أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-07-2015
5619
التاريخ: 24-11-2014
5349
التاريخ: 25-09-2014
4843
التاريخ: 6-05-2015
5659
|
إنّ لمسألة «علم الغيب» بالنسبة إلى الأنبياء والأولياء عليهم السلام بحثاً موسّعاً في الروايات الإسلامية أيضاً، وقد ذكرت كلّ الفرق الإسلامية نماذج كثيرة عن علم الغيب فيما يرتبط بالنبي الأكرم صلى الله عليه و آله، أو أئمّتهم وقادتهم، ونسبة مسألة علم الغيب إلى الشيعة من قبل بعض المغفّلين، أو القول بأنّهم يعتبرون أئمّة أهل البيت عليهم السلام شركاء مع اللَّه في هذه الصفة، هو اشتباه عظيم لا يمكن جبرانه، لأنّه :
أوّلًا : لا يرى أي أحدٍ من علماء الشيعة أي إنسان لا نبي الإسلام صلى الله عليه و آله ولا الأئمّة عليهم السلام نظراء لله تعالى بأيّة صفة أبداً، واعتقادهم بعلمهم بالغيب إنّما هو من باب «تعلّم من ذي علم» (الأئمّة من النبي والنبي من اللَّه العظيم).
وبعبارة اخرى، كما أنّ كلّ ما لدينا هو من عند اللَّه وانّنا محتاجون إليه ومتعلّقون به في كافّة شؤون حياتنا، فكذلك علم غيب النبي الأكرم صلى الله عليه و آله والأئمّة عليهم السلام إنّما هو من عند اللَّه ومرتبط بعلمه.
ثانياً : اطّلاع الأنبياء والأولياء عليهم السلام على الغيب مسألة واردة بشكل كبير في الروايات أيضاً، فضلًا عن الآيات القرآنية، وحسبنا ما في كتب أهل السنّة من أنّ لبعض الصحابة وغيرهم فضلًا عن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله، اطّلاع على كلّ أسرار الغيب أو جلّها!
ويكفي هنا ذكر خلاصة البحث التحقيقي الذي ذكره العلّامة الأميني في كتابه «الغدير» الجزء 5، (بالإضافة إلى التطرّق لبعض الروايات الاخرى إكمالًا للبحث) :
1- جاء في الكثير من المصادر المعروفة لأهل السنّة أنّ «حذيفة» قال : «إنّ النبي صلى الله عليه و آله علّمني علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة «1».
2- وجاء في حديث آخر عن «حذيفة» أيضاً أنّه قال : «واللَّه انّي لأعلم الناس بكلّ فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة» «2».
3- نقرأ في حديث آخر في صحيح مسلم أنّ أبا زيد أي «عمرو بن أخطب» قال : صلّى النبي الأكرم صلى الله عليه و آله صلاة الصبح، ثمّ ارتقى المنبر وخطب خطبة دامت إلى الظهر ثمّ صلّى الظهر وصعد المنبر إلى صلاة العصر ثمّ نزل وصلّى العصر وصعد المنبر ثانية وخطب إلى غروب الشمس، «فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا» «3».
ثمّ يذكر أحاديث أخرى متعرّضة لمسائل الغيب في بعض الأحيان عن بعض من الصحابة وأمثالهم، من جملتها قوله : وذكر الخطيب البغدادي في تأريخه عن أبي الحسن المالكي قال : كنت أصحب- محمّد بن إسماعيل- سنين كثيرة، ورأيت له من كرامات اللَّه تعالى ما يكثر ذكره، إنّه قال لي قبل وفاته بثمانية أيّام، إنّي أموت يوم الخميس المغرب فادفنّي يوم الجمعة قبل الصلاة ... قال أبو الحسن : فنسيته إلى يوم الجمعة فلقيني من خبّرني بموته، فخرجت لأحضر جنازته فوجدت الناس راجعين، فسألتهم لِمَ رجعوا فذكروا أنّه يدفن بعد الصلاة، فبادرت ولم ألتفت إلى قولهم فوجدت الجنازة قد اخرجت للدفن قبل الصلاة!
ثمّ يضيف العلّامة الأميني رحمه الله : توجد في طي كتب الحفّاظ ومعاجم أعلام القوم قضايا جمّة في اناس كثيرين، عدّوها لهم فضلًا وكرامة تنبيء عن علمهم بالغيب وبما تخفي الصدور ولا يراها أحد منهم شركاً وهو ما يدعو للعجب «4».
كما نشاهد مسائل علم الغيب في روايات أهل البيت عليهم السلام بكثافة أيضاً، من جملتها الباب الذي عقده المرحوم العلّامة المجلسي في «بحار الأنوار» الجزء 26 حول هذا الموضوع، وجاء بالعشرات من الروايات حول اطّلاع الأئمّة المعصومين عليهم السلام على علم الغيب، من جملتها الرواية التي وردت بتعابير شتّى، ومن مختلف الطرق من أنّ الإمام الصادق عليه السلام قال : «أترى من جعله اللَّه حجّة على خلقه يخفى عليه شيء من أمورهم؟».
ونقرأ عبارة اخرى لهذا الإمام نفسه عليه السلام : «أنّ اللَّه أحكم وأكرم وأجلّ وأعلم من أن يكون احتجّ على عباده بحجّة ثمّ يغيّب عنه شيئاً من امورهم» «5».
كما نجد في نهج البلاغة أيضاً على العديد من الجمل التي تخبر عن الإطّلاع الواسع لعلي عليه السلام على علم الغيب، لكن وكما قال هو بنفسه في الخطبة 128 فهذه ليست علم غيب (إستقلالي ذاتي)، بل هي تعلّم من ذي علم (أي نبي الإسلام صلى الله عليه و آله الذي تعلّم هو بدوره من اللَّه تعالى).
هذه الإخبارات الغيبية جاءت في عدّة خطب من جملتها الخطبة 13 حول أحداث البصرة القادمة.
وفي الخطبة 47 حول مستقبل الكوفة.
وفي الخطبة 57 حول بعض سلاطين بني اميّة.
وفي الخطبة 59 حول عدد قتلى الخوارج وأصحابه ومريديه في معركة النهروان وذلك قبل نشوبها.
وفي الخطبة 116 حول ظهور الحجّاج وجناياته العجيبة البشعة في المستقبل.
وفي الخطبة 128 حول الفتن العظيمة التي ستقع في البصرة (فتنة صاحب الزنج أو الأتراك والمغول).
وفي الخطبة 138 حول أحداث الشام في المستقبل.
وفي الخطبة 158 حول الجرائم الفجيعة لبني اميّة.
وفي الحكمة 369 يتعرّض لحوادث آخر الزمان.
واللطيف هنا هو اتّكاؤه في الكثير من هذه الموارد على الجزئيات، وعدم اقتناعه أبداً بذكر الكليّات التي ربّما تخطر على ذهن المتأمّل الفطن غير المعصوم أيضاً، ويتّضح جيّداً أنّ كلّ هذه الأخبار نابعة من الإطّلاع على علم الغيب.
ونذكر هنا ما جاء في الخطبة 59 حول خوارج النهروان كمثال على ذلك، قال :
«مصارعهم دون النطفة! واللَّه لا يفلت منهم عشرة ولا يهلك منكم عشرة»!.
وفي الخطبة 60 حينما قالوا لعلي عليه السلام، لقد اضمحلّ الخوارج وانقرضوا، قال : كلّا! واللَّه إنّهم نُطفٌ في أصلاب الرجال وقرارات النساء، كلّما نَجَمَ منهم قرنٌ قطع، حتّى يكون آخرهم لصوصاً سلابين!
فأشار عليه السلام هنا إلى مسألة إخماد نار الخوارج خلال مختلف الأنظمة وعاقبة أمرهم أيضاً، وعلى حدّ قول ابن أبي الحديد «وهكذا وقع وصحّ إخباره عليه السلام أيضاً أنّه سيكون آخرهم لصوصاً سلّابين، فانّ دعوة الخوارج اضمحلّت، ورجالها فنيت، حتّى أفضى الأمر إلى أن صار خَلفَهُم قطّاع طرق، متظاهرين بالفسوق والفساد في الأرض».
ثمّ تعرّض بعد ذلك لمقاطع مختلفة من تأريخهم بالتفصيل، وخروج بعضهم في أيّام الخلفاء والقضاء عليهم «6».
وزبدة الكلام هي أنّ مسألة العلم بأسرار الغيب سواء فيما يتعلّق بالماضي أو المستقبل أو حتّى الامور الخافية عن الأنظار في الوقت الحاضر، ليست بذلك الشيء الذي يمكن إنكاره من وجهة نظر القرآن، والأحاديث الإسلامية وتواريخ الأنبياء والأولياء عليهم السلام.
وهذه المسألة من الوضوح بحيث إنّهم عدّوا اشتمال القرآن على الأخبار الغيبية أحد وجوه إعجازه، وقد اشير في كتب إعجاز القرآن إلى تلك الموارد على الأعمّ الأغلب، كما تعرّضنا نحن أيضاً في التفسير الأمثل إلى الموارد ذات العلاقة بهذا القسم في ذيل كلّ آية، ألم يكن القرآن بمثابة تعاليم إلهيّة لنبي الإسلام صلى الله عليه و آله؟ فما هو الفرق بين تعليمه عن طريق القرآن أو غيره؟!
_________________________
(1) صحيح مسلم (كتاب الفتن باب إخبار النبي الأكرم صلى الله عليه و آله فيما يكون إلى قيام الساعة)، مسند أحمد، ج 5، ص 386 وكتب اخرى.
(2) مسند أحمد، ج 5، ص 388.
(3) صحيح مسلم، ج 4، ص 2217 (باب إخبار النبي فيما يكون إلى قيام الساعة من كتاب الفتن) يتبيّن من هذا الحديث أنّه صلى الله عليه و آله كان مشغولًا ببيان إخبار الغيب لأصحابه يوماً بأكمله من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
(4) الغدير، ج 5، ص 59- 62 (باختصار) وورد الحديث الأخير في تاريخ بغداد، ج 2، ص 49.
(5) بحار الأنوار، ج 16، ص 137- 154.
(6) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج 5، ص 73.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|