عالم الفيزياء بين الحواس والواقع: جدلية التقارب بين المشاهدة والنظرية |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-9-2016
![]()
التاريخ: 9-8-2016
![]()
التاريخ: 6-9-2016
![]()
التاريخ: 25-8-2016
![]() |
كانت المسألة فى المعتاد تطرح على النحو التالي: تتحدث الفيزياء عن عالمين، عالم الحواس، وعالم الكميات الفيزيائية وكل فلسفة فى الفيزياء، وكل محاولة لوضع أساس للفيزياء من خلال تكوين المفاهيم الفلسفية"، تكمن في التقرير بوجود نطاق ثالث خاص بالأشياء "الحقيقية" . هناك إذن إلى جانب عالم الحواس والعالم الفيزيائي، عالم ثالث هو العالم الحقيقي. وبصرف النظر عن مدى اختلاف المدارس الفلسفية فيما بينها فإن افتراض مثل هذا العالم الحقيقي الثالث هو سمة مشتركة لكل مدرسة فلسفية. ومن بين الفيزيائيين الذين كتبوا عن أسس العلم كان ماكس بلانك على وجه الخصوص، هو من صاغ هذا الرأى بكل وضوح وسماه "الميتافيزيقي" في مقابل "الوضعى"، ومن شأن هذا الوصف أن يستوقفنا هنا .
فعلى أي أساس إذن تخلى كثير من الفلاسفة والفيزيائيين عن الرأى الوضعي باعتباره غير ملائم وقبلوا الرأى الميتافيزيقى؟ تبعاً لبلانك، للفيزيائي حجتان أساسيتان لصالح التفسي الميتافيزيقي، الحجة الأولى عقلانية أساسها منطق العلم، والأخرى عاطفية نوعا ما.
تقضى الحجة الأولى بأن الافتراض الميتافيزيقي لعالم حقيقي هو أيسر فرضية لتفسير مسألة توحد المشاهدات لدى الناس جميعاً وهم فى نفس الظروف، بل وتظل المشاهدات واحدة إذا تكرر الرصد بالنسبة للمرء. وبدون الفرض بوجود عالم حقيقى يكون من شأن الفيزيائى أن يعالج المشاهدات العرضية الذاتية لكل من القائمين بالاختبار بشكل مستقل، بينما لا يعترف صرح الفيزياء سوى بالقوانين الصحيحة التي يقرها كل الراصدين. وعلى النقيض من ذلك يقول الوضعى بأن البيان الفيزيائي يتسم بالخاصية التالية: إذا كانت الكميات التي تحدد الحالة الفيزيائية لنظام ما تتخذ فيما معينة عند مواضع محددة في المكان والزمان فسوف يرصد الناس بعض المشاهدات بعينها. وبالعكس فمن مشاهدات أحد المختبرين يمكن الوصول إلى افتراضات حول توزيع هذه الكميات الفيزيائية في المكان والزمان. وعن طريق القوانين الفيزيائية، يمكن التنبؤ بمشاهداته وبمشاهدات أى راصدين آخرين في أوقات مختلفة.
وكذلك إذا ما أضفنا أن قيم شدة المجال بهذه الطريقة هي فوق هذا، قيم حقيقية، فذلك ليس بالأمر الفرضي، وإنما هو تخصيص لنفس القيم الفيزيائية باسم جديد، متوج بلقب شرفى هو "حقيقية. ومن شأن أى فرضية عملية أن يكون بوسع المرء أن يشتق منها الحقائق المشاهدة. غير أن بلانك نفسه يقول بأن الحال ليست كذلك بالنسبة لفرضية وجود عالم : "حقيقي"، على عكس العالم الحمى والعالم الفيزيائي؛ لأن هذا الافتراض غير قابل للتحقيق في رأيه، وإنما هو اقتراض معقول". على أي الحالات، لا مجال لأن يتألف هذا العالم الثالث "الحقيقي" إلا من نفس الكميات الفيزيائية كشان العالم الثاني الفيزيائي، إذ ليس هناك مواد بناء أخرى في متناول أيدينا کي نشيده ومن ثم هناك عادة محاولة لتعريف العالم الحقيقي" على النحو التالي: يقال إن آراءنا بشأن التوزيع المكانى للكميات الفيزيائية والعلاقات بينها، أي القوانين الفيزيائية مثل معادلات ماكسويل فى المجال، إلخ) تقترب مع تطور العلم من حد معين، لتصل أخيرًا إلى عالم فيزيائى هو الأنسب لتفسير المشاهدات، أو على الأقل نقتنع بأن مثل هذا العالم سوف نعثر عليه يوما ما وعند بلوغ هذا العالم الأفضل في العوالم الفيزيائية"، سوف تعرفه حينئذ بأنه العالم الحقيقي". وبالطبع هناك نقطة قد لا نتفق عليها أبداً وهى تتعلق بالعالم "الأفضل" من بين كل العوالم وبصرف النظر عن هذه النقطة، فهناك تساؤل ملح هو ما إذا كان هناك دليل مقنع على أن قوانين الفيزياء ستؤول مع تطور العالم إلى حدود معينة، الواقع يقول بغير ذلك، فعند كل ثورة في الفيزياء النظرية تطرأ أنواع جديدة تماما من الكميات لوصف حالات النظم. ولذلك فعند التحول من ميكانيكا نيوتن إلى الميكانيكا الموجية فإننا تحولنا بكميات وصف الحالة من إحداثيات مواضع الجسيمات وسرعاتها إلى الدوال الموجية وبالتأكيد يمكن النظر للميكانيكا الكلاسيكية على أنها حالة حدية للميكانيكا الموجية وليس العكس بلا شك. هذا الرأى عن الاتجاه التقاربي Convergence يعزى في رأيي إلى خلط بين التقارب في القوانين الفيزيائية - أى العلاقة بين الكميات الفيزيائية . وتقارب التكهنات بنتائج المشاهدات المشتقة من النظريات.
وفي الواقع يمكن القول بأن سلسلة: "إحداثيات الكواكب محسوبة تبعا لقوانين كبلر ثم تبعاً لنظرية الجاذبية النيوتنية، ثم النظرية النسبية العامة لأينشتاين، ثم تبعا لأى نظريات جديدة محتملة عن الجاذبية، تتجه بالفعل إلى نهاية حدية هي إحداثيات الكواكب محسوبة بالرصد المباشر. ولكن لا علاقة لذلك بالاتجاه التقاربي للعالم الفيزيائي. وإذا كانت هناك أى علاقة بين العالم الحقيقي ونوع ما من التقارب، فلا مندوحة عن القول بأن العالم الحسى (عالم المشاهدات المباشرة) يكون الأقرب لهذا العالم الحقيقي، الأمر الذى لا يتفق بالتأكيد مع المفهوم الميتافيزيقي.
|
|
مشروبات يؤدي استهلاكها أثناء الحمل إلى خطر زيادة الوزن لدى الأطفال
|
|
|
|
|
واشنطن وبكين تتنافسان على بناء روبوتات بخصائص بشرية
|
|
|
|
|
ملاكات العتبة العباسية المقدسة تستقبل الزائرين بالحلوى بمناسبة عيد الفطر المبارك
|
|
|