاركة المنظمات الدولية.
وعلى المستوى التجاري لا تنتج بلدان الشرق الاوسط محاصيل معدلة وراثيا ، ولكن عددا منها يهتم بأجراء بحوث وعمليات تطوير متقدمة على المحاصيل المحورة وراثيا . وربما تأتي مصر وايران في مقدمة دول الشرق الاوسط التي تنتج المحاصيل المحورة وراثيا على مستوى تجاري . فقد تمكن معهد بحوث الهندسة الوراثية الزراعية في مصر من استنباط عددا من المحاصيل المحورة وراثيا المقاومة للحشرات والفيروسات ومنها القطن والبطاطس والكوسة والقمح المتحمل للجفاف .
وتجري ايران بحوث التعديل الوراثي Genetic Modification على الارز والقمح والكانولا وبنجر السكر والكمون والقطن . وقد استنبط المركز القومي لبحوث الهندسة الوراثية والتقنية الحيوية في ايران صنفا من الارز المعدل وراثيا مقاوما للحشرات واصبح هذا الصنف جاهزا للزراعة على مستوى تجاري . وتوجد في بلدان اخرى مثل الجزائر والمغرب وباكستان وسورية وتونس وتركيا مراكز لبحوث البيولوجيا الجزيئية وبرامج متقدمة لاستكمال الطرق التقليدية لتربية النباتات وصيانة الاصول الوراثية . وتسعى كل من مصر وايران وكويت وتركيا لإقامة برامج مشتركة ، والحصول على تمويل من القطاع الخاص ومن الجهات المانحة ، لتشجيع بحوث التقنية الحيوية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ان استخدام التقنية الحيوية الحديثة يظل محدودا في الكثير من البلدان العالم وربما يرجع السبب في ذلك الى ضخامة التكاليف الاستثمارية والاعباء التنظيمية . ولكي تكون بحوث التقنية الحيوية فعالة ، فانها تتطلب كما تتطلب تطبيقاتها توافر حد ادنى من الخبرات والمعدات والمرافق والدعم المؤسسي ، بالإضافة الى التعاون الدولي . كما ان تبني التقنيات المستنبطة في اماكن اخرى يتطلب مرافق وبنية اساسية وقدرات مهنية معينة مع ضمان تطبيق الاجراءات التنظيمية المناسبة المتصلة بسلامة المعامل والامان الحيوي وحقوق الملكية الفكرية طبقا للقوانين والقواعد الدولية .
ومن الواجب ان تعمل البلدان منفردة على تقوية قدراتها في مجال السياسات والمجالات التنظيمية ، وتحديد المخاطر وتقييم مدى خطورتها وكذلك وضع الاجراءات المناسبة للتحكم في المحاصيل المحورة وراثيا . وتقوم بلدان الشرق الاوسط في الوقت الحاضر بإقامة نظم خاصة للأمان الحيوي من اجل تطبيق البروتوكول الخاص بالأمان الحيوي فيما يتعلق بتنظيم ، ادارة او السيطرة على المخاطر المرتبطة بنقل الكائنات المحورة وراثيا والتعامل معها واستخدامها .
اما تأثيرها على صحة الانسان فهي مسالة محل جدل شديد ، عرف العالم بمشكلة جنون القر والان ربما تظهر مشاكل جنونية غذائية ، مثل جنون الفول والذرة والطماطم وجنون كل ما يدخل في افواهنا ، فهذه المسالة بدأت في اواسط التسعينات من القرن العشرين عندما بدأت الشركات التجارية للمنتجات الزراعية تروج للبذور المعدلة وراثيا لتساعد الفلاح على الاستغناء عن جزء من المبيدات الزراعية السامة .
ومه نهاية القرن العشرين كانت المحاصيل المعدلة وراثيا تملا الاسواق وتتسابق بعض الدول لزراعة حبوبها ، ولم يتوقف مد انتاج هذه المحاصيل الا في السنتين الاخيرتين بعد موجات الاحتجاج الكبيرة من قبل انصار البيئة التي ادت الى التحفظ من قبل المستهلكين فرفعت الشعارات التي تدعو الى التوقف عن التلاعب بالطبيعة لان المورثات المضادة للجراثيم والآفات الزراعية والحشرات وغيرها يمكن ان تنتقل الى الانسان عنى طريق الغذاء فتعرضه لأمراض كثيرة فالأخطار التي يتخوف منها اعداء المنتجات المعدلة وراثيا هي اخطار مباشرة على صحة الانسان فبعضها يحتوي على نسب متفاوتة من السمية وبخاصة الاصناف النباتية التي عدلت لمقاومة الاعشاب والحشائش وكذلك الحشرات وقد اثبتت التجارب احتواء بعض المنتجات المشتقة من كائنات معدلة على مواد سامة جديدة والبعض الاخر يسبب انواعا من الحساسية وهي مصطلح عام يضم تحته انماطا مختلفة من الاستجابات المناعية والحالات الباثولوجية من بينها الربو وبعض انواع الحمى والاكزيما ، وهذه هي الاخطر بعكس المادة غير المعدلة التي تنتمي الى نفس النوع مثل الفستق البرازيلي الذي حول الى فول الصويا بقصد تزويده بالبروتينات فنشأت مواد مثيرة للتحسس ظهر هذا عندما اجريت اختبارات السيرم والجلد على متطوعين معروفين بحساسيتهم لفستق البرازيل وكذلك ربطت الاضافات الغذاء وبالحساسية المفرطة للغذاء والنشاط المفرط لدى الاطفال فكانت مادة التارترازين لتلون الطعام هي اولى الاضافات الى الغذاء التي ارتبطت بمشاكل الحساسية ولن تتراجع مشاكل الاستجابة الاسيرجية للأطعمة مع زيادة تخليق الاطعمة باستخدام الهندسة الوراثية او التعديل الوراثي .
اما فيما يتعلق بالنباتات التي يتم تزويدها بالمضادات الحيوية ففي اثناء تعديلها وراثيا لتكون مقاومة للأمراض فان انتاجها قد يحمل هذه المضادات الى الجهاز الهضمي للإنسان فيكسبه خصائص مقاومة للمضادات الحيوية ولو ان الانسان تناول في حياته الكثير من المضادات وعندما يحتاج الى معالجة مرض ما تصبح المضادات الحيوية عاجزة عن مساعدته . ولكن لم يقل العلم كلمته الحاسمة عن اخطار الكائنات المعدلة وراثيا وعن مدى تأثيرها على صحة الانسان وعلى الكائنات الحية بشكل عام . على ايه حال يحتاج الامر الى اكثر من 10 سنوات لمراقبة تأثير هذه الكائنات الحية الجديدة على الكائنات الحية الطبيعية المألوفة على الارض لان وجود جين في وسط غي وسطه الاصيل يمكنه ان يسبب تفاعلات وتأثيرات قد لا تظهر الا بعد عقود من الزمن ومهما استطاع علماء التقنية الحيوية ان يتحكموا بسرعة الفعل ولكن لا يستطيعون ان يتحملوا ردة الفعل ويتحكموا فيه .
فالمشكلة ليست بالبساطة التي يتصورها البعض فالأمر يتعلق بمستقبل الكائنات الحية على وجه الارض . اذن هل يجب علينا ان نقاطع تكنولوجيا الهندسة الوراثية ام نسلم انفسنا لأقدارها ؟ العالم يشهد احتجاجات واسعة على تعديل المواد الغذائية وبدا الناشطون البيئيون مقارعة الاخطار المحدقة فانقسم العالم الى مؤيد ومدافع ومعاد ومنتقد ومتحفظ . ولقد فرض التحاد الاوربي سنة 1998 م حظرا على انتاج وبيع المنتجات المعدلة وراثيا لكنه عاد وسمح بعدد من هذه المنتجات فسمحت من جديد بصناعة التكنولوجيا الحيوية فحظرت دول اخرى استيراد الاغذية المعدلة وراثيا مثل السعودية .
وكل ذلك مع احترام حق المستهلك في معرفة طبيعة المنتجات الغذائية ومكوناتها ما اذا كانت عناصرها معالجة بالهندسة الوراثية وماتزال بعض الدول تدرس الموضوع بتردد واستجابة لذلك بدأت الشراكات تضع ملصقات واضحة على الغذاء المعدل وراثيا على ان الملصقات يجب ان توضع على كل غذاء يحتوي على واحد بالمئة او اكثر من الكائنات المعدلة وراثيا وايضا خفضت الشركات انتاجها من البذور المعدلة وراثيا خوفا من تنامي عداء المستهلكين لها بصورة كبيرة . اما الحل لحماية انفسنا من مخاطر هذه الاغذية فلا يمكن ان نعود الى طبيعة كما كانت قبل اكتشاف الهندسة الوراثية للأغذية ولكن بمقدورنا ان نقف عند امور اهمها زيادة الوعي التغذوي عبر وسائل الاعلام بصورة مستديمة ومتوازنة ليوضح فيها السلبيات والايجابيات لتحسين سير الامور وان نتعمد ما امكن في طعامنا على الاغذية الطبيعية من فواكه وخضروات والتقليل من تناول الاغذية المحفوظة داخل علب او تلك التي اضيف اليها مواد حافظة وذلك تجنبا لإدخال مركبات كيمياوية صناعية الى اجسامنا قد لا يعرف تأثير استخدامها على المدى الطويل وتظهر في المستقبل . والمر لم ينته بعد لان هذا العلم مازال في طور النشأة وملامحة لم تستقر بعد وانه يحوي الكثير من الجوانب السلبية وتحتاج الى فترة طويلة لاكتشافها وتحديدها ثم حصر التعديل الوراثي فيما يفيد البشرية ولا يضرها .
المصادر:
عبيده ، علي ابراهيم علي و محمود ، احمد عبد الفتاح .اساسيات التقنية الحيوية . كلية الزراعة جامعة الاسكندرية .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|