أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-12-2015
950
التاريخ: 16-12-2015
1324
التاريخ: 15-12-2015
1248
التاريخ: 15-12-2015
1223
|
يعتبر اختيار الزوجة الصالحة من أهم عوامل الراحة والسكينة والأُنس والحيوية في هذه الدنيا.
فالزوجة الصالحة (وكذلك الأمر بالنسبة للزوج الصالح) تسهل على الزوج تحمل جميع مشاكل الحياة وصعوباتها ، وتعطي للحياة طعماً خاصاً مليئاً بالمحبة والبهجة والسعادة.
وعلى العكس- في حالة عدم امتلاك زوجة أو امتلاك الزوجة غير الصالحة- فسوف تتبدل حلاوة الحياة وعذوبتها إلى جحيم لا يطاق حتى وإن توفرت جميع أسباب الراحة. وبتعبير آخر ، إنّ الزوجة الصالحة التي تتحلى بالفضائل الأخلاقية والخصال الحميدة.
لم تكن أساس اللذة الجسمانية فقط وإنّما تعتبر أساس اللذة الروحانية أيضاً.
فليس من قبيل المصادفة أن يركّز القرآن الكريم ضمن عرضه لأنواع النعم في الجنّة على هذه المسألة ، فقد عبّر بتعابير عميقة المحتوى في هذا المجال.
قال تعالى في موضع : {وَلَهُمْ فِيهَا ازوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ} (البقرة/ 25).
وصف الأزواج بكونها (مطهرة) له مفهوم جامع وشامل ، فكما يدل التعبير على نقائها وصفائها من كل النقائص والأقذار الجسمية والخلقية ، كذلك يشمل أيضاً نزاهتها من العيوب والأدران المعنوية والخُلقية ، ومن المعلوم أنّ أهم شرط في اختيار الزوجة هو طهارتها.
إنّ تعبير (مطهرة) أكثر عمقاً من تعبير طاهرة (فمطهّرة) تشير إلى أنّ اللّه سبحانه وتعالى هو الذي طهّرها ومن يطهره اللَّه ويشهد على طهارته تكون حالته واضحة بيّنة.
وجاء نفس هذا المعنى في هذا الحديث (أزواج مطهرة من أنواع الأقذار والمكاره) «1».
لقد عبّر القرآن في عدّة مواضع عن زوجات أهل الجنّة ب (الحور العين) ، فقال تعالى :
{وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (الدخان/ 54).
وورد نفس هذا التعبير في الآية 22 من سورة الطور. وذهب إلى أبعد من ذلك في قوه تعالى : {وَحُورٌ عِينٌ* كَامثَالِ اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ} «2» (الواقعة/ 22- 23).
وقال تعالى : {حُورٌ مَّقصُورَاتٌ فِى الخِيَامِ} (الرحمن/ 72).
و نقرأ في قوله تعالى : {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ...* كَانَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرجَانُ} (الرحمن/ 56- 58).
«حور» : جمع (حوراء) و (أحور) ، وعلى قول الكثير من أرباب اللغة والمفسِّرين (شدة بياض العين في شدة سوادها) وهذا غاية جمال العين. ولعل السبب في ذكر القرآن لجمال العين هو أنّ أكثر جمال الإنسان في عينيه ، ولقد فسّره البعض ببياض جميع الجسم لذا تطلق كلمة التحوير على عملية غسل الملابس وتبييضها. ويمكن الجمع بين المعنيين على أساس اتّصافهما ببياض الجسم وجمال العيون وسعتها.
ومن هذا الباب أيضاً أُطلقت كلمة (الحواريون) على أصحاب السيد المسيح عليه السلام الذين كانوا يرتدون الملابس البيضاء.
أمّا كلمة «عِين» جمع (أعين) على وزن (أفضل) و «عَيناء» في الأصل بمعنى العين الوسيعة ، وتطلق هذه الكلمة على المرأة التي تمتلك عينين واسعتين جميلتين وجذّابتين أو الرجل كذلك.
وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ كلمتي «حور» و «عين» تطلق على المذكر والمؤنث أيضاً ، لهذا فهي تحمل مفهوماً واسعاً بحيث يشمل جميع الأزواج في الجنّة ، زوجات للرجال المؤمنين ، وأزواج للنساء المؤمنات (سنتكلم عن هذا الموضوع أيضاً في مكان آخر).
يلاحظ أنّ القرآن الكريم قد أكّد على جمال العيون- وكما أشرنا- أنّ جمال الإنسان يكون قبل كل شيء وبعد كل شيء في عينيه ، فالعيون معيار جمال الجسم والروح.
«لؤلؤ» : أي الدر المصون المخزون في الصدف لم تمسّه الأيدي ، والذي يكون له صفاء ورونقٌ خاصٌّ حين استخراجه من الصدف. وتشبيه «حور العين» ب (اللؤلؤ المكنون) إشارة إلى لطافتها وجمالها الخارق. ومن الممكن أن يكون إشارة إلى أنّها مستورة بشكل كامل عن أنظار الآخرين ، فلا يد مسّتها ولا عين وقعت عليها.
وقال بعض المفسِّرين أيضاً «3» : بما أنّ (حور) مشتقة من مادة (حيرة) ، فيكون مفهومها هو أنّ الحور العين من الجمال بحيث تتحير العيون عن النظر إليها.
وبعدها امتدح اللّه (الحور العين) بقوله : (خيرات حسان) ، أي نساء خيّرات الأخلاق حسان الوجوه ، وذكر صفة اخرى لهن وهي (مقصورات في الخيام) ، قيل المقصور بمعنى المستور أي مستورات في القباب ، وقيل مصونات محفوظات مخدّرات لا يبتذلن ، وقيل مقصورات أي قصرن على أزواجهن فقط دون غيرهم.
وقيل نفس الشيء في تفسير قوله تعالى : (قاصرات الطرف) ، وذلك لأنّ «طرف» على وزن (حرف) بمعنى (جفن العين) ، لأنّها تطرف فينطبق عليها تارة وينفتح تارة ، ويكون المعنى : قصرن طرفهن على أزواجهن لم يرون غيرهم ، وهذه أعظم صفة وأكبر امتياز حيث لا ترى أحسن من زوجها ، فليس لها أي علاقة بغيره.
وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ كلمة «الخيمة» في اللغة العربية لا تنحصر بالخيمة المصنوعة من القماش ، بل تطلق على كل بناية مدورة ، حتى قال بعض أرباب اللغة : «كل بناية بنيت من الحجر و ... وغيره هي خيمة ، وأنّ الخيمة في الأصل حسب قول صاحب كتاب مقاييس اللغة بمعنى الإقامة والثبات».
ويستفاد من الروايات الإسلامية أنّ خيام الجنّة وحكمها كسائر النعم الإلهيّة الاخرى لا يوجد أي شبه بينها وبين الخيام الدنيوية ، فبعضها قطعٌ من اللؤلؤ.
وجاء في وصف آخر للحور العين حيث شبههن بالياقوت والمرجان : {كَأَنَّهُنَّ اليَاقُوتُ وَالمَرجَانُ} (الرحمن/ 58).
أي هنّ على صفاء ولون وتلألؤ الياقوت وبياض وجمال المرجان.
ومن المعلوم أنّه إذا امتزج هذان اللونان مع بعضهما يشكلان أحلى الألوان وأجملها.
«ياقوت» : حجر معدني في غاية الشفّافية ، وعادة يكون أحمر اللون.
«مرجان» : يشبه أغصان النباتات. ويوجد في البحار ، وله ألوان مختلفة ويراد منه هنا اللون الأبيض ، وقيل إنّه اللؤلؤ الصغير ، حيث تتصف مثل هذه اللئالي ببياض وجمال وشفافية أكثر «4» ، ولكن يعتقد العلماء اليوم أنّ (المرجان) موجود حيٌ ويشبه الأغصان الصغيرة للشجرة وينمو في أعماق البحار ، وكان العلماء يعتقدون لفترة طويلة بأنّه نوع من أنواع النباتات ، ولكن اتّضح فيما بعد أنّ له صفات الحيوان رغم أنّه ملتصق بصخور قاع البحر.
وجاء في سورة الواقعة وصف آخر لهن وهو (أبكار) ثم «عرب».
«أتراب» : قال للَّه تعالى : {فَجَعَلنَاهُنَّ أَبكَاراً* عُرُباً اترَاباً} (الواقعة/ 36- 37).
«أبكار» : جمع «بكر» أي خلقناهن عذارى كلما آتاهن أزواجهن وجدوهن أبكاراً ، ويستفاد من بعض الروايات وكلمات المفسِّرين أنّ هذه الحالة حالة دائمية لا تتغير.
«عُرُب» : على وزن (كُتُب) جمع (عَروب) على وزن (طَروب) أو (عربا) أي متحننات على أزواجهن متحببات إليهم ، وقيل عاشقات لأزواجهن ، وقيل العروب اللعوب مع زوجها ، وفي الأصل مأخوذة من مادة (اعراب) التي تعنى الإظهار ، وقد تعني أنّ لسان حالها يدل على عفتها وطهارتها.
وفسّرها البعض أيضاً بمعنى الدلال وهو قريب من المعنى السابق.
ولقد ذكرت كلمة «أتراب» في ثلاث آيات من القرآن الكريم كوصف للحور العين «5» وهي جمع «تِرْب» على وزن (حزب) بمعنى (المتساويان) في السن ، وتستخدم في الجنس المؤنث على الأغلب ، وقيل : إنّها في الأصل مشتقة من «ترائب» بمعنى اضلاع القفص الصدري : أي متشابهات ... وقال البعض إنّها مشتقة من مادة (تُراب) وكأنّهم ولدوا في وقت واحد ووطؤوا تراب الأرض معاً.
على أيّة حال فإنّ التساوي في السن يمكن أن يكون إشارة إلى تقاربهم ، حيث إنّ الأزواج المتقاربين في السن يدركون غالباً أحاسيس ومشاعر بعضهم البعض على نحو أفضل ، أو أنّه إشارة إلى تشابههم في الخلقة والقامة والصورة والسن حتى أصبحوا متشاكلين.
ولكن ذكر هذا الوصف مع بقية الأوصاف الاخرى مثل «عرب» و «كواعب» و «قاصرات الطرف» يدلل على أنّ المعنى الأول هو الأنسب.
«كواعب» : لقد ورد هذا الوصف مرّة واحدة في القرآن الكريم في سورة النبأ ، و (كواعب) جمع (كاعب) بمعنى الفتاة صغيرة السن ، وهي مشتقة من مادة (كعب) والتي تعني في الأصل بروز ظاهر القدم ، واستعملت هنا للإشارة إلى الفتيات الصغيرات السن اللاتي أشرفت أثداؤُهُنَّ على البروز ، ولقد ورد كذلك أنّ الكواعب إشارة إلى مرحلة البلوغ الجسمي حيث يبدأ الجسم بالنمو السريع في هذه المرحلة.
وبهذا الشكل فإنّ الحور العين يتّصفن بجميع الصفات والمحاسن وحسن الظاهر والباطن والفضائل الجسمانية والروحانية والأخلاقية ، وبذلك يتّصفن بكل ما هو حسن.
ونكرر مرّة اخرى ونقول : إنّ كل ذلك إشارات لحقائق مادية ومعنوية عليا للعالم الآخر ولا يمكن إدراك تفاصيلها.
_____________________
(1). تفسير الميزان ، ج 1 ذيل الآية 25 من سورة البقرة وهكذا ذكرها المرحوم العلّامة المجلسي في بحار الأنوار ، ج 8 ، ص 140.
(2). هناك احتمالات عديدة في محل اعراب «حور عين» ، ومن جملتها مبتدأ لخبر محذوف تقديره (لهم حور عين) ، أو عطف على (ولدان مخلدون ...) والاحتمال الأول هو الأرجح وذلك لأنّ الحور العين ليست للخدمة.
(3). أبو الفتوح الرازي في تفسيره. نقل ذلك عن بعض المفسرين القدماء (تفسير روح الجنان ، ج 11 ، ص 13).
(4). ذكر هذا المعنى الراغب في (مفرداته) ومجموعة من أهل اللغة والتفسير.
(5). سورة النبأ ، 33؛ ص ، 52؛ الواقعة ، 37.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|