أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-22
1577
التاريخ: 2024-09-03
277
التاريخ: 4-08-2015
3538
التاريخ: 2023-06-29
1390
|
تدل الأحاديث الشريفة على أن حركة الإمام المهدي وثورته المقدسة أرواحنا فداه ، تتم في أربعة عشر شهراً .
وأنه يكون في الستة أشهر الأولى منها خائفاً يترقب ، يوجه الأحداث سراً بواسطة أصحابه وأنصاره ، وفي الثمانية أشهر التالية يظهر في مكة ويتوجه إلى المدينة فالعراق فالقدس ، ويخوض معاركه معه أعدائه ، ويوحد العالم الإسلامي تحت حكمه ، ثم يعقد الهدنة مع الروم ، أي الغربيين . كما سيأتي .
وتؤكد الأحاديث على وقوع حدثين قبل حركة ظهور المهدي عليه السلام بنحو ستة أشهر يكونان بمثابة الإشارة الإلهية له بأن يبدأ الإعداد للظهور .
الحدث الأول : انقلاب في بلاد الشام بقيادة عثمان السفياني ، يرى فيه أعداء الأمة من اليهود والغربيين ، أنه خطوة مهمة في ضبط المنطقة المحيطة بفلسطين بيد زعامة موالية لهم ، تمنع العمليات العسكرية ضدهم ، وتقف في وجه تهديدات البلاد العربية وإيران للقدس .
أما الذين يعرفون أحاديث السفياني ، وأن أمره موعود على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله فيقولون صدق الله ورسوله ( سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً ) ، ويعتبرونه مقدمة لظهور المهدي الموعود ، ويستعدون لنصرته عليه السلام .
والحدث الثاني : نداء من السماء إلى شعوب العالم يسمعونه جميعاً ، أهل كل لغة بلغتهم ، قوياً عميقاً رخيماً ، آتياً من السماء ومن كل صوب . . فلا يبقى نائم إلا استيقظ ، ولا قاعد إلا نهض ، ويفزع الناس من صيحته ويخرجون من بيوتهم لينظروا ما الخبر ! وهو يدعوهم إلى وضع حد للظلم والكفر والصراع وسفك الدماء ، واتباع الإمام المهدي عليه السلام ويسميه باسمه واسم أبيه !
وتذكر الأحاديث الشريفة أن أعناق البشر تخضع لهذه الآية الإلهية الموعودة ، لأنها تأويل قوله تعالى : ( إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) ( الشعراء : 4 ) ولا بد أنه يعم العالم سؤال على ألسنة الناس وفي وسائل الإعلام : من هو المهدي ؟ وأين هو ؟
ولكن ما أن يعرفوا أنه إمام المسلمين ، من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وأنه سيظهر في الحجاز حتى يبدؤوا بالتشكيك بالنداء المعجزة ، وبالتخطيط لضرب هذا المد الإسلامي الجديد ، وقتل إمامه المهدي عليه السلام !
أما المؤمنون بالغيب الذين سمعوا بأحاديث هذا النداء ، فيعرفون أنه النداء الحق الموعود ( وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ) ، وتكثر أحاديثهم عن المهدي عليه السلام ، والبحث عنه ، والاستعداد لنصرته .
وأصل أحاديث هذا النداء ، وأنه يدعو الناس إلى اتباع الإمام المهدي عليه السلام ويسميه باسمه واسم أبيه ، كثيرة في مصادر الشيعة والسنة ، ولا يبعد بلوغها حد التواتر المعنوي .
وقد رواها ابن حماد في مخطوطته في الصفحات 59 و 60 و 92 و 93 وغيرها . ورواها المجلسي في البحار ج 52 ص 119 و 287 و 289 و 290 و 296 و 300 وغيرها .
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( إنه ينادي باسم صاحب هذا الأمر مناد من السماء : الأمر لفلان بن فلان ، ففيم القتال ) ( البحار : 52 / 396 ) .
وعنه عليه السلام قال : ( هما صيحتان : صيحة في أول الليل ، وصيحة في آخر الليلة الثانية . قال هشام بن سالم فقلت : كيف ذلك ؟ قال : واحدة من السماء ، وواحدة من إبليس . فقلت كيف تعرف هذه من هذه ؟ قال : يعرفها من كان سمع بها قبل أن تكون ) . ( البحار : 52 / 295 ) .
وعن محمد بن مسلم قال : ( ينادي مناد من السماء باسم القائم فيسمع ما بين المشرق والمغرب ، فلا يبقى راقد إلا قام ، ولا قائم إلا قعد ، ولا قاعد إلا قام على رجليه من ذلك الصوت ، وهو صوت جبرئيل الروح الأمين ) ( البحار : 52 / 290 ) .
وعن عبد الله بن سنان قال : ( كنت عند أبي عبد الله ( الإمام الصادق عليه السلام ) فسمعت رجلاً من همدان يقول له : إن هؤلاء العامة يعيروننا ويقولون لنا : إنكم تزعمون أن مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر ! وكان متكئاً فغضب وجلس ، ثم قال : لا تروه عني ، واروه عن أبي ولا حرج عليكم في ذلك . أشهد أني سمعت أبي عليه السلام يقول : والله إن ذلك في كتاب الله عز وجل بين حيث يقول : إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ) . ( البحار : 52 / 292 ) .
وعن سيف بن عميرة قال : ( كنت عند أبي جعفر المنصور فقال ابتداء : يا سيف بن عميرة لا بد من مناد ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب . فقلت : جعلت فداك يا أمير المؤمنين ، تروي هذا ! قال : إي والذي نفسي بيده لسماع أذني له . فقلت : يا أمير المؤمنين إن هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا . قال يا سيف ، إنه لحق . فإذا كان ذلك فنحن أول من يجيبه ، أما إنه نداء إلى رجل من بني عمنا . فقلت : رجل من ولد فاطمة عليها السلام ؟ قال : نعم ، يا سيف لولا أني سمعته من أبي جعفر محمد بن علي ولو يحدثني به أهل الأرض كلهم ما قبلته منهم . ولكنه محمد بن علي ) ! ( الإرشاد للمفيد ص 404 )
وفي مخطوطة ابن حماد ص 92 عن سعيد بن المسيب قال : ( تكون فتنة كان أولها لعب الصبيان ، كلما سكنت من جانب طمت من جانب ، فلا تتناهى حتى ينادي مناد من السماء : ألا إن الأمير فلان . وفتل ابن المسيب يديه حتى أنهما لتنتفضان فقال : ذلكم الأمير حقاً ، ثلاث مرات ) .
وفيها : ( إذا نادى مناد من السماء أن الحق في آل محمد ، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس ، ويشربون حبه ، ولا يكون لهم ذكر غيره ) .
وفيها : ( حدثنا سعيد عن جابر عن أبي جعفر قال : ينادي مناد من السماء ألا أن الحق في آل محمد ، وينادي مناد من الأرض ألا إن الحق في آل عيسى أو قال العباس ، أنا أشك فيه ، وإنما الصوت الأسفل من الشيطان ليلبس على الناس . شك أبو عبد الله نعيم ) .
وفي ص 60 : عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( إذا كانت صيحة في رمضان فإنه يكون معمعة في شوال وتمييز القبائل في ذي القعدة ، وسفك الدماء في ذي الحجة . والمحرم وما المحرم ، يقولها ثلاثاً . هيهات هيهات يقتل الناس فيها هرجاً هرجاً . قال ، قلنا : وما الصيحة يا رسول الله ؟ قال هده في النصف من رمضان ليلة جمعة ، فتكون هدة توقظ النائم وتقعد القائم ، وتخرج العواتق من خدورهن . في ليلة جمعة في سنة كثيرة الزلازل ، فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة فأدخلوا بيوتكم وأغلقوا أبوابكم وسدوا كواكم ودثروا أنفسكم وسدوا آذانكم ، فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجدا وقولوا : سبحان القدوس ، سبحان القدوس ، فإنه من فعل ذلك نجا ، ومن لم يفعل ذلك هلك )
إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في مصادر الفريقين .
أما النداء الأرضي المضاد الذي تذكره الأحاديث ، قد يكون نداء إبليس حقيقة كما نادى يوم أحد : قتل محمد صلى الله عليه وآله ، ويحتمل أن يكون نداء إبليس بواسطة أعوانه أبالسة الإعلام العالمي حيث تتوصل عبقرياتهم إلى مواجهة الموجة الإسلامية العالمية التي يحدثها النداء بنداء مشابه مضاد .
وأما القتال الذي يدعو النداء السماوي إلى وقفه ، فلا يبعد أن يكون الحرب العالمية التي تقدم الحديث فيها ، وذكرنا أنها قد تكون على شكل حروب متعددة ، وفقاً لما تذكره الأحاديث من أنه في سنة الظهور تكثر الحروب في الأرض .
كما ينبغي الإلفات إلى وجود تفاوت بين الروايات في وقت النداء . فقد ذكر بعضها أنه يكون في شهر رمضان كما رأيت ، وذكر بعضها أنه يكون في رجب كما في البحار : 52 ص 789 ، وذكر بعضها أنه يكون في موسم الحج كما في مخطوطة ابن حماد 92 ، أو في محرم وبعد قتل النفس الزكية كما في ص 93 ، ويفهم من بعض الروايات أنها نداءات متعددة ، بل ينص بعضها على ذلك .
وقد أوصل أحد العلماء النداءات الواردة في مصادرنا الشيعية إلى ثمانية ، وهي قريب من ذلك في المصادر السنية ، لكن المرجح أنها نداء سماوي واحد في شهر رمضان ، وأن تصور أنه يكون متعدداً نشأ من تفاوت الروايات في توقيته ، والله العالم .
بعد هاتين الآيتين ، أي بعد خروج السفياني في رجب ، والنداء السماوي في رمضان . . يكون بقي لظهور المهدي عليه السلام في محرم نحو ستة أشهر . وتذكر مصادر الحديث السنية عدداً من أعماله عليه السلام في هذه الفترة تتلخص باتصاله بأنصاره في المدينة المنورة ثم في مكة المكرمة ، والتقائه ببعض الذين يأتون من أقطار العالم الإسلامي يبحثون عنه ليبايعوه على شوق وتخوف ، ومنهم سبعة من العلماء من بلدان شتى يلتقون في مكة على غير ميعاد ، ويكون كل واحد منهم أخذ البيعة من ثلاث مئة وثلاثة عشر متديناً مخلصاً في بلده ، وجاء يبحث عن المهدي عليه السلام ليبايعه عن نفسه وعن جماعته ، طمعاً في أن يقبلهم المهدي عليه السلام ، فيكونون أصحابه الموعودين على لسان النبي صلى الله عليه وآله !
وتعتبر مصادرنا الشيعية هذه الأشهر الستة مرحلة الظهور الخفي بعد الغيبة الكبرى التامة ، وهي المقصودة بالحديث الوارد عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( يظهر في شبهة ليستبين ، فيعلو ذكره ، ويظهر أمره ) ( البحار : 52 / 3 ) والمعنى أنه عليه السلام يظهر أولاً بالتدريج ، ثم يتضح أمره للناس ويستبين . ويحتمل أن يكون المعنى أنه يظهر بالتدريج لكي يختبر أمره واستجابة الناس له ويستبين ذلك .
ويدل على هذه الفترة أيضاً عدة أخبار أخرى فيها صحيح السند ، ومن أوضحها التوقيع الصادر منه عليه السلام إلى سفيره علي بن محمد السمري رضوان الله عليه قال : ( وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ، ألا ومن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) ( البحار : 51 / 361 ) . والمقصود بمن يدعي المشاهدة قبل هذين الحدثين من يدعي السفارة لصاحب الأمر عليه السلام ، وليس مجرد التشرف برؤيته دون ادعاء النيابة أو دون التحدث بذلك ، فقد استفاضت الروايات برؤيته عليه السلام من قبل العديدين من العلماء والأولياء الثقاة الأصحاء ، ولعل هذا سبب التعبير بنفي المشاهدة لا الرؤية .
ويدل التوقيع الشريف على أن الغيبة التامة الكبرى تنتهي بخروج السفياني والصيحة ، وأن الغيبة بعدها تكون اختفاء شبيهاً بالغيبة الصغرى مقدمة للظهور ، وأن الإمام عليه السلام يتصل فيها بأنصاره ، ويتشرف العديد منهم بلقائه ، وقد ينصب سفراء يكونون واسطة بينه وبين الناس .
بل يبدو من الرواية التالية أنه يظهر بعد خروج السفياني ثم يختفي إلى وقت ظهوره الموعود في محرم ، ففي رواية حذلم بن بشير عن الإمام زين العابدين عليه السلام : ( فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ثم يظهر بعد ذلك ) البحار : 52 / 213 ، ولا تفسير لها إلا أنه عليه السلام يظهر للناس بعد خروج السفياني في رجب ، ثم يختفي إلى وقت ظهوره في محرم . ولم تذكر الرواية هل يكون هذا الظهور قبل النداء السماوي أو بعده .
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( لا يقوم القائم حتى يقوم اثنا عشر رجلاً كلهم يجمع على قول إنهم قد رأوه فيكذبونهم ) ( البحار : 52 / 244 ) ، ويبدو أنهم رجال صادقون بقرينة تعبيره عليه السلام عن إجماعهم على رؤيته ، وتعجبه من تكذيب الناس لهم ، أي عامة الناس .
ويظهر أن رؤيتهم له عليه السلام تكون في تلك الفترة التي يظهر فيها في خفاء ليستبين ، فيعلو ذكره ويظهر أمره .
وعلى هذا ، فمن المرجح أنه يقوم عليه السلام في تلك الفترة بدوره القيادي بشكل شبه كامل ، ويصدر توجيهاته في تلك الظروف الحساسة إلى دولة الممهدين اليمانيين والإيرانيين ، ويتصل بأنصاره أولياء الله تعالى في شتى بلاد المسلمين .
ومن أجل أن نتصور عمله في فترة الظهور الصغرى هذه ، نتعرض باختصار لعمله في غيبته . فقد ذكرت بعض الروايات أنه روحي فداه يسكن المدينة المنورة ، ويلتقي بثلاثين ، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال :
( لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة ، ولا بد له في غيبته من عزلة ، ونعم المنزل طيبة ، وما بثلاثين من وحشة ) . ( البحار : 52 / 157 ) .
وتدل روايات أخرى على أنه يعيش مع الخضر عليهما السلام فعن الإمام الرضا عليه السلام قال : ( إن الخضر شرب من ماء الحياة فهو حي لا يموت حتى ينفخ في الصور ، وإنه ليأتينا فيسلم علينا فنسمع صوته ولا نرى شخصه ، وإنه ليحضر حيث ذكر ، فمن ذكره منكم فليسلم عليه ، وإنه ليحضر المواسم فيقضي جميع المناسك ويقف في عرفة فيؤمن على دعاء المؤمنين ، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا عليه السلام ويصل به وحدته ) . ( البحار : 52 / 152 ) .
ويبدو من الرواية المتقدمة وغيرها أن هؤلاء الثلاثين من أصحاب المهدي عليه السلام يتجددون دائماً ، فكلما توفي منهم واحد حل محله آخر .
ولعلهم الأبدال المقصودون بالفقرة الواردة عن الإمام الصادق عليه السلام في دعاء النصف من رجب ، بعد الصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله :
( اللهم صل على الأبدال والأوتاد والسياح والعباد والمخلصين والزهاد وأهل الجد والاجتهاد ) . ( مفتاح الجنات : 3 / 50 ) .
ومن المرجح أن يكون لهؤلاء الأولياء الثلاثين وأكثر ، دور في الأعمال التي يقوم بها المهدي عليه السلام في غيبته . فقد دلت الأخبار المتعددة على أنه يقوم بنشاط واسع ، ويتحرك في البلاد المختلفة ، ويدخل الدور والقصور ، ويمشي في الأسواق ، ويحضر موسم الحج في كل عام .
وأن سر غيبته لا ينكشف إلا بعد ظهوره ، كما لم ينكشف وجه الحكمة في أعمال الخضر إلا بعد أن كشفها لموسى عليهما السلام .
فعن عبد الله بن الفضل قال : ( سمعت جعفر بن محمد ( الإمام الصادق عليه السلام ) يقول : ( إن لصاحب هذا الأمر غيبة لا بد منها يرتاب فيها كل مبطل . فقلت له : ولم جعلت فداك ؟ قال : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم . قلت : فما وجه الحكمة في غيبته ؟ فقال : وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره . إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار ، لموسى عليه السلام إلا وقت افتراقهما .
يا ابن الفضل ، إن هذا أمر من أمر الله ، وسر من سر الله ، وغيب من غيب الله .
ومتى علمنا أنه عز وجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة ، وإن كان وجهها غير منكشف لنا ) . ( البحار : 52 / 91 ) .
وعن محمد بن عثمان العمري رحمه الله قال : ( والله إن صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كل سنة ، يرى الناس ويعرفهم ، ويرونه ولا يعرفونه ) . ( البحار : 51 / 250 ) .
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( وما تنكر هذه الأمة أن يكون الله يفعل بحجته ما فعل بيوسف ؟ أن يكون في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه ، حتى يأذن الله عز وجل أن يعرفهم نفسه ، كما أذن ليوسف حين قال : هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ . قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي ) ( البحار : 51 / 142 ) .
وبناء على هذه الروايات وأمثالها فإن حالته عليه السلام في غيبته تشبه حالة يوسف عليه السلام ، ونوع عمله فيها من نوع عمل الخضر عليه السلام الذي كشف لنا القرآن بعض عجائبه .
بل يظهر منها أنهما يعيشان معاً ويعملان معاً عليهما السلام . والمرجح أن يكون كثير من أعماله بواسطة أصحابه الأبدال وتلاميذهم ، الذين تطوى لهم الأرض والمسافات ، ويهديهم ربهم بإيمانهم ، وبتعليمات إمامهم المهدي عليه السلام .
بل وردت الأحاديث الشريفة والقصص الموثوقة بطي الأرض والمشي على الماء ، وغيرها من الكرامات ، لمن هم أقل منهم درجةً ومقاماً ، من أولياء الله وعباده الصالحين .
نعم ، إن الله تعالى أجرى الله الأمور والأحداث بأسبابها ، من أكبر حدث في هذا العالم إلى أصغره ، ولكنه سبحانه يهيمن على هذه الأسباب ويتصرف بها كيف يشاء ، بما يشاء ، وعلى يد من يشاء من ملائكته وعباده .
وإن كثيراً من الأحداث والأمور التي يبدو لنا أنها حدثت أو تحدث بأسباب طبيعية ، لو انكشف لنا الواقع لرأينا فيها يد الغيب الإلهي . فعندما أراد شرطة الملك أن يأخذوا السفينة التي خرقها الخضر عليه السلام فوجدوها معيوبة وتركوها ، لم يلتفتوا إلى أن في الأمر فعلاً غيبياً !
وكذلك عندما عاش أبوا الغلام حياتهما بالايمان ، وقاما بما أراد الله تعالى منهما ، لم يعرف أن ابنهما لو بقي حياً لأرهقهما طغياناً وكفراً .
وعندما كبر اليتيمان ووجدا كنزهما محفوظاً تحت الجدار واستخرجاه ، لم يعرفا أن الخضر عليه السلام لو لم يبن الجدار لانكشف الكنز أو ضاع مكانه .
وإذا كانت هذه الأحداث الثلاثة التي كشف الله تعالى عنها في كتابه ، قد صدرت من الخضر في مرافقته القصيرة لموسى عليهما السلام ، فلنا أن نتصور أعماله الكثيرة التي يقوم بها في أيامه الحافلة وعمره المديد .
وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله قوله : ( رحم الله ( أخي ) موسى ، عجل على العالم ، أما إنه لو صبر لرأى منه من العجائب ما لم ير ) . ( البحار : 13 / 301 ) .
ولنا أن نتصور عمل الإمام المهدي عليه السلام في غيبته ، وهو أعظم مقاماً من الخضر عليه السلام برواية جميع المسلمين ، لأنه أحد سبعة روي إنهم سادات أهل الجنة وخيرة الأولين والآخرين ، فعن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( نحن سبعة ولد عند المطلب سادة أهل الجنة : أنا ، وحمزة ، وعلي ، وجعفر ، والحسن ، والحسين ، والمهدي ) ( البحار : 51 / 65 والصواعق المحرقة ص 158 وكثير من مصادر الفريقين ) .
فالله يعلم بما يقوم به المهدي عليه السلام ووزيره الخضر وأصحابه الأبدال ، وتلاميذهم أولياء الله ، من أعمال في طول العالم وعرضه ، وفي أحداثه الكبيرة والصغيرة .
ومن الطبيعي أن لا ينكشف وجه الحكمة في غيابهم وعملهم عليهم السلام ، إلا بعد ظهورهم ، وكشفهم للناس بعض ما كانوا يقومون به في عصرنا والعصور السابقة . وقد يكون أحدنا مدينا لهم بعمل أو أكثر قاموا له به في حياته ، فضلاً عن مسار التاريخ وأحداثه الكبرى .
وينبغي الإلفات إلى أن هذه العقيدة بغيب الله تعالى وعمل الإمام المهدي والخضر والأبدال عليه السلام تختلف عن نظريات المتصوفة وعقائدهم في القطب والأبدال ، وإن كانت تشبهها من بعض الوجوه .
بل حاول بعضهم أن يطبقها على المهدي وأصحابه عليهم السلام .
قال الكفعمي رحمه الله في حاشية مصباحه ، كما في سفينة البحار مادة قطب : ( قيل إن الأرض لا تخلو من القطب وأربعة أوتاد ، وأربعين بدلاً ، وسبعين نجيباً ، وثلاث مئة وستين صالحاً . فالقطب هو المهدي صلوات الله عليه ، ولا تكون الأوتاد أقل من أربعة ، لأن الدنيا كالخيمة والمهدي كالعمود ، وتلك الأربعة أطناب .
وقد يكون الأوتاد أكثر من أربعة ، والأبدال أكثر من أربعين ، والنجباء أكثر من سبعين ، والصالحون أكثر من ثلاث مئة وستين . والظاهر أن الخضر وإلياس عليهما السلام من الأوتاد ، فهما ملاصقان لدائرة القطب .
وأما صفة الأوتاد ، فهم لا يغفلون عن الله طرفة عين ، ولا يجمعون من الدنيا إلا البلاغ ، ولا تصدر منهم هفوات البشر ، ولا يشترط فيهم العصمة . وشرط ذلك في القطب .
وأما الأبدال فدون هؤلاء في المرتبة ، وقد تصدر منهم الغفلة فيتداركونها بالتذكر ، ولا يتعمدون ذنباً .
وأما الصالحون فهم المتقون الموصوفون بالعدالة ، وقد يصدر عنهم الذنب فيتداركونه بالاستغفار والندم ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ) .
ثم ذكر الكفعمي رحمه الله أنه إذا نقص واحد من إحدى المراتب المذكورة ، حل محله آخر من المرتبة الأدنى . وإذا نقص من الصالحين ، حل محله آخر من سائر الناس .
وما ذكره رحمه الله عن نبي الله إلياس عليه السلام ، وأنه من الأحياء الذين مد الله في عمرهم لحكمة يعلمها ، مطابق لما ذهب إليه بعض المفسرين في تفسير الآيات الواردة فيه عليه السلام ، وقد روي ذلك عن أهل البيت عليهم السلام وأن قد مد الله في عمره كالخضر عليهما السلام ، وأنهما يجتمعان في عرفات كل سنة ، وفي غيرها .
وأيّاً كان ، فالذي يفهم من الروايات الشريفة أن فترة الستة أشهر ، من خروج السفياني والنداء السماوي إلى ظهوره عليه السلام في محرم ، تكون حافلة بنشاطه ونشاط أصحابه عليهم السلام ، وتظهر للناس الكرامات والآيات على أيديهم وأيدي من يتصل بهم ، وأن ذلك سيكون حدثاً عالمياً يشغل الناس والدول على السواء .
أما الشعوب الإسلامية فتعمها موجة الحديث عن المهدي عليه السلام وكراماته واقتراب ظهوره ، ويكون ذلك تمهيداً مناسباً لظهوره .
ولكن تلك الفترة تكون أيضاً أرضية خصبة للكذابين والمشعوذين لادعاء المهدية ومحاولة تضليل الناس ! فقد ورد أن اثنتي عشرة راية تدعي المهدية ترفع قبل ظهوره عليه السلام ، وأن اثني عشر شخصاً من آل أبي طالب يرفع كل منهم راية ويدعو إلى نفسه ، وجميعها رايات ضلال ، ومحاولات دنيوية لاستغلال تطلع العالم إلى ظهوره عليه السلام .
فعن المفضل بن عمرو الجعفي عن الإمام الصادق عليه السلام قال سمعته يقول : ( إياكم والتنويه ، أما والله ليغيبن إمامكم سنيناً ( سبتاً ) من دهركم ، ولتمحصن حتى يقال مات أو هلك ، بأي واد سلك . ولتدمعن عليه عيون المؤمنين . ولتكفؤن كما تكفأ السفن أمواج البحر ، فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه ، وكتب في قلبه الإيمان ، وأيده بروح منه . ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة ، لا يدرى أيٌّ من أي !
قال المفضل : فبكيت ، فقال ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ فقلت : كيف لا أبكي وأنت تقول ترفع اثنتا عشرة راية لا يدرى أيٌّ من أي ، فكيف نصنع ؟ قال ، فنظر إلى شمس داخلة في الصفة ، فقال : يا أبا عبد الله ترى هذه الشمس ؟ قلت : نعم . قال : والله لأمرنا أبين من هذه الشمس ) . ( البحار : 52 / 281 )
أي لا تخشوا أن يشتبه عليكم أمر المهدي عليه السلام بأمر من يدعي المهدية ، لأن أمره أوضح من الشمس ، بآياته التي تكون قبله ومعه ، وشخصيته التي لا تقاس بالمدعين والكذابين .
ومن ناحية أخرى ، ستأخذ الدولتان الممهدتان له ، اليمانية والإيرانية موقعاً سياسياً هاماً في أحداث العالم وتطلعات شعوبه . وتكونان بحاجة أكبر إلى توجهاته عليه السلام .
على أنه يفهم من الروايات ومن منطق الأمور أن رد الفعل السياسي الأكبر على هذه الموجة الشعبية للمهدي عليه السلام ، سيكون من أعدائه أئمة الكفر العالمي وصاحبهم السفياني ، وسيتركز عملهم كما تذكر الروايات ، على معالجة وضع العراق والحجاز ، باعتبارهما نقطة الضعف في المنطقة .
أما العراق فيخشون من نفوذ الممهدين الإيرانيين فيه وضعف حكومته . وأما الحجاز فيخضون من الفراغ السياسي فيه ، وصراع القبائل على السلطة ، ونفوذ الممهدين اليمانيين فيه .
والأمر الأهم في الحجاز أن أنظار المسلمين تتوجه نحوه ، وتنتظر ظهور المهدي منه ، حيث ينتشر بين الناس أنه عليه السلام يسكن المدينة ، وأن حركته ستكون من مكة ، فيتركز فعلهم السياسي والعسكري المضاد للمهدي عليه السلام على الحرمين ، ويبدأ السفياني حملته العسكرية على المدينة ، ويقوم باعتقال واسع لبني هاشم على أمل أن يكون المهدي من بينهم !
ولا بد أن يرافق دخول جيش السفياني للعراق والحجاز تحرك عسكري من الغربيين والشرقيين في الخليج والبحر المتوسط ، لأهمية المنطقة عالمياً .
والمرجح أن يكون نزول قوات الروم في الرملة ، ونزول قوات الترك في الجزيرة المذكورين في الروايات المتعددة ، في تلك الفترة ، أو قريباً منها . والله العالم .
أزمة الحكم في الحجاز
تتفق أحاديث مصادر الشيعة والسنة ، على أن مقدمة ظهور المهدي عليه السلام في الحجاز ، حدوث فراغ سياسي فيه ، وصراع على السلطة بين قبائله .
ويحدث ذلك على أثر موت ملك أو خليفة ، يكون عند موته الفرج . وتسميه بعض الروايات ( عبد الله ) ويحدد بعضها إعلان خبر موته في يوم عرفة ثم تتلاحق الأحداث في الحجاز بعد موته إلى . . . خروج السفياني ، والنداء السماوي ، واستدعاء الجيش السوري إلى الحجاز ، ثم ظهور المهدي عليه السلام .
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( من يضمن لي موت عبد الله أضمن له القائم . ثم قال : ( إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعدة على أحد ، ولم يتناهَ هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله . ويذهب ملك السنين ، ويصير ملك الشهور والأيام . فقلت : يطول ذلك ؟ قال : كلا ) . ( البحار : 52 / 210 ) .
وعنه عليه السلام قال : ( بينا الناس وقوفاً بعرفات إذ أتاهم راكب على ناقة ذعلبة ، ويخبرهم بموت خليفة ، عند موته فرج آل محمد وفرج الناس جميعاً ) . ( البحار : 52 / 240 )
ومعنى الناقة الذعلبة : الخفيفة السريعة ، وهو كناية عن الإسراع في إيصال الخبر وتبشير الحجاج به . والظاهر أن أسلوب إيصال الخبر مقصود في الرواية . وفي رواية أخرى أنهم يقتلون هذا الرجل صاحب الناقة الذعلبة ، الذي ينشر الخبر بين الحجاج في عرفات .
ويحتمل أن يكون هذا الخليفة الذي يعلن خبر موته أو قتله يوم عرفة ، عبد الله المذكور في الرواية السابقة ، ومعنى : ( يذهب ملك السنين ، ويصير ملك الشهور والأيام ) ، أنهم كلما نصبوا بعده شخصاً لا يبقى سنة كاملة ، ولا تمضي شهور أو أيام حتى ينصبوا غيره ! حتى يظهر الإمام المهدي عليه السلام .
وتذكر بعض الروايات أن سبب قتل ذلك الملك قضية أخلاقية وأن الذي يقتله أحد خدمه ، وأنه يهرب إلى خارج الحجاز فيذهب بعض جماعة الملك في البحث عنه ، فيحدث الصراع على السلطة قبل أن يعودوا !
فعن الإمام الباقر عليه السلام : ( يكون سبب موته أنه ينكح خصياً له فيقوم فيذبحه ويكتم موته أربعين يوماً ، فإذا سارت الركبان في طلب الخصي لم يرجع أول من يخرج حتى يذهب ملكهم ) ( كمال الدين ص 655 ) .
والأحاديث التي تصف الصراع على السلطة في الحجاز بعد قتل هذا الملك كثيرة ، وهذه نماذج منها :
عن البزنطي عن الإمام الرضا عليه السلام قال : ( إن من علامات الفرج حدثا يكون بين الحرمين . قلت وأي شئ يكون الحدث ؟ قال عصبية تكون بين الحرمين ، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشاً ) . ( البحار : 52 / 210 ) ، أي يقتل أحد الملوك أو الزعماء خمسة عشر شخصية من ذرية ملك أو زعيم معروف .
وعن أبي بصير قال : ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : كان أبو جعفر عليه السلام يقول : لقائم آل محمد غيبتان إحداهما أطول من الأخرى . فقال : نعم ، ولا يكون ذلك حتى يختلف سيف بني فلان وتضيق الحلقة ، ويظهر السفياني ، ويشتد البلاء ويشمل الناس موت وقتل يلجؤون فيه إلى حرم الله وحرم رسوله ) . ( البحار : 52 / 157 ) ، وهذه الرواية تشير إلى أن أصل الصراع يكون بين القبيلة الحاكمة نفسها .
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( ولذلك آيات وعلامات ، أولهن إحصار الكوفة بالرصد والخندق ، وخفق رايات حول المسجد الأكبر تهتز ، القاتل والمقتول في النار ) . ( البحار : 52 / 273 ) ، والمقصود بالمسجد الأكبر المسجد الحرام ، وأن الرايات المتصارعة تتنازع حول مكة ، أو في الحجاز وتتقاتل ، وليس فيها راية حق .
وقد روى ابن حماد في مخطوطته ص 59 أكثر من عشرين حديثاً عن الأزمة السياسية الحجازية ، وصراع القبائل على السلطة في سنة ظهور المهدي عليه السلام ، منها عن سعيد بن المسيب قال : ( يأتي زمان على المسلمين يكون منه ( فيه ) صوت في رمضان ، وفي شوال تكون مهمهة ، وفي ذي القعدة تنحاز ( فيها ) القبائل إلى قبائلها . وذو الحجة ينهب فيه الحاج . والمحرم وما المحرم ) .
وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( إذا كانت صيحة في رمضان فإنه تكون معمعة في شوال ، وتمييز القبائل في ذي القعدة ، وسفك الدماء في ذي الحجة ، والمحرم وما المحرم ! ! يقولها ثلاثاً ) . ( ص 62 ) .
وفي ص 60 عن عبد الله بن عمر قال : ( يحج الناس معاً ويعرفون معاً على غير إمام ، فبينا هم نزول بمنى إذ أخذهم كالكَلَب فسارت القبائل إلى بعض فاقتتلوا حتى تسيل العقبة دماً ) ، أي أخذتهم حالة مثل داء الكلب المعروف ، وجاشت حالة العداء فيهم بعد مناسك الحج دفعة واحدة ، فاقتتلوا حتى جرت دماؤهم عند جمرة العقبة !
وروايات ابن حماد هذه تتحدث عن الصراع السياسي في الحجاز بعد الصيحة والنداء السماوي ، لكن توجد روايات أخرى تدل على أمرين هامين في هذه الأزمة السياسية :
أولهما ، أنها تحدث قبل خروج السفياني ، وقد أشرنا إلى ذلك .
وثانيهما ، أنه يكون لها علاقة باختلاف أهل الشرق والغرب أي بالحرب العالمية الموعودة . فعن ابن أبي يعفور قال : قال لي أبو عبد الله ( الإمام الصادق عليه السلام ) : ( أمسك بيدك : هلاك الفلاني ، وخروج السفياني ، وقتل النفس . إلى أن قال : الفرج كله عند هلاك الفلاني ) . ( البحار : 52 / 234 ) .
وقد يناقش في كون ترتيب هذه الأحداث زمنياً كما جاء في الرواية ، ولكن عدداً من الروايات ، منها ما تقدم ، تدل على أن هلاك الفلاني وصراعهم من بعده يكون قبل خروج السفياني .
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( يقوم القائم في سنة وتر من السنين : تسع ، واحدة ، ثلاث ، خمس . وقال : ثم يملك بنو العباس ( بنو فلان ) فلا يزالون في عنفوان من الملك وغضارة من العيش حتى يختلفوا فيما بينهم ، فإذا اختلفوا ذهب ملكهم واختلف أهل الشرق وأهل الغرب ، نعم وأهل القبلة ، ويلقى الناس جهداً شديداً مما يمر بهم من الخوف ، فلا يزالون بتلك إلى الحال حتى ينادي المنادي من السماء فإذا نادى فالنفر النفر ) . ( البحار : 52 / 235 ) .
والملاحظ في هذه الرواية أنها تربط بين اختلاف آل فلان وذهاب ملكهم ، وبين اختلاف أهل الشرق وأهل الغرب ، وشمول خلافهم لأهل القبلة أي المسلمين ، وكأن هذا الصراع العالمي مرتبط أو مترتب على الأزمة السياسية التي تحدث في الحجاز .
والمقصود ببني العباس الذين يقع الخلاف بينهم قبيل ظهور المهدي عليه السلام ، آل فلان الذين ذكرت عدة روايات أنهم آخر من يحكم الحجاز قبله عليه السلام .
والحاصل من مجموع الروايات أن تسلسل الأحداث التي هي مقدمات الظهور
في الحجاز ، يبدأ بنار عظيمة صفراء حمراء تظهر في الحجاز أو في شرقية وتبقى أياماً ، ثم يقتل آخر ملوك بني فلان ، ويختلفون على من يخلفه ، ويمتد هذا الخلاف إلى القوى السياسية الحجازية ، وعمدتها القبائل ، الأمر الذي يسبب أزمة سياسية في الحكم ، يكون لها تأثير على الصراع العالمي بين أهل الشرق والغرب .
ثم يكون خروج السفياني ، والنداء السماوي ، ثم دخول الجيش السوري السفياني إلى الحجاز وأحداث المدينة ، ثم أحداث مكة . إلى حركة ظهوره المقدس عليه السلام .
ونار الحجاز هذه وردت فيها عدة أحاديث في مصادر السنة ، تذكر أنها من علامات الساعة ، منها ما في صحيح مسلم : 8 / 180 : ( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار بالحجاز تضئ لها أعناق الإبل ببصرى ) ، أي يصل نورها إلى مدينة بصرى في سورية .
ومنها عدة أحاديث في مستدرك الحاكم : 4 / 442 و 443 ، تذكر أنها تخرج من جبل الوراق أو حبس سيل أو وادي حسيل . وحبس سيل مكان قرب المدينة المنورة ، وقد يكون تصحيفاً عن وادي حسيل .
ويذكر بعضها أنها تظهر من عدن بحضرموت ، وأنها تسوق الناس إلى المحشر أو إلى المغرب .
ورواية صحيح مسلم كما ترى لا تنص على أنهم من علامات الساعة ، بل تذكر حتمية وقوعها في المستقبل .
والمرجح عندي أن النار التي هي من علامات الساعة والقيامة هي نار عدن أو حضر موت ، الوارد ذكرها في مصادر السنة والشيعة .
أما نار الحجاز الوارد أنها في المدينة المنورة فقد تكون مجرد إخبار إعجازي من النبي صلى الله عليه وآله عن وقوعها دون أن تكون علامة لشئ . وقد حدث ذلك ونقل المؤرخون ظهور بركان ناري قرب المدينة ، بقي أياماً .
وهاتان الناران غير النار التي هي من علامات الظهور ، فقد ورد في الأحاديث تسميتها بنار المشرق ، وفي بعضها نار في شرقي الحجاز ، ففي مخطوطة ابن حماد ص 61 عن ابن معدان قال : ( إذا رأيتم عموداً من نار من قبل المشرق في شهر رمضان في السماء فأعدوا ما استطعتم من الطعام ، فإنها سنة جوع ) .
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( إذا رأيتم ناراً عظيمة من قبل المشرق تطلع ليال فعندها فرج الناس . وهي قدام القائم بقليل ) . ( البحار : 52 / 240 ) .
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( إذا رأيتم ناراً من المشرق شبه الهردي العظيم ، تطلع ثلاثة أيام أو سبعة ، فتوقعوا فرج آل محمد صلى الله عليه وآله إن شاء الله عز وجل ، إن الله عزيز حكيم ) . ( البحار : 52 / 230 ) ، والهردي : الثوب المصبوغ بالأخضر والأحمر .
ويحتمل أن تكون هذه النار بركاناً طبيعياً ، أو انفجاراً نفطياً كبيراً .
كما يحتمل أن تكون هي الآية الربانية التي تكون من علامات ظهور المهدي عليه السلام ، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( يزجر الناس قبل قيام القائم عن معاصيهم بنار تظهر لهم في السماء ، وحمرة تجلل السماء ) . ( البحار : 52 / 221 ) ، وتكون هذه النار قبل الأزمة السياسية الحجازية ، أو أثنائها . والله العالم .
فخرج منها خائفاً يترقب
ذكرت الأحاديث الشريفة أن جيش السفياني يسيطر على المدينة المنورة ، ويستبيحها ثلاثة أيام ، ويعتقل كل من تصل إليه يده من بني هاشم ويقتل العديد منهم ، بحثاً عن الإمام المهدي عليه السلام .
ففي مخطوطة ابن حماد ص 88 : ( فيسير إلى المدينة فيضع السيف في قريش ، فيقتل منهم ومن الأنصار أربع ماية رجل ، ويبقر البطون ، ويقتل الولدان ، ويقتل أخوين من قريش ، رجل وأخته يقال لهما محمد وفاطمة ، ويصلبهما على باب المسجد في المدينة ) !
وفي نفس الصفحة عن أبي رومان قال : ( يبعث بجيش إلى المدينة فيأخذون من قدروا عليه من آل محمد ( ص ) ، ويقتل من بني هاشم رجال ونساء ، فعند ذلك يهرب المهدي والمبيض ( المنصور ) من المدينة إلى مكة فيبعث في طلبهما ، وقد لحقا بحرم الله وأمنه ) .
وفي مستدرك الحاكم : 4 / 442 ، أن أهل المدينة يخرجون منها بسبب بطش السفياني وأفاعيله !
وعن الإمام الباقر عليه السلام في حديث جابر بن يزيد الجعفي قال : ( ويبعث ( أي السفياني ) بعثاً إلى المدينة فيقتل بها رجلاً ، ويهرب المهدي والمنصور منها ، ويؤخذ آل محمد صلى الله عليه وآله صغيرهم وكبيرهم ، ولا يترك منهم أحد إلا حبس . ويخرج الجيش في طلب الرجلين ) . ( البحار : 52 / 223 ) .
وهذا الرجل الذي يقتله جيش السفياني غير الغلام الذي ورد أنه يقتل في المدينة ، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( يا زرارة لا بد من قتل غلام بالمدينة . قلت : جعلت فداك أليس يقتله جيش السفياني ؟ قال : لا ، ولكن يقتله جيش بني فلان ، يخرج حتى يدخل المدينة فلا يدري الناس في أي شئ دخل ، فيأخذ الغلام فيقتله ، فإذا قتله بغياً وعدواناً وظلماً لم يمهلهم الله عز وجل ، فعند ذلك فتوقعوا الفرج ) . ( البحار : 52 / 147 ) ، وتسمي بعض الروايات هذا الغلام النفس الزكية ، وهو غير النفس الزكية الذي يقتل في مكة قبيل ظهور المهدي عليه السلام .
ويظهر من هذه الأحاديث وغيرها أن سلطة الحجاز الضعيفة تنشط في تتبع الشيعة في الحجاز وفي المدينة خاصة ، وتقتل الغلام النفس الزكية ، إما لمجرد أن اسمه محمد بن الحسن ، الذي يصبح معروفاً عند الناس أنه اسم المهدي عليه السلام ، وإما لأنه يكون من الأبدال المتصلين بالمهدي عليه السلام .
ثم يدخل جيش السفياني فيتابع نفس السياسة ولكن بإرهاب وبطش أشد ، فيعتقل كل من يحتمل أن يكون له علاقة ببني هاشم ، ويقتل الرجل الذي اسمه محمد وأخته فاطمة ، لمجرد أن اسمه محمد واسم أبيه حسن أيضاً !
وفي هذه الظروف الملتهبة يخرج الإمام المهدي روحي فداه من المدينة خائفاً يترقب ، على سنة موسى عليه السلام كما تذكر الروايات ، يرافقه أحد أصحابه التي تسميه الرواية المتقدمة المنصور وفي رواية أخرى المنتصر ، ولعل اسم المبيض الذي ورد في الرواية المتقدمة تصحيف المنتصر .
وذكرت رواية أخرى أنه يخرج من المدينة بتراث رسول الله صلى الله عليه وآله وفيه سيفه ، ودرعه ، ورايته ، وعمامته ، وبردته .
ولم أجد في مصادرنا الشيعية تحديداً لوقت خروجه عليه السلام من المدينة إلى مكة ، ولكن المنطقي أن يكون ذلك بعد النداء السماوي في رمضان أي في موسم الحج . وأذكر أني رأيت في رواية أن دخول جيش السفياني إلى المدينة يكون في شهر رمضان .
وفي رواية المفضل بن عمرو الطويلة عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( والله يا مفضل كأني أنظر إليه دخل مكة ، وعلى رأسه عمامة صفراء ، وفي رجليه نعل رسول الله صلى الله عليه وآله المخصوفة ، وفي يده هراوته ، يسوق بين يديه أعنزاً عجافاً حتى يصل بها نحو البيت . ليس ثَمَّ أحد يعرفه ) . ( بشارة الإسلام ص 267 ) .
ومع ضعف سند هذه الرواية ، إلا أن استنفار أجهزة الأعداء في البحث عنه عليه السلام ، وكونه في غيبة واختفاء يشبه الغيبة الصغرى واختفاءها ، يجعل هذه الرواية وأمثالها أمراً معقولاً .
ومن الطبيعي أن يكون موسم الحج في سنة الظهور حيوياً ساخناً !
فما تذكره الأحاديث الشريفة عن وضع الصراع العالمي ، وأوضاع البلاد الإسلامية ، وتوتر الوضع في الحجاز ، وإعلان حالة الطوارئ فيه بدخول جيش السفياني . . كلها تجعل موسم الحج على الحكام عبئاً مخيفاً ، فلا بد أنهم سيخفضون عدد الحجاج إلى أقل عدد ممكن ، ويحشدون في مكة والمدينة ، من القوات والأجهزة الأمنية ، كل ما يستطيعون !
ولكن ذلك لا يمنع الشعوب الإسلامية أن تركز أنظارها على مكة المقدسة ، تنتظر ظهور المهدي عليه السلام منها ، فيتحمس مئات الألوف ، وربما الملايين من المسلمين لأن يحجوا في ذلك العام ، ويتمكن عدد كبير منهم أن يصل إلى مكة ، رغم العقبات التي تضعها أمامهم دولهم ودولة الحجاز .
وسيكون السؤال المحبب بين الحجاج : ماذا سمعت عن أمر المهدي ؟ ولكنه يكون سؤالاً خطيراً أيضاً يطرحه الحجاج بينهم سراً ، ويتناقلون آخر الأخبار والشائعات حوله همساً ، وآخر إجراءات حكومة الحجاز وجيش السفياني !
إن الرواية التالية تصور حالة المسلمين في العالم ، وحالة الحجاج ، في انشغالهم بأمر المهدي عليه السلام وبحثهم عنه .
ففي مخطوطة ابن حماد ص 95 قال : ( حدثنا أبو عمر ، عن ابن أبي لهيعة ، عن عبد الوهاب بن حسين ، عن محمد بن ثابت ، عن أبيه ، عن الحارث بن عبد الله ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( إذا انقطعت التجارات والطرق وكثرت الفتن ، خرج سبعة رجال علماء من أفق شتى على غير ميعاد ، يبايع لكل رجل منهم ثلاثماية وبضعة عشر رجلاً ، حتى يجتمعوا بمكة ، فيلتقي السبعة فيقول بعضهم لبعض : ما جاء بكم ؟ فيقولون جئنا في طلب هذا الرجل ينبغي أن تهدأ على يديه هذه الفتن ، ويفتح الله له القسطنطينية ، قد عرفناه باسمه واسم أبيه وأمه وحليته ، فيتفق السبعة على ذلك فيطلبونه بمكة فيقولون له : أنت فلان بن فلان ؟ فيقول : لا ، بل أنا رجل من الأنصار ، حتى يفلت منهم ، فيصفونه لأهل الخبرة والمعرفة به ، فيقال هو صاحبكم الذي تطلبونه وقد لحق بالمدينة ، فيطلبونه بالمدينة ، فيخالفهم إلى مكة ، فيطلبونه بمكة فيصيبونه فيقولون : أنت فلان بن فلان ، وأمك فلانة بنت فلان ، وفيك آية كذا وكذا ، وقد أفلت منا مرة فمد يدك نبايعك . فيقول : لست بصاحبكم ، أنا فلان بن فلان الأنصاري ، مروا بنا أدلكم على صاحبكم ، فيفلت منهم فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة فيصيبونه بمكة عن الركن فيقولون : إثمنا عليك ودماؤنا في عنقك إن لم تمد يدك نبايعك ، هذا عسكر السفياني قد توجه في طلبنا ، عليهم رجل من حرام ، فيجلس بين الركن والمقام ، فيمد يديه فيبايع له ، ويلقي الله في صدور الناس ، فيسير مع قوم أسد بالنهار رهبان بالليل ) .
وفي هذه الرواية نقاط ضعف في سندها ومتنها ، من ذلك قضية فتح القسطنطينية التي بقيت لقرون عقدة عسكرية وسياسية أمام المسلمين ، ومصدر تهديد لجزء من الدولة الإسلامية ، حتى فتحها السلطان محمد الفاتح قبل نحو 500 سنة . وقد روى المسلمون عن النبي صلى الله عليه وآله روايات تبشر بفتحها ، تحتاج إلى تحقيق في صحتها وسقمها .
وما يخص موضوعنا منها الروايات التي تذكر أن فتحها يكون على يد المهدي عليه السلام كما في هذه الرواية ، فيحتمل أن يكون ذكر فتحها على يد المهدي عليه السلام من إضافة بعض الرواة باعتبار أنه عليه السلام يحل مشكلات المسلمين الكبرى ، وقد كانت القسطنطينية من مشكلاتهم الكبرى .
كما يحتمل أن يكون المقصود بالقسطنطينية في أحاديث المهدي عليه السلام ، عاصمة الروم التي تكون في زمان ظهوره عليه السلام ، والمعبر عنها في بعض الروايات بالمدينة الرومية الكبيرة ، والتي ورد أنه عليه السلام وأصحابه يحاصرونها ويفتحونها بالتكبير .
ولكن ، مهما يكن أمر هذه الرواية وحتى لو كانت موضوعة ، فهي نص لمؤلف معروف كتبه قبل نحو ألف ومئتي سنة ، فوفاة ابن حماد سنة 227 ، وقد نقله عن تابعين قبله ، فهو يكشف على الأقل عن تصور رواته للحالة السياسية العامة في سنة ظهور المهدي عليه السلام ، وعن انتشار خبره عند المسلمين وتطلعهم إليه وبحثهم عنه .
على أن أكثر مضامينها وردت في روايات أخرى ، أو هي نتيجة منطقية لأحداث نصت عليها روايات أخرى .
ومجئ هؤلاء العلماء السبعة إلى مكة في تلك الظروف يدل على شدة تطلع المسلمين إلى ظهوره عليه السلام من مكة ، وتوافد ممثليهم إليها للبحث عنه ، وأخذ كل واحد منهم البيعة من ثلاث مئة وثلاثة عشر من المؤمنين بالمهدي عليه السلام في بلده ، المستعدين للتضحية معه . . يدل على الموجة الشعبية في المسلمين ، وحماسهم لأن يكونوا أنصاره وأصحابه الموعودين ، على عدة أهل بدر .
وأما ما تذكره الرواية من إفلات المهدي عليه السلام منهم مرة بعد أخرى ، فلا يخلو من ضعف ، ولعل أصله ما ورد في مصادر الشيعة والسنة من أنه عليه السلام يبايع وهو كاره ، حتى أن أحد كبار أصحاب الإمام الصادق عليه السلام كان في نفسه شئ من هذه البيعة على إكراه ، الواردة في حديث النبي وأهل بيته صلى الله عليه وآله حتى فسر له الإمام الصادق عليه السلام معنى الاكراه بأنه غير الإجبار ، فاطمأن .
هذا عما يتعلق بحال المسلمين وتطلعهم إلى المهدي عليه السلام .
أما عن مجريات عمله عليه السلام في مكة ومبايعة أصحابه له ، فتدل الروايات على أنها تكون بنحو آخر ، يختلف عما ورد في هذه الرواية .
يجمع الله له أصحابه
ينبغي أن نلفت إلى عدة أمور في أصحاب الإمام المهدي عليه السلام .
منها ، أن عددهم الوارد في مصادر الفريقين أنه بعدد أصحاب النبي صلى الله عليه وآله في بدر ، ثلاث مئة وثلاثة عشر ، يدل على الشبه الكبير بين بعث الإسلام مجدداً على يده عليه السلام ، وبعثه الأول على يد جده رسول الله صلى الله عليه وآله . بل ورد أن أصحاب المهدي عليه السلام تجري فيهم عدة سنن جرت على أصحاب الأنبياء الأوائل عليهم السلام .
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( إن أصحاب موسى ابتلوا بنهر ، وهو قول الله عز وجل : إِنَّ الله مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ . وإن أصحاب القائم يبتلون بمثل ذلك ) . ( البحار : 52 / 332 ) .
ومنها ، أن المقصود بهؤلاء الأصحاب خاصة أصحابه عليه السلام وخيارهم ، وحكام العالم الجديد الذي يقوده الإمام المهدي عليه السلام .
ولكنهم ليسوا وحدهم أنصاره وأصحابه ، فقد ورد أن عدد جيشه الذي يخرج به من مكة عشر آلاف أو بضعة عشر ألفاً ، وجيشه الذي يدخل فيه العراق ويفتح فيه القدس قد يبلغ مئات الألوف .
فهؤلاء كلهم أصحابه وأنصاره ، بل وملايين المخلصين له في عصره ، من شعوب العالم الإسلامي .
ومنها ، أنهم من حيث التنوع ، من أقطار العالم الإسلامي ، ومن أقاصي الأرض ، ومن آفاق شتى ، ومن ضمنهم النجباء من مصر ، والأبدال من الشام ، والأخيار من العراق ، وكنوز الطالقان وقم ، كما تذكر الروايات .
قال ابن عربي في الفتوحات المكية عن جنسياتهم : ( وهم من الأعاجم ما فيهم عربي ، لكن لا يتكلمون إلا بالعربية ) ، لكن الأحاديث المتعددة تدل على أن فيهم العديد من العرب ، ومنها الحديث المشهور : ( فيهم النجباء من أهل مصر ، والأبدال من أهل الشام ، والأخيار من أهل العراق ) ( البحار : 52 / 334 ) ، ويشبهه ما في مخطوطة ابن حماد ص 95 وغيره من المصادر .
كما تدل روايات أيضاً على أن فيهم العديد من العجم ، وأن عمدة جيشه عليه السلام من إيران .
ومنها ، أن بعض الروايات تذكر أن من بينهم خمسين امرأة كما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام ( البحار : 52 / 223 ) وفي رواية ثلاث عشرة امرأة يداوين الجرحى .
وفي ذلك دلالة على المكانة المهمة والدور العظيم للمرأة في الإسلام وحضارته ، التي يقيمها الإمام المهدي عليه السلام ، وهو دور معتدل مبرأ من الخشونة البدوية في النظرة إلى المرأة ومعاملتها ، التي ما زالت موجودة في بلادنا ، ومبرأ من إهانة المرأة وابتذالها في الحضارة الغربية .
ومنها ، ذكرت بعض الروايات أن أكثرية أصحابه عليه السلام شباب ، بل ذكر بعضها أن الكهول فيهم قليلون جداً مثل الملح في الزاد ، كالحديث المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( أصحاب المهدي شباب لا كهول فيهم إلا مثل كحل العين والملح في الزاد ، وأقل الزاد الملح ) . ( البحار : 52 / 334 ) .
ومنها ، أنه وردت أحاديث كثيرة في مصادر الفريقين في مدحهم ، وبيان مقامهم العظيم ومناقبهم ، وأنه يكون مع المهدي عليه السلام صحيفة فيها عددهم وأسماؤهم وصفاتهم ، وأنهم تطوى لهم الأرض ، ويذلل لهم كل صعب ، وأنهم جيش الغضب لله تعالى .
وأنهم أولو البأس الشديد الذين وعد الله تعالى أن يسلطهم على اليهود في قوله تعالى : بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيد .
وأنهم الأمة المعدودة الموعودة في قوله تعالى : وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ .
وأنهم خيار الأمة مع أبرار العترة ، وأنهم الفقهاء والقضاة والحكام ، وأن الله يؤلف بين قلوبهم فلا يستوحشون من أحد ، ولا يفرحون بأحد دخل فيهم ، أي لا تزيدهم كثرة الناس حولهم أنساً ولا إيماناً .
وأنهم أينما كانوا في الأرض يرون المهدي عليه السلام وهو مكانه ويكلمونه !
وأن أحدهم يعطى قوة أربعين رجلاً ، أو ثلاث مئة رجل !
بل ورد أنهم أفضل من أصحاب جميع الأنبياء عليهم السلام ، ففي بصائر الدرجات للصفار رحمه الله ص 104 : ( عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه : اللهم لقني إخواني مرتين ، فقال من حوله من أصحابه : أما نحن إخوانك يا رسول الله ؟ فقال : لا ، إنكم أصحابي ، وإخواني قوم من آخر الزمان آمنوا بي ولم يروني ، لقد عرفنيهم الله بأسمائهم وأسماء آبائهم ، من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم ، لأحدهم أشد بقية على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء ، أو كالقابض على جمر الغضا . أولئك مصابيح الدجى ينجيهم الله من كل فتنة غبراء مظلمة ) .
وفي صحيح مسلم النيسابوري : 1 / 150 : ( وددت أنا قد رأينا إخواننا . قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال أنتم أصحابي ، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد . فقالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ؟ فقال : أرأيت لو أن رجلاً له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ، ألا يعرف خيله ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال :
فإنهم يأتون غراً محجلين من الوضوء ، وأنا فرطهم على الحوض ، ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال ! أناديهم ألا هلمَّ ، فيقال إنهم قد بدلوا بعدك ! فأقول سحقاً سحقاً ! ) . انتهى .
إلى آخر ما ذكرت الأحاديث الشريفة من خصائصهم وكراماتهم .
وذكرت بعض الروايات أن أهل الكهف يبعثون ويكونون منهم ، وأن منهم الخضر وإلياس عليهما السلام . وذكرت الروايات أن بعض الأموات يحيون بأمر الله تعالى ويكونون منهم .
ومنها ، أن الروايات تدل على أنهم يكونون قرب ظهوره عليه السلام ثلاث مجموعات أو فئات : فئة تدخل معه مكة ، أو تصل إليها قبل الآخرين . وفئة يسيرون إليه في السحاب أو الهواء ، وفئة يبيتون ذات ليلة في بيوتهم في بلادهم فلا يشعرون إلا وهم في مكة .
فعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب وأشار إلى ناحية ذي طوى ( وهي من شعاب مكة ومداخلها ) ، حتى إذا كان قبل خروجه بليلتين انتهى المولى الذي يكون بين يديه حتى يلقى بعض أصحابه فيقول : كم أنتم هاهنا ؟ فيقولون : نحو من أربعين رجلاً فيقول كيف أنتم لو قد رأيتم صاحبكم ؟ فيقولون : والله لو يأوي الجبال لأوينا معه ! ثم يأتيهم من القابلة فيقول لهم : أشيروا إلى ذوي أسنانكم وأخياركم عشرة . فيشيرون له إليهم ، فينطلق بهم حتى يأتوا صاحبهم ، ويعدهم إلى الليلة التي تليها ) . ( البحار : 52 / 341 ) .
والظاهر أن منظور الرواية غيبته عليه السلام في الفترة القصيرة التي تسبق ظهوره . وأن هؤلاء الأصحاب غير الأبدال الذين يكونون معه ، أو على صلة به ، وغير الاثني عشر الذين يجمع كل منهم على أنه قد رآه فيكذبونهم ، بل يكونون من الأخيار الباحثين عنه ، من أمثال العلماء السبعة الذين تقدم ذكرهم .
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( يقبل القائم عليه السلام في خمسة وأربعين رجلاً من تسعة أحياء : من حي رجل ، ومن حي رجلان ، ومن حي ثلاثة ، ومن حي أربعة ، ومن حي خمسة ، ومن حي ستة ، ومن حي سبعة ، ومن حي ثمانية ، ومن حي تسعة . ولا يزال كذلك حتى يجتمع له العدد ) . ( البحار : 52 / 309 ) .
والمقصود أنه يقبل في مقدمات ظهوره ، أو يقبل إلى مكة ، ولا يبعد أن تكون المجموعتان المذكورتان في الروايتين مجموعة واحدة ، وهي التي تصل إلى مكة قبل بقية الأصحاب .
ويبدو أن أصحابه المفقودين عن أفرشتهم ، الذين ينقلون من بلادهم إلى مكة برمشة عين بقدرة الله عز وجل أفضل من الذين يصلون قبلهم .
أما الذين يسيرون إليه نهاراً في السحاب كما تذكر الروايات ، ويكونون معروفين بأسمائهم وأسماء آبائهم ، أي يأتون إلى مكة بشكل طبيعي لا يثير الناس ، فهم أفضل أصحابه على الاطلاق !
ولا يبعد أن يكونوا هم الأبدال الذين يعيشون معه ، أو يقومون بأعماله في أنحاء العالم ، ويعرفون موعد ظهوره بالتحديد ، فيصلون في الموعد .
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( إن صاحب هذا الأمر محفوظة له أصحابه ، لو ذهب الناس جميعاً أتى الله بأصحابه ، وهم الذين قال فيهم الله عز وجل : فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِين . وهم الذين قال الله فيهم : فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ) ( البحار : 52 / 370 )
وعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( منهم من يفقد عن فراشه ليلاً فيصبح بمكة ، ومنهم من يرى يسير في السحاب نهاراً ، يعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه . قلت : جعلت فداك أيهم أعظم إيماناً ؟ قال : الذي يسير في السحاب نهاراً ) . ( البحار : 52 / 368 ) .
ومعنى سيرهم في السحاب نهاراً أن الله تعالى ينقلهم إلى مكة بواسطة السحاب على نحو الكرامة والإعجاز ، كما يحتمل أن يكون معناه مجيؤهم بواسطة الطائرات كسائر المسافرين ، بجوازات سفر بأسمائهم وأسماء آبائهم ، وتكون الأحاديث الشريفة عبرت بذلك لأن الطائرات لم تكن موجودة .
ولعل السبب في أن هؤلاء أفضل من المفقودين عن فرشهم ليلاً ، أنهم الأبدال الذين يعملون معه عليه السلام كما أشرنا ، أو أصحاب اتصل بهم قبل غيرهم في تلك الفترة وكلفهم بأعمال ، بينما المفقودون عن فرشهم يبيتون تلك الليلة وواحدهم لا يعلم أنه عند الله تعالى أحد أصحاب الإمام المهدي عليه السلام ، ولكن مستوى تقواهم وعقلهم ووعيهم يؤهلهم لهذا المقام العظيم ، فيصطفيهم الله تعالى ، وينقلهم ليلاً إلى مكة المكرمة ، ويتشرفون بخدمة المهدي عليه السلام .
وقد ورد في بعض الروايات أنهم بينما يكونون نائمين على أسطح منازلهم إذ يفتقدهم ذو وهم وينقلهم الله إلى مكة . وفيها إشارة إلى أن ظهوره عليه السلام يكون في فصل الصيف أو بين الصيف والخريف كما سنشير إليه ، وإشارة إلى أن عدداً من هؤلاء المفتقدين عن فرشهم يكونون من أهل المناطق الحارة التي ينام أهلها على سطوح منازلهم أو في ساحاتها .
وقد ورد أن اجتماعهم في مكة يكون في ليلة جمعة ليلة التاسع من شهر محرم ، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( يجمعهم الله في ليلة جمعة ، فيوافونه صبيحتها إلى المسجد الحرام ولا يتخلف منهم رجل واحد ) ( بشارة الإسلام ص 210 ) . وهو ينسجم مع ما ورد في مصادر الفريقين من أن الله تعالى يصلح أمر المهدي عليه السلام في ليلة واحدة ، فعن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( المهدي منا أهل البيت يصلح الله أمره في ليلة . وفي رواية أخرى : يصلحه الله في ليلة ) ( البحار : 52 / 280 ) لأن تجميع أصحابه من ألطاف الله تعالى في إصلاح أمر وليه .
وينسجم أيضاً مع الروايات المتعددة التي تحدد بداية ظهوره في مساء يوم الجمعة التاسع من محرم ، ثم في يوم السبت العاشر من محرم .
الحركة الإختبارية - شهادة النفس الزكية
تكون القوى الفاعلة في مكة عند ظهور المهدي عليه السلام كما تذكر الروايات ، ويدل منطق الأمور ، كما يلي :
الحكومة الحجازية ، التي تجمع قواها رغم ضعفها لمواجهة احتمال ظهوره ، الذي يتطلع إليه المسلمون من مكة ، وتنشط له فعالياتهم في موسم الحج .
ومخابرات الدول الكبرى ، التي تعمل في مساعدة حكومة الحجاز وقوات السفياني ، أو بشكل مستقل ، لرصد الوضع في الحجاز ، وفي مكة خاصة .
ومخابرات السفياني ، التي تتعقب الفارين من قبضتها من المدينة ، وتستطلع الوضع لدخول جيش السفياني عندما يقتضي الأمر ، لضرب أي حركة مهدية من مكة .
وفي المقابل : لا بد أن يكون لليمانيين دور في الحجاز وفي مكة ، خاصة وأن دولتهم الممهدة تكون قامت قبل بضعة شهور .
كما لا بد أن يكون لأنصاره الإيرانيين وجود في مكة أيضاً ، بل لا بد أن يكون له أنصار أيضاً من الحجازيين والمكيين ومن عباد الله الصالحين في قوات حكومة الحجاز .
في مثل هذا الجو المعادي والمؤيد ، يضع الإمام المهدي أرواحنا فداه خطة إعلان حركته من الحرم الشريف وسيطرته على مكة .
ومن الطبيعي أن لا تذكر الروايات تفاصيل عن هذه الخطة ، عدا تلك التي تنفع في إنجاح الثورة المقدسة ، أو لا تضر بها .
وأبرز ما تذكره أنه عليه السلام يرسل شاباً من أصحابه وأرحامه في الرابع والعشرين أو الثالث والعشرين من ذي الحجة ، أي قبل ظهوره بخمسة عشر ليلة لكي يلقي بيانه على أهل مكة .
ولكنه ما أن يقف في الحرم بعد الصلاة ، ويقرأ عليهم رسالة الإمام المهدي عليه السلام ، أو فقرات منها ، حتى يثبوا إليه ويقتلوه بوحشية ، داخل المسجد الحرام بين الركن والمقام . ويكون لشهادته المفجعة أثر في الأرض وفي السماء !
تكون هذه الحادثة حركة اختبارية ذات فوائد متعددة ، فهي تكشف للمسلمين وحشية سلطة الحجاز ، ومن ورائها القوى الكافرة . وتمهد بظلامتها وتأثيرها لحركة المهدي عليه السلام ، التي لا تتأخر عنها أكثر من أسبوعين ، كما أنها تبعث الندم والتراخي في أجهزة السلطة ، بسبب هذا الإقدام الوحشي السريع .
وأخبار شهادة هذا الشاب الزكي في مكة ، متعددة في مصادر الفريقين ، وكثيرة في مصادرنا الشيعية ، وتسميه الغلام ، والنفس الزكية ، ويذكر بعضها أن اسمه محمد بن الحسن .
فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان ؟ قلنا : بلى يا أمير المؤمنين . قال : قتل نفس حرام ، في بلد حرام ، عن قوم من قريش . والذي فلق الحبة وبرأ النسمة مالهم ملك بعده غير خمسة عشر ليلة . قلنا : هل قبل هذا من شئ أو بعده ؟ فقال صيحة في شهر رمضان ، تفزع اليقطان ، وتوقظ النائم ، وتخرج الفتاة من خدرها ) . ( البحار : 52 / 234 )
والظاهر أن عبارة : ( قوم من قريش ) مصحفة ، حيث لا يستقيم لها معنى .
وفي رواية طويلة عن أبي بصير عن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( يقول القائم لأصحابه : يا قوم إن أهل مكة لا يريدونني ولكني مرسل إليهم لأحتج عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم . فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له : إمض إلى أهل مكة فقل : يا أهل مكة أنا رسول فلان إليكم ، وهو يقول لكم : إنا أهل بيت الرحمة ، ومعدن الرسالة والخلافة ، ونحن ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلالة النبيين ، وإنا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا ، وابتز منا حقنا منذ قبض نبينا إلى يومنا هذا ، فنحن نستنصركم فانصرونا . فإذا تكلم الفتى بهذا الكلام ، أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام ، وهي النفس الزكية . فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه : أما أخبرتكم أن أهل مكة لا يريدوننا ! فلا يدعونه حتى يخرج ، فيهبط من عقبة طوى في ثلاث مئة وثلاثة عشر رجلاً ، عدة أهل بدر ، حتى يأتي المسجد الحرام فيصلي عند مقام إبراهيم أربع ركعات ، ويسند ظهره إلى الحجر الأسود ، ثم يحمد الله ويثني عليه ، ويذكر النبي صلى الله عليه وآله ويصلي عليه ، ويتكلم بكلام لم يتكلم به أحد من الناس ) . ( البحار : 52 / 307 ) .
وطُوى : أحد جبال مكة ومداخلها ، وما ورد فيها عن النفس الزكية قوي في نفسه ، لكن المرجح في كيفية ظهوره عليه السلام أنه وأصحابه يدخلون المسجد فرادى ، كما يأتي .
وقد أورد ابن حماد ص 89 و 91 و 93 عداة أحاديث حول النفس الزكية الذي يقتل في المدينة ، والنفس الزكية الذي يقتل في مكة منها ص 93 : ( إن المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية ، فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض ، فأتى الناس المهدي فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها ، وهو يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، وتخرج الأرض نباتها وتمطر المساء مطرها ، وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط ) . ( وابن أبي شيبة : 15 / 199 )
وفي ص 91 عن عمار بن ياسر قال : ( إذا قتل النفس الزكية وأخوه ، يقتل بمكة ضيْعةً نادى مناد من السماء : إن أميركم فلان ، وذلك المهدي الذي يملأ الأرض حقاً وعدلاً ) . انتهى .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|