التفريق بطلب من الزوجة لضرر الحرمان من المعاشرة الزوجية بسبب البعد حكما |
410
11:48 صباحاً
التاريخ: 2024-12-30
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-2-2016
16926
التاريخ: 2023-05-10
1224
التاريخ: 24-9-2018
11007
التاريخ: 7-2-2016
10828
|
يتطرق هذا الموضوع الى بيان مشروعية التفريق القضائي بطلب من الزوجة لضرر الحرمان من المعاشرة الزوجية بسبب البعد حكما ، وبيان دور مبادئ الشريعة الإسلامية في تحديد احكامه، وكما يأتي:
أولاً: التفريق للعيوب الجنسية
في حالات قد يكون الزوج مصاب بعيب جنسي او تناسلي يمنعه من القيام بواجباته الزوجية، سواء أن كان هذا العيب موجود قبل العقد ولم تعلم به الزوجة ام وقع بعد العقد، ولم ترضى به الزوجة، وهو ما يسمى بحق الزوجة في طلب التفريق للعيوب الجنسية، والتي تعرف على أنها الأمراض والحالات التي يتعذر معها قيام الزوج بواجباته الزوجية فيما يخص المعاشرة الجنسية سواء كان الزواج مصاب بها ام الزوجة أو كلاهما، مما يدفع الطرف الآخر الى طلب التفريق (1). وقد سلك الفقهاء المسلمين مسلكين بهذا الخصوص هما:
1. جواز التفريق للعلل الجنسية (2): وهو يمثل اتجاه الجعفرية والمالكية والحنابلة والشافعية والاحناف الذين ذهبوا الى جواز التفريق للأمراض الجنسية وقد استدلوا بجملة ادلة عززوا في بعضها ودعموا رأيهم، وردوا في بعضها على حجج وادلة الرأي الثاني وهي:
أ - قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) (3) ، فوجه الدلالة من الآية الكريمة على أنه لا يجبر الزوج المتضرر من الصبر على الزوج الآخر على ضرر لا يستطيع معه استمرار الحياة الزوجية.
ب - قوله تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ، فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ، وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ ، فإنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ، وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (4)، وقوله تعالى: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) (5) . لا يكون مصداقا للقول بعدم جواز التفريق للعيوب لان الإمساك بالمعروف لا يتحقق مع الامراض المنفرة والمعدية، وبذلك فأن هذه الامراض يوجب معها التسريح بإحسان منعا للضرر الواقع او المتوقع، لأن المتوقع كالواقع واقعا وشرعا وعقلا، وان الضرر يجب ان يدفع بقدر الإمكان(6).
ت- أن التفريق للضرر عملا بالسنة النبوية والقاعدة الفقهية المتمثلة بقول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) :
(لا ضرر ولا ضرار في الإسلام) (7) . وان الاستصحاب الذي استند اليه أصحاب المسلك الفقهي الذي لا يجيز التفريق للعيوب الجنسية يتعارض مع القاعدة الفقهية أعلاه اذ ان الاستصحاب لا يعمل به الا عند عدم وجود النص، وإذا تعارض معه يقدم عليه النص (8).
ث - ان زوجة عبد الرحمن لم تطلب من الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) التفريق بينها وبين زوجها العنين والا فرق الرسول بينهما لرفع الظلم وإزالة الضرر. انما سؤالها يدور حول حكم رجوعها الى زوجها الأول في حال طلقها عبد الرحمن بقرينة قول النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم ): (لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك)(9).
ج- الاستدلال بالمعقول وهو ان العيوب تمنع المقصود بعقد النكاح، وهو الوطء، أو توجب نفرة تمنع من قربان أحد الزوجين للآخر، فجاز رفعه لفقد المقصود؛ كالعيوب المؤثرة في المبيع (10)
بالرغم من أن أصحاب هذا الاتجاه أجازوا التفريق للعلل إلا أنهم اختلفوا فيما إذا كان هذا الحق للزوج أو للزوجة، فالبعض يعطي الحق للزوجة، لأن الزوج يملك الحق في الطلاق إذا كان بها علة وهذا رأي الحنفية، بينما أعطى البعض الآخر حق طلب التفريق لكلا الزوجين ومنهم الجعفرية والمالكية (11).
2. عدم جواز التفريق للعيوب الجنسية ويمثل هذا الاتجاه رأي فقهاء الظاهرية(12) وبعض فقهاء الزيدية (13) ، اذ لا يجوز لأحد الزوجين أن يطلب التفريق قضاء بحجة الضرر كما لا يجوز للقاضي الاستجابة لهذا الطلب واستدلوا على مسلكهم الفقهي اعلاه بأدلة اهمها:
أ- قوله عز وجل: (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلا وُسْعَهَا ...) (14) . فالضرر غير الارادي ليس في وسع الانسان ولا يخضع لإرادته واختياره فلا يحاسب عليه بمقتضى الآية الكريمة (15) ، وعليه لا يكلف الزوج المتضرر من الصبر على الزوج حامل العلة صبرا لا يمكن معه استمرار الحياة الزوجية.
ب- قول الأمام علي ( عليه السلام): (ايما رجل تزوج امرأة مجنونة أو جذماء أو بها برص أو بها قرن فهي أمرأته أن شاء امسك وأن شاء طلق)(16).
ت- لا توجد سابقة قضائية عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) تقضي بالتفريق للعلل الجنسية اما قضية زوجة عبد الرحمن بن الزبير الذي كان مصابا بالعنة فلم يفرق النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) بينهما.
ث - أن الزواج الصحيح ينتهي بالطلاق أو وفاة أحد الزوجين فلا يوجد نص يشير إلى انتهاء الرابطة الزوجية بغير هذين الطريقين (17).
ج- ان القول بقياس العلة في الزواج على العلة بالبيع، وبذلك فأن تأييد جواز التفريق قول بعيد عن الصواب والسداد الإجماع فقهاء المسلمين على انه لا يرد النكاح بكل علة ويرد به البيع(18).
والمشرع العراقي أخذ بالتوجه الأول، أذ أعطى الحق للزوجة في طلب التفريق للعلل في المادة (43) الفقرة (أولاً/4) اذ نصت على أن " 4- إذا وجدت زوجها عنينا أو مبتلى بما لا يستطيع معه القيام بواجبات الزوجية، سواء كان ذلك لأسباب عضوية أو نفسية أو إذا أصيب بذلك بعد الدخول بها وثبت عدم إمكان شفائه منها بتقرير صادر عن لجنة طبية رسمية مختصة على أنه إذا وجدت المحكمة أن سبب ذلك نفسي، فتؤجل التفريق لمدة سنة واحدة شريطة أن تمكن زوجها نفسها خلالها"(19).
يلاحظ أن المشرع العراقي لم يحدد العيوب وانما أشار إلى العنة وحسنا فعل المشرع لأن تحديد العيوب يؤدي إلى إعاقة تطبيق النص إذا استجدت علل جديدة، واشترط أن تؤدي الاصابة بهذه العلل إلى عدم استطاعة الزوج القيام بواجباته الزوجية سواء كان المرض نفسي أو عضوي، واشترط كذلك عدم إمكانية شفاء الزوج من هذه العلل تثبت بتقرير طبي صادر عن لجنة طبية مختصة (20).
ويلاحظ على المشرع العراقي اغفاله الإشارة الى شرط عدم علم الزوجة بالعلة والعيب ورضاها بها وهو شرط أشار اليه الفقهاء المسلمين (21) وهذا يعني أن حق الزوجة في طلب التفريق حق ثابت سواء علمت بالعلة ام لم تعلم. وبذلك فأن شرط العلم والرضى في القانون العراقي غير موجودين وهذا يعني ان حق الزوجة في القانون العراقي في طلب التفريق قائم سواء علمت بالعلة ام لم تعلم او رضيت به ام لم ترضى.
ثانياً: التفريق للعيوب المرضية
قد يكون الزوج مصاب بمرض من الأمراض الجسمية لا الجنسية وبشكل يؤثر على علاقته الزوجية مما يتعذر معه استمرار العشرة بينهما، فللزوجة طلب التفريق لهذه العلة أو المرض. وقد سلك الفقهاء المسلمين بنفس المسلك الذي اخذوه في العيوب الجنسية (22) .
اما المشرع العراقي فيلاحظ عليه انه اخذ بالمسلك القائل بجواز حق الزوجة فقط في طلب التفريق وفق نص المادة (43) الفقرة (أولاً) /6) من قانون الأحوال الشخصية العراقي النافذ والذي هو : اذا وجدت بعد العقد زوجها مبتلى بعلة لا يمكن معها معاشرته بلا ضرر كالجذام أو البرص أو السل أو الزهري أو الجنون أو أنه قد أصيب بعد ذلك بعلة من هذه العلل أو ما يماثلها على أنه اذا وجدت المحكمة بعد الكشف الطبي أن العلة يؤمل زوالها فتؤجل التفريق حتى زوال تلك العلة وللزوجة أن تمتنع عن الاجتماع بالزوج طيلة مدة التأجيل، إما اذا وجدت المحكمة أن العلة لا يؤمل زوالها خلال مدة مناسبة وامتنع الزوج عن الطلاق واصرت الزوجة على طلبها فيحكم القاضي بالتفريق (23) . ولتطبيق النص أعلاه لابد من توافر مجموعة من الشروط تتمثل بالآتي(24):
1. أن يصاب الزوج بعلة او مرض من الامراض الجسمية اذ يتبين من النص أن المشرع لم يشير إلى هذه الأمراض على سبيل الحصر بل على سبيل المثال كالجذام او البرص او السل او الزهري او الجنون، وهذا موقف حسن من المشرع لأنه يعطي المجال لدخول امراض أخرى يشملها النص غير الواردة فيه.
2. أن تكون إصابة الزوج بعد عقد الزواج: في حال كانت قبل الزواج فلا يشملها النص.
3. أن تؤدي الاصابة إلى الأضرار بالزوجة وسوء المعاشرة الزوجية.
4. أن تكون العلة غير مؤمل شفاؤها ، وقد أخذت محكمة التمييز بهذا الاتجاه فجاء في قرار لها (أن إصابة الزوج بالسكري وهو من الأمراض التي تعيق الانتصاب أو تضعفه وهو ما لا يرجى الشفاء منه). أما إذا وجدت المحكمة بعد الكشف الطبي ان العلة يؤمل زوالها فتؤجل التفريق حتى زوال تلك العلة(25).
ويلاحظ ان المشرع هنا لم يحدد مدة التأجيل بسنة كما فعل في فقرة (4) من هذه المادة ما يعني ان مدة التأجيل متروكة للمحكمة والتي وجد أنها يجب ان لا تزيد عن سنة قياسا على العلل التناسلية وهي بخلاف العنه النفسية فان للزوجة ان تمتنع عن الاجتماع بالزوج طيلة مدة التأجيل. اما إذا وجدت المحكمة ان العلة لا يؤمل زوالها خلال مدة مناسبة وامتنع الزوج عن الطلاق واصرت الزوجة على طلبها فيحكم القاضي بالتفريق.
_____________
1- د. حيدر حسين كاظم الشمري، المختصر في احكام الزواج والطلاق واثارهما في التشريع العراقي والفقه الإسلامي، ط1، مطابع دار الوارث كربلاء المقدسة، العراق، 1442 - 2020م ، ص154.
2- أبو اسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي المهذب في فقه الإمام الشافعي، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان 1416هـ - 1986م ، ج2، ص48. م محمد بن عبد الله الخرشي المالكي، شرح مختصر خليل للخرشي وبهامش حاشية العدوي في الفقه المالكي، للإمام حبي الضياء سيد خليل، مطبعة محمد افندي مصطفى، مصر، 1324هـ ، ج 3، ص 235. أحمد بن قاسم العنسي الصنعاني، التاج المذهب لأحكام المذهب، ج 13، ط1، دار الحكمة اليمانية للطباعة والنشر والتوزيع، 1947، ص 144.
3- سورة البقرة، الآية ( 286)
4- سورة البقرة، الآية( 229)
5- سورة الطلاق، الآية (2)
6- د. حيدر حسين الشمري، المصدر السابق، ص 156.
7- سبق تخريجه.
8- مصطفى إبراهيم الزلمي مدى سلطان الإرادة في الطلاق في شريعة السماء وقانون الأرض خلال أربعة آلاف سنة، ج 2 ، مطبعة العاني، بغداد، 1984 ، ص 362.
9- أبي عبد الله محمد بن اسماعيل بن ابراهيم البخاري، صحيح البخاري، ، ج9، دار الفكر للطباعة والنشر إسطنبول 1401هـ ، حديث رقم 5346
10- ابو بكر بن محمد تقي الدين الشافعي، كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار ، ج2، ط1، دار الخير - دمشق 1994م، ص 60 منصور بن يونس بن صلاح الدي ابن حسن بن ادريس البهوتي الحنبلي، دقائق أُولي النهى لشرح المنتهى المعروف بشرح منتهى الإرادات ط1، عالم الكتب، بيروت - لبنان، 1414 - 1993 م ، ج5، ص 106.
11- الشيخ زيد الدين العاملي، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ، ج2 ، ص 188. أبو القاسم نجم الدين الدين جعفر بن الحسن المحقق الحلي شرائع الاسلام، ج2، ط2، 1409، ص 30-32
12- ابو محمد بن علي بن احمد بن حزم الأندلسي، المحلى بالآثار في شرح المجلي بالاختصار، دار ابن حزم للنشر، بيروت - لبنان 2016، ج 10، ص 209.
13- احمد بن يحيى المرتضى البحر الزخار ،ج3، ط2 ، دار الحكمة اليمانية صنعاء، 1409 هـ - 1988م، ص 221
14- سورة البقرة، الآية ( 286).
15- مصطفى ابراهيم الزلمي احكام الزواج والطلاق في الفقه الاسلامي المقارن ، مؤسسة نشر الثقافة القانونية للطباعة والنشر 2001 ، ص147.
16- أبو الحسن علي بن عمر الدار قطني البغدادي، سنن الدار قطني، كتاب النكاح، ج 3، دار المعرفة، بيروت، بيروت، 1386، ص 267.
17- د. حيدر حسين كاظم الشمري، المختصر في احكام الزواج والطلاق، المصدر السابق، ص 155.
18- ابو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي، كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج2، دار الحديث، القاهرة - مصر، 1425هـ - 2004م ص 41.
19- المادة (43) قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959.
20- د. حيدر حسين الشمري المختصر في احكام الزواج والطلاق، المصدر السابق، ص 157-158
21- أبو القاسم نجم الدين الدين جعفر بن الحسن المحقق الحلي شرائع الاسلام، ج2، ط2، 1409 ، ص32. الشيخ زيد الدين العاملي، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، مجمع الفكر الاسلامي للنشر، مطبعة شریعت - قم مجلد 6 ، ط12، 1437 ، ج2، ص126
22- د. حيدر حسين الشمري، المختصر في احكام الزواج والطلاق، المصدر السابق، ص 162.
23- المادة 43، قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959.
24- هادي حسين هادي الكرعاوي، التفريق القضائي دراسة مقارنة ، بحث منشور في مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية مح 2 ع 4 2010 ، ص 119
25- قرار محكمة التمييز الاتحادية المرقم 6320/ شخصية / 2016 في 2016/7/25، غير منشور.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
في مدينة الهرمل اللبنانية.. وفد العتبة الحسينية المقدسة يستمر بإغاثة العوائل السورية المنكوبة
|
|
|