أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-11-2020
1071
التاريخ: 28-3-2017
961
التاريخ: 2-2-2023
2439
التاريخ: 4-1-2016
11230
|
التفاعل الانشطاري
لقد اتضح بعد اكتشاف النيوترون (عام 1930) أن هذا الجسيم المتعادل قادر على الدخول في تفاعلات نووية، فهو يدخل إلى النواة بسهولة نظراً لعدم وجود شحنة عليه.
ويعتبر العالم إنريكو فيرمي هو الرائد في استخدام هذا المقذوف الجديد، واستطاع في منتصف ثلاثينيات القرن العشرين أن ينتج العديد من النظائر التي كانت قبل ذلك مجهولة. ثم كان طموحه الرئيسي أن يقذف النوى الثقيل بالنيوترونات حتى ينتج عناصر ذات عدد ذري Z أكبر من أية قيمة معروفة وقتها. وقد صادف النجاح بعض جهوده، واستأنف آخرون ما بدأه فيرمي وأمكن الآن إنتاج نوى يصل عدده الذري إلى Z = 107.
عندما قذف فيرمي اليورانيوم بنيوترونات ذات طاقة منخفضة جداً تسمى النيوترونات الحرارية*، فقد وجد بالفعل أن تفاعلاً مصحوباً بإطلاق قد حدث. وباستثناء العمل من حيث تركه فيرمي، فقد أجرى أوتوهاهن وفريت ستراسمان (عام 1939) تحليلاً كيميائياً لنواتج التفاعل، ووجدا لدهشتهما، كثيراً من العناصر ذات العدد الذري الذي يدور حول Z =50، من بين نواتج التفاعل. وكان الباريوم، على وجه الخصوص هو أحد نواتج التفاعل. ماذا يمكن أن يكون قد حدث؟ لقد أضافوا نيوتروناً واحداً إلى نواة اليورانيوم (Z = 92). وانتهى الامر بالحصول على عنصر (الباريوم) عدد الذري Z =56. وعلاوة على ذلك، فقد كانت هذه النيوكليدة ذات نشاط إشعاعي مرتفع، مع أن الباريوم العادي مستقر.
لقد تشبثت ليز مايتز وابن اخيها أوتوفريس بأعمال هاهن وستراسمان واكتشفا تفسيراً لهذه النتائج المحيرة. لقد اوضحنا أن نواة اليورانيوم تقبض على النيوترون وتظل محتفظة به لكسر من الثانية ، ثم تنفجر إلى نواتين متساويتين بالتقريب في الحجم. وقد أطلق على النواة في المرحلة الوسطى اسم النواة المركبة. وينطلق في التفاعل إلى جانب الطاقة، نيوترونات أو ثلاثة. وانقسام النواة إلى شظيتين ذواتي حجم متساو وهو ما اصطلح على تسميته الانشطار النووي. وعلى الرغم من أن اكتشاف الانشطار النووي لم يكن في البداية سوى فضول علمي بسيط عندئذ، إلا أنه اسهم بشدة في تغيير مسار التاريخ فيما بعد.
لقد أوضحت التحليلات التالية لهذا التفاعل أن هناك نظيراً واحداً فقط لليورانيوم هو الذي يوجد في الطبيعة بكميات، وهو القادة على الانشطار بهذه الطريقة، وهو اليورانيوم 235 الذي يمثل 0.7% فقط في الخليط الطبيعي لنظائر اليورانيوم. والخطوة الأولى لحدوث تفاعل انشطاري هو اقتناص نيوترون (n) بواسطة 235U لتكوين نواة مركبة.
حيث تعبر U* عن النواة المركبة، التي سرعان ما تضمحل عن طريق واحد من عدة تفاعلات محتملة. والتفاعل التالي ليس سوى أحد هذه الاحتمالات:
ونواتج التفاعل ليست نظائر 84Kr ،138Ba المستقرة الموجودة في الطبيعة. ومن ثم فهي تضمحل إلى نظائر اخرى، وهذه تضمحل بدورها إلى نظائر تالية إلى أن نصل إلى الاستقرار. ونتيجة لهذا تكون نواتج التفاعل الانشطاري على درجة عالية من النشاط الإشعاعي، والمواد المتفاعلة بمثابة مصدر قوي للإشعاع. على أن ما هو أهم من ذلك، انطلاق كميات ضخمة من الطاقة نتيجة التفاعل.
ويمكننا الحصول على فهم لمصدر الطاقة المنطلقة الذي يبين قيم طاقة الترابط لكل نوية في مختلفة النوى. ولعلك تذكر أن النوى الذي له طاقة ربط عالية هو الذي له أيضاً كتلة لكل نوية أقل مما لدى النوى الذي طاقة ربطه أقل. ويدل الرسم البياني أن الكتلة لكل نوية في الباريوم (Ba)، مثلاً، أقل من تلك التي لدى اليورانيوم. وبناء على ذلك، إذا انشقت نواة اليورانيوم إلى نواتين لكل منهما عدد ذري Z قريب من 50 فإن النويات ستفقد كتلة في العملية. وهذه الكتلة المفقودة تنطلق على هيئة أشكال مختلفة للطاقة بما في ذلك الإشعاع وكذلك طاقة حركة النيوترونات ونواتج التفاعل الأخرى. وفي حالات الانشطار المتوسطة لليورانيوم 235U ، تصل الطاقة المنطلقة نحو 200 MeV ويه طاقة هائلة بالتأكيد.
وأفضل الطرق لفهم عملية الانشطار هي باعتبار النواة الثقيلة كما لو كانت تسلك سلوك قطرة من سائل. وكما يتضح من الشكل 1))، فإن إضافة نيوترون غلى النواة يجعل النواة تأخذ في الاهتزاز بشكل عشوائي مما يجعل موقفاً يطرأ كالذي يصوره الشكل (1 د). وفي هذه الحالة يتضاءل تأثير قوة التجاذب بسبب الزيادة الكبيرة في مساحة سطح النواة. وفيما يلي ذلك فإن قوى كولوم التنافرية تتولى دفع جزئي النواة بعيداً عن بعضهما أكثر فأكثر، ويحدث الانشطار للنواة، كما هو موضح في الشكل (1 هـ). وتنطلق النيوترونات وتكون شظيتا على درجة من الاستثارة وعدم الاستقرار.
حيث أن انشطار نواة 235U واحدة يؤدي في المتوسطة إلى انتاج ثلاثة نيوترونات وحيث أن النيوترونات هي التي تستحث نوى 235U على الانشطار لذا فإن التفاعل المستمر ذاتياً يصبح ممكناً. تخيل كتلة من 235U من الكبر بحيث يكون عدد النيوترونات التي تهرب من سطحها ضئيلة جداً مقارنة بالعدد الكلي للنيوترونات ومن ثم، إذا اقتحم نيوترون نواة 235U ، فإنه يؤدي إلى ظهور ثلاثة نيوترونات ، مثلاً، عندما تنشطر النواة. (لقد وجد بالتجربة أن العدد المتوسط لتلك النيوترونات هو 2.47). وتقوم النيوترونات الثلاثة هذه بجعل ثلاثة أنوية اخرى تنشطر ، فيتحرر بذلك ما مجموعه 32 = 9 نيوترونات. وهذه النيوترونات تؤدي إلى انشاط مجموعة أخرى من النوى فينتج 33 نيوتروناً، وهكذا. وهذه العملية التي يصورها الشكل 28-13 هي المسماة بالتفاعل المتسلسل وإذا تكررت q خطوة في التفاعل المتسلسل، يصير لدينا 39 نيوترون وإذا استغرقت كل خطوة 0.01 s فإنه بعد مرور ثانية واحدة، يصير العدد الكلي للنيوترونات 3100 ≈ 1048 ولما كانت 235 kg من اليورانيوم تحتوي على 6×1026 ذرة فحسب، أصبح من الواضح أن تفاعلاً كهذا لابد أن يحدث بعنف متفجر.
الشكل 1)): يؤدي اهتزاز النواة المركبة إلى انشطارها في نهاية الأمر.
هناك نواة اخرى مهمة قابلة للانشطار. بالإضافة إلى 235U وهي نظير للبلوتونيوم أو 94239Pu وهو ينشطر بسهولة إذا قذف بنيوترون سريع ناتج من عملية الانشطار. وهكذا يمكن لتفاعل انشطاري متسلسل أن يستمر ذاتياً داخل كتلة كبيرة بدرجة طافة من البلوتونيوم. والبلوتونيوم لا يتواجد كعنصر طبيعي ولابد من تصنيعه خلال ما يسمى بتفاعل التوليد، حيث يتم تعريض 238U لقذائف من النيوترونات فتحدث سلسلة من التفاعلات.
الشكل 2)): يمكن للتفاعل المتسلسل أن يبدأ بنيوترون واحد.
وبالاختصار فإن ما يحدث هو تكوين 239U عند امتصاص نيوترون، وبدلاً من حدوث انشطار، فإن هذه النواة تتحول عن طريق اضمحلال β إلى NP، التي تضمحل بإطلاق جسيم β لتعطى Pu. وتتم عمليات اضمحلال β هذه بسرعة كبيرة بأعمار نصف تصل إلى 23.5 دقيقة و 2.35 يوماً على الترتيب. على أن 239Pu مستقر نسبياً ويضمحل بعمر نصف مقداره 24,400 سنة. وهكذا تتم ولادة نواة239Pu القابلة الانشطار من نواة 238U غير القابلة للانشطار. والبلورتونيوم 239Pu هو المادة المستعملة عملياً في تجميع أسلحة الانشطار النووي في العالم بأسره.
إن أساس عمل المفاعلات النووية هو التفاعل الانشطاري المتسلسل، وإن كانت بعض الصعوبات قد تنشأ في التطبيقات العملية. ولكي نصل إلى تفاعل مستقر غير متفجر داخل المفاعل فلا بد أن تسفر كل عملية انشطار عن عملية انشطار إضافية واحدة (وليست عمليتان حتى لا يتفجر التفاعل، ولا أقل من عملية واحدة وإلا خمد التفاعل).
وللمحافظة على ما يكفى من النيوترونات في غرفة التفاعل، فإن حجم المادة القابلة للانشطار، لابد أن يكون من الكبر بحيث لا تتناثر نيوترونات أكثر من اللازم عبر سطحها وتفقد من التفاعل، كما أن هناك كتلة حرجة بالنسبة للمادة القابلة للانشطار. فإذا كانت المادة المتاحة أقل من اللازم، فلن تكون هنا نيوترونات كافية لإحداث تفاعل متسلسل مستمر ذاتياً.
علاوة على ذلك، فإن قدرة النيوترونات على أن تكون عرضة لأن تقتنص من جانب نواة 235U، تعتمد على سرعة هذه النيوترونات. فالنيوترونات البطيئة اكثر عرضة لأن تحدث انشطاراً عن النيوترونات السريعة. ولهذا السبب، يتكون جزء كبير من حجم المفاعل النووي من المهدئ، وهو عبارة عن مادة خاملة تستخدم في إبطاء النيوترونات التي تنبعث خلال عملية الانشطار. وحيث أن كتلة النيوترونات هي 1u، لذا فإن ما يبطئ حركتها أحسن ما يمكن هو تصادمها مع جسيمات لها تقريباً نفس الكتلة. والمادة المهدئة في المفاعلات تتكون عادة من مواد ذات وزن ذري منخفض، ومن الأمثلة الشائعة لها الكربون والماء ولدائن المواد الهيدروكربونية.
_____________________________________
(*) للنيوترونات الحرارية (ويشار إليها أحياناً على أنها نيوترونات بطيئة)طاقات مساوية تقريباً لتوسط الطاقة الحرارية التي تحددها درجة حرارية الأجسام المحيطة بهاkT . وعند درجة حرارة الغرفة فإن هذه الطاقة نحو 1/40 eV، وهي أقل كثيراً من الطاقة التي تصل إليها عندما تتكون كنواتج للتفاعلات النووية. وعلى الجانب الآخر فإن النيوترونات "السريعة" ، هي تلك التي طاقتها 1 MeV أو اكثر. وتصبح النيوترونات السريعة نيوترونات حرارية مرورها بالعديد من التصادمات المؤدية إلى فقد الطاقة مع المواد المحيطة بها.
(*) تتوزع شظايا الانشطار التي تنشأ من عينة كبيرة من الانشطارات إحصائياً إلى مجموعة ذات كتل صغيرة تتمركز حول 40% من الكتلة الأصلية ومجموعة ذات كتل كبيرة تتمركز حول 60% منها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|