أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-28
661
التاريخ: 12-10-2014
2389
التاريخ: 2023-07-25
2061
التاريخ: 5-5-2017
9171
|
قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}:
الألف واللام في "الكافرون" عهديّة، تشير إلى قوم معهودين، لا كلّ كافر، ويؤيّد ذلك الإتيان باسم الإشارة للمُخَاطَب القريب، وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمخاطبتهم وإعلان البراءة من دينهم، مع إخبارهم بامتناعهم عن دينه وبقائهم على الكفر مستقبلاً، وهذا الأمر مخصوص ببعض الكافرين في زمن الدعوة، حيث إنّه من المسلّمات التاريخيّة أنّ هناك أناساً من الكافرين، ممّن كانوا على كفرهم قبل نزول السورة، ثمّ أسلموا بعد نزولها[1].
قال تعالى : {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}:
هذه الآية وما يلحقها من آيات إلى آخر السورة، هي مقول القول.
المراد بـ "لا"، النفي الاستقباليّ. والمراد بـ {مَا تَعْبُدُونَ}، الأصنام التي كانوا يعبدونها.
ومعنى الآية: لا أعبد أبداً ما تعبدونه أنتم اليوم من الأصنام[2].
قال تعالى : {وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}:
نفي استقباليّ لعبادة الكافرين ما يعبُد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو إخبار غيبيّ عن امتناعهم عن الدخول في دين التوحيد في مستقبل الأمر.
وبانضمام الأمر الذي في مفتتح الكلام "قل"، تفيد الآيتان: أنّ الله سبحانه أمرني بالدوام على عبادته، وأن أُخبركم أنّكم لا تعبدونه أبداً، فلا يقع بيني وبينكم اشتراك في الدين أبداً. فالآية في معنى قوله تعالى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}[3]، و {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}[4]. وكان من حقّ الكلام أن يُقال: ولا أنتم عابدون مَنْ أعبد، لأنّ "مَن" للعاقل، و"ما" لغير العاقل، ولكنْ قيل: {مَا أَعْبُدُ}، ليطابق ما في قوله تعالى: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}[5].
قال تعالى : {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ}:
تكرار لمضمون الآية السابقة: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}، زيادةً في التأكيد[6].
قال تعالى : {وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}:
تكرار لمضمون الآية السابقة: {وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}، زيادةً في التأكيد[7].
قال تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}:
تأكيد، بحسب المعنى، لما تقدّم، مِن نفي الاشتراك في المعبود والعبادة. واللام، للاختصاص، أي دينكم، وهو عبادة الأصنام يختصّ بكم ولا يتعدّاكم إلى وديني، الذي يختصّ بي ولا يتعدّاني إليكم[8].
ويؤيّد حمل التكرار في هذه الآيات الثلاث الأخيرة على التأكيد، ما رواه محمد بن أبي عمير، قال: سأل أبو شاكر أبا جعفر الأحول، عن قول الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، فهل يتكلّم الحكيم بمثل هذا القول، ويُكرّره مرّة بعد مرّة، فلم يكن عند أبي جعفر الأحول في ذلك جواب، فدخل المدينة، فسأل أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك، فقال: "كان سبب نزولها وتكرارها، أنّ قريشاً قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، وتعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، فأجابهم الله بمثل ما قالوا، فقال، في ما قالوا: تعبد آلهتنا سنة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}، وفي ما قالوا: نعبد إلهك سنة {وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}، وفي ما قالوا: تعبد آلهتنا سنة {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ}، وفي ما قالوا: نعبد إلهك سنة {وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}" ، قال: فرجع أبو جعفر الأحول إلى أبي شاكر فأخبره بذلك، فقال أبو شاكر: هذا ما حمله الإبل من الحجاز، وكان أبو عبد الله (الصادق) عليه السلام، إذا فرغ من قراءتها، يقول: "ديني الإسلام" ثلاثا[9].
ويُفَهم من تكرار الطلب في الرواية من قِبَل الكافرين، أنّهم كانوا يريدون المداومة على ذلك، عبادة آلهتهم سنة، ثمّ عبادة إله النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنة، وهكذا دواليك. ولذا جاء الردّ الإلهيّ عليهم موافقاً لصيغة الطلب، بالنفي المؤبّد لعبادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لآلهتهم، والامتناع المؤبّد لعبادتهم لإله النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
[1] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص373.
[2] انظر: م.ن، ص373-374.
[3] سورة يس، الآية 7.
[4] سورة البقرة، الآية 6.
[5] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص374.
[6] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص374.
تَدَبُّر: - إنّ "ما" في الجملتين الأولَيين موصولة، وفي الأخيرتين مصدريّة, فيكون المعنى هكذا: لا شركة بيني وبينكم, لا في المعبود، ولا في العبادة وطريقها. أمّا في المعبود, فإنّي أعبد الله الذي لا إله إلّا هو وحده لا شريك له في الذات والصفات، وأنتم تعبدون الآلهة التي تنحتونها. وأمّا في طريق العبادة, فإنّكم تعبدون وفق ما تستنسبون من مناسك تختلقونها بأنفسهم ما انزل الله بها من سلطان, فتصلّون حول الكعبة, بالمكاء والتصدية, أي بالتصفير والتصفيق:
﴿وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً﴾ (سورة الأنفال،الآية 35)، وأمّا أنا فأعبد الله وفق ما أمرني به.وعليه، فالجملة الأولى لنفي الحال والاستقبال, بمعنى: لا يمكن لي قبول ما طرحتم من عبادة آلهتكم, لا في الحال، ولا في المستقبل، ويكون معنى الجملة الثانية: ولا أنا عابد ما عبدتم: إنّي رسول الله، وليس من شأني ذلك! فإنّي قبل نزول الوحي والبعث بالرسالة, حينما كنتم تعبدون الحجارة والأخشاب كنت أعبد الله، فكيف والحال أنّي مبعوث من قبل الله؟!
- إنّ معبود الكفّار جاء في مورد بصيغة المضارع: ﴿مَا تَعْبُدُونَ﴾، وفي مورد بصيغة الماضي: ﴿مَّا عَبَدتُّمْ﴾، ولعلّ الوجه في ذلك, هو الإشارة إلى أنّ معبودهم يتغيّر بتغيّر الأزمنة, كما كان دأبهم, فربّما رأوا حجراً أو خشباً يُعجبهم, فيتّخذونه صنماً، أو شيئاً من الطعام يأكلونه إذا احتاجوا إليه.
[7] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص374.
تَدَبُّر: الوجه في وحدة السياق في مورد الكفّار: ﴿وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾, بالجملة الاسمية, يكمن في أنّهم بفعل سوء اختيارهم وشقاوته، تمتنع عليهم عبادة الله في كلّ الأحوال، لا يُرجى بهم هداية عن ما يعبدون من أوثان.
[8] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج20، ص374-375.
[9] القمي، تفسير القمي، م.س، ج2، ص445-446.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|