مصبا- حذر حذرا من باب تعب، واحتذر واحترز كلّها بمعنى استعدّ وتأهّب، فهو حاذر وحذر، والاسم منه الحذر مثل حمل. وحذر الشي‌ء إذا خافه، فالشيء محذور أي مخوف. وحذّرته الشي‌ء فحذره.

مقا- حذر : أصل واحد وهو من التحرّز والتيقّظ. يقال : حذر يحذر حذارا، ورجل حذر وحذور وحذريان : متيقّظ متحرّز، وحذار بمعنى احذر. وقرئت : {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} [الشعراء : 56] ، قالوا متأهّبون، وحَذِرُونَ : خائفون. والمحذورة : الفزع.

صحا- الحذر والحذر : التحرّز، وقد حذرت الشي‌ء أحذره حذرا. ورجل حذر وحذر، والجمع حذرون وحذاري. والتحذير التخويف. والحذار : المحاذرة.

والحذريّة : قطعة من الأرض غليظة، والجمع الحذاري.

والتحقيق‌

أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة : هو التحرّز الناشيء عن الخوف، لا مطلق التحرّز ولا مطلق الخوف. وأمّا الاستعداد والتيقّظ والتأهّب وغيرها : فمن آثار ذلك الأصل ولوازمه.

والفرق بين الحذر والتحرّز والورع  : أنّ الخوف ملحوظ في الأوّل، والثاني والثالث بينهما عموم وخصوص من وجه، فانّ الورع هو التحرّز عمّا ينافيه العقل والشرع سواء كان في العرف كذلك أم لا.

{ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ} [التوبة : 64] ، ... {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة : 122] ، ... {حَذَرَ الْمَوْتِ} [البقرة : 19] *، ... {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء : 57] ، ... {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران : 28] *.

ولا يخفى لطف التعبير بهذه المادّة في مواردها : إذ فيه دلالة على حصول الخوف والتحرّز معا، وليس المنظور تحقّق أحدهما.

{خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء : 71].

{وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [النساء : 102].

الحذر اسم مصدر بمعنى ما يحصل من الحذر مصدرا، ونتيجة الحذر هي التأهّب والاستعداد والاحتياط والتوجّه وعدم الغفلة.

{ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ } [الشعراء : 56].

أي وإنّا أفراد مجتمعة متّحدة نتحرّز عن أيّ مكروه يواجهنا ونتوقّى عن أيّ بأس يحدّدنا ونستعدّ ونتأهّب في مقابل مخالفينا لا نترك الاحتياط على أيّ حال.

ثمّ إنّ اللّه تعالى أجاب عن هذا القول :

{وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ } [القصص : 6].

فيعلم من هذه الآية الكريمة أنّهم كانوا دائما متحذّرين وحاذرين.