أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-3-2021
2505
التاريخ: 10-9-2018
1793
التاريخ: 2023-12-10
993
التاريخ: 5-2-2021
3096
|
تقسَّم الجماعات البشرية المنتشرة في مختلف أقطار الأرض إلى عروق، وكان يُظنُّ أن الفروق بين العروق البشرية أقلُّ مما هي عليه بين أنواع الحيوان، بيد أن العلم الحديث أثبت أن عروق البشر مفترقةٌ في أخلاقها افتراق أنواع الحيوان المتقاربة، فيجب عدُّ كلمة «العِرْق» بالنسبة إلى الإنسان مرادفةً لكلمة «النوع «. ويمكن تعريف العِرق، أو النوع البشري، بأنه يدلُّ على جماعات ذات أخلاق مشتركة تنتقل إليها بالوراثة انتقالًا منتظمًا. ويرى الذين لم يدرسوا علم أوصاف الإنسان أن «الأمة» و«العرق» كلمتان مترادفتان تقريبًا، مع أن لهما معانيَ مختلفة تمامًا، فالأمةُ: هي جماعة من الناس الذين ينتسبون، في الغالب، إلى عروق كثيرة جمع بينها نظامُ حكم واحد ومصالح واحدة، فإذا صح ما ندعوه الآن بالأمة الإنكليزية أو الأمة الألمانية أو الأمة النمسوية أو الأمة الفرنسية مثلًا، لم يبقَ ما تصح تسميته بالعِرق الإنكليزي أو العرق الألماني أو العرق النمسوي أو العرق الفرنسي، فكل أمة من هذه الأمم هي من تباين المحاتِد والأصول ونقص الادِّغام ما لا يجوز معه أن تطلق عليها كلمة «العرق»، أجل، إن من الجائز أن تنضوي جماعات بشرية كثيرة إلى قوانين واحدةٍ، وأن تدين هذه الجماعات بديانة واحدة، وأن نتكلم بلغة واحدة، ولكنه لا يتألف منها عرقٌ متجانس إلا بعد أن تستقرَّ فيها أخلاق واحدة وصفاتٌ جثمانية واحدة بفعل البيئة والتوالد والوراثة. ويتطلَّب كسب هذه الأخلاق والصفات زمنًا طويلًا جدًّا، والصفات الموروثة إذا كانت لا تستقرُّ إلا ببطوء فإنها لا تزول إلا ببطوء، وبأقصى البطوء تندمج العروق وتتحول، ويجب، لكي يكون للبيئات والتوالد أبلغُ الأثر في تكوين العرق، أن يتوالى التطور، ويتراكم بفعل الوراثة المتتابعة المستمرة قرونًا كثيرةً سائرًا نحو غرض واحد. ويعدون البيئة، في الغالب، من العوامل التي تستطيع تحويل صفات العرق وإثباتها، ولكن الوراثة التي تتراكم بها أخلاق العرق وسجاياه وتَرْسُب مع الزمن أقوى من البيئة وأعظم أثرًا، فقد دلَّت حوادث التاريخ على أن العرق إذا ما استقرت أخلاقه وسجاياه بالوراثة وبلغ من الكِبَر عِتيًّا (1) عجزت البيئةُ عن التأثير فيه، وصار أهون عليه أن ينقرض من أن يتحول، من أجل ذلك نرى بني إسرائيل يحافظون على مثالهم الثابت في كل قطر، ومن أجل ذلك أيضًا تعذَّر على بلاد مصر الحارة، مع ما فيها من قوة صهر، أن تُحوِّل العروق المسِنَّة التي استولت عليها واحدًا بعد الآخر فكانت قبرًا لكل واحد فيها. وإنما تؤثِّر البيئات في العروق الحديثة، أي العروق التي تنشأ عن توالد مختلف الأمم ذات الصفات المتباينة، فإذا ما فلَّت الوراثةُ الوارثةَ وانحلت بذلك مقوِّمات الماضي القديمة الموروثة بفعل الوراثة الجديدة خلا الميدان للبيئة وقامت بعملها. والتوالدُ، لكي يكون مؤثرًا، يجب أن يتكرر، وألا تتفاوت كثيرًا نِسب من يتوالدون من أفراد مختلف العروق، وإذا عظُم التفاوت في نِسب العناصر المتوالدة كانت الغلبة لصفات العرق الوافر العدد، لا لصفات العرْق القليل العدد الذي لا يَبقى له أثر من حيث النتيجة، وقد دلَّ الاستقراء على أن رهطًا من البيض لم يلبث أن يزول أثره بعد بضعة أجيال إذا ما توالد هو وقومٌ من الزنوج، وأن صفاتِ أمةٍ مقهورة صغيرة تزول بالتوالد أمام صفات أمةٍ منتصرة كبيرة. ومن الأمثلة على ذلك أغارقة الوقت الحاضر الذي لا يَمتُّون إلى أجدادهم الذين خلَّدتهم التماثيل بوجه شَبَهٍ (2)، ومن تلك الأمثلة رومانُ بلاد الغول الذين، وإن كنا وارثين لحضارتهم ولغتهم، لم يبق لدمائهم أثرٌ في عروقنا، ومنها أيضًا حال العرب في مصر، فسوف ترى أن المصريين الذين تمرَّدوا على حضارة الفرس واليونان والرومان ولغاتِهم انتحلوا لغة العرب ودينهم وتمدنهم، وأن مصر غدت بذلك أشدَّ البلاد التي دخلت في دين محمد عروبةً، وأنه، مع كثرة توالد المصريين والعرب الفاتحين وظهور مثالٍ جديد اختلف عن الأصل بعد انقضاء جيلين أو ثلاثة أجيال، أدَّى تفوقُ نسبة المصريين العديدة من حيث النتيجة إلى تقلص أثر الدم العربي في المصريين، وأن الفلاح المصريَّ العتيد، العربي بدينه ولغته، رَجَعَ ابنًا لقدماء المصريين وصورةً حيةً لهم.
شكل 1: أعراب ورؤساء أعراب من القبائل المستقلة المجاورة للبحر الميت (من صورة فوتوغرافية التقطها المؤلف).
.............................................
1- بلغ من الكبر عتيًّا: بلغ غاية الكبر.
2- لا أبالغ إذا قلت: إنه لا يُرى في بلاد اليونان الآن أغارقة حقيقيون إلا نادرًا، كما أن بلاد اليونان لم ترَ إغريقيًّا حقيقيًّا منهم منذ زمن طويل، فلم أجد واحدًا منهم لا في أثينة ولا في غيرها من بلاد اليونان، كما أنني لم أجد تمثال شخص واحد من التماثيل، التي هي على شيء من القدم والمحفوظة في متحف أثينة، يشابه المثال الإغريقي، ومع ذلك فإن مسيو شليمان الذي سحت معه حينًا بيَّن لي أن المثال اليوناني القديم لا يزال يوجد في ميغار وإيتاك وليسبوز ونواحٍ أخرى لم أزرها، ولكن هذا من القلة بحيث لا ينقض ما ذكرته آنفًا.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|