أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2014
1502
التاريخ: 18-11-2014
1737
التاريخ: 1-12-2014
2284
التاريخ: 4-12-2015
2362
|
تقرأ في قصّة نوح عليه السلام : أنّه حينما بدأ الطوفان بسبب الأمطار الغزيرة المنهمرة من السماء، والمياه المتدفّقة من باطن الأرض، لم تمض مدّة طويلة حتّى أحاط الماء بكلّ مكان، وأنّ نوحاً وأصحابه ركبوا السفينة، وتعرّض إبنه للغرق لتمرّده على أمر أبيه، وعدم إيمانه الذي يعدّ شرطاً لركوب السفينة، فنظر نوح إلى السماء وقال : {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} (هود/ 45).
أي قد وعدتني بإنقاذ أهلي، فعاتب اللَّه سبحانه نوح على الفور بخطاب قال فيه : {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهلِكَ} (هود/ 46).
فَلِمَ تطلب ما ليس لك به علم؟! فاعتذر نوح وقال : {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (هود/ 47).
في هذه الآية يعتذر نوح عليه السلام عن طلبه ما ليس له به علم، ويطلب من اللَّه تعالى العفو والرحمة والمغفرة، كما ويقول أيضاً : إن لم تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين.
السؤال هو : كيف تتلاءم هذه المواضيع الثلاثة ومقام عصمة الأنبياء؟
الجواب : يجب أوّلًا التدقيق في نوع الخطأ الذي ارتكبه نوح؟ هل كان ذنباً، أم تصرّفاً في حدّ ترك الأولى؟ طبعاً كان اللَّه تعالى قد حذّر نوحاً من مغبّة الشفاعة للظالمين (المشركين) لأنّهم مغرقون، قال تعالى : {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} (هود/ 37).
ولكن هل أنّ نوحاً كان يعلم بأنّ ابنه من زمرة الكفّار؟، إذ من الممكن وكما احتمله بعض المفسّرين أنّ الولد كان يخفي حاله عن أبيه، وما أكثر اولئك الأبناء الذين نسمع عنهم أو نراهم يتظاهرون أمام آبائهم بالصلاح، في حين ينتهجون نهجاً آخر في غيابهم.
مضافاً إلى ذلك، وطبقاً للآية {قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} (هود/ 40) «1».
فقد كان نوح يتصوّر أنّ إبنه سيكون من أهل النجاة، إعتماداً على الوعد الإلهي، ولذا طلب من اللَّه تعالى ذلك في الآيات مورد البحث : {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِى مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} (هود/ 45).
في هذه الحادثة لا نشاهد أي مصداق للذنب والمعصية من نوح سوى ترك الأولى، إذ كان ينبغي عليه أن يتحقّق أكثر في حال ولده قبل أن يطلب من اللَّه تعالى نجاته، كما أنّ تعبير نوح بالنسبة لولده حين ناداه وقال له : {يَا بُنَىَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} (هود/ 42) ولم يقل (من الكافرين) قرينة على أنّ نوحاً لم يكن يعتبر ولده من الكافرين بل معهم.
كما قال البعض أيضاً : إنّ نوحاً كان يعلم بكفر إبنه، لكن حبّه الشديد له (بالإضافة إلى حالة الإضطراب التي أحاطت به عند حدوث الطوفان، والتي كانت تفوق العادة) كان السبب وراء تجاهل نوح لوضع إبنه ولو مؤقتاً للجوء إلى اللَّه تعالى لإنقاذه، لكنّه انتبه بعد الإنذار الإلهي واعتذر لتركه الأولى.
______________________
(1) يمكن أن يكون هذا التعبير إشارة إلى الآية 37 من نفس سورة هود «عدّة آيات قبل الآية مورد البحث» حيث يقول تعالى : {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} وأنّ واحداً من أجلى مصاديقها يتحقق في زوجة نوح التي التحقت بالكفّار وأنّ نوحاً بدوره لم يتعرّض للحديث عن نجاتها أبداً.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|