أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-4-2016
815
التاريخ: 26-8-2019
3109
التاريخ: 16-4-2016
822
التاريخ: 14-7-2019
579
|
لقد اختار الله تعالى برحمته نظاماً متوازناً لكل شيء على هذه الأرض لضمان استمرار الحياة على ظهرها. وقال في ذلك: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [الحجر: 21]. ففي هذه الآية أسرار إذا ما تأمَّلناها بشيء من التدبر. فقد أنزل الله كل شيء بقدر وقانون ونظام، وقال: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: 49].
وقال أيضاً: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الفرقان: 2].
وفي اللغة (القَدَرُ) هو القضاء والحكم ومبلغ الشيء، و(قَدَرَ) الرزقَ: قَسَمَه(1) وكأن الله تبارك وتعالى يريد أن يعطينا إشارة لطيفة إلى أنه هو من خلق الماء ووزعه بنظام محكم، وقال: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴾ [الفرقان: 48-50].
ففي قوله عز من قائل: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ ﴾ إشارة رائعة إلى النظام المتوازن للماء على سطح الأرض، فكل قطرة ماء لها طريق محددة تسلكها، فهذه القطرة قد تكون في البحر ثم تتبخر ثم تسوقها الرياح لتتكثف وتتساقط على أرض ميتة فيحيي بها الله هذه الأرض، أو تختزن على شكل مياه جوفية أو تسقط كقطعة ثلج فوق القطب المتجمد، لقد قدَّر الله تعالى كل هذه الأشياء بنظام محكم.
ولذلك قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ ﴾ [المؤمنون: 18]. يقول ابن كثير: يذكر الله تعالى نعمه على عبيده التي لا تعد ولا تُحصى في إنزاله القَطر من السماء بقدَر، أي بحسب الحاجة، لا كثيراً فيُفسد الأرض والعمران، ولا قليلاً فلا يكفي الزروع والثمار، بل بقدر الحاجة إليه من السقي والشرب والانتفاع به(2).فمثلاً لو تأملنا إنزال الماء من الغيوم نجده بقَدَر، أي بكميات محسوبة لا تختل أبداً، ولو تأملنا كميات المياه المتبخرة كل عام نجدها ثابتة أيضاً ومساوية للكميات الهاطلة. ولو تأملنا نسبة الملوحة في ماء البحر نجدها ثابتة أيضاً ولا تتغير إلا بحدود ضيقة جداً ومحسوبة، بل هنالك نظام دقيق تتغير فيه ملوحة البحار كل ألف عام. وهكذا يتجلَّى النظام في كل شيء نراه من حولنا(3).ولذلك نجد العلماء اليوم يدرسون قوانين حركة السوائل، وقوانين حركة الهواء والقوانين التي تحكم الكون وكل ما فيه، ويمكن القول بأنه لكل شيء في هذا الكون نظام وميزان، ولو اختل هذا الميزان لاختل النظام الكوني وفسدت السموات والأرض(4) ومن هنا ندرك الحكمة من قوله تعالى مخاطباً المشككين بالقرآن والذين يتبعون شهواتهم وأهواءهم: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ [المؤمنون: 71].
لو تأملنا كل قطرة ماء من حولنا نجد النظام يتجلى في وجودها بما يؤكد عظمة الخالق ودقة صنعه وإتقانه، يقول تعالى: ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ [النمل: 88].
________________
(1) معجم القاموس المحيط للفيروز آبادي، دار المعرفة، بيروت 2005.
(2) تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير، دار المعرفة، بيروت 2004.
(3) Deep Ocean Physics, www.jamstec.go.jp
(4) Felix Franks, Water, Royal Society of Chemistry, 2000.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|