أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-7-2016
![]()
التاريخ: 2025-03-01
![]()
التاريخ: 2024-05-18
![]()
التاريخ: 1-12-2016
![]() |
حقيقة إننا في حيرة شديدة فقد ظللنا طيلة أعوام عديدة نعلم تطويع الأسلوب بمنتهى الحماس، ورأينا موظفين تطرأ على علاقاتهم تحسينات دائمة بسبب هذا الأسلوب، وأخبرنا العديد عن تطورات مذهلة طرأت على علاقاتهم العملية التي كانت قبل هذا علاقات متعسرة، وتحدث آخرون عما أحدثه هذا الأسلوب القوي في علاقاتهم مع زوجاتهم وأطفالهم، ومما لا شك فيه أن تطويع الأسلوب كان وسيلة قوية.
وما أذهلنا هو إدراكنا المتزايد بأن بعض من تمرسوا على تطويع الأسلوب. ينجحوا في تحسين علاقاتهم؛ ولذلك قمنا في الحال بدراسة هذه المشكلة.
وإليك ما توصلنا إليه. فتطويع الأسلوب وإن كان أسلوباً مفيداً للغاية في سد الفجوة بين الأساليب المختلفة للناس، إلا أن هذا الأسلوب ذاته ليس كافياً لخلق علاقات مثمرة.
هناك عوامل أخرى تؤثر على العلاقات، فقد عرفنا على سبيل المثال خلال دراستنا كم هو مهم أن تتعامل مع الشخص بالأسلوب الذي يريده، وهذا هو أساس العلاقات البناءة فلكي يكون تطويع الأسلوب فعالاً أو أي أسلوب اخر لتحسين العلاقات ـ فلابد أن يستند على هذا الأساس.
أساس العلاقات الجيدة
القاعدة الذهبية هي مجموعة متكاملة رائعة لكثير من معارف المجتمع عن السلوك البشري، وعلى سبيل المثال قام أحد رجال الدين في القرن الأول الميلادي بمواجهة مشكلة أساسية واجهت شعبه، حيث كان الصالحون في عصره يحاولون الالتزام بعشرات الوصايا والنواهي والأوامر، وقد كان من المستحيل على الشخص العادي أن يتذكر كل هذه الوصايا، ناهيك عن الانصياع لها، وكان الحل الذي توصل إليه هيليل أن يوجز كل هذه الوصايا في عبارة بليغة: (لا تعامل جارك بما تكرهه، هذا هو كل القانون، والباقي كله ما هو إلا تفسير له).
وهذا المبدأ للسلوك البشري مفيد للغاية؛ حيث يكون هناك تنوع ثقافي هائل وفي الحقيقة فإن القاعدة الذهبية يمكن أن نجدها بشكل أو بآخر في كل ديانات العالم الكبرى.
المسيحية: إن كل ما تفعله للآخرين مما يمكن للآخرين أن يفعلوه معك، يؤثر عليك كما يؤثر عليهم؛ لأن هذا هو القانون والكتاب
الإسلام: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. السنة.
ومن الواضح أن من يعتنقون أيا من هذه العقائد المختلفة سوف يصلون بالضرورة إلى نفس المحصلة بشأن التعامل مع الآخرين، والقاعدة الذهبية قريبة من أن تكون مرشداً عالمياً للسلوك كما سترى.
ومع هذا يتساءل العديد من الناس عما إذا كانت هذه القاعدة السلوكية العتيقة تصلح مرشداً فعالاً في بيئة الأعمال القاسية التي نعيشها اليوم، ولحسن الحظ أجريت اختبارات ميدانية لهذه القاعدة في العديد من الصناعات ودائماً ما كان يصحبها أداء مرتفع وكان (ج. س بيني)، الذي أسس إحدى أكبر سلاسل تجارة التجزئة في البلاد قد جعل هذه القاعدة مبدأ عملياً أساسياً لشركته، وكان دائماً ما يؤكد قائلاً: (القاعدة الذهبية ستظل ذهبية) وملخص فلسفة (ورثنجتون) للتصنيع يكمن في جملة واحدة (إننا نعامل عملاءنا وموظفينا ومستثمرينا وموردينا بما نحب أن نعامل به)، وهذا إيونج كوفمان رئيس مجلس إدارة ماريون لابور تريز الذي أسس شركة أدوية من أسرع الشركات نمواً وأكثرها ربحاً من خلال التطبيق الصارم للقاعدة الذهبية، وعندما سئل عن سر تطبيقه لهذه القاعدة على إدارة شركته قال: (إنها إحدى ممارسات الأعمال الجيدة) وقد كان نجاح شركة ماري كي آش لأدوات التجميل خلال عقديها الأولين مثار دهشة للمحللين في مجال الأعمال والمنافسين، وقد أدارت شركتها من خلال ما أشارت إليه بأنه (إدارة القاعدة الذهبية) وهذه القاعدة والتي تعتبر من أقدم الوصايا وأشهرها في العالم للتعامل مع الناس تفعل الأعاجيب في عالم الأعمال المعقد الذي نعيشه اليوم.
ما هي المعاملة التي يريدها الجميع بحق؟
حتى نصل إلى فهم أوضح لكيفية تطبيق القاعدة الذهبية على علاقات العمل المعاصرة طلبنا من آلاف المشاركين معنا في ورش عمل أساليب الناس أن يضعوا قوائم بالطرق التي يريدون من الآخرين أن يعاملوهم بها، وقد دهشنا حينما وجدنا أنهم في ورشة بعد أخرى كانوا - عادة ما يعطوننا نفس الإجابات كما أن الإجابات كانت هي أولى الكلمات التي خرجت من أفواههم والناس يحبون أن يعاملوا بـ:
ـ احترام
ـ عدل
ـ أمانة
ثم قمنا بعد ذلك بملاحظة أولئك القادة الذين كانوا أمثلة يحتذى بهم في إقامة علاقات عمل قوية ووجدنا أنهم كانوا يظهرون مستويات عالية هذه السمات، وعلى العكس من هذا وجدنا أن المسؤولين الذين كانوا يعانون من علاقات عمل مضطربة كانوا عادة ممن يعوزهم بشكل كبير واحدة على الأقل من هذه المواصفات، وفي ورش عملنا بدأنا نركز على أهمية هذه المواصفات ووجد المشاركون أنها أسس علاقات العمل البناءة ـ وخاصة في العلاقات المستمرة.
وقد بحثنا في معاني العدل والأمانة والاحترام في علاقات أحد الأفراد، وإليك ما توصلنا إليه:
الاحترام
الاحترام أمر ضروري لبناء علاقات دائمة وبناءة، وربما كان هذا هو ما جعل العديد من قادة الشركات الناجحين يقولون إن احترام الآخرين صفقة جيدة، وكما أوضح رئيس مجلس إدارة شركة IBM السابق توماس واطسون الابن، فقد كان أسلوب شركته في إدارة الأفراد يعتمد على (مجرد قناعة بأننا إذا احترمنا موظفينا، وساعدناهم على احترام أنفسهم؛ فإن هذا سيفيد الشركة بلا شك).
والاحترام يقوم على حقيقة أن الفرد هو إنسان قبل كل شيء، ويُعبر عن الاحترام من خلال الحديث المؤدب الخالي من التعالي والتكبر ومن خلال الخلق الحميد الذي يبعث الطمأنينة في نفوسهم، وأفضل ما يقال في الاحترام أنه التعبير الظاهر لمعنى الود الكامن في النفس.
لأن الفرد الآخر إنسان
أحياناً ما يندهش الناس عندما تخبرهم بضرورة إظهار الاحترام لمن يعملون معهم، ومنهم من يعترض قائلاً: (لابد للشخص أن يستوجب احترامي)، وبما أن قليلاً من الموظفين من يلتزمون بهذه المعايير العالية لمثل هؤلاء؛ فإنهم غالباً ما يهضمون حق معظم من يعرفونهم، بل وغالباً ما يتجاهلون كل من لا يلتزم بهذه المعايير، ويعاملونهم بازدراء واحتقار لأنهم بالرغم من كل شيء (لا يستحقون احترامهم).
والاحترام الذي نتحدث عنه هنا لا يرتبط بالكفاءة وعدمها، ولا شك أنه لابد من مواجهة سوء الأداء فإذا لم تؤت المواجهة، والتدريب الثمار المطلوبة في الأداء فقد يستوجب هذا فصل الموظف، ومع هذا، فإنه حتى عند الحديث عن الأداء غير السليم لا بد من المعاملة الكريمة.
الحوار دون أزدراء
ينتقل الاحترام - أو عدمه - للآخرين من خلال الأسلوب الذي تتحدث به معهم وليس الأمر بغريب على الموظفين أن يشعروا بازدراء الآخرين لهم من خلال الأسلوب الذي يتحدثون به.
وفي قصة (الموظف الأمين) التي كتبها ت. س إليوت تقول إليزابيث لزوجها کلود:
(إنه لأمر غريب للغاية ولكن هذه هي المرة الأولى التي أتحدث فيها معك دون أن أشعر بحماقتي البالغة، لقد كنت دائماً تشعرني بأنني لست جديرة بالحوار معك)
فيجيب كلود: (أما أنت فقد كنت تشعرينني بأن اهتماماتك أعمق بكثير من أن تناقشيها معي).
وما عايشه كلود وإليزابيث في المنزل يحدث كثيراً في العمل، فهناك أساليب معينة في الكلام والاستماع تشعر بعدم الاحترام، وأساليب أخرى تشعر بالاحترام. فعندما يتحدث إليك شخص آخر فأوله اهتماماً كاملا، وعندما تتحدث أنت فليظهر في أسلوبك تقدير الآخر دون أن تزدريه أو تنظر إليه نظرة احتقار، والشخص الذي يتمتع بمرونة عالية يكون قادراً على التعبير عن رفضه دون أن يظهر عدم احترام للشخص أو أفكاره.
التحلي بالأخلاق الحميدة
إن ما يشير إليه الناس عادة بـ الأخلاق الحميدة هو في حقيقته معيار ثقافي عن الطرق المتعارف عليها لتعامل الناس مع بعضهم البعض، وبواسطة تحديد السلوك المناسب في المواقف المختلفة يكون من الممكن من خلال هذا المفهوم الثقافي ان تتحاور بشكل أكثر سهولة وكفاءة، وعندما نحيي زميلنا في الصباح: فليس علينا أن نفكر فيما نقول أو نفعل، بل يمكن الاقتصار على التحية التقليدية: (كيف حالك اليوم)، وسيعرف من تحدثه أنك لا تطلب منه أن يعطيك تقريراً طبياً كاملاً عن صحته أو تحليلا مفصلاً لحالته النفسية، وبالتالي سيرد: (بخير، وكيف حالك أنت؟) ولن يزيد على هذا. فالبدء بحوار بسيط هو الأسلوب الأمثل لاستهلال العمل اليومي.
ووجود المعايير الثقافية هو شرط مسبق للسلوك الاجتماعي المتسق، فبدون اتفاق بشأن سلوكيات التعامل مع الآخرين، لن يكون بمقدورنا أن ندير شركة أو أي نوع من أنواع المؤسسات، وهذه المعايير الثقافية أهم بكثير مما أدركه معظمنا عندما تربينا على أن نقول شكراً لمن يمنحنا هدايا الأعياد.
وهذه المعايير الثقافية للتعامل بين الناس تجعل الحوارات أكثر أماناً من الناحية النفسية وهذا سبب آخر لأهمية الأخلاق الحميدة. لقد اكتشف علماء النفس أن الإنسان حساس للغاية من الناحية النفسية، ولعلك تعرف ذلك شخصيا من خلال تجاربك، إلا أنه حتى الأشخاص الذين يغلب عليهم الطابع العملي قد يشعرون بالاستخفاف والاحتكار وعدم الاهتمام والازدراء والرفض والكراهية من الآخرين ولسنا بحاجة لذكر مدى مرارة هذه المشاعر، أو تأثيرها الخطير على الإنتاج.
ويقول دكتور إدجار شين - عالم نفس في مجال المؤسسات إنه عندما تدرس القواعد الثقافية للتفاعل الاجتماعي تجد أن وظيفتها الأساسية هي حماية الناس من الحساسية المفرطة، ومعرفة الأمور اللائقة اجتماعياً يساعد الناس على الشعور بمستوى ثقة أساسي للغاية من الناحية العاطفية، وفي هذا الإطار أشار جوناثان سويفت مؤلف رحلات جليفر (الأخلاق الحميدة هي الفن الذي يجعل من تتحدث معهم يشعرون بالطمأنينة وعدم القلق) ولذلك فإن الشخص الذي يشعر أقل عدد من الموظفين بالقلق هو الذي يكون لديه أفضل أخلاق في الشركة.
وما نريده من هذا هو أنه عندما يتعامل شخص بشكل تعوزه الكياسة مع شخص آخر، فإن هذا الشخص يميل إلى الشعور بالقلق كما يؤذيه هذا عاطفياً. فاذا تكرر هذا فإن الشخص الآخر بلاشك لن يميل إلى مساعدة الشخص الذي لا تتمتع بالكياسة على النجاح، وهذا هو ما يجعل الأخلاق السيئة صفقة خاسرة.
العباءة الخارجية للود
لاشك أن هناك سلوكيات تسيء إلى الأخلاق الحميدة، وقد قال المؤلف دوروثي باركر: (إن أولئك الذين أجادوا فن اللياقة الاجتماعية والذين لا يخطئون أبداً. سيصلون إلى مرحلة سأم شديدة)، فعندما تكون سلوكيات الإنسان رسميات مجردة، فإنها لن تفيد كثيراً في بناء علاقات حيوية مع الآخرين.
والدافع وراء أي فعل عادة ما يظهر في السلوك نفسه، فهناك فارق كبير بين مجرد الأدب والكياسة الحقيقية، فالكياسة تجمع بين معرفة المعايير الاجتماعية والمراعاة الصادقة لمشاعر الآخرين، فهي طريقة دقيقة وخلاقة للتعبير عن الود في ظل مد وجزر الحياة اليومية، والسلوك المحترم الكيس نحو الآخرين هو (العباءة الخارجية للود).
العدل
عندما سألنا الموظفين عن الكيفية التي يريدون أن يعاملهم بها الآخرون كانت كلمة (بعدل) أول ما تلفظوا به والمعاملة بالعدل تعني الإنصاف، ودون أي تحيز ضدهم.
ولسوء الحظ فلا يوجد اتفاق على ما هو عادل، فما يبدو عادلاً للبعض غالباً ما تحكمه ظروفهم، وأصحاب الأخلاق الحميدة قد يختلفون اختلافاً حقيقياً على قدر المرتب العادل عندما يكون أحد الأشخاص عضواً في النقابة، والآخر مسؤولاً في نفس الشركة.
وعلى الرغم من أنه لا يمكن تحديد ما هو العدل المطلق في أي موقف فإن هناك سؤالين يساعدانك على أن تكون عادلاً بشكل مقبول في تعاملاتك مع الأخرين. الأول: اسأل نفسك عما إذا كنت تستخدم أسلوب (الربح حق للجميع)، أم لا، ففي معظم المواقف والظروف يكون من المناسب للجميع أن يسعوا للربح إلا أن هناك اعتقاداً شائعاً هو أنه لكي يربح شخص فلابد أن يخسر أخر، ولهذا فإن أسلوب الربح حق للجميع يحتاج إلى تغيير في التفكير، فبدلاً من أنت أو أنا يكون التركيز على أنت وأنا، والشخص الذي يتبنى هذا الأسلوب يسعى للوصول إلى نتائج مفيدة الجميع الأطراف.
وبعد أن تتوصل إلى ما تعتقد أنه أسلوب يرضي الجميع، فبإمكانك أن تختبر مدى مناسبته من خلال طرح سؤال آخر على نفسك، وقد علمنا إيمانويل كانط. الفيلسوف وعالم الأخلاق أن نختبر سلوكنا من خلال السؤال التالي: (هل أرضى ان اعامل بما اعامل به؟).
وإذا افترضنا أنك قادر على معرفة ما هو العدل في موقف ما، فما زال أمامك أن تتصرف على أساسه، وغالباً ما لا يكون هذا سهلاً؛ لأنه يعني أن ترتفع فوق مصالحك الشخصية أو مصالح المجموعة التي ترتبط بها، وفي نهاية الأمر فلكي تكون عادلاً: فلابد أن تكون منصفاً وغير متحيز عندما يكون بمقدورك استغلال مزاياك لتحقيق النجاح.
وبالرغم مما في هذا الأمر من مصاعب، فإن هناك من عرفوا بعدلهم حتى في المواقف الصعبة، ومن هؤلاء جولد كونلان لاعب فريق شيكاغو وايت سوكس، ففي عام 1935، وخلال مباراة مع فريق ست لويز براونز، أصيب أحد حكام القاعدة بالإغماء من شدة الحر، واتفق الفريقان على أن يأخذ كونلان مكان هذا الحكم بقية المباراة وقد قام كونلان بهذا مرتدياً زي فريق وايت سوكس.
والعلاقات الطيبة إنما تتكون من خلال معاملة الناس بعدل، ويعني هذا السعي بالوصول إلى أسلوب يرضي الجميع، والتأكد من أن كفة الميزان لا تميل كثيراً ناحيتك، ويتطلب الأمر تركيزاً شديداً على العدل عند اتخاذ قرارات صعبة.
الأمانة
الأمانة الحقيقية ليست بالشيء اليسير فهي مهمة أخلاقية شاقة، وذات مرة قال جورج واشنطن (أمل أن يكون لدي دائماً الصلابة والقوة، بما يجعلني أحافظ على ما أعتبر أنه أكثر ما أحسد عليه من ألقاب، وهو ـ الرجل الأمين ـ) ومن الرؤساء الأمريكيين الآخرين الذين كانوا يتمتعون بالاحترام الرئيس إبراهام لينكولين حيث كان يعرف بـ (أب الأمين) والأمانة عنصر هام من عناصر القيادة.
والشخص الأمين يلتزم دائماً بثلاثة أشياء: الشيء الأول أن يصر على رفض إصدار أية عبارات مضللة فلا يكذب، ولا يجمل الحقائق، ولا يلوي الواقع لمصلحته ولا يقول: (المشروع يسير على ما يرام) في الوقت الذي لا يسير فيه المشروع طبقاً للخطة، كما أنه لا يقول: (وظيفتك مضمونة) بينما يعرف أنه من الممكن فصله في أي شهر، فالشخص الأمين حينما يقول أي شيء يكون هو ذاته مؤمناً به.
الشيء الثاني أن الشخص الأمين لا يخفي أي معلومات مهمة فلا يخفي المشاكل عن مديره من خلال حجاب من الصمت، ويقدم تغذية استرجاعية مباشرة للموظفين في الوقت المناسب، والعديد ممن يمقتون الكذب يكونون أبعد ما يكونون عن الأمانة الحقيقية لأنهم ولأسباب عديدة، لا يفصحون عن معلومات قد تكون مهمة لنجاح الآخرين.
والشخص الأمين هو الذي يفصح عن الحقائق بصدق حتى إن لم يكن هذا في مصلحته، وقد يبدو هذا السلوك سذاجة أكثر منه أمانة، ولكننا نتحدث هنا عن شخص عاقد العزم على التزام الأمانة، فهو يعرف تماماً بالعواقب السلبية للإخبار بالحقيقة، ومع هذا يكون لديه الشجاعة الأخلاقية للإفصاح عنها.
والشيء الثالث والأخير أن الشخص الأمين هو الذي يكون (بطبيعته)، فلا يعبر عن شخص آخر سواه، ولا يتظاهر بالأهمية أو كما تقول العبارة القديمة، (إن ما تراه هو ما تصل إليه)
ولقد استطاع الأب جون الثالث عشر أن يكسب عطف الناس، وأحد أسباب هذا كان تواضعه وعدم تظاهره، فلم يحاول أبداً أن يخفي أنه من أسرة كانت تعمل بالزراعة، وبعدما تم انتخابه لمنصب (البابا) كان أول ما فعله زيارة ريجينا كويلي أحد أكبر السجون في روما، وبينما كان يحيي المساجين علق قائلاً: (إن آخر مرة زار فيها السجن عندما زار ابن عمه) ولم يتظاهر بأنه مجرد قديس، وكان محبوبا بشكل كبير، لأنه، وبدرجة كبيرة، ترك العالم يرى شخصيته الحقيقية دون تجميل، ومن آن لآخر كانت الصحف من ذهولها تصفه بأنه شخص (دون قناع).
ومن الموظفين من يتمتع بأمانة كبيرة، ولكنه لا يظهر احتراماً كبيراً للآخرين، ومع هذا فالشخص المرن بحق هو الذي يعامل الآخرين باحترام مع إفصاحه عما يؤمن به حقاً، وممن نجحوا في هذا بشكل مذهل روجر ويليام مكتشف دولة جزر رودس، وأحد أقوى زعماء الحرية الدينية أثناء حكم بريطانيا لأمريكا، وقد كان ويليام من أكبر دعاة الحرية والعدل حيث دعا إلى إحسان معاملة الهنود، كما انتقد بشدة الاضطهاد الديني في المجتمع وفي خطاباته لمن يعارضونه عبر عن موقفه بوضوح، وكان بعد ذلك غالباً يتمنى صحة جيدة لمعارضيه ويدعو لنفسه ولهم أن يهتدوا هداية كاملة لطريق الله، وقد قال عنه أحد كتّاب السير (لقد كانت علاقاته بالآخرين من مختلف الطوائف تتسم بالجدال الصريح والود، فقد عرف ويليامز كيف يشن حرب أفكار دون أن يفقد الاحترام والود والتقدير).
وعلى مدى السنين أصبحنا أكثر وعياً بأننا إذا لم نعامل الموظفين بأمانة وعدل واحترام، فلن يفيد تطويع الأسلوب كثيراً في تحسين علاقتنا بهم، وعندما نحافظ على الأمانة والعدل والاحترام مع الآخرين؟ فسيعرفون بالتجربة أن بإمكانهم الاعتماد علينا والثقة هي أهم عوامل خلق العلاقات القوية والمحافظة عليها، وهي الأساس الذي تقوم عليه جميع العلاقات الجيدة.
والعلاقات القوية تتأسس من خلال المحافظة على الأمانة والعدل والاحترام مع الآخرين. أما أن تلتزم الاحترام من وقت لآخر، أو العدل لبعض الوقت أو الأمانة عندما يكون الدافع قوياً للغاية، فهذا كله ليس بالأسلوب الأمثل لبناء علاقات بناءة، ولابد لهذه السمات الثلاث أن تكون جزءاً موجوداً بشكل دائم فى أسلوب عملك مع الآخرين.
فكر فيما ستكون عليه حياتك فيما إذا استطعت أن تجعل علاقاتك السيئة جيدة وان تجعل علاقاتك الجيدة أفضل مما هي عليه، وما عرفته عن تطويع الأسلوب عندما تضم إليه التزام الأمانة والعدل والاحترام سيساعدك كثيراً على تحقيق هذا الهدف.
ومعظم من يعرفون هذا الأسلوب في العمل مع الموظفين يدركون أنه يساعد على فهم أفضل للقوى المحركة لمعظم علاقاتهم، ونظرية أساليب الموظفين تقدم، دليلاً محدداً لبناء علاقات أفضل.
|
|
رمضان بنشاط.. أسرار الاستعداد ببروتين صحي ومتوازن
|
|
|
|
|
العلماء يتوقعون زيادة نشاط الشمس في مارس
|
|
|
|
|
بمشاركة أكثر من (130) طالبا وطالبة.. جامعة السبطين (ع) التابعة للعتبة الحسينية تختتم امتحان العلوم الأساسية لكلية الطب بنجاح
|
|
|