صوم التأديب عبارة عن إمساك خمسة عن المفطرات : المسافر والحائض والنفساء والمريض والكافر والصبي ، وليس ذلك صوما حقيقيّا ، لأنّ هؤلاء قد كانوا مفطرين في أول النهار ، والصوم غير قابل للتجزّي ، لكن يستحب الإمساك لهم ، تشبّها بالصائمين.

فإذا قدم المسافر إلى أهله وقد أفطر في سفره ، أمسك بقية النهار تأديبا ، وكذا لو أفطر مسافرا ثم قدم بلدا عزم على الإقامة فيه عشرة أيام فزائدا ، سواء كان قدومه قبل الزوال أو بعده ، استحبابا وليس بفرض ، وبه قال الشافعي ومالك وأبو ثور وداود ⁽¹⁾.

وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي : لا يجوز له الأكل بقية النهار ⁽²⁾.

وعن أحمد روايتان ⁽³⁾ ... ويجوز له أن يدخل مفطرا.

وينبغي للمسافر الذي يجب عليه التقصير أن لا يتملّأ من الطعام ولا يتروّى من الماء ، بل يتناول منهما قدر الحاجة والضرورة ، لحرمة الشهر.

ولما رواه ابن سنان ـ في الصحيح ـ عن  الصادق عليه السلام  ، قال : « إنّي إذا سافرت في شهر رمضان ما آكل كلّ ⁽⁴⁾ القوت وما أشرب كلّ الري » ⁽⁵⁾.

ويشتدّ استحباب اجتناب النساء ، فلا يواقع في نهار رمضان ، ويكره له ذلك كراهة شديدة ، وبه قال الشافعي ⁽⁶⁾.

وليس محرّما ، لأنّ الصوم ساقط عنه ، فلا مانع له من الجماع المباح بالأصل.

وروى عمر بن يزيد ـ في الصحيح ـ عن  الصادق عليه السلام  ، أنّه سأله عن الرجل يسافر في شهر رمضان ، أله أن يصيب من النساء؟ قال : « نعم » ⁽⁷⁾.

وقال الشيخ : لا يجوز له مواقعة النساء ⁽⁸⁾ ـ وبه قال أحمد ، حتى أنّ أحمد قال : تجب به الكفّارة كما يجب به القضاء ⁽⁹⁾ ـ لقول الصادق‌ عليه السلام  : « إذا سافر الرجل في رمضان فلا يقرب النساء بالنهار فإنّ ذلك محرّم عليه » ⁽¹⁰⁾.

وهو محمول على شدّة الكراهة ، جمعا بين الأخبار.

ولو قدم من سفره مفطرا ، جاز له ترك الإمساك ، وأن يأكل ويشرب ويجامع.

__________________

(1) المهذب للشيرازي 1 : 185 ، المجموع 6 : 262 ، فتح العزيز 6 : 435 ، حلية العلماء 3 : 175 ، الكافي في فقه أهل المدينة : 123 ، التفريع 1 : 305 ، بداية المجتهد 1 : 297 ، المغني 3 : 74 ـ 75.

(2) النتف 1 : 149 ، بدائع الصنائع 2 : 102 ، المغني 3 : 75 ، بداية المجتهد 1 : 297 ، حلية العلماء 3 : 176 ، المجموع 6 : 262 ، فتح العزيز 6 : 435.

(3) المغني 3 : 74 ـ 75 ، الشرح الكبير 3 : 17 و 65 ، فتح العزيز 6 : 435.

(4) في التهذيب وفي النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق بدل كلّ : إلاّ.

(5) التهذيب 4 : 240 ـ 241 ـ 705 ، الاستبصار 2 : 105 ـ 342 ، والفقيه 2 : 93 ـ 416.

(6) راجع : الحاوي الكبير 3 : 447.

(7) الكافي 4 : 133 ـ 1 ، التهذيب 4 : 241 ـ 242 ـ 708.

(8) المبسوط للطوسي 1 : 285.

(9) المغني 3 : 75 ، الشرح الكبير 3 : 65 ، حلية العلماء 3 : 174.

(10) علل الشرائع : 386 ـ 387 ، باب 119 ، حديث 1 ، التهذيب 4 : 240 ـ 704 ، الإستبصار 2 : 105 ـ 341.