أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-09-2014
5220
التاريخ: 22-12-2015
4877
التاريخ: 25-09-2014
5093
التاريخ: 9-11-2014
5179
|
سماع كلام الله
قال تعالى :{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [سورة البقرة، الاية: 75].
على الرغم من أنّ لبحث سماع كلام الله تعالى، كما لموضوع رؤية ملكوته عز وجل، موطناً خاصاً وأن الآية التي يجري الكلام عنها غير متصدية لتبيينه، لكن بما أن بعض المفسرين [1] قد تعرض إلى جانب من هذا الموضوع فقد قررنا هنا المرور عليه مروراً عابراً:
لم يكن من السهل على من كان مع موسى (عليه السلام) إثبات أن المسموع هو كلام الله وأن المتكلم به هو الله تعالى، هذا على فرض استماعهم، لكن إثبات ذلك بالاستمداد الأمارات والعلامات والأدلة المنطقية أو النفسانية ليس بالأمر الشاق على نفس موسى الكليم (عليه السلام) ونشير هنا إلى بعض تلك العلامات. وبطبيعة الحال إن المطروح على بساط البحث هنا هو السماع الابتدائي لموسى (عليه السلام) فقط، لأن تشخيص ذلك بعد التعرف عليه وخوض التجربة الشهودية ليس صعباً:
1. لم يكن الكلام المسموع من سنخ الصوت، أو الكلام، أو ما إلى ذلك.
2. لم يكن الكلام المسموع يسمع من جهة معينة بل كما أن الآية: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [2] - تبين سعة ظهور الله عز وجل وحضوره فإن کلیم الله (عليه السلام) كان يسمع ذلك الكلام من جهات متعددة وأطراف مختلفة؛ أي إنه كان يسمعه من كل حدب وصوب.
3. لم يكن موسى الكليم يسمع الكلام بأذنيه فحسب، بل كان يستمع إليه بعينه ويده ورجله وقلبه وجميع جوارحه وجوانحه؛ أي لم يكن يسمعه عبر المجاري الإدراكية كالعين والأذن وما إلى ذلك فحسب، بل كان يسمعه حتى بواسطة أعضائه التحريكية كاليد والرجل:
في رحاب العشق لا معنى لقول وسماع
فيه يمسي كل عضو أذناً تصغي وعينا [3]
بالطبع إن فتوى حرم الحق تقضي حيناً بأن يكون السالك الواصل عيناً محضة، وعندها ستكون جميع أعضائه عيناً. بينما يقضي أمر هذا الحرم حيناً آخر أن تكون جميع الجوارح أذناً محضة، وحيناً ثالثاً يصدر الأمر بالجمع بين العين والأذن. في حالة كهذه يصبح كل عضو، بما فيها اليد، عيناً وأذناً في آن معاً. إن صنع الله الذي لا بديل له يقضي أحياناً بعزل صاحب المنصب عن وظيفته وينصب غيره ممن رصد لنيل هذا المنصب محله؛ نظير عزل اللسان عن التكلم في محكمة عدل المعاد ونصب الرجل لمنصب النطق محله. ففي ذلك اليوم يقول المجرمون لأعضائهم التي شهدت ضدهم: (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ۖ قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [4] ؛ بناء على ذلك فلا ذلك العزل والنفي هو محل تعجب، ولا هذا النص محط استغراب؛ إذ لا ذاك عجيب ولا هذا غريب.
4. لقد شخص موسى الكليم (عليه السلام) ذلك الكلام باقترانه بالإعجاز؛ إذ أنه بأمر المتكلم ألقى عصاه فتحولت إلى حية، وبأمر نفس ذاك المتكلم أخذها فعادت إلى حالتها الأولى. فمن خلال تلك المؤشرات أدرك أن المتكلم هو الله تعالى.
5. لقد كتم الكليم (عليه السلام) في قلبه سراً لم يكن قد أطلع عليه أحداً قط، وإن قائل: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ) [5] قد أماط اللثام عن ذلك السر: فمن هذه العلامة صار معلوماً أن المتكلم هو الله عز وجل.
تنويه: من أجل تشخيص الوحي وتمييزه عن الإلقاءات النفسانية والشيطانية توجد ملاكات خاصة يتولى تبيينها المبحث المتصل بكيفية تلقي الوحي، لكنه لابد من الالتفات إلى أنه:
أولاً: بعض المراحل الوجودية ليس فيها أي مجال للوسواس، والتدليس، والتلبيس، والمغالطة، والباطل.
ثانياً: الموطن الذي لا يكون مجالاً للباطل أساساً يمتنع فيه تحقق الشك؛ ذلك أن الشك يكون دائماً بين الحق والباطل وفي منطقة الحق المحض يستحيل وجود الشك.
[1] راجع الجامع لأحكام القرآن، مج 1، ج 2، ص 4.
[2] سورة البقرة، الآية 115.
[3] في إشارة إلى بيت شعر بالفارسية لحافظ الشيرازي، ديوان غزلیات حافظ (دیوان غزل حافظ )، ص387، القصيدة المرقمة 286: «در حریم عشق نتوان زد دم از گفت و شنید زانکه آنجا جمله اعضا چشم باید بود و گوش».
[4] سورة فصلت، الآية 21.
[5] سورة طه، الآية 14.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|