أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014
2495
التاريخ: 21-04-2015
1530
التاريخ: 8-10-2014
1548
التاريخ: 2-12-2015
1615
|
نقرأ في قوله تعالى : {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِى اتْقَنَ كُلَّ شَىءٍ انَّهُ خَبيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}. (النمل/ 88)
تتجلّى في هذه الآية عدّة نكات :
أولًا : إنّ الجبال التي تبدو ساكنة في نظركم، هي في حركة سريعة كسرعة حركة السحب، (وينبغي الالتفات إلى أنّ السرعة الفائقة تُشَبَّهُ عادة بسرعة السَّحاب، إضافة إلى خلو الحركة السريعة للسحب من التزلزل والصخب).
ثانياً : إنّ هذا هو صنع اللَّه الذي خلق كل شيء بميزان معين.
ثالثاً : إنّ اللَّه عزّ وجل مطلع على أفعالكم.
عند التأمل بدقّة في هذه الجمل الثلاث، يتضح أنّ الآية لا ترتبط بيوم القيامة كما تخيَّل بعض المفسرين، بل ترتبط بنفس هذه الدنيا، إذ تقول : «أنتم تتخيلونها وتتصورونها هكذا في حين أنّها ليست كذلك»، وأمّا حركة الجبال في القيامة أو على مشارف القيامة فليست هي من الامور المخفية والمبهمة، بل إنّها واضحة ومهوِّلة بحيث لا يقوى أحد على تحملها والصبر على مشاهدتها.
إضافة إلى أنّ الاتقان في الخلقة وحاكمية النظم والموازين فيها، هو إشارة ودلالة على وضعها الفعلي لا على زمن اقتراب يوم القيامة، حيث سيتلاشى النظام العالمي ليبنى على أنقاضه نظام جديد.
فضلًا عن ذلك فإنّ العلم الإلهي بالأفعال التي نقوم بها يرتبط بأفعالنا في هذه الدينا، وإلّا فإنّ القيامة يوم حساب لا يوم عمل.
ويتضح من خلال هذه القرائن الثلاث أنّ هذه الآية لا تطابق حركة الجبال في نهاية مسيرة العالم ووقوع يوم القيامة بأيّ شكل من الأشكال، غاية ما في الأمر أنّ جماعة من المفسرين لم يتمكنوا من إدراك عمق المفهوم في الآية، فما وجدوا بُدّاً سوى القبول بخلاف ظاهر الآية، وتفسيرها بمسألة القيامة.
كما تتضح هذه المسألة أيضاً وهي أنّ حركة الجبال لا تنفصل عن حركة الأرض، بل هما مترابطتان مع بعضهما الآخر كوحدة واحدة، فاذا تحركت الجبال تحركت الأرض الحركة الدائبة.
وربّما ينقدح في الذهن هذا السؤال : لماذا اقتصر اللَّه تعالى على ذكر الجبال، ولم يقل إنّك ترى الأرض فتحسبها ساكنة في حين أنّها متحركة.
والجواب عن هذا السؤال واضح، لأنّ الجبال من أعظم الموجودات على وجه الأرض، وهي مظهر من مظاهر الصلابة والصمود والاستحكام، ولذا نقول لضرب المثل المعروف :
«إنّ الشخص الفلاني منيع وصامد كالجبل»، ولذلك يمكن اعتبار حركة الجبال على عظمتها وصلابتها وثباتها، أحد العلائم على القدرة اللامتناهية للحق تعالى، لكن ممّا لا جدال فيه أنّ حركة الجبال هي احدى التجليات الواضحة لحركة الأرض.
وفي كل الاحوال، تعتبر الآية المذكورة أحد المعاجز العلمية المهمّة للقرآن، إذ من المعلوم أنّ العقيدة الرائجة والحاكمة لدى كافة المحافل العلمية الدولية في عصر نزول القرآن وزهاء الألف سنة بعد ذلك هي نظرية ثبات الأرض ودوران الكرات حولها، والتي نشأت من هيئة «بطليموس».
ومن العلماء الأوائل الذين اكتشفوا حركة الأرض هم كل من «غاليلو» الايطالي، و «كبرنيك» البولندي، وذلك بعد مرور ما يقارب الألف سنة، إذ اعلنوا عقيدتهم في آواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر الميلاديين، ممّا أثار على الفور حفيظة أرباب الكنيسة بشدّة بحيث هدّدوهما بالقتل، في حين أنّ القرآن الكريم كشف الستار عن هذه الحقيقة بعشرة قرون قبلها، وطرح بعباراته البديعة المتقدمة حركة الأرض باعتبارها إحدى علائم التوحيد والعظمة الإلهيّة.
وعلى كل حال، فممّا لا شك فيه أنّ هذه الآية تتحدث عن حركة الجبال (وبتعبير آخر حركة الأرض) في هذه الدينا، ذلك لأنّ حركة الجبال عند وقوع يوم القيامة، تُحدثُ زلزالًا قوياً في الكرة الأرضية بحيث يقول تعالى عنها {يَومَ تَروْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أرْضَعَتْ وتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَملٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكارَى وَمَاهُمْ بِسُكارَى ...}. (الحجّ/ 2)
وهذا الكلام لا ينسجم مع جملة : {تَحْسَبُها جَامِدَةً} على الاطلاق.
إضافة إلى أنّه لا يبقى مجال لأفعال الخير والشر في تلك اللحظات الحرجة، حتى يتأتى القول بأنّ اللَّه تعالى مطلع على الأفعال التي نقوم بها.
والقول بأنّ الآيات التي تسبق الآية المتقدمة أو ما بعدها ترتبط بالقيامة لا يمكن اعتباره دليلًا قطعياً على أنّ مفهوم هذه الآية يرتبط بالقيامة، لأنّ هذا ليس أحد المصاديق النادرة في القرآن، فَرُبَّ آية تتحدث في مسألة معينة وتتحدث التي قبلها أو بعدها عن مسألة اخرى. وبعبارة اخرى فالإطلاع على محتوى الآية نفسها والقرائن الموجودة فيها أهم وأفضل من الملاحظات الاخرى.
وهذه النكتة تستحق الاهتمام أيضاً وهي أنّ التشبيه بحركة السحب بالإضافة إلى أنّه إشارة إلى السرعة الفائقة لها، يعتبر جواباً قاطعاً عن هذا السؤال، وهو إذا كانت الأرض متحركة فلماذا لا نشعر بها؟ فيأتي الجواب إنّها تتحرك ببطءٍ ومرونة وهدوءٍ بحيث لا يمكن تشخيص ذلك، كما لو صعد أحد على السحاب مثلًا، فانّه لم يكن يشخص حركتها أيضاً.
وممّا يدعو إلى الاهتمام هذه النكتة أيضاً وهي أنّ القرآن يقول : {الَمْ نَجْعَلِ الارْضَ كِفَاتَاً* احْيَاءً وَامْوَاتَاً}. (المرسلات/ 25- 26)
ونشاهد في قواميس اللغة التي من جملتها «المفردات» للراغب وكتاب «العين» أنّه قد ذكر معنيان للفظة «كِفات» المأخوذة من مادة «كَفْت» وهما الجمع والطيران السريع، فاذا كان المعنى الأول هو المقصود، يكون مفهوم الآية على أن جعلنا الأرض محطاً لاجتماع بني البشر في حياتهم، وما تحت الأرض مقراً لاجتماعهم بعد مماتهم، وإذا كان المقصود المعنى الثاني، يكون مفهومها الطيران السريع للأرض. وهذا يتناسب مع الحركة الانتقالية للأرض حول الشمس التي تسير دائريّاً بسرعة فائقة- تقدر ب (20) كيلو متر في كل ثانية و (1200) كيلو متر في كل دقيقة- ثم إنّها تحمل الأموات والأحياء معها وتدور بهم حول الشمس.
ولعل السبب في اطلاق لفظة «كَفْت» على الطيران السريع، هو أنّ الطيور عندما تريد أن تطير بسرعة فائقة في السماء تجمع أجنحتها بصورة كاملة وبشكل متناوب وتسبح في الفضاء، لكن نظراً لكون لفظة «كَفْت وكِفات» تحتمل معنين، لم نذكر هذه الآية بعنوان أحد الأدلة القطعية على مسألة دوران الأرض.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|